محسسن خالد ... الحساب بت !

Quote: اللهم إلا من هنيهنات في الفيس بوك ود القرشي

دينزل واشنطون منتحلاً للإمام نافع

كتب لي أحد الأصدقاء معلّقاً في بوست عن مواد سينمائية بما معناه أنَّه لم يستسغ فيلم The book of Eli وقلت له ما معناه شيل الصبر يا رجل، هذا الفيلم ليس مادةً سطحية بلا هدف كما يبدو من ظاهره. ملخّص الفيلم هو رجلٌ يسير بلا توقف يقصد جهة "الغرب" يؤدي دوره الممثل الباتع والمُجيد دينزل واشنطون، بعد دمار شامل وقع على الحضارة الإنسانية فدينزل القاصد الغرب يسير وسط دمار كلي ومجاعة كاسحة وانحطاط بشري هائل، بينما هناك رجلٌ آخر يؤدي دوره جيري أولدمان يبحث عن كتاب على طول مادة الفيلم وواضح أنَّ الكتاب المنشود بذلك البحث مع دينزل واشنطون الذي يتقاطع دربه مع هذا الرجل الذي يريد ذلك الكتاب بأي ثمن، ويبدأ الصراع بينهما حول ذلك الكتاب. نلاحظ أنَّ دينزل كان محمياً بقوة ماورائية مهيبة، إلهية لا تُقهر، كما نكتشف في النهاية أنّ الكتاب كان بجوف دينزل أي كان يحفظه ولم يكن يحمله في يديه، وأنّه كتاب مقدّس، ليقوم دينزل بعدها بالنوم على سرير من شدة ما قاساه في طريقه واعترضه من آلام وفواجع، كي يملل ذلك الكتاب من رأسه كاملاً، بينما يتوفّر له من يكتب ما يملله من مادة ويدونها بالحرف الواحد. هذا بالطبع بعد أن يصل لجهة "الغرب" التي كان ينشدها، حيث نجت بعض الكتب الإنسانية وجُمعت في شكل مكتبة للتراث الإنساني بجميع أنواعه. واضح أنَّ الترميز هنا لا يحتاج لشرح من كون المسيحية انتقلت إلى الغرب من الشرق بعد خفوتها في موطنها الأصلي وواضح كذلك أن الترميز يقصد الكتاب المقدّس الذي في واقع الأمر لم تتم له النجاة على هذا النحو. فالقرآن هو الكتاب الوحيد الذي حُفظ على هذا النحو في الصدور وبالتواتر السماعي وما يزال يحفظُ بهذه الطريقة ذاتها إلى يوم الناس هذا. ودينزل واشنطون نفسه وبسواده يُطابق لي الإمام نافع بن أبي نعيم الليثي، وهو القارئ الذي تحدَّرت عنه أهم روايتين للقرآن وهما روايتا ورش وقالون، أي أنَّ ورش وقالون أوردا روايتيهما عن قراءة نافع الذي عاش بالمدينة المنوّرة. ونافع كان أسود شديد السواد وحالكه كما تتفق المصادر كلّها دون استثناء ورُغم ذلك ينسبونه إلى أصبهان وكأنّ بلاد فارس غدت مع فخر هذا الرجل موئلاً للسواد، وكأننا لا نعرف أين تقع جغرافية السواد! فكافور حق السودانيين لا ينازعهم فيه رومٌ ولا فرس، أما نافع هذا الذي لولاه لاختفت أهم روايتين فهو أسود/ فارسي، فتأمّل!
المهم أنّ فيلم The book of Eli لا يصح إلا مع القرآن، ولا يتحقّق إلا في معيته، وإلا فبالوسع القول إنّ قصته منحولة عن القرآن رأساً ونحلاً، فستندُّ الكتب الأخرى عن الإيفاء بما كان للقرآن من عظيم حفظ وتدوين، وهو فيلم سأعود إليه مطولاً لو وجدتُ إلى ذلك سبيلاً.