11:35 AM May, 15 2020 سودانيز اون لاين Yasir Elsharif-Germany مكتبتى رابط مختصر "إنا لله وإنا إليه راجعون"
بلغني اليوم من الأخ أيمن حاج الطاهر من فنلندا، انتقال عمه الأستاذ عباس الطاهر أحمد إبن مدينة الأبيض ومؤلف كتاب "ملامح من مدينة الأبيض" وقد تم اليوم مواراة جثمانه بمدينة العيلفون. نسأل الله له الرحمة ومنازل المقربين. تعازينا الحارة للأهل والأصدقاء في مدينة الأبيض وفي السودان وخارج السودان. أخص بالعزاء أسرته الكريمة، وكذلك أسرة الأستاذ الراحل الحاج الطاهر المحامي.
الراحل تم إبعاده ظلما وعدوانا من الوظيفة بعد أن عمل من الفترة من 1981 وحتى تاريخ الإحالة للمعاش في فبراير 1990 بوزارة المالية والاقتصاد بإقليم كردفان.
الراحل ترجم من الانجليزية إلى العربية: 1. حياة وموت لافنتري بافيلو فتش بريا 2. مذكرات الجنرال موشي دايان (حياتي) 3. (السودان تحت حكم نميري) مشاركة مع الصحفي محمد عثمان مصطفى (دبايوا)
كتب الراحل في مقدمة كتابه "ملامح من مدينة الأبيض": ((تركت مدينة الأبيض في العام 1992 مع زوجتي وعيالي وسكنت بشرق النيل (الخرطوم) ببلد الشيخ إدريس ود الأرباب أبفركة سلطان الأولياء ثم رجعت مرة أخرى للمدينة عام 1997م من العيلفون. وضمرت بنا الحياة وكاد أن يجف عودها لولا عناية الله وفضله الذي هيأ لي من أمري رشداً بالحلال الطيب الرطب... قوتاً لنا وستراً من غائلات الدهر على شراستها))
وقد حكى في تلك المقدمة قصة إقدامه على كتابة "ملامح من مدينة الأبيض" وقال: ((وحسب قدراتي الذهنية المحدودة.. وبإصرار عنيد.. ومعرفة سابقة بإمكان تحمل المشاق.. حملت أوراقي وأقلامي.. وجبت أنحاء المدينة من كل أطرافها سألت، وسألت وتحققت، وتحققت.. وأشهد الله وهو خير الشاهدين ما أن طرحت فكرة الملامح عن المدينة على أهلها طالباً منهم العون والإرشاد في هذا المجال إلا وأصبح المسئول صاحب الفكرة.. وأصبحت أنا كمنسق لا أكثر ولا أقل لما مدوني به من معلومات وذكريات وتاريخ عن مدينة الأبيض.))
وكتب في إهداء الكتاب: ((هذا عمل ناقص أهديه على علاته لشباب المدينة (مدينة الأبيض) ذكراناً وإناثاً ليسدوا الفرقة ويكملوا النقص. ومن بعدهم لزوجتي وعيالي.. أميرة، آمنة، الطيب، آيات، محمد. وأخيراً لروح شقيقي الحاج الطاهر أحمد (المحامي) فقد كان الحاج موهوباً ومثقفاً وقانونياً وكريماً وهميماً وغيرها من الصفات الانسانية الإيجابية التي يصفها به الكل.. فهي صفات لم أسبغها عليه ولكنها من روايات الآخرين عنه.)) وأضاف: ((ألا رحم الله الحاج ورحمنا أجمعين فقد توفاه الله بتاريخ 7.7.1977 بمستشفى سوبا الجامعي ونقل جثمانه بالطائرة ودفن بمقابر دليل المحسي بالأبيض.. وكان قد ولد بقرية الباقير عام 1927 على الجهة الغربية من النيل الأزرق.)) انتهى.
أرجو أن أتمكن من نقل فقرات من كتاب "ملامح من مدينة الأبيض" وبعض الصور النادرة التي وردت به.
ألا رحم الله الفقيد الأستاذ عباس الطاهر أحمد وأنزله منازل الصدق والقرب.
عباس الطاهر أحمد، أحد أبناء حيينا في الأبيض، حي القبة غرب، ومنزلهم ذلك المجاور للشفخانة والمقابل للسوق الجديد من سوق ود عكيفة.. عرفته عن قرب في أواخر التسعينات وهو في المعاش القسري الذي فرضته عليه الإنقاذ، كنت أسعد بمروره الدوري على الوالد في مكتبته وأنسه معه، في تلك الأيام كان يعد لكتابه الرائع ملامح من مدينة الأبيض، ورغم أن البعض قد كتبوا عن مدينة الأبيض إلا أن كتاب عباس يظل الأكمل والأجمل.
بالأمس لما انتقل إلى جوار غفور رحيم وددت أن أكتب عن أجمل مشهد شاهدت فيه عباس وظللت أشاهده عليه زمنا طويلا، غير أن ابن أخي إسماعيل حاج محمد ( محمد ) سبقني إلى ذكر ذلك المشهد فآثرت أن أنقل ما كتبه.. يقول محمد
" له الرحمة والمغفرة الرجل الكريم الصادق الصدوق رجل البر والاحسان والله علي ما أقول شهيد، كل يوم جمعة يحضر الحجارة ويقطع الحطب ويشد بليلة الدخن بنفسه وهو يرتدي عراقيه الابيض ويهب في النار وهو شادي بليلة الدخن في الصفيحة كل جمعة ويقوم بتوزيعها لكل من يمر من وامام منزله المجاور للمركز الصحي المقابل لزريبة العيش وهو جالس علي المصطبه الاسمنتية امام منزله وينادي الاطفال ويغرف لهم من البليلة و يديهم وهم مبسوطين وهو فرح جدا لفرحهم ويقوم بهذا العمل بيده دون مساعده من احد كل صباح جمعة هذا المشهد يتكرر له الرحمه والمغفرة الرجل الخلوق الانسان العم عباس الطاهر احمد له الرحمه والمغفرة اللهم ارحمه رحمة واسعه و ادخله في عليين مع الشهداء و الصديقين"
نعم ذلك ما كنت أراه أنا صباح كل جمعة وأقول في نفسي إن عباسا يقدم لنفسه فما أعظمها من لقمة في فم جائع..،،
ثم وددت أن أكتب بعض مأثره، غير أن ما كتبته إبنة أخيه سيزا حاج الطاهر كان أبلغ مما كنت سأكتب عنه فنقلت أيضا كلماتها التي تقول فيها:
رَحَلَ إلى دار البقاء عمي الأستاذ / عباس الطاهر أحمد إثرَ جلطةٍ دماغية ألمت بالذهن المُتَّقِد والدماغ الألمعي ، ولم تُمهِله سوى أياماً معدوداتٍ. انسدلت أمامي غلالة سوداء وكأنها مُنزَلة من السماء ما أحوجنا في يومِنا هذا إلى عِلمك العزيز في الاقتصاد عباس الطاهر موسوعة اقتصادية درس الاقتصاد بالاتحاد السوفيتي في بدايات العام 1967التحق بوزارة المالية كأحد كبار الإقتصاديين وانتقل للعمل بوزارة المالية بمدينة الأبيض وعمل برفقة زميلِه الدكتور/ عبد الله حمدوك كان متاع الدنيا دانية قطوفه له نظراً لتبوؤه مناصب قيادية ولعلمِه الغزير والذي كرّسَه لبناء وطنِه، ولكأنما بيتُ الشعر هذا فُصِّل عليه :
دنيا لا يملِكها من يملكها أغنى أهليها سادتَها الفقراء الخاسر من لم يأخذ منها ما تعطيه على استحياء والغافل من ظن أن الأشياء هي الأشياء
عباس الطاهر رمز من رموز الاستنارة وتبقى كِتاباتُه مَعلماً واضحاً في دروب الوعي والتحرر الإنساني، تشهد له ساحات الأبيض وكرنفالاتها الفكرية
عباس عمي الرشيق الأهيف الأنيق
صاحب الابتسامة الشامخة والساخرة في الوقت ذاته
طويلاً كالنشيد الساحلي
عباس عمي نجمةُ بحق وليس التماعات سراب ولكن النجوم لا تلمع في مثل هكذا زحام زحام الغطرسة الجوفاء والتخنثُر وكرونا الزِيف والتَّمَسُح
حياتُه تشبه قصص الأدب السوفيتي التي كان يُحضرها لي عند عودتِه في الإجازة عندما كان يَدْرُس بالاتحاد السوفيتي. حيث حكيم القرية الذي التزم بها ولم يغادرها حتى عندما غادر جميع شباب القرية، وعندما مات خلف وراءه فلسفة عكفت الأجيال على دراستِها وتفنِيدِها !
أحضر لي رواية لايكا وأصدقاؤها السبعة ، وحكى لي عن فالنتينا تلشكوفا وكيف أنها ذهبت إلى رحلةٍ في الفضاء
لا يشبه الآخرين!سافر وجاب الدنيا عندما كان الناس لا يسافرون
تفتحت عيناي في الصِغر على تسفارِه المتعدد – موسكو– الصين - تشيكوسلوفاكيا – هولندا وعندما بدأ الناس السفر ، فضَّلَ البقاء ولم يخرج من الوطن
لم يكن يبحث خارج ذاتِه عن أي شيئ لِيُكمِل به دواخله؛ حيث الدواخل بُنيان مرصوصُ ومتين
يضحك لما أقول ليهو المغترب قال " ماشي يكوِن نفسه عشان يقدر يفتح بيت"
يسكُن كُتُبَه وكتاباتِه وينظر إلى أبعد من باب البيت
يسألني عنه في الدوحة أصدقاؤه الاقتصاديون / عبد الرحمن مدني وصحبه : إنتي عمك ده مالو ما عايز يجي يشتغل في الدوحة ؟
قلت ليهم: عمي عينو ملانة ونفسوا قنعانة
كم كان يفرح عندما يأتنا الفرح
وعندما مَسَّنا الضُّر في العام 2002 عندما رحلت أمي- سعاد خليفة خوجلي - رأيته يبكي ولأول مرة كما الطفل في لوعتِه
كم أنا حزينة يا عمو هل يا تُرى أحْسَنَّا قراءتك وسِيرتك جيداً ؟ أم أننا نحتاج منظاراً وعمراً آخراً ؟
هل وعينا الدرس ؟ درس العيلفون !حيثُ الإضاءات خافتة والكاميرات مُنكَّسة والأجِندات سوامق !!!
قُل لي بالله ما هو سِرك؟
لم أكتب شيئاً ولا أرى أمامي سوى ورقةً بيضاء حزينة
..
رحم الله أخانا الأكبر عباس الطاهر وغفر له وجعل الجنة مثواه إنه سميع قريب مجيب الدعاء خالص العزاء لأسرته الكريمة وأبنائه وبناته.. تعازيي أيضا أنقلها للأخوة والأبناء خالد وأيمن وأخوتهم أبناء الأستاذ حاج الطاهر أحمد رحمه الله تعالى وغفر له، وللأخوة جعفر و الطيب وعبدالقادر والأهل..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Yasir Elsharif
Emad Ahmed
علاء سيداحمد
علي عبدالوهاب عثمان
احمد حمودى
Sinnary
Mirghani Taitawi
عبدالمنعم الطيب حسن
الأمين عبد الرحمن عيسى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست