|
همسة شوق ... بقلم ماضي أحمد محمود
|
همسة شوق أعوام مضت منذ فارقتها وأنا ارسم في مخيلتي تفاصيل ملامحها الوضيئة خشية أن تندثر , بعد ما فعلت السنون ما فعلت . لكن المفارقة تكمن دائما في أنني كلما حاولت التشبث بتلك التفاصيل أجدها أوضح ما تكون صفاءا وتوهجا , بل لعلها تتجدد في الذاكرة وتأبى أن تبارحها أو تقبل بفكرة النسيان , ولم لا , فهي الوحيدة القادرة على أن تعطيني الإحساس بالأمان . غريب حقا هذا الأمر ! .. فأنا نفسي كلما نظرت في المرآة بين الفينة والأخرى , أجد اختلافا في الملامح , ولا أرى ذلك مستغربا , فسنوات العمر ليس لها ما يشغلها هذه الآونة سوى أن تنشط في عمليات الهدم والإزالة , ولا أدري أين رأت لافتة " عمال يشتغلون" ! لكن احتفاظ ملامحها بذات العفوية ودهشة الصبا , وتلك النظرة التحريضية غير المقصودة التي تدفعك دفعا إلى البحث عن مواطن الجمال فيها , تحسب أنه لم يرها غيرك , أو لعلك توهم نفسك بذلك , لا يهم ... كل هذا محير حقا , كيف احتفظت هي أو احتفظت لها بذات الملامح ؟! ما سبب تغيب العمال الذين يشتغلون ؟! سؤال تصعب الإجابة عليه , أو ربما لا يشتغل هؤلاء العمال في الذاكرة , وإنما في الواقع ليس إلا . سنين مرت , و ها أنا أعود . سأرتاح قليلا ثم أشرع في البحث عنها , فالأمر جد يسير , حيث كنت طيلة سنوات الغياب قد اعتمدت وسيلة خاصة للتخاطر , هي ذات الوسيلة التي اعتمدها الشاعر محمد ود الرضى " لى لاح نور أخضراني ... يبقى بسم المحبوب طراني " ولا شأن لي بعد ذلك بؤسائل الاتصالات الحديثة .. فوسيلتي أكثر دفئا وخصوصية . عفوا , سأرتاح قليلا ثم أبدأ رحلة البحث .. سوف أجدها بكل تأكيد ... أين عساها تختفي ؟ أناس كثر سوف يساعدونني في البحث عنها والعثور عليها , لا سيما وبيننا من أوجه الشبه ما ينبئ بذلك . ملامحي تأخذ من ملامحها , ولغتنا المشتركة أول درس تعلمته في كتاب المعرفة فهي حبيبتي التي أمتطي إليها صهوة أشواقي ولنا من التفاصيل الدقيقة , شأن المحببين , ما يجعلنا في أمان من فقدان الاتجاه , مهما بعدت بنا المسافة , ومهما كانت ظروف النوء والإعصار , ولا أخالها تضن علي بالوعد . نافسني في حبها أخي معاوية جمال الدين , إلا أني اشعر بأنها تحبني أكثر ... سبقني بالعودة إليها , لكن هيهات ! سأتجمل للقاء الحبيبة . كنت في زمان آخر أعتمد على وسامة العلاقة وليس الشكل , ولكنني الآن أحتاج للأولى وأفتقد الثانية . كيف بالله ستراني ؟! يا لهذه الجرأة ... لكأنني لقيتها وارتحت من عناء البحث ؟! غاية الأمر ,علها تراني كما أراها في خاطري . أتراها لازالت شغوفة بي وبمقدمي حفية ؟ إذا طالما كنت أنا كذلك , أم تراها في غربة هي الأخرى ولم تعد ترى من خيالي سوى أشتات من الماضي ورجع الذكريات وأجمل الذكريات تلك التي تأتينا بغتة عند بحثنا عن شئ آخر . ولكن , كيف أحكي عن ذكرياتي معها ؟ حسنا , سأحاول أن أرويها بأمانة . منذ عرفتها راودتني تلك الفكرة المدهشة ... أن كلمة " الذكريات!" قد جرى تفصيلها على "نفس مقاييسها " لتستوعب كل ما تنطوي عليه من ود وبشاشة وطيبة قلب , ومن ثم أصبحت الذكريات " ماركة مسجلة " باسمها ولها كل الحق في أن تمنحها لمن تشاء إجمالا أو تقسيطا مريحا ... ولكني ولدواعي الغيرة المفرطة , ظللت أرفض أن تكون لغيري. وبالرغم من ما حباه الله بها من جمال فطري وكبرياء إلا أن بعض أصدقائي قالوا لي أول عهدي بها , أنها لا تتجمل بما يكفي , وكان ردي دوما أن ما يشع منها من ضياء وسنا يلتمس لها العذر في أن تكون على سجيتها . آخرون قالوا لي أنها تكبرك سنا وقد تغنى بها كثيرون قبلك , فقلت لا شئ يهم . طائفة ثالثة قالت هناك من كال لها الهجاء , فقلت طالما أحتفظ لها بذات الملامح التي عرفتها وبسبب منها عشقتها , فالأمر عندي سيان , فأنا أتهيأ الآن للبحث عنها وأتمنى أن تستقبلني بذات الشوق القديم ... فهلا بحثتم معي عنها ... معي الاسم و العنوان ... ولكن لست أدري , إذ تغير كل شئ! قد كان إسمها " أم درمان " ....
ماضي أحمــــــد محمـــود [email protected]
(عدل بواسطة عاطف عبدالله on 03-22-2006, 05:15 AM) (عدل بواسطة عاطف عبدالله on 03-22-2006, 05:41 AM) (عدل بواسطة عاطف عبدالله on 03-25-2006, 00:47 AM)
|
|
|
|
|
|