بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-21-2024, 03:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-06-2012, 07:59 PM

Bushra Elfadil
<aBushra Elfadil
تاريخ التسجيل: 06-05-2002
مجموع المشاركات: 5252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة)

    حين نام الأنام المكدودون بقرية في شمال حزين طفقت نخلة وحيدة نائية، كانوا قد غرسوها لتصاقر الصحراء؛
    بحيث لا تسمع هسيس صويحباتها ، تغني ترياقها النفسي اليومي كي تغسل عذاباتها النهارية في نشيد على النقيض من القيظ ،
    مضاد لنقصان المياه.غناؤها يجيء دائماً في شعر مسحور؛ تعاتب فيه الوطن وهي الممتلئة بحبه شأنها شأن أناسه، تعاتبه لكنها
    تقبل بحكمه فتقول : أيها الوطن:(إن أمرتني بقبل بالوقوف في جمرك!).و سمعت فاطمة السمحة الغناء فجاءت كما يجيء البرق
    من وراء أو أمام النخلة وهي تعبر عن حبورها المجلجل: - الله.. الله! النخل ليس له أمام أو وراء بل إن الوراء هو الأمام نفسه حين تدور وتعود إليه ،
    واليسار هو اليمين نفسه شرحه ؛ والموجودات مستوعبة في محيط تام وبما أن النخلة ترى في ثلاثمائة وستين درجة فقد التقطت
    عيونها العديدة الحساسة للموجودات وظلالها، خيال فاطمة السمحة قبل أن تظهر هذه البنت النموذج من وراء الكثبان.
    لكن البنت حين ظهرت تأوه العجب نفسه وقضمت الدهشة أصابعها.





    قالت النخلة:
    -يا للجمال في آكشن ! انت تخلين يا فاطمة السمحة بتوازن الموجودات ذاتها. وتشعرينني بلاجدوى مارضيت به مذ
    حبوت إلى أعلى متسلقة الهواء، وأعني حالة كوني قابعة هنا في مكان واحد ،ملك سر، ليس لي من حظ ولو في حراك بطيء
    أماماً اماماً مثل (بقل وعينو الزايد)
    قالت فاطمة السمحة للنخلة وهي تعلن أكثر فاكثر عن موسيقاها الضاحكة:
    –دعي عنك يا عزيزتي إطرائي كلما جئتك، من أين لك بكلمات عبدالرحمن؟ ألا تدرين أنه غنى عن طيفي هذا نفسه
    هذه الأغنية في الثلاثينات بحي العرب حين قال:(من كمالك وظرفك ومن جمالك أظنك يا حبيبي نساء الدنيا ما ولدنك)؟
    قالت النخلة
    -صدق. هو شاعر نافذ البصيرة ولولا انشغاله بصنعتين لأبدع في الشعر أكثر أو لعله في الموسيقى أكثر. لكن الزمن لا
    يسعف عادة أمثال هؤلاء النوابغ ..ليته رآك الآن في انتقالاتك الجديدة فالذي يرى فيك مثل هذه العيون الكونية والوقفة
    الرصينة والابتسامة المشرقة والموسيقى المجلجلة في عتمة مثل هذا الليل هل يصدق أنك سليلة من تراب؟ من أنت؟
    هل لازلت تلوذين بالصمت كلما سألوك؟ هاهي الأعوام تترى من وراء الأعوام وأنت تترائين كالأحلام الخلب ثم تتوغلين
    في هذه الصحراء المتحدية في كل حين ؟








    قالت فاطمة السمحة
    -أنا فاطمة. أما القول بأنني سمحاء فحين ينظرون إلى الأمر من زاويتهم واربأ بك - من نخلة تمتلك الرؤية الدائرية
    الكاملة -أن تعاملينني بمثل هذه الفجاجة. سمحة من أية زاوية؟ فائقة الحسن من منظور من؟ الشاعر تشكك فقال
    (أظنك) ولو أنه تأمل قليلا لتأكد فهو قد قال في مطلع قصيدته
    (مارأيت في الكون يا حبيبي أجمل منك). اختتم القصيدة منذ المقدمة. ولولا الشك لظهرت له وكشفت له عن حقيقتي.أما أنت أيتها النخلة السامقة فلن
    أخبرك بحقيقتي لأنك بكل بساطة تدركينها وتخفين عني انك تدركين. أن تستبصرين وتستقطرين المعرفة كما تفعلين مع
    غذائك وسؤالك لي ليس لأنك تجهلين ولكن لكي يطمئن قلبك.ما أجمل قلبك أيتها النخلة الرائعة. والذي يرى سبائطك بمثل
    هذا البهاء وبناتها بمثل هذه النضارة فهل يصدق أنك دائماً عطشى في طرف الصحراء والنهر منك على بعد فرسخين وهو
    من عروقك على بعد شبرين فلا تبتل؟ كيف أمكنك يا عمة البشر أن تستقطبي النضارة من أحشاء الأرض دون أن تكون
    سائلة مع المياه لعمل الفرز اللازم؟ كيف تستطيعين صنع الحياة من الصخور والجلاميد؟
    ضحكت النخلة حتى أوشكت أن تكون حمقاء فهي إزاء فلسفة فاطمة السمحة لا تستطيع الحفاظ على رزانتها. لقد
    خلخلت الأسئلة الوجودية الصادرة عن فاطمة السمحة جيناتها ضحكت وضحكت ثمّ قالت:
    -حيرتني معك يا فاطمة. أنت تستملحين جمال سبائطي وتمتعين ناظريك في بأفضل من كل العجولين والعجولات من
    بنات جنسك ولا تسمحين لي بالتغزل فيك..








    قالت فاطمة
    –لكن التغني بجمالك ليست فيه محاذير الحديث عن شيء وإخفاء غيره فتوق المحبين من بني الإنسان للجمال حين
    يندغم بالجنس مفهوم للجميع لكن هل سمعت بمن يحب نخلة مثل هذا الحب البشري المزدوج؟ إن الإنسان حين يتغزل
    بعصاتين واحدة واقفة والأخرى نائمة لا يكشف لنا عن قدرته في تناول الجمالين بأنسنة متسقة. فمن يدرينا إن كان لا
    يعب من الجمال بقدراته الإنسانية ومن الجنس بقدراته الحيوانية؟ أو لم يقم بالتوسل للذاذاته الغريزية بقدرات عقلية؟
    كأن يكون قد توسل للذة الجسد الغريزية بالاستمخاخ وهو لذة المخ.







    قالت النخلة
    -لا فرق فالمحصلة النهائية كلها استمخاخ.
    قالت فاطمة
    -صدقت كلها استمخاخ. ولو أن للبشر سعة استمخاخك. يا نخلة لكانوا قاب قوس واحد أو أدنى من السعادة المطلقة.
    قالت النخلة
    -لكن الإنسان أسعد منا نحن..صحيح إنه لا توجد بيننا نخلات شريرات. فالنخلات العقيمات ليست شريرات. العقم
    40
    منقصة لا شر. لكن البشر إن نجح في غربلة نوعه من الشر فسوف يقترب من السعادة المزعومة.
    قالت فاطمة
    -ولم هي مزعومة يا بنت عمي؟
    قالت النخلة
    -في ظني لا توجد سعادة.
    وقالت فاطمة
    -أنت وشاعرك وفلاسفة ومفكرون كثيرون كلكم من حواريي الظن. أين اليقين؟ولم تستكثرون على مثيلاتي الصحراء في
    ظروف عدم اليقين هذا؟ حسنا دعيني أكشف لك أحد أسراري : إن اختفاءاتي مرتبطة بقرب ظهور الغول. إنني من كثرة
    ما تدربت على تفادي الغيلان في حياتي أصبحت أتفاداها بمجرد قرب خروجها مجدداً .
    قالت النخلة
    -لكن الم يختفي الغول من قرى الشمال منذ قرن.
    قالت فاطمة السمحة:
    – بلى لكنه عاد متخفياً في المجتمع.
    قالت النخلة
    -كيف ذلك؟




    قالت فاطمة السمحة
    -إنه البلاء العام . يزحف من الضغط على البطون إلى الضغط على مثيلاتي. يستحيل غولاً يطاردهن بدءاً من فصول
    الدراسة إلى دوكات العواسة ولا يحتاج الأمر إلى فراسة كي تدرك البنت هذا الغول المتخفي ومراميه .خير منه الغول
    الظاهر للعيان في دارفور.
    قالت النخلة
    -ليتني أرى كنت امتلك خاصية الجوالة مثلك.
    فردت فاطمة السمحة
    -ستندمين. الا تعلمين بأن العلم الحديث يمكنه أن يقتلعك من جذورك ويغرسك في أي مكان تتمنين الوصول إليه؟
    أنت لا تحبين المطر أو لعلك تكيفت على الصحراء التي غرس أجدادك الأوائل أنفسهم فيها حين كنتم جميعا نباتا أولياً
    كلوروفيل جامعا لكل الخضرة. حسبك صحراؤك عن ديار أخرى أتعس حالاً مع الخضرة البائنة فيها، آه لو كنت شهدتها
    إذا همى مطرها ورأيت كيف تطارد غيلان الشر المجسمة الفتيات من ظل شجرة محترقة إلى ظل شجرة محتضرة في
    اللاظل قبالة احتراق البيوت المطر يبللهن فلا يعرفن هل ما يسيل هو المطر مع الطين أم الدم. لو رأيت هذا لبكيت
    وبكيت على عذابات مثيلاتي. ما أنا سوى طيف كما تعلمين ولو قدر لي أن أعود كما كنت قبل نصف قرن للأنسنة لنأيت
    بمقدار خمسين الف فرسخ عن تلك الوحشية.









    وقالت النخلة
    -لكنني استطيع ان أرصد ما يجري مثل كاميرا رقمية حديثة الا تدركين بأن النخلات يحسبن ويرصدن ما يجري من
    حولهن؟
    فقالت فاطمة السمحة
    وما فائدة الرصد يا جميلة النخلات؟ ظل إنسان بلادي يرصد في الأضابير لما يزيد عن الخمسة عقود فما الذي
    أحرزه من ذلك وما الذي أفاده منه؟
    فقالت النخلة
    -أراك يا فاتن قد استسلمت للتشاؤم واليأس.
    -لم استسلم لهذا ولا إلى ذاك. لكن بنات جنسي يكتوين من النيران أينما حللن .خذي عندك هذه الموسى غير المعقمة
    التي ترسل الكثيرات منهن إلى العقم وتحيل حياتهن الداخلية إلى مجرد علاقات عامة مع الأزواج .انظري كيف يرمق
    الرجال النساء في شوارع المدن ويضايقونهن في مركباتها؟ لكن الجريمة الكبرى ضدهن هي حين يظهر الغول فينظر حينها
    مثل أي حيوان مفترس إلى فريسته المغلوب على أمرها باعتبار أنها كتلة لحم.




    هنا قالت النخلة
    -في ظهورك الماضي يا فتو قلت لي إن المرأة ادخلوها في الصناعة في البلاد الكبرى بحيث أصبحت تروج للمركبات والأجهزة
    -نعم .. نعم وهكذا فالذي يقينا من التسليع هو هذه الحالة التي تريني فيها.
    -أن تكوني طيفاً؟ لكن الطيف لا يحس باللذاذات ولا الألم.
    نعم ولكن حين يغلب الألم بالقناطير المقنطرة فما فائدة درهم اللذة؟-
    -تريدين إغرائي فأطلب من فالق الحب والنوى أن اتحول إلى طيف مثلك؟ هل عمرك رأيت أو سمعت بطيف نخلة؟
    -ها ها..طيف نخلة؟وكيف ترين طيفي؟






    -شكل أمورة بائنة الحسن يا فتو لكن لا أعرف كيف يكون ملمسك.اقتربي أكثر لالمسك ولو لمرة واحدة.
    -دعيني أذيع لك واحداً من أسراري فعلته وأخفيته عنك ثم أطبقه عملياً إذ أودعك : لقد مررت عبرك أكثر من عشر
    مرات، خلال المرات السابقة وأحسست بقوامك ورشيق جريدك؛ رائحة الطلع ملأت خياشيمي، لكنني كنت أفقد خواصي
    حين أمر فلا أحس بأنني أنا أنا بل أنا واكثر في حالتي معك أنا ونخلة.دعيني أمر عبرك الآن ووداعاً .









    وقبل أن تستفيق النخلة من الدهشة، شعرت فجأة بنسيم يتردد وعبق لم تدرك كنهه وسحارير وأنجم. وطافت بها نفس
    المشاعر الغامضة التي مرت بها في أحايين نادرة سابقاً . كانت لم تجد لها تفسيراً ؛ فأدركت الآن الآن، أن هذا هو الحب
    في أقصى تجل له حين يندغم المحب في محبوبه: هاهو العبق والسحارير والأنجم عز الظهر والنسيم يتردد. انحدرت من
    النخلة دمعة في أعلى سبيطة لها وما مسحتها وانحدرت قطرة عبر عرجونته نحو جوف الساق فملأتها بالشجن وطفقت
    من ساعتها تعد الأيام والأسابيع والشهور وهي تنظر نظرة دائرية شاملة في محيطها الكامل، تعد وتحصي وتسبح مثل كل
    الكائنات الراقية وترقب الظهور الجديد الفاتن لفاتن التي تلاشت في غمضة عين.
    _______________________________________
    جدة 29 ابريل 2008





















































































































































                  

العنوان الكاتب Date
بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-06-12, 07:59 PM
  Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) طه جعفر05-07-12, 01:47 AM
    Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-07-12, 05:27 AM
      Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) محمد الطيب يوسف05-07-12, 11:07 AM
        Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) rummana05-07-12, 12:25 PM
        Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-07-12, 12:55 PM
          Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-07-12, 07:14 PM
            Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) محمد حيدر المشرف05-07-12, 09:37 PM
              Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-07-12, 11:04 PM
                Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) طه جعفر05-08-12, 00:27 AM
                  Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-08-12, 00:51 AM
                    Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) طه جعفر05-08-12, 02:17 AM
                      Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-08-12, 02:44 AM
                        Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) طه جعفر05-08-12, 03:06 AM
                          Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-08-12, 10:45 AM
                            Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) محمد حيدر المشرف05-08-12, 01:55 PM
                              Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-08-12, 07:14 PM
                                Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) rummana05-09-12, 08:53 AM
                                  Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-09-12, 09:39 AM
                                    Re: بيان واختفاءات فاطمة السمحاء (قصة) Bushra Elfadil05-11-12, 08:15 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de