عارف يا احمد ياسين..هاشم وانا اتعاصرنا في الجامعة..عشنا تفاصيل حزينة..تفاصيل ثورة مجهضة..ثم مشينا في دروب الكون..وفي الحلق غصة ثورة مؤجلة..ولمن حدثت الثورة السودانية الحالية..هاشم كان محظوظ..مشى شافها بعينو..وشكلها كان مدها عالي..فلم يستطع ان يكتب عنها كثيرا (طبعا الزول بتاع تاريخ ، وحينما يعجز زول التاريخ عن قولة بغم، فيتخيل لي التانيين محتاجين زمن عشان يعرفوا شكل المداخل لظاهرة جميلة ومعقدة مثل الثورة السودانية)..
بيد ان صديقنا هاشم..رجع لوجدانه..فكانت فكرة التعبير عن طريق الغنا..فكان اختيار اغنية ابراهيم عوض (المصير)..وكانت هي وجهة هاشم المبدئية وتصوره للثورة من جانب رؤيته..فهل يمكن ان نرى نفس الثورة من زاوية اخرى وبنفس خطاب الغنا بتاع ابراهيم عوض..الذي يتحسس صاحبنا هاشم منو بقوله (انا ما زول غنا)؟...
المهم..يا احمد..
حصل اتخيلت شكل الثورة؟
زولة ابنوسية ، نحيلة ، تشكيلية ، معلمة تعلم الصبايا معنى الإنسان..!
لها تصورات عجيبة عن الكون والحياة من حولها..فهي ترفض ان يكون اليساري يرتدي بنطال الجينز القذر ويهمل الإهتمام بمظهره حتى يتبتز الدنيا بانه مضطهد..!!..كانت ترى ان انسان اليسار يجب ان يكون نظيف وانيق حتى يخلق الإثر المطلوب في نفوس من ينظرون اليه..!!..واول مرة اعرف يا احمد ان انسان اليسار يمكن ان يكون انيق وحبوب ومبادر وصاحب الناس كلهم..!
طيلة معرفتي بها ، كانت انيقة وجيهة ، وسيمة..تشتهي انك تجكسها..!
تلك البسمة يا احمد..البسمة الوضيئة..الضحكة الواثقة..تضمد الجرحى..تخفي المطاردين..تحفظ مقابر القتلى..وتضحك كأن شيئا لم يكن..! سكتها كانت صعبة يا احمد..بالجد كانت صعبة..! كان عندها راديو مسجل (ناشنوال بانسونيك)..وبعض الأشرطة (الكاسيت)..بينها شريط محببة ..تحرص ان تشاركنا السماع له..وهو تسجيل لإبراهيم عوض.. تسجيل شايع يا احمد ياسين..وحينما اضيف لك بعض منه هنا سوف تتذكره بسهولة..!
كانت مجكسة الثورة يا احمد وبتقول لي (الليلة شوفتك مستحيلة)..!!
كنت اتحدث اليها..ذات يوم..وكانت قد جاءت من الدلنج الى امبدة..وهي التي حصلت على درجة الماجستير في علم النفس وكانت تحدث صديقاتنا واصدقاءنا وتقول ليهم :كلو من كبر..!!..
كنت احادثها من مدينة ريجاينا في مقاطعة سسكتشوان ..وفي نهاية كل محادثة نتقاسم اغنية (الليلة شوفتك مستحيلة)..وتلك الشوفتها مستحيلة..هي بتها التى حلمت بحضورها..!!
ده كلو يا احمد..وهي تخفي عني انها كانت مشلولة تماما ولا تستطيع الحركة..وتفرض على شقيقتها التي تحادثنا الأ تذكر تلك السيرة..!!
قالت لي ، وهي تضحك: غني لي الليلة شوفتك مستحيلة..!
قلت ليها: صوتي شين وح يخلعك..!
ضحكت ، نفس الضحكة الأنيقة وقالت لي: بقدر اتحمل شناتك..!
وبكل حسن نية ، غنيت ليها: الليلة شوفتك مستحيلة..!
ضحكت وقالت لي: هل تصدق صوتك بيشبه صوت الهادي الجبل..! ثم سكتت برهة..وقالت لي افادة غريبة: أي حاجة كتبتها ليك عندي منها نسخة وأي حاجة كتبتها لي محتفظة بيها..الحاجات دي كلها مع اختي منال..!! ومن غبائي يا احمد..الفكرة ما وقعت لي..تب ما وقعت لي..!
بعد خمس سنين (2012) لاقيت منال..ورغم انها كادر سياسي يتميز بالحذر والحيطة..ضحكت نفس الضحكة السمحة ديك..وقالت لي: ممكن تندن لي بغنية الليلة شوفتك مستحيلة..!
دمعت عيني..وقلت لمنال: بقى اتنين شوفتهن مستحيلة يا منال..!
في هذه الثورة يا احمد..بنات واولاد صديقاتها واصدقائي..شاركوا في اعتصام القيادة.. شاركوا في الثورة..وحينما كنت اتواصل مع بعض صديقاتي (صديقاتها)..بعضهن بخباثة ..بيدندن : الليلة شوفتك مستحيلة..!!..مرات اصرف بركاوي..ومرات اقطعها في حناني يا احمد ياسين..!!
طبعا يا احمد..كن الله مد في الأيام..في الويك اند الجاي..تحديدا السبت..ح اتصل على منال واقول ليها: واحدة شفتها..والتانية (رغم انها معاي) ح اقول ليها الليلة شوفتك مستحيلة..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Kabar
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست