|
محمد سعيد ناود ..جسر التواصل بين السودان واريتريا الذي هوى
|
ما أن أشرقت شمس يوم الخميس 16 سبتمبر 2010م حتى آذنت بطي صفحة باذخة من عمر الزمان، مترعة بالعطاء الثر ،حافلة بالبذل الوفير .. لقد توفي المناضل الكبير الأستاذ محمد سعيد ناود عن عمر يناهز الثمانين عاماً قضاها كفاحاً ونضالاً ضد الإستعمار في السودان وإريتريا ، حيث شكل جسراً للتواصل الوجداني بين اريتريا والسودان( كتب مقالات تحت هذا العنوان ) .. وتماهت عنده خيوط الإنتماء للبلدين ..وتلاشت العلامات الحدودية.. على الصعيد السوداني أسهم في الحركة الوطنية السوانية في اربعينيات القرن الماضي في السودان ضمن صفوف الحزب الشيوعي السوداني ، وشارك في تأسيس مؤتمر البجا ، أما على الصعيد الإريتري فقد أسس وقاد أول حركة مقاومة إرترية باسم ( حركة تحرير إريتريا ) عام 1958م انتهجت اسلوب العمل السري على شكل خلايا سباعية وعرفت باسم بمحبر شوعتي .. وواصل في درب النضال ضد الإستعمار الإثيوبي إلى أن تحقق الاستقلال الكامل للتراب الإريتري ثمرة طبيعية لتراكم نضالي امتد لأكثر من ثلاث عقود .. حينها عاد ناود إلى إريتريا يحدوه الأمل للإسهام في بناء الدولة الحديثة إلا أن النظام الحاكم في أسمرا قد تنكر له ولنترك المجال للأستاذ فتحي الضو ليروي لنا فصول هذه الهمجية حيث ذكر في مقاله الموسوم ( ناود .. رجل بحجم أمه ) الذي نشر في صحيفة الأحداث عام 2008م: (بعد أن نالت إريتريا إستقلالها لم يتعال ناود أو يتجبر أو يتصلب، فقد عاد للبلد الذي طالما إشتاق لمعانقة ترابه، وعينته الجبهة الحاكمة في منصب إداري صغير فتقبله بكل رضاء نفس، وأذكر عندما تعرض لاعتداء من كادر مهووس، تسامي فوق جراحه البدنية والمعنوية من اجل وطن تشرنق تحت الشمس، وبعد أن تعافى أوكلت له وظيفة متواضعة في مركز الدراسات، لم يسوءه أنه قبع تحت جناح مسؤول كان نسياً منسياً يوم أن بدأ هو رحلة الألف ميل النضالية، كان يأسرني حينما أراه ماشياً على قدميه وهو يقطع المسافة أربعة مرات يومياً بين المركز ومنزله الذي يبعد بضع أميال، ألمحه دائماً في تلك الرحلة المقدسة يثقب الأرض بناظريه وكأنه يبحث عن شيء في باطنها لم تفصح عنه ظاهرها، أجلس إليه أحياناً في منزله المتواضع في معسكر ”كانيو إستيشن“ - ولمثله تُشاد القصور - ونجتر ألواناً من الحديث العابق مع دخان وطقوس القهوة الإريترية المشهورة، ولا يهدأ له بال إلا إذا كان للسودان منه نصيب! )
|
|
|
|
|
|
|
|
|