منتدي الذكريات بكلية الطب ج الخرطوم زمان

Quote: يومها... كنت أمد حبال أمزجتى نحو كوب من الشاى السادة الذى أعتدنا ان تصنعه امانى.... ليوازى كل الخطوط التى يمكن أن يعتدل عليها المزاج المكان له رائحة...هى مزيج من البن المحمص والاضرحة.... لعلى لم اكن مخطئة حين أعتقدت لزمن طويل...ان قبة السير(لى أستاك ) التى تتكىء على ناصية شارع القصر الجنوبية... ضريحا لولى من الأولياء ذوى الطراز الخاص...الذين لم يكن لهم ان يتقشفوا كما ينبغى أذكر الأن... ان رائحة الاضرحة تلك ما بارحتنى حتى بعد أقترابى من قبة السير ( لى أستاك)... وتاكدى من تبعيتها لشعبة الامراض بكلية الطب تلح على ذهنى دائما صورة الرجلين(لى ستاك) و(عم أبراهيم) الاول بملامحه البارزة على الجدار يسار المدخل منذ ما يقرب المائة عام والثانى بملامحه التى تتماهى مع كل مكونات المكان عم أبراهيم...رجل لفرط مكوثه هنا...صار له نفس لون الجدار... ورائحة الاضرحة ملامحه تاتيك دائما باضاءة خافتة...تماما كصوته وعلى جبينه خطوط تشبه تلك المعلقة على سقف القبة الدائرى أنا لا زلت اتحدث عن عم ابراهيم.. هو رجل صامت..لكنى اعتدت ان ادغدغ ذاكرته... ليتساقط حديثه بنفس ايقاع الحنفية التى فى المكان.... منذ زمن وايقاعهما البطىء هذا متزامن لا يتغير كان يحدثى عن ذاك المستر الذى علمه منذ ثلاثين عاما كيف يصنع من الالواح الشفافة مكعبات لعرض مقتنيات المتحف وهذا المتحف غير كل المتاحف فى الدنيا...ما دخله احد للمرة الولى الا وخرج منه وهو يستغفر الله على ذنوبه ...ذلك لان فيه أعضاءا أدمية لاناس غادرتهم الحياة منذ زمن..فتركوا شيئا منهم هنا...أيدى وارجل وووجوه تتوزع فى اغلب المساحات..فى انيتها الشفافة.. كانت علاقتى بهذا المكان قد بدات منذ خمس سنوات... وقتها كانت الخرطوم تتمطى فى شرنقتها الرتيبة.. يقابلك محمد فى الكشك المقابل لكلية الصيدلة ليخبرك ان الجريدة التى اعتدت قراءتها قد اوقفتها الحكومة.. أيامها..حتى هامش الحريات لم يكن مكتظا.. الناس كانت تتعفف الحريات المستقطعة.. البلاد كانت فى توهان تاريخى عظيم والمدينة عجوز عمياء قليلة الحيلة.. تتلمس جدران الاشياء وينسال منها الحزن شفيفا كلما صادفت موضع جرح كنا فى جامعة الخرطوم..نقترف الفرح خلسة.. نتجول بين المنتديات القصيرة الاسوار.. نعبىء كاساتنا من روح فن خالص...لم يمزجه اصحابه بالماء.. ثم نعود لنغرق قليلا فى دفتى(سنل ولاست وقانونق)... وهذه هى اسماء لمؤلفى الكتب التى نستغفر الله فى حقهم لفرط ما سببناهم ولعنا (ابو حلتم) كنا ثلة الفنا أمانى وعم ابراهيم..السلم الدائرى والشرفات الضيقة التى تطل بفضول موارب على تجمعات العاملين فى استاك وهم يحتسون شاى الظهيرة ويثرثرون على مسمع من(استاك الكبير نفسه) وامانى بخطواتها الثقيلة تتفنن فى تقديم الشاى (المنعنع) والذى يمس أغلفة المزاج الداخلية كنا نثرثر فى كل شىء.. ونتعمد قبل ان نغادر ان نحشو شقوق الجدار بقصائد لم تتم..عن القهر والحب والسياسة وقتها كانت كلية الطب تغنى اغنيتها الاخيرة.. أصبح علينا الصباح بعدها..لندرك ان الشجر الذى يسير فى شوارع الخرطوم قد دخل حوش الجامعة....وصارت الجامعة لا تغنى...ولا تبتسم ولاتقرا الشعر فى الامسيات خوف الهوس الذى يطال اسلك الكهرباء B]QUOTE] (عدل بواسطة Magdi Ahmed Elsheikh on 04-12-2008, 12:44 PM)