افتقر الإنسان السوداني ليس للنزاهة فقط، بل للعدالة. أغلب المسؤولين يتخذون كل قرارتهم بتعنت وبدون دراسة. فلنتذكر كيف أن هناك قرارات صدرت باغلاق مدارس دون مراعاة لوضع الطلاب لمجرد ان من امتلك المدارس كيزان، وقرارات بعدم اعتماد شهادات صادرة من جامعات أجنبية كنوع من الكيد السياسي لدول بعينها دون مراعاة للخريجين.. وقرارات أخرى من جبايات ورسوم غير منطقية.. ويبدو كما لو كانت الحكومة تشتغل ضد المواطن البسيط. دعونا نتناول قضية تسعة طويلة. هؤلاء تم تهميشهم، فهم بلا تعليم، وبلا فرص للهجرة، وبلا عمل. أي انهم لا يملكون أي مستقبل أمامهم. لو حاولوا العمل في اعمال هامشية كفريشة لبيع الخضار او السلع الصغيرة، جاءت المحلية وصادرت ممتلكاتهم ولاحقتهم وضربتهم بالسياط. أب شنب معتمد محلية الخرطوم -سابقاً- اصدر قرارا بمنع بائعات الشاي، وتمت ملاحقة هؤلاء النسوة، دون ان توفر لهن الحكومة دخلاً لعلاج وتعليم أبنائهن، ولم توفر لهن الحكومة سكنا، ولا علاج مجاني،..الخ. ولكن السيد اب شنب اصدر القرار وذهب للمسجد ليعقد له البشير قران ولديه الذين تخرجا من الكلية الحربية برتبة ملازم. ليس اب شنب وحده، بل كل القرارات حتى في ايام قحط التي امتلأت بالتشفي والحنق. هكذا نرى أن الحكومة -في كل عهودها- تلاحق الفقراء، تسد عليهم كل منافذ الرزق، والعمل الحلال رغم تفاهة الربح. تأتي الدفارات وتقبض على النسوة وتصادر حللهن وصحانتهن وملاعقهن والشاي والسكر والفحم. بل ويتم تحويلهن للمحكمة وتغريمهن عبر قضاة لا يعرفون شيئاً عن روح القانون والعدالة. وفي نفس الوقت، وبعد محاصرة هؤلاء البؤساء، يتم وصمهم بالحرامية واللصوص وتسعة طويلة، حينما يبحثون عن مخرج لإحباطاتهم عبر الجريمة. وبالرغم من أنني لا أود الحديث حول مقتل الضابط الإداري على يد فريش الخضار قبل أن ينتهي التحقيق ويصدر الحكم النهائي، لكنني يجب أن أذكر بأن الربيع العربي بدأ من حرق البوعزيزي لنفسه في تونس حينما تمت مصادرة عربة الخضار التي يملكها. من هنا تبدأ ثورة الجياع، تبدا ثورة المظلومين. فالجريمة تصبح هنا إعلان تمرد على الظلم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وتكشف عن بؤس الدولة. لذلك، قلنا آلاف المرات، أن العقل السوداني يجب أن يتغير، وخاصة عقول المسؤولين في الدولة، ويجب أن تعمل الحكومة لتعزيز حقوق المواطن لا سلب كل حقوقه وتحويله إلى شخص اجنبي داخل وطنه. تسعة طويلة، هم أيضاً تمرد مسلح، ولكنهم لم يملكوا الوعي الكافي للدفاع عن حقوقهم التي تمردوا من أجلها عبر البيانات السياسية. الوضع الراهن (بطال) جداً. الحكومة تغلق عليك كل المنافذ. الفساد مستشرٍ كالنار في الهشيم. فاحذروا ثورة الجياع الأخيرة، إذ لا بد من التحول ل(دولة الحقوق).. قبل فوات الأوان.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق February, 05 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة