تلاقيط

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-08-2017, 09:20 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تلاقيط (Re: عليش الريدة)

    2. المذهب المنصوري..

    المذهب المنصوري
    في الواقع لقد دهمني التوتر إلى مدى , عندما دخلت لأول مرة, قبل أيام إلى غرفة النزيل عثمان منصور..
    لم تكن هيئته التي بدا عليها الخمول التام ,هي الحالة التي خمنت أن أجدها بعد ما تلقيت تلك الاتصالات الملحة لكي أحضر إلى دار المسنين التي أعمل مستشارا لديها ,
    وفي طريقي للدار كنت أقلب كثيرا من الاحتمالات التي قد يكون أحدها هو سبب استدعائي ،و بناء على خبرتي الطويلة مع هذه الكنوز المدفونة في تلافيق هذا الدار ،
    فقد كنت آمل أن يكون سبب الاستدعاء هو إحدى حالات الامتناع الطفولي عن الطعام,أورفض صميم لتناول الجرعات الطبية المقررة ، أو حتى نوبة هياج وهستريا ..
    لكن النزيل عثمان منصور قد وترني نوعا ما.. وفور دخولي إلى غرفته عاجلني الطبيب المناوب بالملف الخاص به ، وتصفحته متلهفا ، لكن لم يكن به شئ يشفي غليل تلك اللهفة ،
    فنظرت إلى الطبيب متسائلا, فقال: كان يسير بصورة جيدة ، لكن منذ يومين ظهرت عليه أعراض اكتئاب حاد ومع مرور الوقت رفض الكلام نهائيا ،
    ولا أظن أنه نام أكثر من ثلاث ساعات طيلة هذين اليومين ,و لديه قطعة من صحيفة بها صورة زفاف, ينظر إليها بين حين وآخر ويتواصل معها ، وخلاف ذلك لا شئ يذكر .
    : كيف يتواصل مع تلك الصورة ؟
    : يهمس ويبتسم .
    : هل لديه أقارب معروفين؟
    : لا .. لقد حضر بنفسه إلى الدار ، ولم يسجل في بياناته أي أقارب .
    سادت بعد ذلك بيننا فترة قصيرة من الصمت ، فاستأذن الطبيب وخرج .. وتقدمت أنا بهدوء وجلست على المقعد الملاصق لسرير الشيخ المسجي بلا حراك ،
    بدا عمره في حوالى السبعين ، كان جسده مثل القماش الذي انمحق لونه ،
    وبهتت عيناه مثل الجمرة التى سقطت على تخوم الطين ، مستسلما للاستلقاء على ظهره دون حراك, تاركا للأنابيب المبعثرة حول جسده, مهمة القيام بكافة دوراته الحيوية ..
    لقد حشرت حياته كلها داخل حدود سريره فقط, ومع ذلك زهد في أن يشغل منه حيزا كبيرا.
    كنت في تلك اللحظات, كالمذيع الذي يضع المكياج الأخير قبل الظهور على الهواء ، أحاول حشد سحائب التركيز, لألطف الجو ببداية موفقة معه ..
    واخترت بعد حين, أن ابدأ بطريقة مباشرة, فقدمت له محاضرة طويلة عن مضار صمته, واستسلامه لحالة الكآبة التي تعتريه ،
    لكن اتضح أن الطرق المباشرة لم تكن تجدعنده استلطافا يذكر,فهو لم يكلف نفسه حتى بأن يحول نظره إلى اتجاهي بينما كنت اتكلم ،
    ولم تظهر عليه كذلك أي علامة تدل على ارتياحه من ذهاب الضجيج الذي أقحمته فيه ، بعد أن تبين له أني انتهيت من محاضرتي الطويلة ،
    وظل كما ألفيته عندما دخلت, شاخصا ببصره إلى الأعلى دون كلل ، كأنما كان يتحسّب من أن يسقط عليه السقف على حين غفلة منه..
    لذلك وجدت لنفسي مبررا عندما دهمني التوتر,في لحظة دخولي إلى غرفته للمرة الأولى. وخلال أيام جربت معه كآفة الطرق التي اكتسبتها بخبرتي الطويلة ،
    لكن ظل هذا الشيخ وفيا للغاية للصداقة التي جمعته بهذا الاكتئاب ..ورويدا رويدا, تدهورت مؤشراته الحيوية, وبدأ يسير بخطى متسارعة نحو الموت,
    وشقّ علىّ أن يموت على حاله تلك ، لكني ماوفرت جهدا لمساعدته .. لذلك استسلمت في النهاية للأمر الواقع,
    وتهيأت للمرة التي لا تحصى, لمواجهة تلك المنحة الأليمة, التي وهبني إياها تخصصي: أن أجلس بالقرب من جسد بالي,
    منتظرا للأجل الذي تستطيع فيه الروح المنهكة أن تسمو إلى النقطة التي منها بدأت.. كنت دائما من الرواد المدوامين على تلك المسارح ،
    أسند ظهري باحترام على أحد المقاعد الأمامية, وأشاهد بعين الرهبة أداء الملائكة المكلفة بإنجاز تلك المهمة المقدسة..
    وبدأت أدون مسودة تقرير الوفاة الخاص به, مترقبا اللحظة التى يسدل فيها الستار حتى أكمل ذلك التقرير ...
    لكن عثمان منصور كانت لديه بعض المفأجآت الصغيرة .. ففي صباح هذا اليوم فقط, أسمعنى صوته الأجوف للمرة الأولى,قال مباشرة : احضر لي ورقة وقلم .
    كان كلامه صادما من اتجاهات عدة, لكني تمالكت نفسي, وفكرت في أنه ربما كانت لديه وصية يريد تدوينها ، ونفذت طلبه متعجلا ثم نظرت إلى عينيه مباشرة فقال : اكتب : مدرسة المستقبل الأساسية بنات الخاصة.. غرب المستشفى الحكومي شارع 19 ، الأستاذة علياء سامي .. وعندما انتهيت من الكتابة قال : احضر لي هذه الأستاذة ..
    وعندما جلست أنا والأستاذة بعد ذلك بالقرب من هذا الشيخ , روى لنا بآخر مداد صوته الأجوف قصة عجيبة : أنت يا أستاذة لا تعرفيني إلا منذ ثلاثة أشهر ،
    فذلك هو تاريخ عملي غفيرا في مدرستكم ، لكني أعرفك منذ وقت طويل جدا ، لكن اسمحي لي أولا أن أحدثك قليلا عن حياتي قبل أن أعرفك ،
    كنت أعمل في التجارة وكانت لدى زوجة وطفلة صغيرة ، وليس لدي أقارب ، لذلك كانت حياتي تقتصر على أسرتي الصغيرة وعملي ،
    وفي أحد الأيام ماتت زوجتي وابنتي جراء حادث مروري ، فأظلمت الدنيا في عيني جدا ، لكنى دفنت أحزاني في العمل المتواصل ،
    فصرت بعد حين من التجار الميسورين ، وذات مرة كنت مسافرا لإ تمام صفقة كبيرة, لذلك كنت أحمل معي مبلغا كبيرا من المال ،
    أحرسه بالمسدس الذي كان لا يفارقني .. وتعرضت في سفري ذلك لمحاولة نهب من عصابة تتكون من أربعة أفراد ،
    لكنهم كانوا غير مسلحين بالسلاح الناري ، وحاولت جاهدا أن أرعبهم بالمسدس لكي ينصرفوا ، إلا أنهم كانوا مصرين على أخذ المال ،
    وعندما أصبحوا في موقع خطورة عليّ, اضطررت لإطلاق النار, فمات إثنان وأصيب إثنان, وسلمت نفسي للشرطة ،
    ومررت بعد ذلك بسلسلة طويلة من الجلسات القضائية, وقبل أن تنتهي تلك الجلسات نبأني المحامي الذي أوكلته بالدفاع عني ، بأن الحكم غالبا سيكون السجن الطويل ،
    فقمت بواسطته بتحويل معظم أملاكي إلى سيولة نقدية, ثم اشتريت بها ذهبا وأودعته في أحد البنوك ..
    وبعد فترة نطق القاضي بحكمه : السجن لمدة خمسة عشر عاما ..
    فبدأت رحلتي مع الألم الكثيف ، ووجدت نفسي محشورا في زمرة عتاة المجرمين ،
    وتلقيت من العنف والهوان ما تعجز عن تحمله حتى البهائم , كنت دائما في زخم المطحنة المستمرة في الهدير ،
    لقد سحقت سحقا بين تحرشات المساجين, وبين قسوة الجنود واستفزازاتهم, وتجرعت المرارات حتى تقرحت أمعائي ،
    ولم تكن هنالك بالمقابل أي نسمة للتخفيف علي ، فلم أجد الصحبة التي تعزيني, ولم يزرني أحد طوال فترة السجن ..
    كنت وحيدا تماما,هشا وضعيفا مثل الشمعة التي تفتتت خيوطها ، وكنت لا أنام ،وإذا نمت طافت في كوابيسي خيالات زوجتي وابنتي ،
    كنت أراهما تنهمر الدماء من جسديهما,و يهتك أذني أنين آلامهما المضخم مثل أبواق القطارات ، فأهب من نومي فزعا ،
    وأبحث عن جرعة ماء لأطفي بها لهيب جزعي فلا أجدها ، فانكفئ على جانبي الآخر وأبكي في صمت.. نعم.. لقد بكيت حتى عجزت عيناي عن إخراج الدمع ..
    وبعد مضي عامين انهددت تماما ، وبدأت اشتهي الموت كما يشتهي الفطيم اللبن ، كانت روحي متحفزة مثل الراكض بالزان, تتهيأ لقفزة الخلاص فوق الحواجز العتية ...
    لكن فجأة حدث شئ غير الموازين ، وضخ في عروقى دماء الأمل و العنفوان,
    فقد أتيحت لى الفرصة الكريمة للتعرف عليك ، فتغيرت, مثلما تتغير أشواك الصحراء عندما تهطل عليها صدف الغيث ..
    وقفزت روحي قفزة الخلاص لكن فوق الحواجز التي هي على الاتجاه المعاكس..
    عندما وصل عثمان منصور إلى هذه النقطة من قصته تروي قليلا ثم نظر نحوي وهمّ بقول شئ, لكن غلبته نوبة من السعال المفاجئ ،
    كنت وأنا أتابع قصته, تعصف بى الأعاصير البرزخية, وتتساقط على رأسي تباعا كل تلك الشرارات التي يولدها احتكاك الطلاسم بالتفاصيل التي هي في فك الحيز المفرغ من المنطق والتعوّد ,
    كان أمامي يرقد شيخا يحتضر, ويتحدث كما تتحدث أشجار التبلدي المعمرة ، وبقربه أستاذة في مدرسة للبنات,
    رسم على وجهها بخطوط التنافس المحموم, بين لفحة الحزن وبين خواء الدهشة ,
    وهناك أصوات تطرق على عقلي باستمرار صائحة: استقيظ وتشبث بشئ, قبل أن تقذف بك المركب المتطاوحة, في أفواه الأمواج العرمة..
    وعندما تغلّب على نوبة سعاله وخاطبني ، تذكرت جلسات التنويم المغنطيسي الكثيرة التي حضرتها,
    وطافت بخيالي لحظات الهلام الأولية, التي يحاول فيها العقل إنشاء جسر العنكبوت, بين شاطيئ الظلمات والإدراك.
    قال : لو سمحت يادكتور افتح هذا الدرج الذي بقربك تجد فيه علبة صغيرة ، افتحها واعطي الورقة التي بداخلها للأستاذة .
    ورغم أني كنت في النقطة الأقرب إلى التوجس منها إلى الرغبة, إلا أني كنت أيضا, مثل الذي كبا به حظه التعيس في سطوة ساحرهندى عتيق ،
    لذلك نفذت الأوامر مثل تلك التي تعطى للرجل الآلي .. وحالما نظرت الأستاذة للورقة التي أعطيتها لها أصبحت ملامحها كالراكب الناجي لتوه من حادث مروري,
    وانزلقت الورقة من يدها متمايعة، وانساقت نظراتي تتبعها في تمروحها بين نداء الجاذبية النافذ وبين مقاومة الهواء الخجلى ،
    حتى إذا استقرت على الأرض امتدت يدي لتلتقطها ، وقبل أن أرفع رأسي, نقر على أذني صوت النحيب الأليم ..
    وأمسكت بالورقة كما يمسك خبير المتفجرات بالقنبلة المزروعة ، وأخذت اتأملها ،
    كانت عبارة عن قصاصة متغضنة من صحيفة قديمة ، بها صورة فوتغرافية لعروسين في زفافهما ،
    كتب تحتها : تتقدم أسرة مدرسة المستقبل الأساسية بنات الخاصة بالتهنئة القلبية الحارة للأستاذة / علياء سامي بمناسبة عقد قرانها على الأستاذ / طلال خضر مع أمنياتنا الصادقة بحياة أسرية سعيدة .
    وغرقت فى قطرة من قطرات الدموع المنهمرة من عينيّ الأستاذة,
    و تعبق الجو بروائح كابوسي القديم : ذلك الحذاء الحديدي الثقيل المثبت على قدميّ ,الذي أرفعه وألطمه لطما علي سطح المغنطيس الممرد ,
    لكي أتمكن من أن أخطو خطوة بعد أخرى, ومخلوق ما، مرعب جدا, لاهثايجرى خلفي ، وعندما أشعر بأنفاسه الملتهبة تخرق ظهري,
    واشتم رائحتها فتنقلب لها أمعائي, ويمد مخالبه ليقطع بها عنقي, عندها فقط استيقظ من نومي مذعورا ..
    لكني اليوم وفي حضرة الشيخ عثمان منصور ، باءت كل محاولاتي المستميتة للاستيقاظ بالفشل الذريع ..
    واستمر في نسج حبال صوته الأجوف: لم تكن لدي فرص كبيرة للاطلاع على الصحف ،
    لذلك عندما عثرت صدفة على تلك الصحيفة الممزقة ، دسستها في طيات ثيابي جيدا وعندما انفردت في زنزانتي ، بدأت اتصفحها ،
    وفور ما وقعت عيني عليك اعتراني شعور بهيج جدا ,لا أدري بالضبط لماذا اهتممت بك ،
    ربما لأن ابنتي كانت ستكون في مثل سنك لو عاشت, أو ربما لأني عجزت عن الدفاع عن الصورة الفوتغرافية الوحيدة التي كانت معي لزوجتي وابنتي ،
    فقد مزقها سجين متنمر بعد أن لاحظ أني أديم النظر فيها, لقد تقدم نحوي ومزقها بكل بساطة ،
    وذهلت, لأنه لم يكن بيني وبينه أي عداء سابق يبرر تصرفه هذا, لكن مثلما عجزت عن أدافع عن زوجتي وابنتي الممزقتين ،
    عجزت كذلك عن انتقم لهما ، فقد سمحت للسجين بالانصراف بعد أن مزقهما وهو يتبختر مقهقها .. وقصصت صورة زفافك بحرص وحفظتها,
    وأصبحت مع الزمن سلوتي الوحيدة .. وتشابكت بيننا علاقات رائعة من المتانة والغنى ، إن الكلام الكثير الذى بحت لي به, كان جنة من جنان العزاء والتعاطف ،
    وكان الحنان الذي رشفته من عينيك هو الطعام الذي تقويت به لأحيا ..لقد مسحت عني دموعي ، وآنست لي وحدتي ، وغمرتيني بفيضك الخلاق..ثم علمتيني المقاومة..
    وانفتحت أبواب قلبي لدفقات الأنوار الجسورة ، وتلمس عقلي آفاق البطولة, وروى الأمل الحي شواسع أرضي البور ..
    وفي ذات يوم بينما كنت أتحدث إليك متلصصا ، باغتني ذلك السجين المتنمر, وحاول أن يأخذك من يدي ،
    وحدثت أشياء خارج الإدراك,و فارت دماء فوق سعة العروق..
    وأنا حتى الآن لا أدري ماذا حدث بالضبط في ذلك اليوم ، لكنهم خبروني بعدها,
    أنهم لم يستطيعوا إنقاذ ذلك السجين من الموت تحت قبضتي, إلا بعد أن انكبوا على جميعا ، حرس ومساجين, وأوسعوني ضربا حتى أغمى علي ..
    وبعد ما فقت من اغماءتي, لم يكن يهمني شئ بعد أن اطمأنيت على أنك لم تتمزقي في تلك المعركة الضارية .
    وكانت تلك المعركة هي قفزة الخلاص التي قفزتها,لكن في الاتجاه المعاكس, فتغيرت بعد ذلك رتبتي في السجن ..
    لكني لم استغل خوفهم مني لأحقق به أي مكتسبات, غير أن أحظي بالاحترام الكافي الذي يجعلهم يكفوا عني مضايقتى,وقد فعلوا ..
    واستمرت بي الحياة معك شفافة, حتى خرجت من السجن بعد أن مضيت معك ثلاثة عشر عاما كاملة ..
    وأول شئ فعلته بعد خروجي من السجن, هوالبحث عن مدرسة المستقبل , حتى عثرت عليها,
    ورابطت حولها حتى رأيتك للمرة الأولى ، لقد تغيرت قليلا ، لكني عرفتك بسهولة ..وضج قلبي العجوز بالضحك حتى تخدرت أطرافي ..
    وكنت قد صممت على أمر ، لم يكلفني تنفيذه الكثير ،فقط بضعة الآف من الجنيهات لذلك الغفير ، حتى يرضى بأن يترك لي عمله ،
    وبعد أن أكملت اجراءات تعييني مع إدارتكم, أتيحت لي فرص واسعة لتحقيق آمالى العظيمة..
    وأنت تعلمين ما حدث بعد ذلك .. قطع عثمان منصور حديثه ونظر إلى قائلا : أرجوك يادكتور افتح الدرج الأخير ، تجد فيه علبة كبيرة افتحها وأخرج ما فيها .
    وعند ما فعلت, بهر عينيّ ألق المعدن النبيل ، كانت فى تلك العلبة ثلاث سبائك من الذهب ختم على كل واحدة منها : الوزن ( 1) كلجم ..
    واستمر الشيخ الجليل في كلامه : لقد حضرت إلى هذه الدار لأموت ، كنت أعلم أني احتضر, لذلك لم أصرف الكثير من المال.. أرجوك يادكتور ضع سبيكتين فى حقيبة الأستاذة ، وأما السبيكة الثالثة فاعطها إلى إدارة الدار ، هذه وصيتي ....
    وحاولت الأستاذة أن تعترض على إدخالى الذهب إلى حقيبتها فقال عثمان منصور : لقد كنت كريمة جدا معي طوال ثلاثة عشر عاما ، فلا تبخلي على في آخر دقائق من عمري..
    ونظرت إليها مشجعا ، فأسلمتني حقيبتها, فنفذت الجزء الأول من وصية الشيخ ,وانحنت الأستاذة عليه وقبلته على جبهته ,
    ولما رفعت رأسها, تركت دموعها تجري على وجهه, ثم حملت حقيبتها واندفعت خارجة ..
    كان حذاؤها يطقطق على البلاط, كما تفعل العلكة في فم الصبية المشاغبة ..
    واسترخيت أنا في جلستي ومددت ساقيّ, ورقد على حجري كالقط الولوف, كيلو جرام من الذهب النقي ،
    ورحت أتأمل في وجه رجل أفنى آخر ثلاثة عشر عاما من عمره مختبئا في جزيرة نائة من التخيلات,يتوسل فيها إلى صورة فوتغرافية..
    وهنالك على الأرضية تحت السرير, لمحت ورقة قد سقطت مهملة,
    كانت عبارة عن قصاصة متغضنة من صحيفة قديمة..
    ثم شعرت فجأة بأن المسرح قد امتلأ بالملائكة المكلفة بإنجاز تلك المهمة المقدسة ،
    فجمعت علىّ ساقيّ من جديد ,وانكسرت عيناي من ضياء الرهبة المجيدة..
    وبعد حين, تناولت مسودة تقري الوفاة الذي كنت قد جهزته سابقا, وبقلمي الأزرق السائل شطبت بعض الفقرات وأضفت أخرى .

    تمت










                  

العنوان الكاتب Date
تلاقيط عليش الريدة03-08-17, 08:20 PM
  Re: تلاقيط عليش الريدة03-08-17, 09:20 PM
  Re: تلاقيط جمال ود القوز03-08-17, 09:21 PM
    Re: تلاقيط عليش الريدة03-08-17, 09:26 PM
      Re: تلاقيط عليش الريدة03-08-17, 09:46 PM
        Re: تلاقيط عليش الريدة03-08-17, 10:15 PM
          Re: تلاقيط عليش الريدة03-09-17, 07:43 AM
            Re: تلاقيط محمد البشرى الخضر03-09-17, 08:05 AM
              Re: تلاقيط درديري كباشي03-09-17, 08:57 AM
              Re: تلاقيط عليش الريدة03-09-17, 08:57 AM
                Re: تلاقيط عليش الريدة03-09-17, 09:12 AM
              Re: تلاقيط ياسر السر03-09-17, 09:18 AM
                Re: تلاقيط عليش الريدة03-09-17, 12:24 PM
                  Re: تلاقيط عليش الريدة03-23-17, 04:23 PM
                    Re: تلاقيط عليش الريدة03-25-17, 09:26 AM
                      Re: تلاقيط عليش الريدة07-12-17, 11:19 AM
                        Re: تلاقيط عليش الريدة08-04-17, 09:47 PM
                          Re: تلاقيط عليش الريدة08-05-17, 08:26 AM
                            Re: تلاقيط عليش الريدة08-05-17, 12:51 PM
                              Re: تلاقيط عليش الريدة08-05-17, 08:48 PM
                                Re: تلاقيط عليش الريدة08-06-17, 09:00 AM
                                  Re: تلاقيط عليش الريدة08-06-17, 01:05 PM
                                    Re: تلاقيط جمال ود القوز08-06-17, 01:41 PM
                                      Re: تلاقيط عليش الريدة08-06-17, 03:26 PM
  Re: تلاقيط نعمات عماد08-06-17, 05:20 PM
    Re: تلاقيط محمد على طه الملك08-06-17, 06:56 PM
      Re: تلاقيط عليش الريدة08-06-17, 08:31 PM
        Re: تلاقيط عليش الريدة08-06-17, 08:34 PM
          Re: تلاقيط عليش الريدة08-07-17, 07:15 AM
            Re: تلاقيط عليش الريدة08-07-17, 11:36 AM
              Re: تلاقيط عليش الريدة08-07-17, 01:52 PM
                Re: تلاقيط عليش الريدة08-07-17, 05:03 PM
                  Re: تلاقيط عليش الريدة08-07-17, 09:25 PM
                    Re: تلاقيط عليش الريدة08-08-17, 05:35 AM
                      Re: تلاقيط عليش الريدة08-08-17, 10:18 AM
                        Re: تلاقيط عليش الريدة08-08-17, 01:58 PM
                          Re: تلاقيط عليش الريدة08-08-17, 04:23 PM
  Re: تلاقيط نعمات عماد08-08-17, 07:55 PM
    Re: تلاقيط عليش الريدة08-08-17, 08:33 PM
      Re: تلاقيط عليش الريدة08-08-17, 09:18 PM
        Re: تلاقيط عليش الريدة08-09-17, 10:11 AM
          Re: تلاقيط عليش الريدة08-09-17, 12:08 PM
            Re: تلاقيط عليش الريدة08-09-17, 03:32 PM
              Re: تلاقيط عليش الريدة08-09-17, 08:22 PM
                Re: تلاقيط عليش الريدة08-10-17, 10:18 AM
                  Re: تلاقيط عليش الريدة08-10-17, 05:52 PM
  Re: تلاقيط نعمات عماد08-10-17, 05:54 PM
    Re: تلاقيط عليش الريدة08-10-17, 08:10 PM
  Re: تلاقيط نعمات عماد08-11-17, 06:35 PM
  Re: تلاقيط نعمات عماد08-11-17, 07:48 PM
    Re: تلاقيط عليش الريدة08-12-17, 04:33 AM
      Re: تلاقيط عليش الريدة08-17-17, 01:09 PM
        Re: تلاقيط عليش الريدة08-18-17, 06:46 AM
          Re: تلاقيط نعمات عماد08-26-17, 09:18 PM
            Re: تلاقيط عليش الريدة08-28-17, 11:34 AM
              Re: تلاقيط عليش الريدة09-01-17, 09:25 PM
                Re: تلاقيط علي دفع الله09-01-17, 09:36 PM
                  Re: تلاقيط عليش الريدة09-01-17, 09:45 PM
                    Re: تلاقيط Dahab Telbo09-02-17, 01:56 AM
                      Re: تلاقيط عليش الريدة09-02-17, 05:00 AM
                        Re: تلاقيط اخلاص عبدالرحمن المشرف09-02-17, 05:47 AM
                          Re: تلاقيط قسم الفضيل مضوي محمد09-02-17, 06:26 AM
                            Re: تلاقيط اخلاص عبدالرحمن المشرف09-02-17, 06:54 AM
                              Re: تلاقيط عليش الريدة09-02-17, 07:46 AM
                                Re: تلاقيط عليش الريدة09-02-17, 01:54 PM
                                Re: تلاقيط Dahab Telbo09-02-17, 07:48 PM
                                  Re: تلاقيط عليش الريدة09-02-17, 09:28 PM
                                    Re: تلاقيط عليش الريدة09-02-17, 09:39 PM
                                  Re: تلاقيط قسم الفضيل مضوي محمد09-02-17, 10:03 PM
                                    Re: تلاقيط Dahab Telbo09-03-17, 00:27 AM
                                      Re: تلاقيط Dahab Telbo09-03-17, 00:43 AM
                                        Re: تلاقيط عليش الريدة09-03-17, 04:31 AM
                                        Re: تلاقيط قسم الفضيل مضوي محمد09-03-17, 05:00 AM
                                          Re: تلاقيط عليش الريدة09-03-17, 05:11 AM
                                          Re: تلاقيط قسم الفضيل مضوي محمد09-03-17, 05:14 AM
                                            Re: تلاقيط Dahab Telbo09-03-17, 09:47 AM
                                              Re: تلاقيط عليش الريدة09-03-17, 10:33 AM
                                                Re: تلاقيط نعمات عماد09-03-17, 11:41 AM
                                                  Re: تلاقيط نعمات عماد09-03-17, 11:44 AM
                                                    Re: تلاقيط Kabar09-03-17, 12:12 PM
                                                      Re: تلاقيط Kabar09-03-17, 12:15 PM
                                                        Re: تلاقيط Kabar09-03-17, 12:30 PM
                                                        Re: تلاقيط عليش الريدة09-03-17, 12:39 PM
                                                          Re: تلاقيط عليش الريدة09-03-17, 12:48 PM
                                                            Re: تلاقيط عليش الريدة09-03-17, 01:21 PM
                                                              Re: تلاقيط عليش الريدة09-03-17, 08:23 PM
                                                                Re: تلاقيط Kabar09-08-17, 01:47 AM
                                                                  Re: تلاقيط Kabar09-08-17, 01:49 AM
                                                                    Re: تلاقيط Kabar09-08-17, 02:21 AM
                                                                      Re: تلاقيط Kabar09-08-17, 02:58 AM
                                                                        Re: تلاقيط عليش الريدة09-08-17, 04:57 AM
                                                                          Re: تلاقيط عليش الريدة09-09-17, 05:17 AM
                                                                            Re: تلاقيط عليش الريدة09-09-17, 08:56 AM
                                                                              Re: تلاقيط عليش الريدة09-09-17, 08:23 PM
                                                                                Re: تلاقيط عليش الريدة09-10-17, 09:35 AM
                                                                                  Re: تلاقيط نعمات عماد09-10-17, 10:05 PM
                                                                                    Re: تلاقيط عليش الريدة09-11-17, 04:56 AM
                                                                                      Re: تلاقيط نعمات عماد09-11-17, 03:50 PM
                                                                                        Re: تلاقيط عليش الريدة09-12-17, 05:41 AM
                                                                                          Re: تلاقيط Dahab Telbo09-12-17, 06:53 PM
                                                                                            Re: تلاقيط عليش الريدة09-12-17, 07:31 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de