الدقير يستهل كلمته بمقطع شعرى للشاعر الكبير النور عثمان أبكر

Quote: نُشرت هذه المقالة بـ (الصحافة – الثلاثاء 19/9/ 1967م). قرأت هذه المقالة عدة مرات ولكن هذا التاريخ لم ألاحظه إلا في هذه المداخلة شكراً جميلاً الحبيب بدرالدين الامير .. هذا التاريخ ونحن في عنفوان الشباب وبعد نكسة عبدالناصر الذي كان يمثل بالنسبة لنا رمز لا يأتيه الباطل من أياً كان .. وإحساس القومية العربية مع أننا لم نكن أو حتى حالياً نجيد لغتها تحدثاً يمكن كتابةً .. وقبل ذلك كان تعاطفنا مع ثوار أفريقيا ( لوممبا ..كنياتا ..) وحتى مع امريكا الجنوبية ( كاسترو وجيفارا ) كما كنا نعتز بالقومية العربية في شخص عبدالناصر وأيضاً وبنفس الحماس للافريقانية في شخوص ( لوممبا .. وكنياتا) .. ولكن نحن كنوبة في دواخلنا نشعر بأننا محددي الهوية لا نزاع داخلي لدينا كمجموعة نوبية لديها تاريخها ولغتها وثقافتها ولكن هذا لا يمنعنا من الدخول في صراع الهوية عندما ننتمي للوطن الكبير ويبدو لي أن هذا ينطبق على المناطق والقبائل والجهات التي لديها ثقافة خاصة بها ربما لا يظهرونها ولكن تكون كامنة في دواخلهم .. وكما ذكرت فإن الصراع الباطني والظاهري تكون عند تحديد توجه الوطن .. من يقود ؟؟ من يسود ؟؟ ولكن أخيراً أكتشفنا أن قيمة التسامح لدى الافارقة أعلى بدرجات مما هي عند العرب وكأن الانتقام وأخذ الثأر ( الداحس الغبراء ) ليس موروث فقط لدى العرب ولكن هي جينة سلوكية في دمائهم وما نشاهده اليوم من خلاف ( الضرات) وتجاوز الخطوط الحمراء فيما بينهم .. جعلت القيم والنماذج الافريقية تعلو على السلوك العربي .. رواندا وجنوب افريقيا وغيرها من الدول .. وما يحدث اليوم في السودان هو سلوك افريقي أصيل بعيداً عن الثارات والانتقام .. لأن موروثنا مختلف عنهم ولغة ليست انتماء لأن بعض الدول الافريقية تتحدث الفرنسية بطلاقة وكتابهم وادبائهم متفوقون لغة حتى على الفرنسيين ولم يقولوا يوماً نحن فرنسيون .. أبعدوا اللغة عن الانتماء .. فهذا الافريقي غضبه ظاهر وجلي وفرحته ظاهرة وجلية .. ولا يخفي شيئاً .. ويتم التسامح والتصالح على أنغام الطبول والرقصات .. أو في جلسة شراب كما كانت في الاندايات .. ولدينا في الشمال جلسات الدكاي ( البوقانا ) لأن فيها ساعات صفاء وسمو إنساني بعيداً عن الحقد .. فرغم سمرة الجلد ولكن هناك صفاء الدواخل وبياض القلوب .. أنظر كيف جاءت اللحظة .. فكان الجميع في الوطن حول طاولة واحدة أذهلوا كل العالم ماذا لو كان الحدث في إحدى العواصم العربية .. ( الداحس والغبراء ) الحبيب بدرالدين الامير .. تحياتي .. خلاص تعبت من الكتابة .. جميل أنت .. دائماً تأتينا بالرموز .. حميد .. مصطفى سيداحمد .. النور أبكر .. صلاح احمد ابراهيم .. صدقني إنت زول رائع