|
دارفـــور.. قضـــــية لا تعـــــنيــنا!
|
دارفور.. قضية لا تعنينا!
مجدداً، تنقل إلينا الصحف ووسائل الإعلام أخباراً متفرقة عن هجمات نفذها مسلحون في إقليم دارفور السوداني أو في محيطه وعن سقوط قتلى وعن استمرار تفاقم مأساة مليونين ونصف المليون لاجئ شردهم الصراع.
ولا يكفي نفي الحكومة السودانية أخيرا لتدهور الوضع أو اتهامها لتشاد بمساندة المتمردين وافتعال «فرقعة إعلامية»، على حد قول ممثليها، لنفي حقيقة أن السلام لا يزال بعيداً عن ذلك الإقليم المضطرب والذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بأنه «جحيم على الأرض».. فعلى مدى عشرين عاماً أودت المجازر الجماعية بحياة أكثر من مليوني سوداني، وفي إقليم دارفور وحده سقط خلال السنوات الثلاث الماضية مائتا ألف مدني وذلك وسط إخفاق رهيب من قبل المجتمع الدولي في وقف العنف.
لكن ورغم مأساوية الوضع هناك فشلت قضية دارفور في أن تثبت لها موقعاً بارزاً في اهتمامات الإعلام العربي.. ربما من الأدق القول إن الإعلام العربي أو نحن العرب ما زلنا عاجزين عن الاهتمام بشكل فعلي بشؤون القارة الأفريقية وأزماتها.
وهنا ليس من المجدي التوقف عند استعراضات كلامية حين يتم إدراج قضية دارفور في إطار الحديث عن قضايا العرب، إذ غالباً ما يقال ذلك من باب المزايدة لا من باب الحرص الفعلي على تسليط الضوء على الأزمة وحلها. ففي موازاة ثلاثية: فلسطين، العراق، «القاعدة»، عجزت قضايا أساسية عن أن تحظى بالاهتمام والتغطية الإعلامية التي تحوزها تلك القضايا، ولعل أزمة دارفور مثال صارخ عن ازداوجية مزمنة نعيشها حيال قضايا أساسية تمسنا.
حين تنافست الفضائيات في نقل أحداث غزة، وهو أمر مبرر وضروري إخبارياً، كانت تلك القنوات تدرك أنها تتعامل مع قضية لا تثير إشكالاً، بمعنى أنها قضية تمس ضحاياً عرباً ومسلمين في مواجهة احتلال ليس عربياً ولا مسلماً فرض بالقوة.
في العراق تكتنف التغطية اشكاليات كثيرة, لكن هناك قنوات كثيرة تحاول حصرها بفكرة «المقاومة» و«الاحتلال»، كذلك الأمر حين يتعلق بهجمات «القاعدة»، حيث تتفاوت المشاعر والتغطيات، ولعل التغطية الإعلامية لمقتل الأردني أبو مصعب الزرقاوي خير دليل على المأزق في الموقف منها.
في مأساة دارفور إشكالية مزدوجة تتعلق بتعرض أقلية أفريقية مسلمة غير عربية لاضطهاد وعنف من قبل مجموعات عربية مسلمة.
منذ اندلاع أزمة دارفور، تفاوت تعامل الإعلام العربي مع القضية. ومن الانصاف القول إن هناك بعض المحاولات في عكس حقيقة ما يجري، لكن التيار العام في التغطية كان أسير معضلة تورط قبائل عربية هي «الجنجويد» في الصراع، وهو ربما كان العامل الأساسي باعتقادي في جعل الكثير من التغطية مواربة وخجولة ومشككة فيما يجري هناك.
المشكلة ربما تتعدى هموم وسائل الإعلام العربية إلى تلبية هذه الوسائل لتطلب مستهلك الإعلام العربي.. ومن الأرجح أن مأساة دارفور والمآسي الأفريقية بشكل عام هي قضايا لا تحاكي حساسية هذا المستهلك. الأمر إذا يتطلب قدراً من الاعتراف بأننا ما زلنا نرى في مأساة دارفور قضية لا تعنينا مباشرة أو أننا لا نريد لها أن تكون كذلك.[/B]
diana@ asharqalawsat.com
المصدر :
http://www.asharqalawsat.com/leader.asp?section=3&artic...e=372189&issue=10085
|
|
|
|
|
|
|
|
|