شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-22-2024, 03:27 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-21-2006, 07:06 PM

Elmuez

تاريخ التسجيل: 06-18-2005
مجموع المشاركات: 3488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! (Re: Elmuez)

    كتب ميرفي :

    Hi Guys I found this in Al-Ayamm (August 17, 2205)

    I hope it is relavant.

    *الرائد (م) عبد العظيم سرور يواصل الكتابة لـ (الايام)

    *19 يوليو .. التخطيط.. التنفيذ .. الهزيمة

    *الاسباب العسكرية التي قادت لدحر الحركة

    ثانيا: الاسباب العسكرية
    كان اول اخطائنا في هذا الجانب ان القراءة للوضع المزاجي وتقدير الموقف وواقع الحال داخل القوات المسلحة ومسألة (جس النبض) لم تكن سليمة فقد كان الرأي الذي اعتمدناه أن المزاج داخل القوات المسلحة ضد مايو مائة بالمائة، وأنه اذا قامت أي جهة بانقلاب ضدها لن يهب أحد لنجدتها وسيلقي ذلك الانقلاب كل المساندة والتأييد من القوات المسلحة، وبالطبع كان ذلك الاعتقاد خاطئا جدا، وبالرغم من الاقرار بحالة التذمر والاستياء من مايو فهل كان ذلك كافيا لقيام انقلاب من نوع انقلابنا؟ وهل كان يمكن ان يلقي انقلاب يساري تأييد ومساندة كل القوات المسلحة؟ اعتقد اننا لو سألنا انفسنا هذا السؤال قبل التفكير في قيام الانقلاب وأجبنا عليه بصراحة وهدوء ودون جنوح للمغامرة لنبذنا فكرة الانقلاب أو قمنا بتأجيله حتى تأتي الظروف المناسبة، كان يجب ان ندرك ان اي انقلاب يساري لن يحظى بموافقة كل اولئك المتذمرين الكارهين لنظام مايو لان كراهيتهم له بجانب تجاوزاته الكثيرة السيئة كانت بسبب الاعتقاد بأنه نظام شيوعي.
    تحدثت في فصل سابق عن حجم ونوع التحضيرات العسكرية التي أنجزت استعدادا للانقلاب من حيث زيادة القوة وتوفير المعدات واستبدال الحراسات على منازل رئيس واعضاء مجلس قيادة الثورة، لكن احساسي ان ذلك كله لا يعتبر كافيا للقيام بانقلاب ضد مايو وسلاحيها الاساسين: المظلات واللواء الثاني مدرعات الذي كان يقوده العقيد سعد بحر والذي عمل فيه اللواء خالد حسن عباس واشرف عليه منذ بدء تأسيسه، كانت قوة سلاح المظلات في حدود لوائي مشاة تقريبا وكان سلاحا جيد التدريب مكتمل الاسلحة والمعدات وكان يلقي كل الرعاية ويحظى بأهتمام خاص من مجلس قيادة الثورة، فهو السلاح الذي تحرك مع اللواء الثاني مدرعات من خور عمر للاستيلاء على السلطة في 25 مايو 1969م، وقد عمل مجلس الثورة على اعداده وتجهيزه مع اللواء الثاني مدرعات ليكونا يد مايو القوية الضاربة، ولقد اشرت الى ان سلاح المظلات كان اول سلاح دفع به للتصدي لتجمعات الانصار بالجزيرة ابا، وبحساب الارقام لم تكن قوات الحرس الجمهوري تزيد على 1500 ضابط صف وجندي اي اقل من لواء مشاه باعتبار ان اللواء مشاة حسب التنظيم الغربي يعد في حدود الالفين ضابط صف وجندي ذلك اذا كان اللواء يضم ثلاثة كتائب مقاتلة وكتيبة ادارة بدون اسلحة مساعدة مثل المدرعات، المهندسين، المدفعية، الاشارة والطبي، فاذا تم توزيع قوات الحرس الجمهوري على المهام المحددة حسب الخطة وهي القيادة العامة بما فيها سلاح المظلات، كتيبة المظلات بشمبات، كتيبة جعفر بام درمان، حامية بحري، جهاز الامن القومي، الاذاعة، المطار، المواصلات السلكية واللا سلكية، ثم الاعتقالات نستطيع ان ندرك تماما مدى ضعف قواتنا، هذا ما يتعلق بالحرس الجمهوري فقط، ولا تفاصيل لدي عن اي قوات دعم اضيفت اليه، واذا كان هناك اي مجال للدعم في ذلك الوقت فربما كان من قوات مصنع الذخيرة وهي قوات قليلة العدد نسبيا بحكم ان طاقة السلاح محدودة ويعتمد على عدد من الفنيين الذين سبق ان ارسلوا الى المانيا الغربية لتلقي دورات تدريبية في تصنيع الذخائر وعدد محدود من الصف والجنود في الرئاسة والادارة، ومن حيث الاستعدادات في مجال التدريب والتسليح لم يكن الحرس الجمهوري قد استعد بدرجة كافية وذلك لان قواته المدرعة لم تكتمل حينذاك وكانت نواة سرية مدفعيته قد عادت لتوها من عطبرة، ولم تتلق تدريبا كافيا لاكتساب الخبرة ولم تكن معداتها واسلحتها التي تدربت عليها قد وصلت الى الحرس الجمهوري حتى ذلك الوقت، وكان اكبر دليل على عدم استعداد قوات الحرس الجمهوري ان بعض قواته كانت تحمل بنادق ماركة (4) وهي تستعد لاقتحام معسكر سلاح المظلات المنيع بشمبات وتدخل معركة حياة او موت، خصوصا اذا لجأت قوات المظلات لاي مقاومة اما اللواء الاول مدرعات بقيادة العقيد عبد المنعم محمد احمد (الهاموش) فبالرغم من التحسينات والاضافات التي ادخلت عليه فقد كان اقل عددا وخبرة من اللواء الثاني وكان عدد الضباط الذين يقودون قوات الحرس الجمهوري لا يتجاوز التسعة عشر ضابطا من الشيوعيين والديمقراطيين، و على ذكر الضباط الشيوعيين تجدر الاشارة الى ان ثلاثة من الضباط الذين كان يعتمد عليهم في تنفيذ بعض مهام الخطة قد تغيب اثنان منهم لظروف موضوعية اقتضت سفرهما خارج البلاد، وهما الملازم اول (ع) الذي سافر لقضاء شعر العسل والملازم اول عبد المتعال ابراهيم الذي كان ضمن القوات المرابطة في الجبهة المصرية، اما الثالث وكان يعتمد عليه في تنفيذ جزء من الخطة وهو الملازم اول (ب) فقد قال عندما اخطر بمواعيد الانقلاب قولته المشهورة التي تغني عن ذكر اسمه (ادركني يا رسول الله) وسافر الى القاهرة فجأة في اجازة لم يكن قد خطط لها من قبل.
    كانت كل الاستعدادات التي تمت في تقديري لا تعد شيئا اذا قارناها بحجم القوات المعادية من سلاح المظلات ولواء ثاني مدرعات وجهاز امن واستخبارات ولم اكن مقتنعا بما كان يردده بعضنا بان مايو اكتسبت عداء الجميع عداء فئة قليلة من القوات المسلحة ولن تجد من يساندها اذا تحركنا نحن ضدها او تحركت ضدها اي جهة اخرى.
    ظهر ضعف قواتنا حتى بالنسبة للمواطن العادي فقد اشرت في فصل سابق الى ان بعض الاصدقاء والحادبين على يوليو نبهونا الى ضعف قواتنا وقلة عددها فقد كانت الحراسة على مداخل ومخارج العاصمة منعدمة تماما كما كانت حراساتنا على الكباري ضعيفة جدا ولم تكن لنا نقاط للتفتيش او دوريات آلية تطوف نواحي العاصمة.
    لا اعتقد ان موضوع التأمين قد نوقش بالقدر المناسب اثناء التخطيط للانقلاب او في مرحلة ما قبل التنفيذ ولم توضع خطة محددة لتأمين الانقلاب بعد نجاحه ولم يكن التفكير في قيام انقلاب مضاد بالسرعة التي حدث بها في 22 يوليو واردا، وانحصر التفكير في احتمال مقاومة الانقلاب اثناء التنفيذ، ووضعت لذلك بعض المعالجات خصوصا في مواجهة سلاح المظلات الذي كانت مقاومته متوقعة ان سبل ووسائل التأمين كانت ممكنة اذا كان التفكير قد تم فيها بجدية منذ البداية فقد كان يمكن الاستعانة بقوات من الاقاليم مثل قوات القيادة الغربية التي سبقت الاشارة اليها، لقد ثبت لنا ان قواتنا ضعيفة وليست كافية لتأمين الانقلاب وسد الثغرات الكثيرة المفتوحة واقتنعنا بضرورة الاستعانة بقوات اضافية من القيادة الغربية لكن تنفيذ ذلك لم يتم بسبب الربكة وضيق الوقت.
    من اسباب الهزيمة ايضا ضعف الاشراف العسكري وعدم حضور القيادة، فالوضع منذ بدايته كان يتطلب وجود قيادة حازمة في مواقع ثابتة ومحددة لمراقبة الموقف لحظة بلحظة وتصريف الامور بدقة وحذر، وقد افتقدنا ذلك منذ يوم 19 يوليو وخصوصا في الثاني والعشرين منه، وذلك بسبب انشغال القائد العسكري الرائد هاشم العطا بالامور السياسية ولم يكن قد تم ترتيبها من قيل مثل صياغة البيانات والمراسيم الدستورية والاوامر الجمهورية وامور الدولة الملحة مثل تشكيل الوزارة والادارات المختلفة، وكما اشرت فقد كان سبب انشغال هاشم غياب ثلاثة من قادتنا المهمين بابكر وفاروق ومحمد محجوب. واعتقد اننا كنا غير موفقين عندما تركنا قائدا حازما مثل المقدم عثمان حاج حسين (ابشيبة) لمباشرة مهام محدودة في الحرس الجمهوري بدلا من وجوده في مقر قيادة الحركة بالقيادة العامة لتصريف الامور والتعويض عن غياب الرائد هاشم العطا فقد كان بلا شك يستطيع حسم كل تلك الفوضى التي عمت القيادة العامة والتي كانت سببا اساسيا في هزيمتنا.
    اشرت في فصل سابق الى ان عددا كبيرا من الضباط الناقمين على مايو لاسباب موضوعية وغير موضوعية وبينهم عدد من الذين فصلتهم مايو لعدم الكفاءة اسرعوا بعد نجاح انقلابنا للقيادة العامة وسلاح المدرعات والحرس الجمهوري لابداء مساندتهم للنظام الجديد وقد تكدسوا في مكاتب وقاعات القيادة العامة، وبسبب الغياب المستمر لهاشم ومحجوب ومحمد احمد الريح ومحمد احمد الزين، كان بعض اولئك الضباط يديرون الامور ويردون على الاتصالات الهاتفية وكان منهم المقدم صلاح عبد العال مبروك والذي سيرد ذكره لاحقا، تفشت تلك الفوضى بشكل اساسي في القيادة العامة ومثلها في سلاح المدرعات خصوصا بعد ان اعيد اللواء الثاني للخدمة بضباط صفه وجنوده، اما الضباط فقد عادوا لاعمالهم وكان بعضهم برتب اعلى من رتب ضباطنا وبحكم اقدميتهم تولوا تصريف الامور، بالرغم من انه لا علاقة لهم بتنظيم الضباط الاحرار او حركة 19 يوليو، ويبدو ان بعض ضباطنا المتراخين قد استمرأوا ذلك الوضع فتركوا الحبل على الغارب وتفرغ بعضهم للمسائل الاستعراضية مثل مرافقة العقيد الهاموش والرائد هاشم في طوافهم على الوحدات وحضور الاجتماعات السياسية، كان ذلك يجري في القيادة العامة وسلاح المدرعات في الوقت الذي كان فيه ابشيبة لا يفارق مكتبه الا للضرورة القصوى وحتى اللحظات القليلة التي كان يحاول ان ينال فيها قسطا من الراحة كان يقضيها مستلقيا على سرير بمكتب النقباء ولم تكن تغمض له عين وكان يتولى الرد على المحادثات التلفونية بنفسه دون الاستعانة باحد حتى الضابط (النوبتجي) وكان ضباطه لا يتحركون من مواقعهم الا باذنه شخصيا ولتنفيذ مهام يكلفهم بها.
    ظهرت اثار تلك الفوضى التي كانت تجري في القيادة العامة وسلاح المدرعات منذ بداية تمرد اول دبابة وقد كان الذين قادوا التمرد ضد يوليو هم ضباط وصف وجنود اللواء الثاني مدرعات بعد ان اعيدوا للخدمة وباشروا اعمالهم واستلموا دباباتهم واخذوا يحركونها لغرض ولغير غرض وبالرغم مما قيل بأن دبابات اللواء الثاني كانت (ابر ضرب نارها) منزوعة الا ان بعض الدبابات كان بابرها وكامل اشيائها لذا فقد كان تحريكها سهلا، وكان اداؤها فعالا ومدمرا، وكانت الاوامر قد صدرت لضباط اللواء الاول بنزع ابر ضرب نار الدبابات التي لا يستخدمونها، الا انهم بسبب الاهمال والتراخي لم ينفذوا الامر بالدقة المطلوبة، وظهر دور الضباط المتكدسين والمندسين في القيادة العامة واولئك الذين اتخذوا مواقع قيادية في سلاح المدرعات بعد بداية التمرد فقد كانوا يروجون الاخبار المضللة ويجيبون على الاسئلة التي ترد اليهم من الحرس الجمهوري والقيادة العامة، وبعض مواقعنا حول حقيقة الموقف بأن دبابة واحدة قد تمردت وان دباباتنا تطاردها، وكنا في ذلك الوقت كما سبق القول محاصرين في الحرس والقصر الجمهوري بثمان دبابات، وظهر ذلك التأمر الجبان بعد ان تفاقم الامر وظهرت بوادر الهزيمة فقد كانوا يردون على كل من يتصل بهم مستفسرا عن الموقف وكيف يكون التصرف بقولهم (انهزمنا وما عليكم سوى الاستسلام) تلقى تلك الردود اليائسة والمحبطة النقيب معاوية عبد الحي في كتيبة شمبات والملازم احمد الحسين بالاذاعة وتلقاها ضباطنا في مواقع اخرى، وكانوا في تلك اللحظات الحرجة يتصلون بالحرس الجمهوري للتأكد من المعلومات التي وردت اليهم من القيادة العامة وسلاح المدرعات فكان المقدم عثمان ينفي اخبار الهزيمة ويأمرهم بالبقاء في مواقعهم والمقاومة حتى النهاية، ولا شك ان عثمان الذي كان لا يكف عن الاتصال قد تلقى مثل تلك الافادات المضللة، كان الذين يجيبون على الاسئلة حول الموقف في سلاح المدرعات والقيادة العامة اشخاص غير معروفين لدى ضباطنا وجنودنا وكان الجميع يتساءلون في الحرس الجمهوري وفي كل المواقع، اين هاشم، اين طلقة، اين ود الريح، اين ود الزين، اين الهاموش، اين .. اين .. ولا احد يعرف اين كانوا؟
    لا شك ان اتخاذ قرار باعادة ضباط وضباط صف وجنود اللواء الثاني المسرحين الى الخدمة كان (القشة التي قصمت ظهر البعير) كما يقولون، فقد كانت اعادتهم مثيرة للدهشة والغضب وكان عثمان محقا عندما عارض ذلك القرار وكان في قمة غضبه عندما اصر بقية القادة على ذلك القرار المدمر.
    اذ كيف يعقل ان يسمح بعودة قوة ضاربة مثل اللواء الثاني مدرعات وهو سلاح مايو الاساسي الذي رقي الكثيرون من ضباط صفه الى رتبة الملازم ورقي الكثيرين من جنوده الى رتب ضباط الصف مكافاة لهم على تحركهم من خور عمر مع رصفائهم في سلاح المظلات والمجئ بمايو الى الحكم؟ ذلك بجانب انهم لا يمكن ان ينسوا كيف عرضناهم للاذلال والاهانة اثناء اعتقالهم عند تنفيذ الانقلاب، ثم قمنا بتسريحهم من الخدمة.
    لم يخطر بأذهاننا ونحن في اوج انتصارنا ان عدوا اساسيا كان لا يزال طليقا يمرح في اوساط القوات المسلحة وان التنظيمات اليمينية المنافسة التي كنا نعلم بأنها تستعد للقيام بانقلاب ضد مايو يمكن ان تستغل مثل تلك الفوضى التي كنا فيها والقيام بتحرك مضاد وذلك بلا شك كان ناتجا عن الاهمال وسوء التقدير والتراخي والغفلة، ان احد اهم اسباب هزيمتنا واعادة مايو الى السلطة كان تلك التنظيمات التي لم يكن هدفها اعادة مايو بل كان هدفها القضاء على نميري ومجلس قيادة ثورته وزمرته وضباطه في معتقلاتهم والقضاء على يوليو والاستيلاء على السلطة، كانت التنظيمات اليمينية تستعد للقيام بانقلاب مضاد ونحن غافلون عن ذلك واعترف بأنني قد شاركت في تلك الغفلة بالتساهل وسوء التقدير.
    وفي عصر يوم 21 يوليو وبينما كنت اقف امام مدخل معسكر كتيبة المظلات بشمبات توقفت عربة مدنية نزل منها المقدم (ي) وكان يرتدي زيا مدنيا. اديت التحية العسكرية وتعانقنا كاصدقاء او معارف على الاصح اذ لم نكن اصدقاء ابدا وعلى ذكر (ي) الذي كان احد الذين قادوا الانقلاب المضاد، اتذكر جيدا انني التقيت به لاول مرة في حي بانت شرق بمدينة ام درمان وانا طالب في الرابعة الثانوية بمدرسة المؤتمر، كان (ي) في ذلك الوقت ضابطا مظليا برتبة النقيب، كان شابا وسيما وانيقا جدا يدير رؤوس كل بنات الحي والاحياء المجاورة خصوصا عندما كان يرتدي (شورت) ابيضا او ملابس ركوب الخيل ويتجول في انحاء بانت بفرس ابيض او اسود، كان يذكرني بحكايات (الشاطر حسن) او (ود النمير) ذلك الفارس الذي يأتي بفرسه الابيض المجنح ويقوم باختطاب (فاطمة السمحة) ويطير بها الى قصره الخارفي البعيد، كنت معجبا بـ (ي) وتمنيت ان اكون مثله في يوم من الايام، ولسوء حظي ان (حبيبتي) في ذلك الوقت كانت لا تخفي اعجابها بـ (ي) وتتمنى ان ادخل الكلية الحربية كي (اقدل) في الحي ببدلة (الجيردين) التي كان يلبسها طلبة الكلية الحربية في ذلك الوقت ويحملون عصاة خشبية موشاة بالنحاس يحركونها الى الامام والخلف في حركة متناسقة تماما مع حركة القدمين، وكان اعجابنا بـ (ي) يزداد عندما يحدثنا عن الاناقة وانه يحب فصل الشتاء لان البرد يسمح بارتداء البدل وان ارتدائها يعد منتهى الاناقة. الطريف في الامر ان الشاطر حسن اردف حبيبتي فاطمة السمحة او ست الحسن والجمال على فرسه الابيض وبدلا من ان يطير بها الى قصره الخرافي البعيد طار بها الى ميس ضباط سلاح الخدمة المطل على النيل، وبعد قيام انقلاب 25 مايو 1969م، توقعت ان يكون (ي) الذي اعرفه والذي كان من اكثر ضباط المظلات كفاءة عضوا بمجلس قيادة ثورة 25 مايو قبل ابو القاسم وزين العابدين.
    سألني ان كان يوجد بالكتيبة احد من جنود المظلات لانه يبحث عن قريب له فاخبرته بأن الموجودين هم من المجندين الجدد فاستأذنني في الدخول لسؤالهم عن قريبه وقام بجولة داخل المعسكر ثم عاد ليخبرني انه لم يجده وودعني وذهب، الغريب في الامر ان مجئ (ي) بزيه المدني ودخوله وخروجه لم يثر لدي اي شك بالرغم من ان مجيئه كانت له اسباب اخرى فقد كان للاستكشاف او الاستطلاع لامر كان يجري التدبير له وبالطبع لم يكن لينال مأربه لولا الغفلة وعدم اليقظة ولا ادري كيف استطاع (ي) ان يمرر على تلك الخدعة الساذجة اذ انه، وبقليل من الانتباه كان يمكن ادراك مقاصده واعتقاله ولا شك ان ما حدث في كتيبة شمبات حدث مثله او اكثر منه في مواقع اخرى.
    في ضجيج المعركة والضرب المتبادل الذي استمر لاكثر من ثلاث ساعات في القصر الجمهوري حيث كان النميري واعضاء مجلس ثورته رهن الاعتقال ظن البعض ان نميري واصحابه قد لاقوا حتفهم، وانه تم القضاء على حركة 19 يوليو نهائيا، او انها تلفظ انفاسها الاخيرة فتسابق البعض ومنهم المقدم صلاح عبد العال مبروك الى الاذاعة لاعلان البيان الاول للانقلاب الجديد، وعندما كان يستعد لالقاء البيان فوجئ بدخول نميري الى مبنى الاذاعة فاسقط في يده، وراح يكيل السباب للشيوعيين ويصفهم بالغدر والخيانة والعمالة ويعلن عن عودة مايو، وان الرئيس القائد جعفر نميري سيدلي ببيان هام.
    كان المقدم صلاح عبد العال مبروك من اوائل الذين هرعوا الى القيادة العامة بعد نجاح انقلابنا للتهنئة بالانتصار واعلان الولاء لهاشم العطا والنظام الجديد والاستعداد لتقديم خدماته وبالفعل كان صلاح واحدا من اهم الضباط الكبار بالقيادة العامة اهم مواقعنا القيادية والعسكرية وفي موقع هاشم ومحجوب وود الريح وود الزين يصرف الامور ويصدر الاوامر هنا وهناك ويتحدث رسميا باسم حركة 19 يوليو وتنظيم الضباط الاحرار، ومهما نسينا فلن ننسى ان صلاح عبد العال مبروك وهو يحاول ان يبعد عن نفسه اي علاقة تربطه بحركة 19 يوليو قد غدر بالمقدم بابكر النور فقبل رئاسة محكمة ميدانية لمحاكمته واصدر حكما املاه عليه جعفر النميري فحكم على المقدم بابكر بالاعدام، والمثير للضحك والبكاء معا ان النميري قد كافا عبد العال على مايويته التي لا يتطرق اليها الشك وعلى شجاعته ونخوته ورجولته وعينه فيما بعد وزير بالحكومة، وعندما ذكر صلاح عبد العال وموقفه المشين لا بد ان نذكر ونحيي العقيد (أ.ح) تاج السر المقبول ذلك الرجل الانسان الذي ترأس اول محكمة لمحاكمة المقدم بابكر واصدر ضده حكما بالسجن لمدة عامين فلم يعجب السفاح نميري ذلك الحكم واعاد اليه الاوراق فحكم على بابكر بالسجن لمدة ست سنوات فرفض نميري الحكم الثاني وامر العقيد تاج السر بأن يصدر حكما بالاعدام فرفض بشجاعة ورجوله وقد ابى عليه ضميره ان يلطخ يديه بدماء رفيق سلاحه، وكانت نتيجة ذلك ان تم اقصاءه الجنوب ثم احالته للمعاش وتعيينه فيما بعد مديرا لمؤسسة الدولة للسينما.
    هذه في تقديري اهم الاسباب التي قادت الى الهزيمة وذلك بجانب التساهل وحسن النية الذي جعل قادتنا في القيادة العامة وسلاح المدرعات يرحبون بكل من جاءهم مهنئا مبديا رغبة في المساعدة ويضمونه الى صفوفنا وبين اولئك الكثيرون من الانتهازيين والمندسين الذين ظهرت نواياهم الخبيثة عندما بدأت بوادر الهزيمة ولقد ادركت لماذا لم يكن المقدم عثمان مرتاحا عندما جاءه البعض مهنئين عارضين خدماتهم، فكان يبعثهم الى القيادة العامة ليبت هاشم ومن معه من القادة في امرهم بالرغم من ان فيهم بعض الخيرين مثل العقيد يحي عمر قرينات والمقدم عزت فرحات.
    نواصل
                  

العنوان الكاتب Date
شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-18-06, 07:31 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-18-06, 08:05 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-18-06, 08:27 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! محى الدين ابكر سليمان07-18-06, 08:29 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-18-06, 09:12 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-19-06, 08:20 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-19-06, 09:41 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 01:03 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 04:52 PM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! القلب النابض07-21-06, 05:06 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 05:12 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 05:28 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 05:43 PM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Muna Khugali07-21-06, 05:53 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 06:14 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 07:06 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 07:29 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 08:14 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 08:37 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-21-06, 09:14 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-23-06, 09:29 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-23-06, 09:55 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-23-06, 10:04 PM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! bayan07-24-06, 00:54 AM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-24-06, 00:28 AM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-24-06, 03:15 AM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! bayan07-24-06, 03:23 AM
      Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! wadalzain07-24-06, 04:11 AM
        Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! القلب النابض07-27-06, 11:42 PM
          Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! القلب النابض07-28-06, 01:56 PM
  Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! Elmuez07-28-06, 07:38 PM
    Re: شهداء قصر الضيافة.. ضحايا الإنتهازية السياسية و التكالب علي السلطة ! القلب النابض07-30-06, 10:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de