اتفاق جوبا لسلام السودان الذى وُقِّع فى جوبا 3 أكتوبر 2020م هو الجزء الظاهر من جبلِ الجليد، ويخفِى تحته اتفاق سِرِّى معلوم البنود والمعالم، اتفاق سرى أبرم بين محمد حمدان دقلو (حميتى) زعيم جنجويد الدعم السريع الفصيل الطليعى المتخصص فى إرتكاب جرائم التطهير العرقى والإبادة الجماعية وجرائم الحرب من جهة، وبين رؤساء الحركات المسلحة للجبهة الثورية السودانية التى فاوضت "حكومة السودان" بمنبر جوبا لعامٍ ونيف.. وفى أدنى مستويات الإنحطاط الأخلاقى لأناس كانوا يتفاوضون، ظاهرياً، على بنود ملفات تمثل أشواق ومطالب ضحايا حروب الإبادة الجماعية والتطهير العرقى بإقليم دارفور، لكنَّهم كانوا بالتزامن، يتفاوضون سِرَّاً ضد تلك الحقوق والمطالب ويبيعونها لزعيم الجنجويد حميتى، يتآمرون على حقوق أهلهم ضحايا الحرب التى أتت دمَّرت دارفور وحصدت أرواح أهلها وهتكت أعراضهم وأذلَّت كرامتهم الإنسانية، وأرض دارفور صارت الآن مطية المُحتل الجنجويدى حميتى، بالإضافة إلى تراب عموم السودان الذى يزحف إليها الجنجويد يحتلونها رويداً رويداً، ينهبون مواردها، يقتلون سُكَّانها ويدنسون ويهتكون العِرض، ويجوسون خلال الديار يقتلون ويحرقون ويفسدون فساداً كبيراً، . هجَم سِباع جنجويد الدعم السريع على مدينة كرينك ريفى الجنينة "عاصمة ولاية غرب دارفور"، هجوما كاسحاً صباح الأحد 24 أبريل 2022م بقوة عسكرية قوامها أكثر من 150 سيارة لاندكروزر مدججة بكل أنواع الأسلحة الفتَّاكة، وذلك حسب الإفادة المباشرة لمدير شرطة مدينة كرينك الذى أعلن للملأ من داخل المدينة المُعتَدى عليها، وهو شاهد عيان على الهجوم وضحيته، قال: (أن أكثر من 150 عربة مدججة بالسلاح تابعة لقوات الدعم السريع شاركت فى الهجوم على مدينة كرينك صباح يوم الأحد 24 أبريل 2022م)، . ومجزرة كرينك ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، وهى نتاج الاتفاق السرِّى الذى أبرم فى جوبا بين زعيم الجنجويد حميتى وقادة الحركات التى فاوضته هناك، وبنود هذا الاتفاق السرى صارت معلنة ومنشورة فى الأسافير، أفرج عنها بعض قادة الحركات المسلحة الذين أبرموها سِرَّاً مع المُحتل حميتى زعيم جنجويد الدعم السريع وبنودها المعلنة عشرة بند، تجُبُّ وتعطل معظم بنود الاتفاق المعلن والموقع فى جوبا 3 أكتوبر 2020م، ودونكم بنود الاتفاق السِرِّى بين حميتى وقادة حركات الجبهة الثورية وحركة مناوى، وهى : 1. عدم تسليم رئاسة المجلس السيادى للمكون المدنى للحكومة الإنتقالية السودانية، 2. إبعاد أحزاب تحالف قحت من السلطة وفق ترتيبات معينة، 3. عدم المطالبة بتسليم أى سودانى للمحكمة الجنائية الدولية، 4. إغلاق ملف التحقيق فى مجزرة فضِّ الإعتصام 3 يونيو 2019م، 5. الإعتراف بإستقلالية قوات الدعم السريع وخصوصية تكوينها، 6. أن تُوزَّع الوزارات السيادية بحكومة السودان بين الأطراف الموقعة على الاتفاق بالتساوى وهى وزارات (مجلس الوزراء، المالية، الخارجية، الداخلية، الطاقة، والمعادن)، 7. تقديم الدعم للأطراف الموقعة بغرض التدريب، 8. ضمان إستقرار الأوضاع فى دارفور بإصدار قرار من القوات المسلحة بتمديد وقف إطلاق النار، 9. السماح للحركات المسلحة الموقعة بإدخال عدد 2,500 عنصر من قواتها، 10. إلغاء شرط عدم المشاركة فى الإنتخابات لكلِّ من شارك فى حكومة الفترة الإنتقالية، هذا، ومنذ توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان فى 3 أكتوبر 2020م لم نرْ تنفيذاً لبنوده غير تعيين حاكم إقليم دارفور وولاة ولاياته، تعيينات بلا مهام أو حكومات تنفذ بنود الاتفاق، وحاكم إقليم بلا دستور يحدد إختصاصاته ولا حكومة تنفذ مضامين الاتفاق.. وولاة ولايات ينتظرون صدور قرارات تعيينهم بفارق الصبر، وبمجرد إعلان تعيينهم ذهبوا سِراعاً إلى عواصم الولايات التى عُيِّنوا ولاة عليها ولم يسألوا الذى عيَّنهم: ماذا نحن ذاهبون لفعله هناك، وليس بين أيدينا دستور ولا قانون ولا حكومة، ولا موازنة تعيننا على أداء المهام التى وردت فى الاتفاق؟. ذهبوا جميعهم إلى هناك، حاكم إقليم دارفور وولاة ولاياته ليرتموا على أحضان الجنجويد الذين وقعوا معهم الاتفاق السرى، وقبضوا الثمن، . لذلك، شهد يوم 10 أغسطس 2021م الذى وصل فيه حاكم إقليم دارفور لمدينة الفاشر حاضرة الإقليم، مجازر دموية بمنطقة كولقى، وشهِدَ اليوم التالى 11 أغسطس كمين شارع الردمية الرابط بين الفاشر ونيالا عند منطقة (الدامرة)، الكمين الذى نفذه جنجويد الدعم السريع ضد القوة المشتركة للحركات المسلحة وإرتقى فيه قادة كبار شهداء، وعلى رأسهم اللواء إبراهيم بنبينو ورفاقه.. الجنجويد كانوا ينفذون بنود الاتفاق السرى ويضعون يدهم على عموم الإقليم ولا يعبهون بأحد، وقد أشرف على هذا العمل الخطير عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشى والجنجويدى عبد الرحيم دقلو شقيق حميتى، وأوكل التحرى فى هذا الكمين والعدوان على منطقة كولقى وقتل أهلها وتشريدهم لمعسكرات النزوح وإحتلال أرضهم للجنة تحقيق كونها الجانى المعتدى، كما أوكلوا مجزرة فض الإعتصام 3 يونيو 2019م للجنة تحقيق كونها الجانى نفسه، برئاسة مولانا نبيل أديب، ولم تقدَّم اللجنة نتائج تحقيقها حتى اليوم. . ويضاف إلى ذلك، كل الجرائم التى إرتكبتها اللجنة الأمنية للنظام البائد أوكلوها للجان تحقيق لم ولن تقدم نتائج تحقيقها حتى اليوم وحتى يزول إنقلاب 25 أكتوبر 2021م وحتى يخرج العسكر والكيزان من معادلة الحُكم فى السودان وتتحقق شعارات الثورة(العسكر للثكنات والجنجويد ينحل.. لا شرعية ولا تفاوض ولا شراكة مع العسكر).. وحينذاك ستظهر نتائج كل المجازر والفظائع التى قتلت بلجان تحقيق مزيفة، وستشرق شمس الحق بائنة وتُكشف قوائم مرتكبى المجازر والجرائم والإنتهاكات، ويُقدَّم الجناة للمحاكم، ويسود العدل، ويتحقق للشعب السودانى أهداف وشعارات ثورته المجيدة الظافرة: حرية سلام وعدالة، والثورة خيار الشعب. . رأينا بنود الاتفاق السرى الناقضة والهادمة لمضامين اتفاق جوبا المعلن الذى تم توقيعه فى جوبا فى 3 أكتوبر 2020م بين يدى حكومة جمهورية جنوب السودان الراعية لمنبر جوبا لسلام السودان وبحضور شركاء المنبر والمراقبين الدوليين والإقليميين، وتم نقله حيَّاً للعالم عبر وكالات الأنباء والقنوات الفضائية العالمية والإقليمية، ثم حضر أطراف الاتفاق إلى الخرطوم مبشرين الشعب السودانى وضحايا الحروب والنزاعات خاصة بالاتفاق الموقع ومضامينه التى تتحقق بها تطلعاتهم فى جبر أضرار حروب التطهير العرقى والإبادة الجماعية وجرائم الحرب، ولكن عند التنفيذ طفق أطراف الاتفاق ينفذون بنود الاتفاق السرى بين زعيم الجنجويد وقادة للجبهة الثورية وحركة مناوى المنشق عنها، لذلك، فإن مجزرة كرينك مرجعيتها ودوافع إرتكابها مردودة للاتفاق السرى المبين أعلاه، وردة فعل حكومة الإنقلاب على مجزرة كرينك هى إنكار إرتكابها، وتشكيل لجنة للتحقيق حولها ورفع تقريرها لنفس الحكومة التى إرتكبت المجزرة وشكلت لجنة التحقيق، وستلحق مجزرة كرينك بسابقاتها من مجازر حكومة الإنقلاب.. ويُفهم ذلك من ردود فعل أطراف الاتفاق السرى حول المجزرة الفظيعة التى أدمت ضمير البشرية، فتعالوا ننظر كيف جاءت ردود فعل أطراف اتفاق جوبا السرى والعلنى معاً على مجزرة كرينك 24 أبريل 2022م: . أوَّل ردود الفعل على مجزرة كرينك جاءت من والى شمال دارفور نمر عبد الرحمن الذى صرَّح قائلا: " مجزرة كرينك وقعت نتيجةً لعدم قبول الآخر!"، ولم يُبيِّن للناس من هو الآخر الذى لم يقبله الأوَّل فى مجزرة كرينك؟ الجانى أم الضحية ؟، والوالى نمر هو الذى قام مؤخراً، بإنشاء مفوضية ولائية للجنجويد بإسم مفوضية الرعاة والمزارعين وعين مفوضاً لها الجنجويدى أحمد بهية.. ذلك أنه بتاريخ 19 أبريل 2022م أصدر والى شمال دارفور نمر عبد الرحمن قراراً بتعيين المدعو/ أحمد عبد الله عمر بهية، مفوضاً لمفوضية الرعاة الرُحَّل والمزارعين ووجَّه حكومته بتنفيذ القرار فوراً.. وأحمد عبد الله عمر بهية الذى عُيِّنَ مفوضاً للجنجويد الرحل والمزارعين، هو المنفذ الأوَّل لجرائم منطقة كولقى ريفي طويلة التى بدأت خلال يوليو وأغسطس 2021م وإنتهت بطرد المواطنين من قراهم ومزارعهم ومصادرتها لصالح جنجويد الدعم السريع، وينذر هذا التعيين بتمكين الجنجويد على هذه الأرض المُغتصبة وعدم تمكن المواطنين من العودة لقراهم لحرثِ مزارعهم والخريف على الأبواب، وجاء هذا التعيين فى هذا التوقيت لتمكين الجنجويدى أحمد بهية من منع المواطنين من العودة إلى قراهم ومزارعهم، فهو قرار جريمة فى حدِّ ذاته لأنه يمكن الجنجويد الغزاة من الأرض التى إغتصبوها بمباركة والى الولاية نمر عبد الرحمن، وأحمد بهية هذا كان ضمن لجنة (10 + 10) التى كونها المدعو محمد حسن التعايشى مهندس تلك الجرائم التى نُفِّذت تحت إشرافه المباشر من مسرح الجريمة، ويترأس اللجنة الوالى نمر عبد الرحمن.. وأحمد بهية هو من قال الآتى فى إجتماع لجنة (العشرة زايد عشرة): . (أنا لن أجمع السلاح والمواتر من أهلى وعشيرتى مهما كلف الأمر، ولا توجد سلطة ترغمنى على ذلك)، قال هذا الكلام أمام لجنة عليا بحضور محمد حسن تعايشي ولفيف من جنرالات الجيش والحركات المسلحة، ولم ينبِس أحدٌ ببِنتِ شّفَّة.. وأحمد بهية هو الذى إدَّعي زوراً ملكية العرب الشطية لمنطقة كولقى وقلاب ورقعة واسعة من محليتى طويلة وتارنى وكتَّال، وبتعيين أحمد بهية مفوضاً للجنجويد فإنَّ "الوالى" نمر عبد الرحمن ينفذ بنود الاتفاق السرى، هذا، ومن شعارات الجنجويد فى هذه المنطقة: "بدل القطية خيمة"، "حرية الناقة"، و"إتلاف الزروع، ونهب الضروع". وينهض سؤال: هل للوالى نمر حكومة تتكون من وزراء ومعتمدين/ محافظين؟ أم أن أحمد بهية هو العضو الأوَّل والأخير فى حكومته، وتم تعيينه بأمر سيِّده حميتى؟!. . كما علق الهادى إدريس، رفيق نمر عبد الرحمن وعضو المجلس السيادى لإنقلاب 25 أكتوبر 2021م على مجزرة كرينك 24 أبريل 2022م لقناة إسكاى نيوز بالآتى: . غياب هيبة الدولة هى السبب فى نزيف الدم فى دارفور.. جذور الأزمة ترجع للنظام البائد، وغياب العدالة الإنتقالية بسبب عدم تنفيذ اتفاق جوبا بعد مرور عام ونصف على توقيعه.. نرحب بالتدخل الدولى إذا استمر نزيف الدم لأن الظروف الراهنة تشبه ظروف 2003م.. إستيلاء الجيش على السلطة فى 25 أكتوبر 2021م جعلت السودان دولة فاشلة!، وهو جزء من الإنقلاب، . ومن ردود الفعل على مجزرة كرينك حديث حميتى ومناوي فى منزل الأخير بمدينة المهندسين أم درمان، ثانى أيام عيد الفطر المبارك، حيث وضع مناوى اللوم على عدم وجود "قانون" يحكم الإقليم، وطالب بقانون يحكم به الإقليم، بينما كرر حميتى نفس الكلام المسيخ وذر الرماد فى العيون وإستغفال الناس وإستهبالهم مكرراً، كعادته. قال أنَّ جنجويد الدعم السريع لم يهاجموا كرينك ولم ينفذوا المجزرة الفظيعة التى راح ضحيتها 201 نفس برئية من المدنين العزل، ومئات المصابين، وأنكر حقيقة أن 150 عربة لاندكروز تابعة لجنجويد الدعم السريع شاركوا فى الهجوم على كرينك وتنفيذ المجزرة حسب شهود عيان شهدوا المجزرة، وأعلن كعادته عن لجنة تحقيق فى المجزرة وأنه ملتزم بنتائج التحقيق وهو يعلم أنه لا تحقيق سيتم ولا هو سيلتزم بنتائجها، لأن الأمر سينتهى بإطلاق تلك الأكاذيب لتخفيف الضغط فحسب، . وردود الفعل هذه، على مجزرة كرينك هى تبريرات فاشلة ومفضوحة من أطراف الاتفاق السرى بين زعيم الجنجويد وقادة الحركات المسلحة، وقِمَّة ما بذلوا من جهد لنفى ضلوعهم ومسؤوليتهم عن المجزرة كان مُنتَهى الفشل، وخلاصة القول: أن جنجويد الدعم السريع هم من نفذوا مجزرة كرينك، جريمة ثابتة بالشهادات المباشرة للضحايا والأدِلَّة المادية، فوق مرحلة الشك المعقول، وأنَّ الجانى والمحقق والقاضى هو شخص واحد، حميتى وشركاءه البرهان وقادة إعتصام الموز، أطراف اتفاق جوبا السرى، هم شركاء انقلاب 25 أكتوبر 2021م. . هذا، والخطوة الأولى لتنفيذ الاتفاق السِرِّى لأطراف اتفاق جوبا هى مؤامرة طرد بعثة يوناميد من دارفور، ولاحقاً، نهب مقارها وخاصة مقرها الرئيسى (سوبر كامب) غرب مدينة الفاشر، حيث تآمر واتفق ونفذ أطراف اتفاق جوبا مؤامرة طرد بعثة يوناميد بلا بديل، فتركوا شعب دارفور الذى عانى جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقى منذ 2002م مكشوفاً لعدوه الجنجويد بلا حماية Vulnerable، وشكلت حكومة الإنقلاب/ وحاكم إقليم دارفور لجنة تحقيق فى أحداث نهب مقر يوناميد (سوبر كامب)، ونهب وحرق مخازن الأمم المتحدة/ برنامج الغذاء العالمى WFP بالفاشر، ولم ولن تحقق اللجنة ولن ترفع تقرير بنتائج تحقيقها أسوة ببقية لجان التحقيق التى بدأت بلجنة مولانا نبيل أديب للتحقيق فى مجزرة فض الإعتصام 3 يونيو 2019م، لأنَّ الذي يشكل لجان التحقيق هو الجانى نفسه، هو القاتل الذى نفذ لمجزرة فض الإعتصام وجميع المجازر التى تلتها حتى مجزرة كرينك، هو الذى نهب مقر سوبر كامب يوناميد ومخازن WFP، وهو 9 طويلة، هو نفس المجرم الذى إرتكب كلّ المجازر التى أُرتكبت منذ 11 أبريل 2019م، وآخر لجنة تحقيق شكلت للتحقيق فى مجزرة كرينك 24 أبريل 2022م لن تحقق فى المجزرة ولن تقدم نتائج تحقيق، ولن تكون اللجنة الأخيرة التى تشكل لذرِّ الرماد فى عيون الشعب السودانى والعالم أجمع، . البعثة المشتركة للأمم المتحدة والإتحاد الأفريقى (يوناميد) مهمتها الأولى هى دور الرقيب وشاهد العيان، أنها تشاهد وتراقب سلوك أطراف النزاع المسلح فى دارفور وترصد ما يرتكبون من انتهاكات وتقدم تقارير موثقة بالأدلة والتواريخ لأرفع المنظمات الدوليةMonitoring, Verification and Report، ثم القيام بواجب الحماية.. لذلك تآمرت الأطراف السودانة لطرد يوناميد من دارفور للخلاص من الرقيب وشاهد العَيَان الوحيد على جرائمهم ضد سكان الإقليم، ولإفقادِهم الحق فى الحماية، ثم الإنقضاض عليهم ونحرِهم كما يحدث منذ طرد بعثة يوناميد. . وكانت بداية مؤامرة الاتفاق السرى والخيانة الوطنية بإرسال الأجنبى المرتزق زعيم الجنجويد محمد حمدان دقلو "حميتى" رئيساً لوفد حكومة السودان الانتقالية إلى منبر جوبا لمفاوضة الجبهة الثورية السودانية وممثلى بقية المسارات "الشرق، الشمال، والوسط"، . إرسال الحكومة الإنتقالية لزعيم الجنجويد حميتى ممثلاً لها على رأس وفدها المفاوض إلى جوبا، وقبول قادة الحركات المكونة الجبهة الثورية برئاسة حميتى لوفد حكومة السودان هى خيانة عظمى لجمهورية السودان، وإنحطاط أخلاقى مدوى من جميع الأطراف.. ولن يبرأ وينجو من تلك السقطة الأخلاقية غير الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال وزعيمها المستنير الملتزم القائد الرفيق عبد العزيز آدم الحلو الذى لم يتردد أبداً فى إعلان رفضه، علناً، التعاون، أو التفاوض مع أى وفد لحكومة السودان الإنتقالية يقودها المدعو حميتى لأنه أجنبى، ومرتزق وليس وطنى شريف، ومجرم مرتكب لجرائم تطهير عرقى وإبادة جماعية فى دارفور وبقية الأمصار السودانية، ومتهم هارب مطلوب للعدالة الدولية.. وكان صوت قائد الحركة الشعبية- شمال مدوياً كالصاعِقة، هزَّت أركان المعمُورة صادِعاً بالحق الأبلج، لا يبالى أو يخشى لومة لائم.. بينما لاذَ قادة الجبهة الثورية بالصمتِ خجلِين وَجلِين مُستَحيِّن من فضيحتهم وخيانتهم الأخلاقية لرفاقهم الشهداء الذين قتلهم جنجويد حميتى، وشرف نساءهم الذى هتكه جنجويد حميتى، وكرامتهم الإنسانية التى أهدرُوها وباعُوها لحميتى بحِفنَةٍ من المالِ الذى إشتراه بها حكومة البائد عمر البشير، هذه هى الحقائق لمن يريدها أو يرفضها، . زعيم الجنجويد حميتى فاوض فى جوبا ليس لتحقيق سلام أو حل مشكلة دارفور والسودان لأن ذلك ليس من أولوياته ولا من إهتماماته، لكنه فاوض فى جوبا - سِرَّاً- بتواطؤ أخلاقى فظيع من قادة الجبهة الثورية وحركات دارفور والبرهان ومكونه العسكرى، لتحقيق مكاسب شخصية لنفسه ولرهطه الجنجويد تتمثل فى: . قبول حميتى كمفاوض أساس/ كبير مفاوضين Chief Negotiator لحكومة السودان أكسبه المواطنة السودانية، وكسب صفة قائد عظيم فى الجيش السودانى، وشرعية قانونية حولته من مرتزق مجرم مطلوب للعدالة الجنائية الدولية إلى مواطن شريف ورجل دولة محترم، وهذه المكاسب لا يستحقها المرتزق الأجنبى حميتى، هو عطاء باطل مِمَّن لا يملك لمن لا يستحق، . زعيم الجنجويد حميتى أجنبى مُحتل، كافأه البائد عمر البشير بمنحه أرض إقليم دارفور نظير قبوله قتل وإبادة أهله، فهو الآن يحتل دارفور ويوَطِّن أهله الجنجويد الأجانب فى عموم دارفور والسودان، ويسرق موارد السودان كلها، ويُهرِّب الذهب والثروات الزراعية والحيوانية للخارج بمشاركة ومعاونة دول محور الشر، ويبيع أهله الجنجويد ليحاربوا فى اليمن السعيد بالوكالة عن دول محور الشر، لذلك رفضت الحركة الشعبية - شمال التعامل معه، ولكن قبلت به حركات دارفور والجبهة الثورية فباعوا شرفهم النضالى وكرامتهم الإنسانية ودماء الشهداء، قبلوا أن ينزع منهم القرصان أرض دارفور مقابل جُعل قليل مما يدفعه له دول محور الشر وحكومة البشير البائدة، وما دَرَى قادة الحركات هؤلاء أنَّ أرض دارفور يملكه شعب دارفور ولا يملكه البائد عمر البشير، ولا لقادة الحركات المسلحة الحق فى بيعها لجنجويد غزاة أجانب، والجنجويد هم غجَر أفريقيا يجوبون الأرض ليفسدوا ويقتلوا ويتلفوا كل شئ، . الجبهة الثورية وأطراف منبر جوبا مكَّنوا لزعيم الجنجويد حميتى الإفلات من المحاسبة والعقاب وجعلوه بطلاً وطنياً، ورشحوه لنيل جوائز سلام عالمية، مع أنه لا يؤمن بالسودان ويتعامل كمحتل مستعمر يضع فى المكتب الذى يشغله فى القصر الرئاسى السودانى علم الجنجويد الأصفر فاقع اللون، فى تحدى واضح للسودان وأهله وقصره الجمهورى، ومع ذلك لم يرفض زعيم الجنجويد فى جوبا غير قائد الحركة الشعبية/ شمال، فالوَعِى وطن، . اتفاق جوبا السرى عطَّل تماماً الاتفاق العلنى الذى وزعوه بكثافه ذرَّاً للرمادِ فى العيون وتعميه لها من رؤية الاتفاق السرى، ولكن هيهات. "فواقع الحال ينهض دليلاً قاطعاً"، والبعرة تدلُّ على البعير.. وافق الأطراف لحميتى وجنجويده ليحتلوا أرض دارفور ويستعمروا أهلها.. ووافقوا له بإصدار مرسوم بقوة الدستور بتأسيس مفوضية لأراضى قوات الدعم السريع الذين هم الجنجويد لإحتلال وتسجيل الأراضى التى إغتصبوها فى مناطق الزرق وكولقى وأخرى بولاية غرب دارفور.. كما رأينا تصاديق من أجهزة الدولة السودانية العليا للدعم السريع بإنشاء مطارات خاصة بها !.. . حاكم إقليم دارفور، وولاة ولايات دارفور الخمس، ذهبوا أذِلَّة إلى الأقليم المُلتهِب المحتل من الجنجويد، لا حول لهم ولا قوة، وليس بيدهم دستور يحكم الإقليم وولاياته، ولا حتى مجرَّد قانون يحدد السلطات والصلاحيات، ذهبوا بلا سُلطة لهم تخولهم تعيين حكومة للإقليم أو الولايات، ذهبوا هناك ليعملوا تحت إمرَة قوات الدعم السريع، مهمتهم فقط أن يقولوا سمعاً وطاعة يا سيدنا الجنجويد، فأى مذلَّة قبلتم يا برامكة عهدكم هذا؟ يا من أذقتم أنفسكم وأهلكم مهانة البرامكة أمام الخليفة هارون الرشيد، فأنشد شاعرهم يحيى بن خالد البرمكى شارحاً ومسترحِماً ومستعطِفاً الخليفة هارون الرشيد فى أهله بقصيدة نورد طليعة أبياتها التى تقول: قُل للخليفةِ ذى الصنيعة والعطايا الفاشية وإبن الخلائف من قريشٍ والملوك العالية إن البرامكةَ الذين رُمُوا لديك بداهية صُفُر الوجوه عليهم خِلَعُ المذلة بادية فكأنهم مِمَّا بهم أعجاز نخلٌ خاوية. . هذا، وعندما يفقد الشعب أرضه فيكون قد فقد عِرضه ومواطنته وكرامته الإنسانية وسلطانه وسيادته الوطنية، وهذا ما حدث الآن لأهالى دارفور الذين ينّكِّلُ بهم الجنجويد كل يوم تنفيذاً للاتفاق السرِّى بين حميتى وقادة الحركات المسلحة الذين باعوا دارفور أرضاً وشعباً وموارد لطاغية الجنجويد حميتى آل دقلو.. والدلائل على ذلك كثيرة نوجزها فى: . عدوان الجنجويد على مواطنى منطقة كولقى وتارنى ريفى طويلة متزامناً مع حفل تنصيب حاكم الإقليم بالفاشر بحضور والى الولاية ولم ينبِسا ببِنتِ شَفَّة، وكمين (الدامرة) على شارع الردميَّة وقتل قادة كبار فى الحركات المسلحة ورُساء الحركات صامتون.. وأحداث غرب دارفور كرينديك 1 و2 وأحداث كرينك 1 و2، واحداث نهب مقرات يوناميد ومخازن منظمة الغذاء العالمى، وحُكَّام دارفور المدجنين سكوت لا يحركون ساكناً.. وتكريساً للأمر الواقع والى شمال دارفور يعيِّن الجنجويدى المتطرف أحمد بهية مفوضاً للجنجويد، وحاكماً فِعلياً للولاية، إزاء هذا الواقع الماثل، ما العمل وما الحل ؟ : . العمل أن تستمر المقاومة الشعبية من خلال ثورة ديسمير 2018م المتجددة فى نسخة ما بعد إنقلاب 25 أكتوبر 2021م، التى تناضل بلا هوَادة لإسقاط الإنقلاب ومحاسبة رموزه، "لا شرعية، لا تفاوض ولا شراكة مع العسكر"، "العسكر للثكنات والجنجويد ينحل"، . تأكد تماماً، أن الشعب السودانى لا يمكنه العيش سوياً مع الجنجويد، أما الشعب أو الجنجويد فأرض السودان لا ولم ولن يسِعهما معاً، . لما تقدم، على الشعب السودانى أن يتخذ، جماعياً، القرارات التالية من خلال تجمعاته الثورية والمهنية: 1. الجنجويد بكل تشكيلاتهم ليسوا سودانيين بل مرتزقة إرهابين أجانب يحتلون السودان ويعيثون فيه فساداً، فيجب أن يغادروا السودان فوراً، طوعاً أو كُرهاً، 2. حل قوات الدعم السريع وعزل قياداتهم من كل المواقع فى الدولة، وتجريدهم من السلاح والرُتبِ والروَاتِب، فالشعب السودانى يرفض أن يدفع رواتب قاتليه، وليس ذلك عدلاً، 3. تبليغ الإتحاد الأفريقى بقرارات الشعب السودانى ضد الجنجويد، وخطرهم على السِلم والأمن والإستقرار فى القارة الأفريقية، وطلب العون والمشاركة فى الجهد الذى يبذله الشعب السودانى للقضاء على فتنة الجنجويد وخطرهم، والدعوة لمؤتمر إقليمي لمناقشة خطر الجنجويد على الأمن والسلم والإستقرار فى القارة الأفريقية، 4. تحذير الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السودانى لتحديد موقفه من جنجويد الدعم السريع، وفك إرتباط الجيش بهم، 5. تحذير الحركات المسلحة التى وقعت اتفاق جوبا أكتوبر 2020م لتحديد موقفهم من الجنجويد وحسم اتفاقاتهم السرية مع قائد جنجويد الدعم السريع حميتى، 6. تجميد اتفاق جوبا العلنى والسرى معاً، لحين إشعار آخر، لإرتباطه بإنتهاكات أخلاقية فظيعة، 7. فتح حوار شفاف مع دول محور الشر (الأمارات، السعودية، مصر) لإقناعهم أن الجنجويد هم سِباع أجانب مرتزقة، وأن يرفعوا أيديهم من دعم الجنجويد أو إستخدامهم فى حروب بالوكالة فى دول أخرى، وإحتياطياً نقل الجنجويد إلى بلادهم وإستخدامهم من هناك وليس من السودان.. وقطع علاقات السودان مع دول محور الشر لحين القضاء على فتنة الجنجويد، 8. بناء جيش سودانى/ أفريقى للقضاء على فتنة الجنجويد، فالجنجويد جائحة قاتلة أشد خطراً من جائحة كورونا، 9. روسيا تدعم الجنجويد وتتبادل معهم المنافع، وذهب السودان يهربه الجنجويد إلى موسكو وبالمقابل شركة فاغنر الأمنية الروسية تدرِّب وتؤهل الجنجويد ليعيثوا فى الأرض فساداً، بالمقابل والمعاملة بالمثل، أن يتحالف السودان مع الدول الغربية الديمقراطية بقيادة أمريكا وبريطانيا والإتحاد الأوربى وترويكا، وأن يطلبَ السودان من حلفاءه الدعم والسند لدحر فتنة الجنجويد والقضاء عليها، ووقف تمدُّد النفوذ الروسى فى أفريقيا، 10. مطالبة مجلس الأمن/ الأمم المتحدة بإصدار قرارات عاجلة بنشر فورى لقوة أممية تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة فى إقليم دارفور لأن الإقليم يحتلَّه الجنجويد، وشعبه يرزح تحت عمليات التطهير العرقى والإبادة الجماعية. وأن الحركات المسلحة هناك قد دخلت فى اتفاقيات سرية مع الجنجويد وتحالفت معهم وصاروا شركاء، لا فرق بينهم، وفى الختام: . يُعتبر الاتفاق السرى بين زعيم الجنجويد وقادة حركات الجبهة الثورية فى جوبا خيانة وطنية وإنحطاط أخلاقى لا مبرر له، ونتج عنه النتائج السالبة المذكورة أعلاه، هو اتفاق لا يليق بأناسٍ يقفون على أرضية أخلاقية ثابتة ومؤهلين لنيل التكاليف وأداء المهام العامة.. . والأخلاق أساس حياة الأمم: إنَّما الأمم الأخلاق ما بقيت وإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا (الشاعر أحمد شوقى).. والأديان نزلت على الأنبياء والرسل ليُتمِّمُوا مكارمِ الأخلاق، وعلى ذلك النسق جاء حديث الرسول الخاتم محمد (ص): (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارم الأخلاق).. فلا يجوز إفراغ الدين من محتواه الأخلاقى، . يقول دكتور الوليد مادبو فى كتابه "المدينة الآثمة": (إن الوعىَ لا يتحقق لإنسان يعيش فى مناخ إجتماعى يسُوده النفاق، وسلطة سياسية تتوخَّى الكذب. الآفة هى توجيه الأخلاق سياسياً، والحل هو توجيه السياسة أخلاقياً). . فالأخلاق هى منظومة القيم التى يعتبرها الناس أساس الحياة وصلاح الأمم والشعوب والدول، والأخلاق هى عنوان الشعوب وقد حثَّ عليها جميع الأديان ونادى بها المصلحون، . والأخلاق أساس الحضارة، ووسيلة المعاملة بين الناس، فأمَّا الإلتزام بقواعد الأخلاق فى كُلِّ الأحوال، أو الطوفَان.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 05/18/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد العزيز عثمان سام
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست