شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-22-2024, 05:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-21-2006, 07:29 PM

Elmuez

تاريخ التسجيل: 06-18-2005
مجموع المشاركات: 3488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! (Re: Elmuez)

    كتب خالد الحاج :

    الرائد (م) عبدالعظيم سرور يواصل الكتابة لـ(الايام)

    19 يوليو .. التخطيط .. التنفيذ .. الهزيمة

    الحلقة الحادية عشر

    كلفنى عثمان بنقل بعض الرسائل الى هاشم ومحجوب في القيادة العامة وعندما دخلت مكتب هاشم وجدت المقدم صلاح عبدالعال والمقدم صلاح فرج وآخرين لا اعرفهم سألت عن الرائد هاشم والرائد محجوب فقيل لى انهما خرجا لبعض المهام وسألنى عبدالعال عن طلباتى فلم اجبه وخرجت وانا في غاية القلق والاستياء فقد كان المكتب يعج بعدد من الضباط لم اسمع بان لهم علاقة بحركتنا.
    عدت الى مكاتب الحرس وكان الغضب باديا على وبنبرة غاضبة حكيت للمقدم عثمان ما شاهدت .. حكيت له عن الموقف المنفلت ووجود عد كبير من الضباط المجهولين يديرون الامور ويتصرفون كما يريدون. قلت لعثمان ان الظروف تتطلب وجود كبار ضباطنا في ذلك المكتب باعتباره مكتب القيادة الذى ترد اليه كل المراسلات وتتم عبره كل الاتصالات، وهذا المكتب مشغول الان بضباط كبار لا علاقة لهم بحركتنا ومع كل هذه الفوضى وضعف قواتنا اتوقع ان يحدث لنا ما حدث للجنرال (او فقير) في المغرب (وكان الجنرال او فقير وزير الداخلية في المغرب قاد محاولة انقلابية منيت بالفشل واعدم مع اعوانه في تلك الايام). استشاط المقدم عثمان غضباً وعلى غير عادته خاطبنى بهياج وهو يضرب على المكتب قائلاً بانه يعلم بتفاصيل كل تلك الفوضى وانه تحدث مع هاشم والباقين كثيراً وهم الاقدم في الرتبة وهم الذين يجب ان يكونوا موجودين بمواقعهم لاتخاذ القرارات وتصريف الامور وسألنى ان كنت ارى نوعا من الفوضى او التقصير في مجال مسئوليتنا نحن كحرس جمهورى اجبت باننى لا ارى اي نوع من الفوضى او القصور في ادائنا هنا وفي كل المواقع التى تحت مسئوليتنا ولكن المسألة ليست مسألة من الذى قصر هنا او هناك اذ ان اي قصور في اي جهة من الجهات سيلحق الضرر بالجميع واخيراً فالموضوع ليس موضوع من الاقدم في الرتبة، ومن حديث عثمان الغاضب وطريقته احسست بان هناك توترا بينه وبين باقى القادة ومسائل خلافية لا يود الافصاح عنها واخيرا حاول ان يطمئننى فقال لى : لا تقلق كثيرا فسوف اتولى معالجة الامور وان على بان استعد للسفر الى الفاشر ونيالا خلال يومين.
    * الاستيلاء .. السلس :
    لم يكن الاستيلاء على المواقع المحددة حسب الخطة صعبا فقد تم كل شئ بهدوء دون اراقة دماء وبالطبع كانت مهمة الاستيلاء على القيادة العامة من اصعب المهام الا ان احكام الخطة وجرأة وشجاعة القوات المنفذة وقيادة وحنكة الرائد هاشم العطا كان لها اثرها في السيطرة السريعة على كل المواقع داخل القيادة العامة بسهولة ويسر، اما حالة العريف الذى حاول المقاومة فلا تعد شيئا يذكر بجانب توقعنا لمقاومة سلاح باكمله وهو سلاح المظلات، اما النقيب معاوية فقد واجهته مشكلة ليست سهلة ولكنه استطاع تجاوزها بهدوء وحسن تصرف، كما سبق واشرت ان بعض صف وجنود القوة المخصصة للاستيلاء على كتيبة شمبات كانوا مسلحين ببنادق ماركة 4، بعد تحرك القوة من مبانى الحرس ووصلوها شارع شمبات وعلى مسافة قريبة من موقع الكتيبة تنبه الرقيب اول محمد عثمان بان كل الجنود الذين يحملون بنادق ماركة 4 ليست لديهم ذخائر، اصيب محمد عثمان بحالة من القلق والاضطراب واسرع بعربته الى النقيب معاوية واخبره بعدم وجود ذخائر للبندقية 4، انزعج معاوية كثيراً ولكنه تمالك نفسه وسأل عن عدد الجنود الذين لا يحملون ذخائر فاخبره بان العدد يزيد على الجماعتين والجماعة تتكون من احد عشر فرداً وتكون عادة بقيادة عريف. فأمر بمواصلة السير بعد ان اوصى محمد عثمان بان يقوم الجنود بتحريك الترباس اي التعمير بدون ذخيرة وان يلقوا باسلحتهم الفارغة واخذ بنادق جنود المظلات وان يتم ذلك باقصى سرعة ولم يكن هناك تصرف غير ذلك يمكن اتخاذه والقوة قد اشرفت على معسكر شمبات.
    * الطريق .. الى المظلات :
    وصلت القوة الى مدخل الكتيبة وكان الملازم ابوبكر يقف عند المدخل فلم تعترضهم حراسة البوابة فدخلت القوة وانتشرت حول جنود المظلات الذين كانوا مستلقين في استرخاء على نمرهم على امتداد برندة العنبر والنمر مفردها نمرة وهى عبارة عن قطعة مستطيلة من مشمع عليها بطانية واحيانا وسادة يسلتقى عليها الجنود للراحة اثناء الخدمة. وكان بعضهم نائما بعد تناولهم وجبة دسمة من الفاصوليا (عمرت) قوة الحرس بنادقها المليئة والفارغة وامر معاوية جنود المظلات بترك الاسلحة على الارض والوقوف ورفع اياديهم ثم امرهم بالتحرك بعيدا عن العنبر واسرع جنود الحرس بالاستيلاء على الاسلحة وامر معاوية جنود المظلات بالجلوس على الارض ووضع اياديهم على رؤوسهم وانتشرت قوات الحرس من نواحى الكتيبة لتأمين الموقف. كانت الخطة المتفق عليها كما ذكرت انه عند وصول قواتنا الى الكتيبة تكون قوات المظلات مشغولة بفك ونظافة وتركيب اسلحتها بادعاء الملازم ابوبكر ان الاسلحة قذرة وتحتاج الى نظافة كاملة، ويبدو ان ابابكر قد اصدر تعليماته للجنود مبكراً فقام الجنود بفك الاسلحة ونظافتها وتركيبها اكثر من مرة حتى اصابه واصابهم الملل فاخلدوا للراحة والاستجمام.
    ليس لدى تفاصيل كثيرة حول ما تم في كتيبة جعفر او ما حدث في حامية بحرى حيث سلاح النقل وسلاح الاشارة او سلاح المدرعات ومصنع الذخيرة وبقية المواقع ولكن حسب علمى ان قواتنا لم تجد اي مقاومة تذكر وتم استيلاؤها على كل المواقع بسهولة وكان احد اهم الاشياء التى جعلت سيطرتنا على بعض المواقع سهلة ان جنودنا من قوات الحرس والمدرعات كانوا يقومون بحراسة تلك المواقع مثل منازل رئيس واعضاء مجلس قيادة الثورة وسلاح المدرعات والاذاعة وهكذا فقد نفذت كل المهام في اقل من ساعتين من الزمن وبقيت بعض المهام التى تم تنفيذها مؤخراً مثل اعتقال عناصر مايو من العسكريين وغيرهم.
    * ثالثاً : المعركة :
    سأتعرض في هذا الفصل لبعض تفاصيل المعارك المحدودة التى دارت يوم 22 يوليو واعتقد ان هذا الفصل سيكون احد اضعف حلقاتى بسبب اننى لم اشهد او اشارك في الاشتباكات التى جرت في اثنين من ثلاثة مواقع هما القيادة العامة وكتيبة جعفر بام درمان وكان لى شرف المشاركة في قيادة جانب من معارك القصر والحرس الجمهورى وحتى هنا فان هناك جوانبا من تلك المعارك لم اشهدها وان شهدت بعض نتائجها واعتمدت في الكتابة عنها او الاشارة اليها على ما رواه لى فيما بعد بعض الذين شاركوا فيها وينطبق ذلك على معارك القيادة العامة وكتيبة جعفر.
    في منتصف نهار 22 يوليو كانت الجماهير محتشدة في ساحة الشهداء وعلى امتداد شارع القصر في موكب مهيب تأييداً لحركة 19 يوليو والاستماع الى خطاب يلقيه الرائد هاشم العطا، وبالرغم من اننى كنت ارغب في رؤية تلك الحشود والاستماع الى خطاب الرائد هاشم، الا اننى لم استطع الذهاب لشعورى بحمى وارهاق شديدين بسبب مصل السل الذى حقنت به في اليوم السابق فقررت الذهاب الى الميس والخلود الى الراحة بعض الوقت ورحت في ثبات عميق. في حوالى الثالثة والنصف ايقظنى صوت انفجار قوى تبينت انه (دانة) مدفع فاسرعت الى مكاتب الحرس وكان الجميع في حالة من الاضطراب، وكان المقدم عثمان يجرى اتصالا هاتفيا فسألته بانزعاج شديد عما حدث فاجابنى بانه اتصل بالقيادة العامة واخبروه بان دبابة قد اطلقت نيران مدافعها على قواتنا في اللواء الاول مدرعات بالشجرة، وان قواتنا تطارد الدبابة المتمردة وان الانفجار الذى حدث قبل قليل هو دانة مدفع اطلقت على القصر لم اعرف الجهة التى تلقى منها عثمان تلك المعلومات وقد لاحظت انه كان منزعجا لعدم وجود هاشم او محجوب طلقه بمواقعهما في القيادة في مثل ذلك الوقت الحرج، وواصل عثمان اتصالاته فكانت الاخبار لا زالت تقول ان دبابة قد تمردت وان دباباتنا تطاردها وبعد اقل من ساعة دوى انفجار جديد هز ارجاء المكان وعلمنا بان دبابة اخرى اطلقت نيرانها على القصر، امرنى المقدم عثمان بان اخذ قوة لقفل شارع النيل من الناحية الشرقية والغربية وبعد ان تم ذلك عدت لاعرف ان دبابة من طراز T55 قد اقتحمت بوابة القصر الجنوبية واستقرت بحديقة القصر. اتصل عثمان بالملازم اول محمد خاطر حمودة وسأله عن الموقف فأكد خبر الدبابة واضاف بانها ركزت نيران مدافعها على القاعة التى كان بها نميرى كما اطلقت نيران رشاشها على الجنود. امر عثمان خاطر بان ينقل المعتقلون الى مبانى الحرس باسرع ما يمكن وعندما تأخر وصولهم عاود الاتصال فلم يتلق اي رد. كان عثمان قد اشرف بنفسه على توزيع الدفاعات على الجهات التى كان يتوقع منها قدوم القوات المعادية وقد شملت البوابة الجنوبية، البوابة الشرقية، البوابة الغربية وامام وحول اماكن احتجاز المعتقلين داخل القصر، في الناحية الجنوبية اتخذ من عدد من الجنود يزيدون على جماعة مشاة بقيادة ملازم دفاعاتهم امام البوابة ووقفت مدرعتا صلاح الدين على جانبيها، وفي الناحية الغربية اتخذ جماعة من المشاة بقيادة الوكيل عرف (ودالزين) مواقعها امام البوابة وكانت مدعومة بمدفع MG42 وبعض مدافع البرين، وفي داخل القصر كان الملازم اول محمد خاطر ومعه اكثر من جماعتى مشاة بقيادة الرقيب على سعيد الجضيل وكانت قواتنا قليلة جداً بسبب ان ثلث قوى الحرس كان قد سمح لها باذن لمدة ثلاث ساعات، في الناحية الغربية اقتحمت دبابتان من طراز T55 البوابة الغربية بعد ان حطمت احدهما المدرعة صلاح الدين واصابت بعض الجنود وبينهم حكمدار القوة بنيران رشاشاتها ولم يستطع الجنود المسلحين باسلحتهم العادية فعل شئ ازاء دبابتين من ذلك الطراز، وبالرغم من اصابة بعضهم ظل الجنود في مواقهم يحاولون تضميد جراحات المصابين منهم وقد تم اخلاؤهم بعد اكثر من ساعين، في داخل القصر تمترس بعض الجنود خلف سياج خرصانى يفصل بين القصر والحديقة وظلوا في اماكنهم يحاولون مع بقية الجنود داخل الحديقة صد المهاجمين الذين كانوا يحاولون الوصول الى مبانى القصر.
    لم ابق في موقعى بالبوابة الشرقية فقد امرنى المقدم عثمان بالذهاب الى القصر لاستطلاع الامر واحضار المعتقلين الى الحرس الجمهورى، اخذت بعض الجنود كى انفذ الى القصر من خلال باب صغير يؤدى الى القصر عبر الحديقة وقبل ان نتخطى الباب انطلق رشاش الدبابة التى كانت مستقرة وسط الحديقة واصيب احد الجنود فاسرعنا بنقله الى الوحدة الطبية، وعدت مع باقى الجنود لاخطار المقدم عثمان بما جرى واستحالة الذهاب الى القصر عبر الحديقة اذ ان الدبابة كانت مصوبة احد رشاشاتها على هذا المدخل الصغير الذى لا يعرفه احد غير الذين عملوا بقوات الحرس الجمهورى (وقررت ان اسلك شارع النيل لكنى فوجئت بوجود دبابتين T55 تقفان امام مدخل القصر الرئيسى، عدت مرة اخرى وابلغت عثمان واخذنا نبحث وسيلة نبعد بها الدبابات عن طريقنا الى القصر وتذكر عثمان بان هناك مدافع (اربجى ماركة 7) جديدة قد وصلت الى الحرس حديثا وبالفعل وجدنا المدافع وبرغم الجهد المضنى الذى بذلناه في الحصول على قذائف الاربجى لم نعثر على شئ منها، وساد جو من القلق والاضطراب بعد ان علمنا ان القصر محاصر بثمانى دبابات اثنتان من الناحية الشمالية امام مدخل القصر واثنتان من الناحية الغربية في الشارع الذى يفصل بين مبانى رئاسة البريد والقصر وثلاثة من الناحية الجنوبية على جانبى البوابة المطلة على ساحة القصر وتمركزت الثامنة وكانت تحت قيادة الملازم (حماد الاحيمر) وسط حديقة القصر، كانت الرشاشات والبنادق تطلق نيرانها بكثافة وبلا انقطاع وقد اطلقت على مبانى القصر اكثر من ثلاث دانات اصابت اثنتان منها القاعة التى كان يحتجز بها جعفر نميرى وكانت دبابة الحديقة لا تكف عن اطلاق النيران وقد ركزت نيرانها على (السلاح ليك) وهو المكان الذى توضع فيه الاسلحة التى تستخدمها قوات الحراسة اليومية ومخزن الاسلحة والذخائر مما ادى الى اصابة العريف عثمان الشايقى امين المخازن، في ذلك الوقت بدأ بعض الجنود الذين اذن لهم بالذهاب الى منازلهم لطمأنة اسرهم واستبدال ملابسهم في العودة ولكن عدد كبير منهم لم يحضر وذلك لتعذر ارسال العربات التى كانت ستمر على مناطق تجمع محددة لاعادتهم وذلك بسبب الحصار المضروب وانشغال الجميع بمن فيهم سائقى العربات بالدفاع.
    كان اطلاق النيران بمثل تلك الكثافة ينبئ باننا نخوض معركة حقيقية وضد عدد كبير من قوات معادية تواصل هجومها بلا انقطاع، وقد اتضح فيما بعد ان المهاجمين كانوا من جنود المظلات المسرحين وعناصر من اللواء الثانى مدرعات وعناصر من وحدات اخرى وقد استطاع بعض المهاجمين الحصول على سلاح بطريقة ما وقد تم توزيعهم على المواقع التى تحتلها قواتنا في القيادة العامة والقصر والحرس الجمهورى وكتيبة شمبات وكتيبة جعفر بام درمان. كان الموقف مثيراً للقلق والارتباك وكان علينا ان نتصرف في مثل تلك الظروف بهدوء ورباطة جأش، ولاشك ان الشعور بالخوف والاحباط كان موجوداً وفي ازدياد مستمر وقد انقطعت اتصالاتنا بهاشم وبقية القيادة وكانت محاولات عثمان في الاتصال غير مجدية وحتى الاجابات التى كان يتلقاها لم يقصد بها سوى التضليل. وبالرغم من انه كان مدركا لسوء الموقف وان قواتنا تقاتل في ظروف يائسة الا انه ظل يحث ضباطه وجنوده على الصمود والمقاومة، واخذ يتابع الاحداث في نواحى القصر المختلفة ويصدر اوامره للضباط من وقت لاخر، في ظل تلك الظروف رأيت ان الرجوع الى عثمان واستشارته فيما يجب ان افعل لم يكن منطقياً وعلى ان اتصرف واحاول معالجة الامور بطريقتى ويجب ان يتصرف كل الضباط وفق ما تمليه عليهم الظروف والمواقف وكان الموقف يحتم علينا جميعا ان ندافع حتى النهاية برغم امكاناتنا الضئيلة، ولما كانت الدبابات المحاصرة لا تزال في مواقعها والطريق الى القصر لا يزال مغلقا كان لابد من التفكير في وسيلة لايجاد منفذ الى القصر، وهدانى تفكيرى الى الاستفادة من مدرعة صلاح الدين كانت تقف امام مدخل الحرس الجمهورى ولما بحثت عن طاقمها لم اجد سوى السائق، سألته اذا كان بالامكان ايجاد بعض افراد الطاقم لمحاولة استخدام المدرعة بدون وجود حكمدار ومعمر ورامى اي وجود ثلاثة اشخاص اضافيين، وبينما كنت في حيرة من امرى وقد شل تفكيرى تماما رأيت احد الرقباء قادما نحوى من جهة البوابة الشرقية وقد عرفت انه من ضباط صف مدرعاتنا ويدعى (الغايب الياس) اخبرته عن الموقف الحرج الذى نحن فيه وانه لابد من ايجاد وسيلة لابعاد الدبابتين المتمركزتين امام القصر. قال لى ان ذلك صعب فالمدرعة صلاح الدين لا تستطيع مجابهة الدبابة T55 وذلك لان مدفع المدرعة من عيار 76 ملم بينما مدفع الدبابة من عيار 100 ملم وكذلك سمك الدرع، وبالرغم من اننى لم اكن متخصصا في المدرعات او الدبابات الا اننى كنت اعرف ان اضعف حلقات الدبابة هما الدرع والجنزير ويمكن تعطيل اي دبابة من ذلك النوع اذا تم تدمير البرج او الجنزير وقد وافقنى الرقيب الغايب فيما قلته وقرر مع السائق تشغيل المدرعة استعداداً لاشتباك غير مضمون العواقب، دار محرك المدرعة ثم تحركت قليلا للوراء ثم الى الامام واطلقت قذيفتها الاولى وكان لذلك دويا يصم الآذان ولان المسافة بين المدرعة والدبابتين قريبة لا تزيد على الخمسمائة متر فقد استطعت رؤية موقع سقوط الدانة على درع الدبابة ولم يكن ذلك مفيدا، امرت الغايب ان يرفع التنشين قليلا، وتحركت المدرعة للخلف حتى اصطدمت بعربة (زيل 66) كانت تقف قريبا مما ادى الى تهشيم جانب منها ثم تحركت للامام واطلقت قذيفتها الثانية فاصابت الدبابة في نفس الموضع ولم يكن ذلك مؤثراً.
    كنت طوال ذلك الوقت الذى كان يقوم فه الغايب بعمله البطولى المغامر اعيش حالة نفسية غريبة يصعب وصفها .. كانت حالة من القلق الشديد والاصرار على انجاز تلك مهما كان الثمن .. لم اكن خائفا او مضطربا كنت متماسكا جدا واحاول ان افكر بهدوء وكنت احس بان فشلى في انجاز تلك المهمة قد يؤدى الى الهزيمة، وحتى مع احتمال نجاح مهمتى فقد كنت احس بان الامور بشكلها التى كانت عليه لا يمكن ان تؤدى الى شئ سوى الهزيمة، ولكن التمكن من نميرى وزمرته واحضارهم الى مبانى الحرس قد يخفف من آثاره، كنت احس اننا اشبه بجنود في معركة محتدمة فقدوا الاتصال بقيادتهم ان لم يكن لتلقى الاوامر او السؤال عن كيف يكون التصرف فعلى الاقل للتآزر والاحساس بوجود القيادة. بعد ان اطلقت المدرعة دانتها الثانية واخذت تستعد لاطلاق الثالثة سمعنا هدير محركى الدبابتين اللتين استدارتا وغادرت المكان، اندهشنا لذلك كثيرأً فقد كنا نتوقع في كل لحظة ان تطلق الدبابتان او احداهما مدافعهما او على الاقل استخدام رشاشاتها الاربعة (القرينوف) وعيار 62، 7ملم، وكان ذلك بلا ادنى شك كافيا لتدميرنا تماما واشعال الحرائق في مبانى الحرس ومخازنه، خصوصا وان ذلك كان ممكنا اذ ان المسافة بين الدبابتين وبيننا قريبة وتسمح بما يسمى بالاشتباك الاعمى لقد خمنت بان الدبابتين لم تكن بهما دانات ولكنى على يقين بان رشاشاتهما لم تكن تخلو من ذخائر فقد استخدمت تلك الرشاشات لضرب وتدمير قوى الحراسة على بوابة القصر القريبة عموما لا يزال عدم استخدام الدبابتين لاسحلتهما ضدنا او ضد مدرعتنا الصغيرة التى قاتلت ببسالة لغزا محيرا حتى الان !
    نواصل
    _________________
    --------------------------------------------------------------------------------

    كتب عصمت العالم :

    اللواء خالد حسن عباس

    يرفض الحديث فى اتصال تلفونى تم مساء الثلاثاء 23 اغسطس..ذاكرا انه غير مسئول عن ما جرى...وما ترتب على مجريات الامور... بعد فشل انقلاب 19 يوليو 1971 وعودة النميرى


    فى حديث تلفونى تم بينى وبين اللواء خالد حسن عباس ..عن وقائع الاحداث التى جرت بعد فشل انقلاب 19 يوليو ورجوع النميرى..ومذبحة القصر ومن قام بها وماهو دور اللواء الثانى مدرعات فيها..وماذا عن التقرير الفنى الذى تم اخفائه عن مذبحة قصر الضيافه والاعدامات.والمحاكمات وقد شوهد ووثق بالصور وهو يستجوب المقدم بابكر النور وعبد الخالق محجوب وهو جالس امام النميرى وبابكرالنور واقفا والنميرى يستجوبه وعبد الخالق محجوب واقفا والنميرى يستجوبه ايضا.ودور المخابرات المصريه..وعن عودته هو للخرطوم وهو يقود الكتيبه السودانيه المرابطه فىالجبهه مع مساندة عسكرية مصرية أنزلت فى دنقلا استعدادا لاسقاط انقلاب 19 يوليو..
    وسالته عن اللقاء الذى تم بينه وبين الرائدفاروق حمد الله فى لندن يوم 18 يوليو 1971 وهو فى طريقه الى بلغاريا فى زيارة رسميه...ماذ ا تناول الحديث بينهما...!!

    استمع الى كل تلك الاسئلله فى أناءة وصبر..حتى اكملت...
    واجاب انه غير مسؤل عن كل ما ترتب على مجريات ردود الفعل التى ترتبت عن فشل الانقلاب وعودة النميرى...وانه ليس لديه ما يقوله ولن يتحدث..وانهى المحادثه فى حزم..رافضا الادلاء...

    لا تعليق لدى....!!

    --------------------------------------------------------------------------------________________
    --------------------------------------------------------------------------------

    كتب ميرفي :

    الرائد عبد العظيم سرور يواصل الكتابة للايام

    19 يوليو .. التخطيط .. التنفيذ .. الهزيمة ..
    الانقلابات العسكرية في السودان

    محمد محمد احمد كرار

    في كتابه "الانقلابات العسكرية في السودان" الصادر عن دار البلد بالخرطوم 1988 أورد الاستاذ محمد محمد احمد كرار الكثير من التفاصيل عن حركة 19 يوليو 1971, وبالرغم من انه كاتب سوداني عاش في مسرح الاحداث وكان بأستطاعته الحصول علي أدق المعلومات والتفاصيل الا انه لم يبذل جهدا مسئولا في البحث عن الحقائق. وفي هذا الجزء الزاخر بالتفاصيل وضح ان الكاتب قد "لملم" اي معلومات أطلع عليها او سمعها دون اهتمام بما اذا كانت تلك المعلومات صحيحة او غير ذلك, لهذا فقد جاء ذلك الجزء من كتابه مليئا بالاكاذيب والتناقضات.
    في بداية تناوله لحركة 19 يوليو, بعد عدة اعوام من قيامها نراه لا يزال مصرا علي ان تلك الحركة كانت انقلابا دبره الحزب الشيوعي السوداني فهو يقول في صفحة 49 من كتابه "...لان هذا الانقلاب ثبت بأعتراف الادلة أنه من تدبير الحزب الشيوعي السوداني...الخ" هكذا ببساطة ودون ان يقدم لنا شيئا من تلك الادلة التي أشار اليها! وأسترسل الكاتب يتحدث عن الماركسية الليننية والانقلابات العسكرية فقال: " لم يوضح الادب الماركسي اللينيني موقفا مفصلا عن الانقلابات العسكرية اذا ما توفرت ظروف الثورة الوطنية الديمقراطية عن طريق قسم مسلح للحزب الطبقي الطليعي, لكن الواقع المعاش في أكثر الدول المعاصرة أكد ان الانقلاب كان الوسيلة المستخدمة للوصول الشيوعي للسلطة. ففي افغانستان وكمبوديا ولاوس واليمن الجنوبي والسودان وبولندا ونيكاراجوا وكوبا وكثير من الدول سلك الشيوعيون هذا الطريق سواء وصلوا ام فشلوا".

    مما تقدم يتأكد لنا ان الكاتب لم يقرأ الماركسية اللينينية جيدا فنراه لا يفرق بين الانقلاب العسكري الذي عادة ما تنفذه القوات المسلحة او الجيش في بلد ما - وغالبا ما يكون ضد أنظمة ديمقراطية - والكفاح المسلح... وهو النضال الذي قوامه الجماهير المسلحة المصممة علي الاطاحة بالنظم الاستعمارية والديكتاتورية والرجعية والعميلة. وبغض النظر عن افغانستان وبولندا نراه يحاول ان يصف أروع ملاحم النضال الانساني في كوبا وكمبوديا ولاوس ونيكاراجوا واليمن الجنوبي بأنها انقلابات عسكرية!

    ومن كتابة "سنة اولي مايو " ص51 وما بعدها نقل لنا: "لكي تتضح الرؤية حول التورط الشيوعي في بركة الانقلاب العسكري, لا بد من اعطاء صورة مختصرة عن علاقة الحزب الشيوعي السوداني بالجيش أو بالأحري بتنظيم الضباط الاحرار بؤرة الانبعاث الانقلابي. بدأ الحزب عام 1957 يتجه نحو اختراق الجيش السوداني وبتكتيك متقدم صار يوزع منشورات بأسم الضباط الاحرار دون أن يكون التنظيم الوليد يعلم بهذا, وقد أستغل الحزب حصوله بطريقته الخاصة علي كشف اقدمية الضباط وأخذ يرسل اليهم المنشورات.
    بعد 1957 صار كل من العقيد "عبدالهادي" وأظنه يقصد العقيد عبدالله الهادي, المقدم حسن ادريس, الرائد مصطفي النديم, الملازم حسن مكي, الملازم محمد محجوب (شقيق عبدالخالق محجوب - سكرتير الحزب), النقيب بابكر النور سوارالدهب (كان عضوا بالحزب الشيوعي منذ المدرسة الثأنوية في حنتوب), الملازم عبدالمنعم محمد احمد, الملازم محجوب طلقة, الملازم هاشم العطا والملازم الحاردلو) ص49...ولم يكن الحاردلو ضمن تلك المجموعة اذ انه تخرج من الكلية الحربية 1968 وتم أعدامه في يوليو 1971.
    لم ينكر الحزب الشيوعي أنه عمل في أوساط الجيش فقد كانت له خلايا منظمة فيه, ولم ينكر اشتراكه في المحاولات الانقلابية الفاشلة ضد نظام الجنرال عبود:"... فقد عارضنا انقلاب نوفمبر 1958 بوصفه انقلابا رجعيا, وأيدنا وشاركنا في محاولات الانقلاب الاربع التي قام بها ضباط وجنود وطنيون لاسقاط الفريق عبود في أول مارس 1959 وفي 4 مارس 1959 وفي 22 مايو 1959" وثيقة تقييم حركة 19 يوليو ص5.
    اما توزيع المنشورات بدون علم التنظيم فذلك غير حقيقي اذ ان الضباط الشيوعيين والديمقراطيين كانوا يشكلون اساس ذلك التنظيم وكانت منشورات التنظيم تطبع بمطابع الحزب الشيوعي السرية.
    تحدث الكاتب عن تردد الحزب الشيوعي في الاشتراك في انقلاب 25 مايو 1969, وعن بداية الخلافات بين الحزب الشيوعي ونظام 25 مايو وقال: " كانت اول بادرة من النظام المايوي ضد الحزب الشيوعي هي موقف مايو من تصريح رئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة بابكر عوض الله الذي صرح في زيارته لالمانيا الشرقية حيث قال: "أن ثورة مايو لم ولن تنجح الا في ظل تعاونها مع الشيوعيين" غضب النظام من تصريح بابكر عوض الله وكلفه ذلك منصبه الذي تولاه اللواء نميري بنفسه وأقصي بعض الوزراء ذوي التوجه الشيوعي من مجلسه وابدلهم بآخرين غير يساريين وفيهم من اهل اليمين عدد "ص50".
    وتعرض الكاتب لاسباب الانقسام في صفوف الحزب الشيوعي حينذاك ولم يخطئ كثيرا في ذكر تلك الاسباب ولكن نراه لم يفرق بين الانقساميين والقسم الاساسي في الحزب الذي رفض حل الحزب وتذويبه في نظام 25 مايو وأعتبر كل ما فعله الانقساميون مع مايو هو من فعل الحزب الشيوعي السوداني.
    أورد الكاتب رواية ملفقة حول اعتقال جعفر النميري وبعض أعضاء مجلس قيادة الثورة فقال: "فجأة يقتحم المنزل الملازم عبدالعظيم عوض سرور شاهرا سلاحه مدفع رشاش وخلفه كوكبة من الجنود المدججين بالاسلحة في حالة استعداد لاطلاق النار. تأهب ابوالقاسم محمد ابراهيم علي الفور للمقاومة ولكن نميري قال له: "تأخر الوقت قليلا..كانت اعصاب المجموعة متوترة ومتحفرة بحيث يمكنهم التصرف بأطلاق النار لاي مبادرة حماقة من المجموعة المراد اعتقالها. سأل نميري اقرب الجنود اليه :"ألم تكن في حراسة المنزل هذا الصباح؟ فرد بصورة تلقائية :"بل منذ الخامسة من مساء أمس "هنا تنبه الملازم للحوار فطلب من الجميع التحرك فورا امامهم. كان اول ما خطر لنميري ان هذا التحرك تم بواسطة الاحزاب التقليدية, ولكن الملازم عند الباب الخارجي سأل نميري: "لعلك تذكر الاساءات التي وجهتها لحزبنا؟ فسأله نميري كمن وجد ضالته: أي حزب؟ فقال الملازم:" الحزب الشيوعي" فهتف نميري علي الفور يا للحماقة" ص54".

    هذه الرواية تثير الضحك والسخرية معا..فالحقيقة الوحيدة هنا هي وجود الملازم وليس الملازم اول عبدالعظيم عوض سرور مع الملازم احمد جبارة في ذلك الوقت. الضابط الذي اقتحم المنزل هو الملازم احمد جبارة الذي كان مكلفا باعتقال جعفر النميري وقد فوجئ بوجود بعض اعضاء مجلس قيادة الثورة معه, ثم حضر بعد ذلك الملازم عبدالعظيم عوض سرور لمساعدته. اما تأهب ابي القاسم محمد ابراهيم للمقاومة ومنع نميري له وذلك الحديث الذي دار بين النميري واقرب الجنود اليه وبينه وبين الملازم فذلك منطقيا غير صحيح, فقد كان اعضاء المجلس المعتقلين في منتهي الذعر والرعب خصوصا الرائد ابوالقاسم محمد ابراهيم الذي كانت يداه المرفوعتان ترتجفان وعيناه مغرورغتين بالدموع. أما النميري فقد كان في حالة ذهول كامل وعاجز عن النطق تماما. ثم ان الوقت والموقف لم يكونا مناسبين لمثل تلك الاسئلة والاجوبة وذلك النقاش الهادي والمرتب!

    وتحت عنوان :"كيف تمت السيطرة علي اجزاء العاصمة "الحساسة" والحساسة هذه من عند الكاتب! شبه تحركات قوات 19 يوليو لاحتلال بعض المواقع الاساسية في العاصمة المثلثة بتحرك قوات 25 مايو التي كانت مرابطة بخور عمر "لاداء بعض التدريبات كستار للتحرك وتنفيذ الانقلاب فذكر: "القوى الضاربة الاساسية بجبال المرخيات والتي كمنت تحت ستار التدريب, وتحركت صوب العاصمة في الساعة الرابعة ظهرا..جزء منها احتل مدرسة المشاه بكرري وأمن جزء آخر الكلية الحربية وتوجه قسم آخر الي الاذاعة...الخ" ص54".

    بالتأكيد ان ما ذكره الكاتب لا يمت الي الحقيقة بصلة وقد أشرت في الفصل الاول من هذا الكتيب الي كيفية التحرك لتنفيذ الانقلاب وقد كانت قاعدة التجمع والانطلاق الاساسية هو رئاسة الحرس الجمهوري المجاورة للقصر الجمهوري بالخرطوم ورئاسة اللواء الاول مدرعات بالشجرة.
    ذكر الكاتب روي فؤاد مطر في كتابه الحزب الشيوعي السوداني, نحروه ام أنتحر؟) ان الكلية الحربية المصرية التي كانت ترابط بطلابها وقواتها الادارية بجبل اولياء جنوب الخرطوم بدأت بالتدخل وفي طريقها لقلب الخرطوم انضمت اليها بعض الوحدات المواليه لنميري وقد لعبت المخابرات المصرية دورا كبيرا في هذا التحرك) ص60.
    بالطبع لم يكن ما ذكره الكاتب نقلاً عن الكاتب المصري فؤاد مطر صحيحا فالكلية الحربية المصرية لم تتدخل مطلقا, ولم تكن لتقدم علي ذلك في وقت لم يكن فيه توازن القوي واضحا. أن القوات التي تحركت فعلا هي قوات اللواء الثاني مدرعات يدعمها بعض المسرحين من جنود المظلات وكما أشرت في اكثر من موقع في هذا الكثيب ان الهدف من التحرك لم يكن اعادة جعفر نميري للسلطة. ولا أعتقد ان للمخابرات المصرية دور في ذلك التحرك لكن لا يستبعد مطلقا انها كانت تخطط للتدخل.
    ومن التلفيقات التي يزخر بها الكتاب حكاية هروب جعفر النميري من المعتقل, يقول الكاتب: (..بعد ساعة عاد الهدير الذي سمعه من جديد وهو صوت مدافع ودبابات وأزيز رصاص يتداخل مع صوت جماهيري يتوالي مع ايقاع منتظم. ثم صوت جنازير الدبابات يتضح..فجأة انفتح الباب واقتحم مع انفتاح الغرفة هتاف جماهيري: عائد عائد يا نميري... وانتفض الرجل كمن به مس من الجنون وامتلا جسده بروح وعنفوان مهووس..لم يعبأ وراح مندفعا يلقي بالجنود والحراس وكل من يعترضه ارضا وازاحهم عن طريقه وعبر السور المواجه لوزارة المواصلات والبوسته وبقفزة واحدة بحائط ارتفاعه أكثر من اربعة امتار به سلك شائك قفز نميري قفزة واحدة الي الطريق العام...الخ) ص60.

    لا شك ان رواية الكاتب لحكاية "الهروب الكبير" الذي نفذه النميري يثير الضحك والسخرية ايضا, فقد وصف الكاتب نميري وكأنه قد اكتسب فجأة قوى خارقة وحقق رقما قياسيا في القفز العالي اذ قفز ما يزيد علي اربعة امتار قفزة واحدة...بالتأكيد القصة ملفقة وركيكة الصياغة ولا يصدقها احد حتي السذج. والحقيقة ان نميري الذي كان منهارا طيلة ايام اعتقاله لم يكن ليمتلك تلك القوة في ذلك الوقت... ثم ان السور الذي أشار اليه الكاتب لم يكن بذلك العلو الشاهق!
    أقدر محاولة الكاتب في بحثه عن حقيقة ما جري في بيت الضيافة ولكني أري أنه لم يبذل جهدا كافيا او مناسبا في ذلك البحث الذي بدأه باتصاله ببعض شهود العيان ويبدو انه اكتفي بما توصل اليه من افادات ترسخ اعتقاده الشخصي بأن الشيوعيين وحدهم وليس غيرهم نفذوا مجزرة بيت الضيافة. فلو أجتهد في بحثه وتحرياته وجمع أدلة موثوقة المصادر, لكان من الممكن أن يقدم لنا شيئا مفيدا ومقنعا أو اقرب الي ذلك حول حقيقة ما حدث.
    يقول الكاتب: (في يوم الخميس 22 يوليو الساعة الخامسة مساء تقريبا سمع هؤلاء المعتقلون صوت دبابة وسمعوا احدهم يقول: أضربهم كلهم ويجيب عليه شخص آخر: نعم كلهم ولا تترك احدا منهم حيا. وأشتد الضرب في الخارج ثم فجأة انهال عليهم مدفع رشاش...أغلبهم انبطح ارضا وآخرين لاذوا بحمامات الدار وغرفها. وبد قليل تكونت بركة من الدماء في وسط الحجرة التي كانت تجمعهم .. ثم هرب الجناة... ولكنهم عادوا بعد قليل وأخذوا يجهزون علي من لم يمت بأسلحتهم الشخصية . كان من ضمن الضباط العقيد سعد بحر قائد ثاني المدرعات والذي اصيب ولكنه لم يمت ولما فطن لعودة القتله رش جسده بالدمات حتي تبدو أصابته كبيره وكأنها قاتله.. ونجا من الموث ليحكي صحة مسؤولية الانقلابيين عن المذبحة ثم شاهدهم مرة اخري يهرولون خارجين.)
    ويقول كما روي العميد عبدالرؤوف عبدالرازق في رسالة الماجستير التي أعدها بمعهد الدراسات الافريقية والاسيوية ص 103 ان العميد أ.ح. عبدالقادر وأظنه يقصد محمد عبدالقادر, قد أكد في مقابلة معه يوم 31|8|1983 أنه لا صحة لما تردد بأن هناك جهة ثالثة هي التي قامت بذلك بل هم ضباط انقلاب 19 يوليو. والمذكور كان ضمن الضباط المعتقلين بمنزل الضيافة واستطاع الخروج وتمكن من السيطرة علي القيادة العامة في مساء يوم 22 يوليو 1971.)
    ويقول دار الاتهام مباشرة للمقدم عثمان حسين أبوشيبه بأنه أصدر أوامر التخلص من الضباط, كما وجه النظام الاتهام للمقدم محمد احمد الزين, وقيل انه الملازم احمد عبدالرحمن الحاردلو وقيل انه الملازم احمد جباره مختار, وقيل الرائد بشير عبدالرازق وكلهم تم اعدامهم)
    ويقول لقد أثبت التقرير الطبي الاصابات الناتجة عن رصاص من علي بعد قريب ووجد داخل اجسام الموتي رصاصات من النوع المستعمل في السلاح الشخصي لضباط الانقلاب والاسلحة الرشاشة التي عند الجيش السوداني ولم يعط التقرير اي أشارات الي ان بعض الضرب قد تم بواسطة دانات الدبابات او المدافع, كما حاول التنصل من المذبحة مدعياً بأن قوة ثالثة قتلتهم حيث كان هناك انقلاب عسكري داخل محاولة أعادة نميري للسلطة.)
    وتحت عنوان "روايات الشهود عن مذبحة بيت الضيافة يوم الخميس 22|7|1971" ذكر الكاتب نقلا عن العقيد حمدون: (ونحن في غرفتنا يوم الخميس سمعنا صوت الدبابات, كان واضحا انها دبابات اللواء الثاني, ولما اقترب الصوت قلت لهم "ديل دبابات" وفجأة انطلق الرصاص في الغرفة واول مجموعة كانت في رأس العقيد حمودي وكنا علي الارض لا نعرف من الداخل.. سمعنا صوت باب الغرفة فد فتح وكان هناك صوت طلقات متفرقة تطلق علي الجثث حتي يتأكدوا من موتهم وبعد ذلك تناهي الي اسماعنا اصوات نعرفها هي اصوات زملائنا في اللواء الثاني... وركبت دبابة وذهبت الي القيادة العامة.) ص64.
    ويروي الكاتب: (اما الملازم محمد علي كباشي الذي كان معتقلا في بيت الضيافة فيقول: "قابلت في بيت الضيافة عقيد سعد بحر وارتشي واحمد الصادق والملازم اول احمد ابراهيم والرائد سيد المبارك والنقيب سيداحمد وكثير منهم. وقد اجتمع بنا العقيد سعد بحر وقال ان اللواء الثاني غير راضي بالموضوع الحاصل وانهم مجردون من السلاح. ومتوقع اطلاق سراح بعض الضباط الصغار منا , فمن يطلق سراحه عليه الاتصال باللواء الثاني. وقد كنت اول من اطلق سراحه. واتصلت باللواء الثاني وبعض الرقباء والجنود من اللواء الثاني واخبروني انهم علي استعداد للقيام بالحركة. وفي يوم 22 يوليو وفي طريقي الي الشجرة سمعت صوت ضرب وقابلتني دبابة بها الرقيب احمد جبريل وركبت فيها وذهبت الي بيت الضافة. وجددت دبابة قد ذهبت من قبل وضربت القصر. وعندما دخلنا القصر وجدنا بعض المصابين وقد ضربهم الحرس ووجدت العقيد سعد بحر مصابا وأخذته الي الشجرة.) ص64.
    وأورد الكاتب رواية للحاج عبدالرحمن الذي قال: (كنت وأبني محتمين بمكاتب الاتحاد وأتت دبابة اتجهت شرقا في اتجاه بيت الضيافة, وانطلق الرصاص. ومن مكاني شاهدت احد الاشخاص يرتدي فنله خارجا من بيت الضيافة فحصدته الدبابه وأتي آخر وقتلته وبعد ذلك اتجهت الدبابة غربا وانا علي هذه الحاله سمعت صوت سواق تاكسي يهتف : عائد عائد يا نميري)
    وينقل لنا الكاتب رواية العقيد عثمان محمد احمد كنب قائد كتيبة جعفر بامدرمان الذي قال: (أنه اعتقل في تمام الحادية عشر ليلا يوم الانقلاب. ويقول قد تم ترحيلي بواسطة عربة كومر بالمقدمة الملازم احمد حباره وملازم آخر, وكان معي سته من العساكر شاهرين بنادقهم امامي وكانت رائحة البارود تملا المكان مما يوضح بأن هناك ضربا قد حدث... وتحت نور الكبري لاحظت سطح العربة عليه دماء. وأعتقلت في بيت الضيافة. وكان هناك المرحوم سعد بحر وارتشي وسيد المبارك وسألوني يا عثمان الحاصل شنو؟ قلت لا أعرف...الهادي المامون وفتحي ابوزيد اخبروني بأن هناك انقلاب ويظهر ان هناك ضحايا لانه يوجد دم في العربة التي أتت بي واريتهم الدم في حذائي...وفي حوالي الساعة الثانية والنصف كان هناك صوت تعمير للسلاح واحضروا للجنود جبخانة زيادة وكانت هناك حركة غير عادية.. وأخذ الجنود في الخارج ساتر دفاعي وسمعنا ضرب الرشاش في الخارج مما أدي الي تساقط زجاج الغرفة للداخل. وهنا أخذنا نتلو الشهادة ودخل احدهم الغرفة وأخذ يضرب علينا مباشرة..الخ.) ص65

    اما النقيب اسحق ابراهيم عمر فقد ذكر: (..سمعنا صوت قصف من الدبابات وعلمنا بأن المقاومة من جماعتنا باللواء الثاني. وفي هذه اللحظة فوجئنا بأحد الضباط الحراس يدخل الغرفة ويضرب علينا مجموعات من سلاحه... وكان الضرب أشد بالغرفة الثالثة.. وبعد هذا سمعت صوت دبابة تدخل بيت الضيافة وبعدها سمعت صوت يقول الله اكبر...انتصرنا.) ص67.
    ويقول الرائد عبدالقادر احمد محمد: (..وفي اليوم الثالث سمعنا اصوات ضرب عنيفة وأستبشرنا خيرا وأستمر الضرب حتي الساعة الرابعة. وفي ذلك الوقت سمعنا شخصاً بدار الضيافة يصدر أوامر للضباط باعدام جمبع المعتقلين الموجودين بدار الضيافة وفي هذه اللحظات دخل ضابط بسرعة مذهلة الي حجرتنا وبدأ في أطلاق النار من مدفع رشاش..الخ) ص67 - 68.
    تنوية: قبل ان أستطرد في الكتابة رأيت ان أوضح للقراء الكرام ان المقتطفات المتقدمة اخذت من الكتاب مباشرة ودون تصرف منا ولا علاقة لنا بكثرة الاخطاء وسوء الصياغة.‍‍
    بأختصار شديد سأحاول التعليق علي بعض ما نقله الكاتب من اقوال صدرت منه او علي لسان بعض شهود العيان الذين نقل لنا رواياتهم المتضاربة او المتناقضة. أشار الكاتب الي ان المقدم عثمان حاج حسين قد أتهم بأنه هو الذي أصدر الامر بتصفية الضباط المعتقلين جسديا. وان الاتهام قد شمل ايضا المقدم محمد احمد الزين والملازم الحاردلو والملازم احمد جباره والرائد بشير عبدالرازق..قد يكون مقبولا ان يوجه الاتهام بشأن المجزرة للمقدم عثمان بحكم انه كان قائد الحرس الجمهوري الذي كانت قوة منه تقوم بحراسة المعتقلين في بيت الضيافة, في ذلك الوقت, ولكن توجيه الاتهام للرائد محمد احمد الزين والنقيب بشير عبدالرازق فغير منطقي لان كل من ودالزين وبشير كانا لحظة وقوع ذلك الحدث بالقيادة العامة للقوات المسلحة يقودان اشتباكا ضد القوات المعادية ولم يقتربا من الحرس الجمهوري او بيت الضيافة طيلة ايام الثلاثة الي عاشها الانقلاب.

    يقول الكاتب: (أن المعتقلين قد سمعوا صوت دبابة..وان الضرب قد اشتد بالخارج وان الجناة قد هربوا ثم عادوا) ولم يشر الي اي جهة كانت تتبع تلك الدبابة, او بين من ومن اشتد الضري بالخارج. او لماذا هرب الجناة ثم عادوا لتكملة المجزرة؟‍ ان وصول دبابة الي بيت الضيافة في ذلك الوقت يؤكد ان تلك الدبابة لم تكن تتبع لقوات حركة 19 يوليو, فلقد كانت قواتنا في الحرس الجمهوري تنقصها الدبابات, وفي الوقت الذي وقعت فيه المجزرة كان كل من القصر والحرس الجمهوري محاصرين بثمان دبابات تقريبا, ثم انه لم يكن هناك ما يستدعي ارسال دبابة الي بيت الضيافة اذ كانت قوات الحراسة المكونة من (جماعة )بقيادة ملازم كافيه جدا لتغطية الحراسة والقيام بأي مهام أخري.
    من رواية العقيد حمدون يتضح ان اول ما وصل لبيت الضيافة قبل وقوع المجزرة دبابة او دبابات تابعة للواء الثاني مدرعات: (.. ونحن في غرفتنا يوم الخميس سمعنا الدبابات.. كانت واضحة انها دبابات اللواء الثاني..) ثم يقول ان الرصاص اطلق فجأة من الغرفة واول مجموعة كانت في رأس العقيد حمودي. ويقول حمدون انهم كانوا علي الارض ولا يعرفون من الدخل ولم يحدد لنا حمدون من الذي بدأ باطلاق الرصاص الذي كانت اول مجموعة منه في رأس العقيد حمودي.
    نقل لنا الكاتب رواية الملازم محمد علي كباشي وهي بعد رواية العقيد "كنب" التي سيأتي ذكرها اكثر الروايات كذبا وتلفيقا, ولا شك انه في قمة تلك الفوضي وذلك الاضطراب وحب البعض انتهاز الفرصة وادعاء البطولة يمكن نسج الكثير من القصص الخيالية الممعنة في المبالغة, لكن وبقليل من الجهد يمكن كشف ما في تلك الروايات من تناقض وكذب. ذكر الملازم كباشي وحسب رواية الكاتب, ان العقيد سعد بحر قال فيما قال انه من المتوقع اطلاق سراح بعض الضباط الصغار, وان من يطلق سراحه عليه الاتصال باللواء الثاني وانه اول من اطلق سراحه, واتصل باللواء الثاني وبعض الرقباء والجنود.. الخ. والحقيقة المؤكدة مائة بالمائة انه لم يطلق سراح احد في تلك الايام الثلاثة ولا حتي ضباط الصف ناهيك عن الضباط, فالوقت لم يكن يسمح باجراء اي تحقيقات او اطلاق سراح. ويقول كباشي ان دبابه بها الرقيب احمد حبريل قابلته وذهب بها الي بيت الضيافة ووجد ان دبابة قد ذهبت قبله وضربت القصر. الذي يهمنا هنا ان كباشي قد وجد دبابة ذهبت قبله وضربت القصر ويقصد بالقصر قصر الضيافة او بيت الضيافة ولم يشر كباشي الي اي اشتباك بين الدبابة او الدبابات المهاجمة والحراس. وحتي يثبت تلفيق هذه الروايه يحق لنا ان نسأل:
    * كيف علم سعد بحر بعدم رضاء اللواء الثاني وانه مجرد من السلاح وهو تحت حراسة مشددة جدا؟
    * متي اطلق سراح كباشي وكيف أنجز كل تلك الاتصالات باللواء الثاني وبضباط الصف والجنود؟
    حسب رواية الحاج عبدالرحمن الذي وصفه الكاتب بسكرتير اتحاد العمال السابق وعضو الحزب الشيوعي السوداني ان دبابة اتجهت شرقا في اتجاه بيت الضيافة, وانطلق الرصاص ومن مكاني شاهدت احد الاشخاص يرتدي فنله خارجا من بيت الضيافة فحصدته الدبابة وأتي آخر وقتلته وبد ذلك اتجهت الدبابة غربا..الخ) وهنا نري ايضا ان الحاج عبدالرحمن الذي كان محتميا بمباني اتحاد العمال القريب جدا من بيت الضيافة يؤكد ان دبابة قد حصدت وقتلت.
    اما رواية العقيد "كنب" وقد كانت أكثر الروايات كذبا وتلفيقا فهو
    يقول : (...وكانت رائحة البارود تملأ المكان مما يوضح ان هناك ضربا قد حدث...وتحت تور الكبري لاحظت سطح العربة وعليه دماء..) بالرغم من ان العقيد "كنب" عسكريا قديما نراه يتحدث عن رائحة بارود تملأ المكان والمعروف أن رائحة البارود لا تبقي طويلا ويمكن شمها أثناء الضرب وبعده لاقل من دقيقة ولا يمكن شم رائحة البارود بعد ذلك الا اذا وضعت فتحة الانف علي فم ماسورة ضربنار. أما الدماء التي أدعي انه رأها علي سطح العربة فهي من نسج خياله. ولكي تبقي روايته قابله للتصديق نراه قد ربط بين رائحة البارود والدماء ليخرج بنتيجة ان هناك ضربا قد تم. وكما هو معلوم ان اطلاق النار لم يتم في ذلك اليوم الا مرة واحدة وكان عبارة عن طلقة واحدة اطلقها الرائد هاشم من رشاشه علي يد احد ضباط صف سلاح المظلات عندما حاول المقاومة في القيادة العامة. اما حكاية التعمير واحضار الجبخانة منذ الساعة الثانية فهي حكاية ساذجة لانه في ذلك الوقت لم يبدأ التحرك المضاد ولم يفكر احد في تصفية احد جسديا ثم لماذا احضار المزيد من الجبخانة او الذخيرة؟ فالتحرك المضاد بدأ في حوالي الساعة الرابعة مساءا وما حدث قد تم بعد الساعة السادسة. ويقول كنب أخذ الجنود في الخارج ساترا دفاعيا وسمعنا ضرب الرشاش الخارج مما أدي الي تساقط زجاج الغرفة بالداخل) من هذا الجزء من الرواية يتضح بلا أدني شك أن قوة هاجمت بيت الضيافة مستخدمة مدفعا رشاشا ونتيجة لذلك الهجوم اتخذ الجنود ساترا دفاعيا... والدليل الاكيد أن تلك القوة المهاجمة كانت تستهدف الضباط المعتقلين وان الضرب قد ركز علي النوافذ مما أدي الس تساقط زجاج الغرفة بالداخل.
    من هذه الروايات المختلفه ورغم التلفيق والتناقض يؤكد الكاتب نفسه وتؤكد اقوال العقيد حمدون والملازم كباشي والعقيد كنب والحاج عبدالرحمن, ان دبابة واحدة علي الاقل قد هاجمت بيت الضيافة اولا وقد استخدم المهاجمون اسلحة نارية اقلها رشاشات وقد أتخذ الحراس ساترا دفاعيا لمواجهة ذلك الهجوم. وتجدر الاشارة الي ان بالدبابة رشاشان احدهما قرينوف والآخر رشاش من نفس عيار البندقية الكلاشنكوف 7.62ملم.

    Source Al-Ayaam September 5, 2005
    ----------------------------------------
    كتب عبد الله الشقليني :

    الأحباء
    مرفق ملف من ملفات التوثيق :
    اسم السفر : الجيش السوداني والسياسة
    كتاب من القطع المتوسط يحوي ( 572 ) صفحة
    المؤلف : عصام الدين ميرغني طه ( أبو غسان )
    الطبعة الأولى 2002 م القاهرة ـ مصر
    التصميم والطباعة : آفرو ونجي للتصميم والطباعة
    10 شارع الطائف ، الدقي ج .م . ع

    الرقم (2) :

    ونورد من كتاب عصام الدين ميرغني :
    ص 67 :

    نجح التنظيم العسكري في وضع خطة متكاملة لانقلاب 19 يوليو ، كانت في غاية الدقة والتخطيط السليم لمراحل تحرك القوات ، وهي خطة اتسمت بأقصى درجات السرية والأمن في ظروف معقدة وملاحقة أمنية هائلة ، كان يواجهها ذلك التنظيم من السلطة المايوية الحاكمة . وبنفس القدر حققت تلك الخطة سرعة التنفيذ الفائقة والمفاجأة القصوى .
    تكونت القوة الرئيسية التي نفذت انقلاب 19 يوليو من الوحدات العسكرية التالية :

    أ . قوات الحرس الجمهوري : وتتكون من كتيبتي مشاة ومعها سرايا مستجدين تحت التدريب تحت قيادة المقدم عثمان الحاج حسين ( أبوشيبة ) ، وبمشاركة معظم ضباط الحرس الجمهوري ، وقد انطلقت بعض وحداتها للتنفيذ من معسكر خلوي في منطقة ( فتاشة ) غربي امدرمان .

    ب . اللوء الأول مدرع من سلاح المدرعات : تحت قيادة العقيد عبد المنعم محمد أحمد ( الهاموش )

    ج . سرية دبابات ( تي 55 ) من كتيبة جعفر : وهي كتيبة دبابات يقع معسكرها في المنطقة العسكرية بأمدرمان وقاد تحركها الملازم صلاح بشير .
    د. خلايا التنظيم العسكري الشيوعي : قادها ضباط مشاركون في التنفيذ في القياداة العامة للقوات المسلحة ، سلاح المظلات ، ومجموعات صغيرة في سلاح المهندسين ومصنع الذخيرة في الشجرة .

    بدأت قوات انقلاب 19 يوليو 1971 تحركاتها في الساعة الثالثة ظهراً ، وقد تم التنفيذ في سرعة فائقة ، إذ أمكن السيطرة على المعسكرات الرئيسية التي تساند السلطة المايوية في سلاحي المدرعات والمظلات باستخدام القوات المشاركة والخلايا من داخلها ، بينما نفذت وحدات الحرس الجمهوري من معسكرها داخل القصر الجمهوري ، ووحداتها المتحركة من غرب أمدرمان ، تأمين الجسور والنقاط الحيوية في العاصمة القومية . لم تكن مهمة تطويق واعتقال الرئيس نميري وأعضاء مجلس قيادة الثورة من الصعوبة بمكان ، إذ تمت مفاجأتهم وهم يتناولون طعام الغداء بمنـزل الرئيس قرب القيادة العامة ، عندما قامت وحدة من الحرس الجمهوري تحت قيادة الملازم أحمد جبارة مختار باعتقالهم ونقلهم إلى القصر الجمهوري . أما بقية أركان النظام وقادة الوحدات العسكرية الموالية لسلطة مايو ، خاصة أعضاء ( تنظيم أحرار مايو ) فقد تم اعتقالهم خلال فترة الظهيرة بواسطة جماعات صغيرة يقودها ضباط من الحرس الجمهوري ، ونقلوا إلى منـزل الضيافة ( بيت الضيافة ) ـ في شارع الجامعة قرب القصر الجمهوري ، وفي مرحلة لاحقة حول بعضهم إلى مقر جهاز الأمن القومي .

    أحكمت حركة 19 يوليو قبضتها على العاصمة القومية والمناطق العسكرية خلال ساعات ، ولكن ظل التحرك غير معروف لجماهير الشعب السوداني لساعات أخر . ( وبدأ قادة الانقلاب يبحثون عن قيادة الحزب الشيوعي المختفين ليصيغوا لهم بيان الانقلاب الأول . وأذاع هاشم العطا البيان في التاسعة مساءً بعد ست ساعات من وقوع الانقلاب ، كان خلالها الناس يترقبون في قلق ) . ساند الحزب الشيوعي السوداني بكل قدراته وتحالفاته لتثبيت الوضع الجديد ، وقد شمل ذلك استنفار عضويته ، وإصدار البيانات ، وإظهار حجم المساندة الجماهيرية والنقابية للحركة الجديدة . في صباح 22 يوليو نظم الحزب موكباً جماهيرياً ضخماً في ساحة الشهداء امام القصر الجمهوري ، خاطبه الرائد هاشم العطا . عجت ساحة الشهداء باللا فتات الحمراء التي رفعت شعارات شيوعية صارخة ، وهتفت جماهير الحزب ( سايرين سايرين في طريق لينين ) .. أطلقت الخرطوم خلال تلك الأيام الثلاثة موجات من الذعر في دول الإقليم المجاورة ، خاصة مصر وليبيا ، وفي كل دول العالم العربي المحافظة .. بينما راقب المعسكر الغربي ـ خاصة بريطانيا المتهمة بالشأن السوداني ـ في وجل ما يحدث في الخرطوم التي انضمت بوضوح صارخ إلى معسكر اليسار والكتلة الشرقية .

    من ص 71 :عند الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم 22 يوليو بدأ التحرك المضاد لإسقاط حركة 19 يوليو التي سيطرت على الأوضاع في السودان خلال الثلاثة أيام الماضية ، كانت خلالها العديد من القوى في الداخل والخارج تتدارس الأمر والخيارات الممكنة . ضربة البداية جاءت من بعض ضباط الصف في اللواء الثاني مدرع ، الذين تمكنوا من تحريك ثلاث دبابات من طراز ( تي 55) السوفيتية الصنع ، سبق أن سحب ضباط 19 يوليو بعض أجزائها الميكانيكية لتحييد ذلك اللواء الموالي للنظام المايوي . كان على رأس ذلك التمرد الأول الرقيب أول حماد الأحيمر ، وهو ضابط صف يمتاز بالشجاعة والمهارة في استخدام الدبابات بعد تلقيه دراسات عليا في الاتحاد السوفيتي . انطلق عشرات من ضباط الصف القاطنين في معسكر الشجرة ، ومعظمهم من سلاحي المدرعات والمظلات ، وقاموا بكسر مخازن السلاح والذخيرة وتزويد الدبابات بالذخائر . حقق تحرك ضباط الصف المفاجأة الكاملة ، وبسرعة فائقة أطلقت الدبابات النيران على معسكر اللواء الأول مدرع الموالي لـ حركة 19 يوليو ، وتم احتلاله خلال دقائق معدودة .سقط معسكر سلاح المدرعات في منطقة الشجرة بالكامل في يد قوة التحرك المضاد ، وتمكن ضباط الصف من اعتقال ضباط اللواء الأول مدرع الموالي لـ حركة 19 يوليو .

    انطلقت الدبابات الثلاث إلأى داخل الخرطوم ، وعلى ظهرها وخلفها في عربات عسكرية أخرى عشرات من ضباط الصف والجنود المسلحين في طريقهم للقيادة العامة ، و منطقة القصر الجمهوري . في منطقة القيادة العامة دارت المعركة الأولى ، وتمكنت دبابات الرقيب الإحيمر من تدمير مدرعة صلاح الدين كانت تدافع عن البوابة الرئيسية ويقودها النقيب بشير الرازق . اقتحم أيضاً بعض ضباط الصف والجنود القادمين من الخلف ، ودارت معارك متفرقة داخل منطقة القيادة العامة قتل خلالها المقدم محمد أحمد الريّح عضو المكتب القائد للتنظيم الشيوعي الذي كان مسئولاً عن تأمين سلاح المظلات ومبنى القيادة . خلال أقل من ساعة سقطت القيادة العامة للقوات المسلحة في أيدي القوات المهاجمة .

    ما حدث في منطقة القصر الجمهوري بالخرطوم ظل اللغز الكبير الذي لم تُحل طلاسمه حتى اليوم ، وسأبدأ بانطباعي الشخصي والذي يشير إلى نقطة واحدة هامة . في دلك اليوم ، الثاني والعشرين من يوليو 1971 ، كنت أعمل ضابطاً مناوباً لكتيبة احتياط القيادة العامة ، ويقع معسكرها آنذاك شمال حي العمارات ( الامتداد ) بالخرطوم ، وتجاوزنا وحدة تابعة للحرس الجمهوري. كان ذلك أول يوم عمل لي بعد عودتي من دورة مدفعية بمدينة عطبرة استمرت لأربعة أشهر . في ذلك الصباح لم يكن هنالك حديث بين ضباط تلك الوحدة سوى انقلاب 19 يوليو ، وما يمكن أن تسير إليه الأحداث بعد وضوح رفض مصر وليبيا لما حدث واحتجاز رئيس مجلس قيادة الثورة الجديد عنوة في ليبيا . كان معظم ضباط تلك الوحدة من المحترفين الذين ليست لديهم انتماءات سياسية ، ولذا فقد أحجموا جميعاً عن كشف ما بصدورهم من تأييد للسلطة الجديدة ، أو تعاطف مع نظام جعفر نميري الذي أطيح به . بعد الظهيرة كنت الضابط الوحيد في المعسكر بعد انصراف الجميع ، وتحت قيادتي قوة من الاستعداد ( للطوارئ ) لا تتجاوز الخمسين جندياً . في الساعة الثالثة ظهراً دوت القذيفة الأولي من مدفع دبابة ثقيلة في منطقة الشجرة ، وكان الدوي مهولاً وأخال أن معظم مناطق الخرطوم قد سمعته ، واستمر دوي الانفجارات في منطقة الشجرة القريبة ، ولم تكن هنالك أي معلومات عما يحدث ، وكما تقضي القواعد العسكرية فقد نشرت قوة الاستعداد في دفاع عن المنطقة حتى ينجلي الموقف . حاولت الاتصال هاتفياً بفرع العمليات الحربية لمعرفة ما يدور فلا مجيب ، ويبدو أن القتال قد انتقل إلى منطقة القيادة العامة ، إذ أفاد أحد ضباط الصف ، الذي كان في وسط الخرطوم ، أن العديد من الدبابات تنطلق من معسكر الشجرة إلى داخل الخرطوم وهي تطلق نيران رشاشاتها . عند الساعة الرابعة تلقيت اتصالاً هاتفياً من الملازم أحمد جبارة مختار ، وهو صديق منذ الدراسة الإبتدائية وأحد المشاركين في الانقلاب . طلب مني الملازم جبارة أن أرسل أحد جنودي لإحضار الضابط المناوب في سرية الحرس الجمهوري المجاورة لمعسكرنا ، والتي لا يوجد بها خط هاتف ليتحدث معه لإرسال ذخائر . كانت المفاجأة لي في عدم معرفته تفاصيل ما يحدث وهو في قيادة الحرس الجمهوري ، القوة الأساسية في انقلاب 19 يوليو . لكنه قال بوضوح تام ( إن هنالك دبابتين تطلقان النار بكثافة على منطقة القصر الجمهوري من موقعين في ساحة حديقة الشهداء المواجهة للقصر .، وقد دمرت نيرانها جزءً من السور وأجزاء من بيت الضيافة ) كان واضحاً لي أن الملازم أحمد جبارة يعرف تماماً هوية تلك الدبابات التابعة للواء الثاني مدرع ، لكنه لا يعرف من يحركها , انقطع الاتصال أثناء المحادثة ولكنه كان كافياً لأعرف أن هنالك انقلاباً مضاداً ، وأن الخرطوم قد تولت إلى ساحة معركة كبيرة .. فصوت الانفجارات وهدير الرشاشات يأتي من عدة اتجاهات .

    لقد سُقت هذه الرواية لتبيان نقطة واحدة ، وهي أن دبابات حماد الإحيمر قد استهدفت القصر الجمهوري ومنزل الضيافة الذي يقع في مواجهة مواقعها في ساحة الشهداء عند شارع الجامعة . لقد رأيت بنفسي ـ بعد يوم من وقوع تلك الأحداث ـ حجم الدمار الذي لحق بالمنطقة ، وبمنزل الضيافة الذي دُمرت واجهته تماماً .. وهذا يقودني إلى ما سمي في تاريخ انقلابات السودان بـ ( مذبحة بيت الضيافة ) . كانت سلطة انقلاب 19 يوليو تحتجز في بيت الضيافة ما يقارب الأربعين ضابطاً ، وهم من رتب مختلفة وجميعهم مصنفين كأعضاء في ( تنظيم أحرار مايو ) الموالي لسلطة مايو ، ويقوده وزير الدفاع اللواء خالد حسن عباس . بعد انحسار معركة عصر يوم 22 يوليو ، قُتل ما يقارب الثلاثين ضابطاً ،و وجرح معظم بقية المحتجزين في بيت الضيافة بعد أن أطلقت النيران بكثافة على واجهة المبنى وعبر نوافذه العديدة .

    ونواصل
    عبدالله الشقليني
    12/09/2005 م_________________
    --------------------------------------------------------------------------------

    (عدل بواسطة Elmuez on 07-21-2006, 07:58 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-18-06, 07:31 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-18-06, 08:05 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-18-06, 08:27 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! محى الدين ابكر سليمان07-18-06, 08:29 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-18-06, 09:12 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-19-06, 08:20 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-19-06, 09:41 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 01:03 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 04:52 PM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! القلب النابض07-21-06, 05:06 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 05:12 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 05:28 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 05:43 PM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Muna Khugali07-21-06, 05:53 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 06:14 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 07:06 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 07:29 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 08:14 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 08:37 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 09:14 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-23-06, 09:29 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-23-06, 09:55 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-23-06, 10:04 PM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! bayan07-24-06, 00:54 AM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-24-06, 00:28 AM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-24-06, 03:15 AM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! bayan07-24-06, 03:23 AM
      Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! wadalzain07-24-06, 04:11 AM
        Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! القلب النابض07-27-06, 11:42 PM
          Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! القلب النابض07-28-06, 01:56 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-28-06, 07:38 PM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! القلب النابض07-30-06, 10:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de