|
Re: ملتقى أيوا ينعي الأستاذ الدبلوماسي بشير عيسى بكار (Re: عاطف عمر)
|
حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) في ذكرى انتفاضة 6 أبريل 1985 معا نحو تحقيق المأثرة السودانية التاريخية الثالثة
بشير بكار
نداء لتوحيد كل قوى المعارضة الوطنية الحية حول آلية وبرنامج لإسقاط النظام والاتفاق على برنامج المرحلة الانتقالية نحو ترسيخ الديمقراطية والسلام والاستقرار
في ذكرى انتفاضة أبريل 1985، المأثرة الثانية في تاريخ الشعب السوداني الحديث في إسقاط الأنظمة العسكرية، بعد المأثرة الأولى في 21 أكتوبر 1964، اكتملت الآن العناصر الأساسية لتحقيق مأثرة سودانية ثالثة، بعد أن أصبح نظام الإنقاذ لا يملك من أسباب البقاء سوى تخاذل زعماء المعارضة التقليديين وعدم توحد صف القوى الوطنية الشعبية الحية التي ظلت تدفع بآلاف الأرواح وتجود بالدماء في جبهات القتال، وتتعرض في الخرطوم وغيرها من المدن للقمع والضرب في معارك الشوارع و التعذيب في بيوت الأشباح والاغتيالات الفردية للنساء وهن في عقر دورهن كما حدث للشهيدة عوضية عجبنا، و للمناضلين الشباب، الذين كان آخرهم الشاب المناضل الشهيد عبد الحكيم عيسى عبد الله. إننا نشهد الآن نشكل بوادر طوفان عارم يتجمع ولن يلبث أن تكون له قوة كاسحة يمكن أن تدفع بنظام الإنقاذ إلى مزبلة التاريخ في المستقبل القريب إذا ما شحذت كل القوى الوطنية الحية همتها وتوحدت إرادتها حول برنامج وآليات لإسقاط النظام واتفقت على برنامج للمرحلة الانتقالية فيما بعد إزالة النظام.
لقد آن الأوان لكي توحد جميع القوى الوطنية الحية صفوفها في جبهة وطنية جامعة للمقاومة الشعبية في الداخل والخارج، غير معولة على القيادات المتقاعسة، و مستفيدة من دروس الفشل الذي لازم تجربتي التجمع الوطني وما سمي بقوى إجماع جوبا حيث لم يكن هناك إجماع ولا قوى حقيقية ذات وجود فاعل في الشارع. وكان من أبرز أسباب ذلك الفشل أن قيادات القوى السياسية ظلت منعزلة عن الجماهير ومكتفية بالعمل الفوقي والاجتماعات التي تنعقد وتنفض بلا نتيجة مؤدية إلى عمل حقيقي وجدي في مواجهة النظام. وكم دبجت تلك القيادات العديد من المواثيق والبرامج الجيدة المضمون، بدءا من ميثاق الدفاع عن الديمقراطية، ومرورا بميثاق التجمع الوطني، ومقررات أسمرا 1995، حتى مقررات إجماع جوبا، ولكن للأسف لم يتعد مصيرها أن تكون حبرا على ورق. وحين تصبح السياسة مجرد كلام نظري معسول لا تتبعه مسؤولية عن العمل ولا التنفيذ، ينفر الناس من السياسة والسياسيين وينصرفون إلى شؤون حياتهم اليومية رغم قساوة الحياة.
إننا في ذكرى انتفاضة أبريل نحيي كفاح الجبهة الثورية السودانية في دفاعها عن حقوق شعوب أقاليمها المعتدى عليها والمظلومة عهودا طويلة وعن حقوق كل الشعوب السودانية الاخرى، ونشيد بموقف الجبهة الثورية المتمثل في المطالبة بحل مشكلة الحكم في الخرطوم حلا جذريا لإيمانها بعدم إمكانية أي حل جزئي لأحد الأقاليم في ظل النظام الراهن الذي برع في المراوغة وأسرف في الكذب ونقض العهود. ونرى أن الإعلان السياسي للجبهة الثورية قد تضمن المبادئ والأهداف الرئيسية التي تتطلع إليها كل القوى الوطنية والمتمثلة في إسقاط النظام وإقامة حكومة وحدة وطنية تقود البلاد نحو التحول الديمقراطي وإرساء نظام دستوري يقوم على ضمان الحريات الاساسية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والمساواة في الكرامة الإنسانية بين جميع المواطنين بغض النظر عن الدين أو العنصر أو الثقافة أو الجنس. وإننا ندعو كل القوى الوطنية الحية إلى العمل على توحيد ما ورد في هذا الإعلان وعدة مبادرات أخرى لصياغة برنامج وطني متفق عليه لإزالة النظام وإقامة البديل الديمقراطي الصالح. وسنقدم إسهامنا الملموس في هذا المسعى.
ونشيد بالشباب والقيادات الوسيطة والقلة من القيادات المخضرمة في حزبي الاتحادي والأمة التي تقود الآن ثورة داخلية في حزبيها، ضد مداهنة النظام أو مشاركته في الحكم وبالتالي في جرائمه، و من أجل الإصلاح وحشد جماهير الحزبين للانخراط في صفوف المقاومة الجماهيرية حتى يتمكن الشعب من استرداد حرياته وحقوقه المسلوبة ومن الحفاظ على ما تبقى من وحدة البلاد وأراضيها.
نحيي كفاح طلبة الجامعات والتجمعات الشبابية الجديدة التي ظلت تمثل رأس الرمح في المقاومة الوطنية في أحلك أوقات القمع والتعذيب الوحشي.
كما نشيد بنضال المرأة السودانية التي ضربت أمثلة رائعة في مقاومة الظلم والإضطهاد متحدية صنوف القمع والترهيب والتعرض للجلد والضرب والاغتصاب. نشيد بنضالها في المنظمات والانشطة النسائية ومنظمات الشباب والطلبة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والعمل الإعلامي. ونخص بالذكر المناضلة الجسورة الإعلامية نجلاء سيد أحمد التي تعرضت للضرب المبرح مؤخرا وهي تصور موكب تشييع الشهيد عبد الحكيم، والمناضلة صفية إسحق التي لم تتردد في كشف جرائم النظام ضد المرأة عندما تعلق الأمر بتجربتها المريرة الخاصة. ونشيد بكفاح مزارعي الجزيرة الذي أحبط المخطط الإجرامي لتدمير المشروع وبيع أراضيه للشركات الإسلامية الاجنبية، وكفاح جماهير المناصير الذي أدى إلى إرغام النظام على تلبية مطلبهم العادل بالتعويض عن أراضيهم التي فقدوها بسبب سد مروي. أيضاً نسجل صوت شكر لمنظمات المجتمع المدني الحية التي ظلت مثابرة على فضح الإنتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام وما زال يرتكبها في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق. وفي ذكرى انتفاضة أبريل نقول للضباط وضباط الصف والجنود في القوات المسلحة وفي الشرطة والأجهزة الأمنية، إنه من الخير لكم أن تموتوا في سبيل قضية شعبكم العادلة لاسترداد حريته وحقوقه وكرامته من أن تموتوا في الدفاع عن بقاء نظام ظالم فاسد و متهالك، فرط في أوجب واجبات الجيش الوطني وهو الحفاظ على وحدة أراضي الوطن وحمايتها، وأذلكم مثلما اذل الشعب السوداني وأجاعه. لقد آن الأوان لكي تبادروا بنصرة شعبكم وتعلنوا انضمامكم إلى صفوف المقاومة الشعبية، وتوجهوا سلاحكم نحو العدو الحقيقي. وأضعف الإيمان أن تكونوا مستعدين تماما للانحياز إلى جانب الشعب السوداني عندما تحين ساعة الصفر، وتكفوا أيديكم عن قمع المناضلين الشرفاء من أجل حقوقهم في الحياة والحرية. إن وظيفة الجيش والشرطة والأمن ليست حماية الحكومات الإجرامية الفاسدة وإنما هي حماية سيادة الوطن ووحدة أراضيه وحماية حقوق الشعب ودولة القانون. إننا نقول للإسلاميين الذين تبينت لهم الأخطاء الفادحة والمدمرة في تجربة الإنقاذ وبدأوا ينتقدونها ويتبرؤون منها أو الذين يحاولون الآن إيجاد بديل إسلامي للنظام الإجرامي الفاسد القائم الآن، إن النقد والتبرؤ وحدهما لا يكفيان، وإنما لابد من العمل الإيجابي الجدي مع القوى الوطنية الأخرى لإزالة النظام الفاسد وإقامة نظام ديمقراطي تعددي في إطار دولة مدنية محايدة تجاه الأديان ودستور إنساني تقوم فيه الحقوق على أساس المواطنة دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس، ويكفل العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لجميع أهل السودان.
ونقول للذين يحلمون بإيجاد بديل إسلامي لنظام الإنقاذ أسوة بالتجارب الإسلامية الجديدة التي بدأت تتكشف بعد ما سمي بالربيع العربي، إن العطار لا يصلح ما أفسده الدهر. ولإقامة نظام حكم ديمقراطي صالح سواء كان ذا مرجعية إسلامية أم علمانية لابد من هدم هذا النظام الفاسد أولا لكي يبدأ الإصلاح. فإن كان هؤلاء وأولئك صادقين وجادين عليهم البرهان على ذلك بالعمل مع القوى المكافحة لإنقاذ السودان من ورطة الإنقاذ، وإلا فليتحملوا المسؤولية مع قيادات النظام عندما تدور عليها الدوائر. كما لا بد للقوى التي تنطلق من الاسلام ان تعيد النظر فى الكثير من مفاهيمها المنحرفة والخاطئة مثل مفهوم الحاكمية لله، الذي أصبح غطاء لحاكمية اللصوص والقتلة، وأن ترجع إلى فضيلة التواضع بالاحتكام للشعوب عن طريق صناديق الاقتراع. ختاما، نهيب بجماهير شعبنا أن تعمل على أخذ قضيتها بيدها وتعمل على تنظيم صفوفها في جميع المواقع، وتواصل النضال اليومي من أجل حقوقها المشروعة التي صادرها النظام : حقها في الحياة الكريمة الآمنة من الخوف والجوع، وحقها في التعليم والعلاج والعمل، والعدالة أمام القانون، وحقها في حرية التعبير والتنظيم والاعتقاد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملتقى أيوا ينعي الأستاذ الدبلوماسي بشير عيسى بكار (Re: Kostawi)
|
الموت حق فقد عظيم .. اللهم ارحمه اغفر له واجعل الجنة مثواة اللهم ألهم أهله وذويه الصبر الجميل وحسن العزاء أحر التعازي لاسرته ولزملائه بحركة القوى الجديدة الديمقراطية وللشعب السوداني واعضاء سودانيز اونلاين .. وجبر الله كسر الجميع .. " إنا لله وإنا إليه راجعون "
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملتقى أيوا ينعي الأستاذ الدبلوماسي بشير عيسى بكار (Re: Kostawi)
|
إنّا لله وإنّ إليه راجعون الخبر فاجع وصاعق يتخاطف الموت الاخيار من رفاق دربنا, بالامس الخاتم, واليوم بشير وماذا تبقى من مشروعنا للحداثه والنهضه? رحم الله صديقى ورفيقى فى العمل الوطنى منذ عام90 وفى تأسيس حق, الوطنى الغيور, وانسان تمبول والبطانه الشهم بشير عيسى بكار. لااستطيع الكتابه الان فالعاطفه جياشه والفقد كبير. احر التعازى للاخت الفاضله زينب الحاج, والابناء احمد,ساره,محمد, ولجميع افراد عائلة بكار, وال الحاج والاهل فى تمبول, رفاعه, والبطانه, ولرفاقه فى حق, واخوته من الجمهوريين فى كل بقاع العالم نسأل الله أن يغمره بواسع رحمته ويلهم آله الصبر وحسن العزاء لا حولة ولا قوة إلا بالله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملتقى أيوا ينعي الأستاذ الدبلوماسي بشير عيسى بكار (Re: كمال ادريس)
|
بسم الله الرحمن الرحيم { وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله و انا اليه راجعون } صدق الله العظيم يا الله يا اله السماوات و الارض و ما فوقهما و ما تحتهما و ما فيهما الطف بنا صبرنا قونا نحن عبادك الضعفاء خذ من عادانا و من ظلمنا و اترك خيارنا فنحن فى امس الحاجة لهم بعد ان ضللنا الطريق و حارت بنا السبل و تشتت شملنا نعلم و انت علام الغيوب انك تريد اختبارنا فى اعزائنا و احبابنا و من يقودونا الى السلام و الحرية و العزة و الكرامة فى وقت بدات فيه علامة الخلاص و شرارة الثورة و التى كان بالامس القريب يدعو لها و يقودنا الى طريقها بالاجماع و توحيد الصفوف و الكلمة و صفاء القلوب و العفول و نبذ الخلاف و الاختلاف كنت اتحدث اليه الاسبوع الفائت وقلت له بالحرف الواحد نحن والله فى زمان غشوم ان رايناه فى المنام فزعنا ............ اصبح الناس منه فى سوء حال حق من مات منا ان يهنا و قال لى بهدوءه و رزانته المعهودة لا تحزن و لاتياس الفرج قريب و الثورة قادمه ومات و ما فائدة الثورة و قادتها و اصحاب الراى فيها و عقلائها و حماتها و حداتها يتساقطون يوما بعد يوم لا حول و لا فوة الا بالله سكت الكلام و زادت الحيرة و لا ندرى ما نقول و الحروف تتقطر دما و دموع والم الرحمة و المغفرة و القبول الحسن مع اصحاب اليمين الانبياء و الرسل و الشهداء و الصادفين و الصالحين و حسن اؤلئك رفيقا فى الاعالى و رياض الجنان يا صديقى العزيز بشير عيسى بكار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملتقى أيوا ينعي الأستاذ الدبلوماسي بشير عيسى بكار (Re: مجاهد حسن طه)
|
اللهم أرحم الراحل المقيم الأستاذ بشير بكار ، وأغفر له و أدخله فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء. تعازي الحارة لاسرته الكريمة بداخل وخارج السودان و لآل بكار ولأصدقائه. صادق العزاء لزملائه فى حركة حق، وللإخوة الجمهورين، و لكافة قوى المعارضة السودانية.
إلتقيت الراحل عدة مرات فى فعاليات ملتقى أيوا للتحول الديمقراطى، و عرفته كشخص محب للسودان ورفعة السودان، عرفته كرجل ودود و مرتب جدا و قيادى لاتملك إلا أن تحترمه. آخر مرة قابلته كانت فى جامعة ولاية أريزونا، فى فعالية مؤتمر الدراسات السودانية الأخير، وقدم ورقة ضمن جلسة السودان و مستقبل التحولات الإجتماعية، و كانت بعنوان “A Road Map to Sustainable Change in the Sudan” يعرف الجميع إهتمام الأستاذ بشير بالتحولات الديمقراطية ، وكيفية تحقيقها فى السودان. و له إسهام واضح و مقترحات ـــ أتمنى أن ترى بعض تلك المقترحات النور تخليدا لذكراه، سأفصل فى مرة قادمة مقترح معين ذكره فى مؤتمر الدراسات السودانية الأخير، و تقدم به فى المرة الأولى فى ملتقى أيوا للتحول الديمقراطى فى سبتمبر من العام السابق.
ذكراك باقية، يا أستاذ بكار، لك الرحمة بقدر ما قدمت لشعبك و قواه الحية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملتقى أيوا ينعي الأستاذ الدبلوماسي بشير عيسى بكار (Re: Kostawi)
|
إنّا لله وإنّا إليه راجعون "يا ايتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية وادخلى فى عبادى وادخلى جنتى"
اللهم أرحم الاستاذ/ بشير بكـــار وأسكنه فسيح جنّاتك اللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقّه من الخطايا والذّنوب كما يُنَقّىَ الثّوب الأبيض من الدّنس اللهم أغسله بالثلج والماء والبرد اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله اللهم أجمعنا وإيّاه في مستقرّ رحمتك اللهم إنّا نسألك بإسمك الأعظم أن توسّع مدخله اللهم آنس في القبر وحشته اللهم ثبّته عند السُّؤال اللهم لقّنه حجّته اللهم باعد القبر عن جنباته اللهم أكفه فتنة القبر اللهم أكفه ضمّة القبر اللهم أجعل قبره روضةً من رياض الجّنّة ولا تجعله حفرة من حفر النار اللهم إن كانت محسناً فزد في إحسانه ، وإن كانت مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته اللهم ألحقه بالشُّهداء اللهم أفتح عليه نافذة من الجّنّة وأجعل قبره روضةً من رياضه
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملتقى أيوا ينعي الأستاذ الدبلوماسي بشير عيسى بكار (Re: معتصم احمد صالح)
|
حريات) تنعي الأستاذ بشير بكار
June 22, 2012
ينعي الأستاذ الحاج وراق رئيس التحرير وجميع العاملين بصحيفة (حريات) بمزيد من الحزن والأسى المغفور له بإذن الله الأستاذ بشير بكار رئيس حركة القوى الديمقراطية الجديدة (حق) وأحد الناشطين في العمل السياسي والمدني ، والذي إنتقل إلى جوار به اليوم . أسرة (حريات) تتقدم بصادق العزاء لعموم آل بكار ولاسرته وأصدقائه وتتمنى من الله ان يرحمه ويسكنه فسيح جناته مع الصديقيين والشهداء . لا حولة ولا قوة إلا بالله وإنّا لله وإنّ إليه راجعون .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملتقى أيوا ينعي الأستاذ الدبلوماسي بشير عيسى بكار (Re: Kostawi)
|
دمعة على بشير عصر يوم الخميس 21 يونيو ، هاتفته ، بعد انقطاع دام أسابيع طويلة، وحادثته في شأن أضحكه، تلك الضحكة الهادئة الوديعة ، التي لا تصل أبدا حد القهقهة، وتناولنا أطراف الحديث ثم انصرف كل منا إلى شأنه ، على وعد اللقاء. صبيحة الجمعة، يوم عمل آخر هنا، أو كما يقول الأمريكان " يوم آخر، دولار آخر". جلست إلى مكتبي، تصفحت البريد الإلكتروني، شرعت في معالجة بعض المسائل التي وجدتها على مكتبي، سمعت الهاتف يرن كما يفعل طيلة أيام العمل، رفعته بآلية ولكني وضعته وأنا زائغ البصر، بين مصدق ومكذب: سودانيز أون لاين تنعى بشير بكار رقد بشير ذلك المساء ، بعد ضحكته تلك بسويعات، كما يرقد كل من قضى يومه مجهدا ، ولكنه لم يشهد مولد صباح اليوم التالي ...لم ينهض من مرقده ذاك ليبدأ مشوار الحياة اليومي سعيا وراء الرزق في الأمم المتحدة وجهادا في سبيل وطنه الذي استوطن جسده وروحه. حمل معه حبا للسودان يفوق العشق والوله (حتى كنت أداعبه باتهامه بالهوس الوطني)، وهمّا مقيما ، مخلوطا بحزن غائر كجرح لا يندمل وهو يري الوطن مقطع الأوصال ، مشردا بين الأمم ، فاقد الصدقية، والناس فيه أحياء كأموات ، لا يهمّم استيقظوا من نومهم أم لم يستيقظوا فليس لديهم في كل الأحوال ما يخسرون ... بل الموت ربح لهم. ولولا أن الموت موعد مضروب لا يقبل تعديلا ولا تبديلا، ولا تقديما ولا تأخيرا ، ونهاية حتمية وإن تعددت الأسباب، لكدت أجزم أن ذلك الحب المشبّع بالأسى هو وحده الذي أخمد قلبه الكبير تحت ضغط لم يستطع هذه المرة الصمود أمامه. كنت أعرف لبشير أصدقاء ومحبين كثر من بين إخوته الجمهوريين وآخرين من نحل ومدارس أخرى، وآخرين تربطهم به صداقة وزمالة وغير قليل من مصلحة مادية، مثل كاتب هذه السطور. كنت في أشهري الأولى من التقاعد، وقد زال مجد الوظيفة وتقلص عائدها المادي ولم أكن قد عثرت بعد على عمل بديل وكنا نلتقي كما يلتقي الأصدقاء والإخوان في مبنى الأمم المتحدة. في أحد اللقاءات قال لي بشير بحيائه الجم، وأحسب أنه كان مدركا لهمي ، أن بإمكاني أن أتعاون مع قسم المحاضر الحرفية العربية الذي كان هو نائب رئيسه آنذاك. قال لي بلباقته المعهودة " أقلّه تشغل نفسك وتعمل ليك قرش قرشين" شريطة أن أجتاز الاختبار اللغوي، وقد كان. ولكنها لم تكن "قرش قرشين" بل كمية لا يستهان بها من الدولارات أعادت الكثير من التوازن إلى ما اختل من وضعي المالي وأتاحت لي الحفاظ على مستوى حياتي إلى حين عثوري على مصدر رزق آخر. وأهم من كل ذلك، علمني التعاون معه قدرا من التواضع كنت أفتقده فقد كان الرجل زميلي في الدبلوماسية السودانية فغدر به أدعياء "الصالح العام" كما غدروا بغيره من خيرة شباب الخارجية والمصالح الحكومية الِأخرى ( لا أدري إن كان السبب أنه جمهوري) فيما لم يمسسني منهم شر ( ربما لأنني كنت أصلا معارا إلى اليونسكو)، ثم تزاملنا مرة أخرى في "منظومة" الأمم المتحدة، وكنت أرفع منه منصبا، فإذا به من موقع المراجع لما أكتب تحت إشرافه يوجهني برفقه المعهود، بل أحيانا بما يشبه الاعتذار، إلى كثير من الأخطاء وأنا الذي كنت أصنف نفسي في عداد العارفين باللغة العربية، ويقينا أنها ، على جمالها، الأصعب بين لغات الأمم . ثم تولى هو نفسه رئاسة القسم ، فلم ير العاملون معه ، وأنا فيهم ، أرفق منه ولا أكثر تواضعا. كان واحدا منهم ...لا أكثر ولا أقل. كنت إذن أعرف عنه كل ذلك ولكن لم أحسب أن حبه في قلوب من يعرفونه يبلغ هذا الحد، فما هي إلا سويعات على نشر الخبر حتى انهمر سودانيو الولايات المختلفة على نيويورك ففاض بهم المسجد عند صلاة الجنازة والمقبرة الإسلامية بنيوجيرسي عند مواراة الجثمان الثرى. لم أشهد بكاء بتلك الحرقة والإحساس بالفجيعة إلا أن يكون على زوج أو ولد أو والد. أخوته الجمهوريون تحلقوا حول جسده الطاهر يسلمونه إلى بارئه مصحوبا بأدعيتهم وباسم " الله" يرددونه بصوت واحد وبلا انقطاع. الآخرون وقفوا واجمين تتحرك شفاهم بصمت بآيات من القرآن الكريم ترحما عليه، والعيون تفيض دمعا. جيرانه في المسكن تعجبوا من هذا الكم الهائل من الرجال والنساء الذي وفد إلى حيهم فجأة فهم لم يكونوا شهدوا مأتما مثل هذا فالعزاء عندهم قوامه بضع أشخاص من المقربين ، يرتدون أزهي لباسهم وحليّهم ويحتسون ما تيسر من المشروبات الروحية مع ما لذ وطاب من الأطعمة الفاخرة على أنغام الموسيقى ثم ينصرف كل إلى شأنه. ماذا يمكن أن يقال عن بشير سوى أن أحدا لم يره يوما عابسا أو غاضبا أو لاعنا أو متوترا أو رافعا صوته؟ ماذا يقال عن رجل حدد لنفسه هدفين أساسين ونذر حياته لهما : الوطن والأسرة، فرحل يحمل معه إخفاقات الوطن ونجاحات الأنجال، وهو نجاح أصبح مضرب المثل في الأسر السودانية وفخرا لنا جميعا لا لأنه فاخر بمثل ذلك الإنجاز أمام الملأ بل لأنه كان نجاحا خارقا بكل المقاييس ولا مجال لإخفائه. رحل بشير إذن وقد ربحت تجارته واستثماره مع شريكته زينب أم العيال التي اقتسمت معه المسؤلية بصبر ونكران ذات وتجرد فتعهدت الشجرة بالرعاية والسقاية والعناية حتى أينعت ثمارا وقطوفا. لله درك يا بشير، وما أحسبك رحلت ألا مطمئنا على مستقبل أنجالك. عزائي إلى محبيك وأصدقائك وزملائك ورفاق دربك في الفكر والسياسة والعمل والوطن ، ولا أخص أحدا منهم : لا إخوتك الجمهوريين فما هم إلا فصيل من فصائل محبيك وإن كانوا الأقرب إلى قلبك ، ولا حركة "حق" التي كنت على دفتها وخسرت برحيلك المفاجئ والمربك زعيما ثائرا، بل لا أخص أحدا بالمرة لأن الكل قد أجمع على حبك بنفس القدر مع اختلاف الأسباب والدوافع. ذاك رصيد حب لا ينبغي لي أن أنقصه بتوزيع الدرجات، ولكنني ، باسمهم جميعا، أكتفي بأن أرفع كفي تضرعا إلى الله العلي العظيم أن يتقبلك قبولا حسنا وأن يجزيك خيرا على ما قدمت في حياتك القصيرة ، وأن يتجاوز عن سيئاتك فما من بشر معصوم، وأن يجعل البركة في من خلفت من عيال نوابغ وأمهم، وأن يرى من بقي وراءك جزءا من أحلامك للوطن وقد تحقق. فلتنم هانئا يا بشير بكار فقد أبليت بلاء حسنا وآن لك أن تستريح.
الفاتح إبراهيم حمد نيويورك
| |
|
|
|
|
|
| |