فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 00:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2010, 08:27 AM

عادل عبدالرحمن
<aعادل عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 08-31-2005
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)

    بعض مُداخلات ـ
    من بوست (أوكازيون) الذي كان أيام الترشيحات والإنسحابات:


    Quote:
    من حوار مع بروفيسور/ عدلان الحاردلو (أجراه: عبد الوهاب همّت)

    * هل كانت هناك اي مشاركة واضحة للدكتور الجزولي دفع الله في الاجتماع ؟
    ـ لا الدكتور الجزولي دفع الله كان موجوداً لكنه رفض ان يشارك بالحديث،ولاول مرة كنا قد نادينا باسقاط النظام علناً, واذكر انه في اليوم الثاني من ذلك الاجتماع اتصل بي بعض الاصدقاء والذين كانوا يرون بأننا قد استعجلنا في أمر اسقاط النظام المايوي, وقد كان ردي باننا لم نستعجل وبأن الجماهير مستعدة ويمكنها القيام بعمل كبير



    *عدم اتصالكم بالاحزاب هل كان ذلك خوفاً من تكويشها على العمل أم لحسابات اخرى؟
    ـ في الاساس لعدم الثقة في الاحزاب وانهم يمكن ان يلخبطوا عملنا وفعلاً بعد أن شاركوا حدث ما توقعناه(ونفسوا) عملنا حيث كنا قد اقترحنا فترة انتقالية مدتها 3 سنوات قانت الاحزاب بتقليصها الى سنه واحدة واقترحنا شكل أن يقوم الجهاز التشريعي بقيادة الدولة وكيف يمكن قيام الحكومة وفعلاً اثروا تاثيراً شديداً في عملنا بعد مشاركتهم.


    * هل كان الاتصال من باب الحرص على سلامتكم ام أن ذلك باعتبار أن حساباتكم لم تكن دقيقة كما كانوا يعتقدون؟
    ـ كانوا يعتقدون بان الاستعدادات غير كافية ولا بد ما التاني وكانوا يرون بأن العجلة في اعلان اسقاط النظام لم تكن مبررة بهذه السرعة.

    * هل كانت هذه الاتصالات من قبل اصدقائكم أم من قبل بعض السياسيين ؟
    ـ كانت من قبل سياسيين يساريين
    .
    * من هم هؤلاء هل يمكن ان تذكر لنا بعضالاسماء؟
    ـ لا لا داعي لذكر الاسماء.


    * هل يمكن ان نقول بان هناك حزب بعينه ضغط لتقليص الفترة من 3 سنوات الى سنة واحدة؟
    ـ جميع الاحزاب وعلى رأسهم حزب الامة بواسطة المرحوم عمر نور الدائم وهناك اخرين اتبعوا حزب الامة مثل الحزب الاتحادي الديمقراطي وقد حاولنا ان نستفيد من تجاربهم في محاولة اسقاط النظام وكنا ننوي الاتصال بهم بعد ان نعد العدة لكل شئ.

    * في حال عدم تدخل الاحزاب وقيام ونجاح الانتفاضة هل كان لديكم تصوراً محدداً في التجمع النقابي لحكم البلاد لفترة ومن ثم اشراك الاحزاب في مرحلة لاحقة.؟
    ـ التجمع النقابي كان لديه تصوراً حول رئاسة الدولة وان (البندقية) الاساسية للقوات المسلحة وقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان على ان يتم اختيار احد العمال ليترأسوا الدولة والاحزاب تشكل الحكومة والتجمع النقابي يصبح مجلس للتشريع المؤقت هذه كانت الفكرة.

    * من هو صاحب هذه الفكرة؟
    ـ صاحب هذه الفكرة هو الاستاذ محمد الامين التوم ونحن وافقنا عليها لكنها في الاخير (طرشقت) }  


    http://www.sudaneseonline.com/ar1/publish/article_7622.shtml[/QUOTE]



    الاستفتاءُ الذي نَسَخَ آيات الجهاد،
    والعضَّ عليهِ بالنواجذ!


    عدم الثقة في الأحزاب؛
    إجابة بسيطة وواضحة وصارمة، وبدون فَرِز.
    فالأحزاب التي تتشدّق بدورها وريادتها للانتفاضة، والتي تشعلقتْ إلى كراسي الحكم والبرلمان، كانت فاقدةً للثقة والمصداقية من قِبَل الفصيل صاحب القدح المُعلّى في إشعال الانتفاضة وقيادتها: النقابات.
    وعدم الثقة هذا، هو الذي أثبَت "جدارته" حين دخلنا في نفق عمر/الترابي؛ بتخاذل الأحزاب وخيانتها ل"مشروع الانتفاضة"؛ لعجز البعض أو تآمرهم، لغفلة البعض أو قصر نظرهم؛ مثلما كانوا يظنون عشيّة الانتفاضة ب"أنّ أوانها لمْ يحِن بعد" ومافي داعي للعجلة!
    وقِصر النظر هذا، أساسه أن قيادة هذه الأحزاب كانت تفصلها عن قواعدها فراسخٌ وآماد. وفي نومتهم الكهفية لم يحسّوا بنبض الشارع (كما يقولون) لينتبهوا وينهضوا وينتفضوا. ومن بعد كل هذا كانوا يجأرون بالشكوى بأن "الحركة الشعبية" لم تنحاز إلى انتفاضة الشعب؛ ولم يُصدّقوا (أو كانوا يعلمون) قيادة الحركة حين وصَفتْ "المجلس العسكري الانتقالي" ومجلسَ وزرائه ب: مايو 2 .
    ومن بعدها، حين دخَلتْ (حرّرت؟!) الحركة بجيشها الشعبي الكرمك، وباعتبار أنها "عُضواً" من الشمال، أصيبوا بالسَهَر والحُمّى ـ مثل الجسد الواحد، والتئموا من أقصى اليمين/ الطائفي إلى أقصاه اليسار/ الشيوعي، فجمعوا المال وأعلنوا الجهادَ في سبيل الوطن!
    واليوم يطلبون من الحركة أن تثق فيهم وتتضامن وتتحالف وتدعم .. وشنو كده ما عارف ـ عشان الانتخابات! فلو كانت النقابات، التي هي من جلدهم الذي لا يَجرّون فيه الشوك، لا تثق فيهم؛ فما بالكم والحركة الشعبية التي تكأكأتم عليها ذات يومٍ..، ليس بالبعيد؟!!

    ونحن هنا لا نودّ أن نختصر، أو أن نفسّر أداء الحركة ومواقفها بأنها فعلت "ما فعلت" نكايةً وكيْداً، أو ردّ الصاعَ بالصاع أو الصاعيْن. ولكن، لا تُكلّف نفسٌ إلا وسعها. والحرَكة أبعَدَ ما تكون عن اتهامها بالبيع والشراء. فشعب الجنوب وشعوبه لم يحاربوا جيوش الحكومات المؤتلفة أو الزائفة من أجل أن يموتوا شهداءَ ليدخلوا الجنّة ونعيمها. ولئن كان هناك من ثمن، فالثمن دفعه الجنوبيّون مُقدمّاً، وهو ليس بالبخسْ: إنه خمسون عام من الحرب المقيتة، إنه أرواح ملايين وجوع ملايين، وتشرّدهم.
    وأهوال الحرب وبشاعتها لا يعرفها ويُقدّر فداحتها سوى من خاضوا غمارها وقتَلوا أو قتِلوا. ولنسأل العديد من جُند الجيوش السودانية وضبّاطها الصادقين، والذين ليسوا من "جنرالات الحروب" أو تجّارها، لنسألهم قبل أن نسأل المقاتِلين من الجنوبيين وشعب الجنوب، لنتيّقن من هول ما فعلوه هناك!
    وبالرغم من أن العديد من قادة الأحزاب الآن، الذين كانوا رؤساء حكومات ووزراء حرب ومسئولين عن أمن الناس وراحة بالِهم، إلا أنهم كانوا وِبالاً على إنسان الجنوب ساعة الحروب، فبالرغم من كل ذلك جلست قيادة الحركة معهم في التجمع ليتفقوا على العمل سويّاً من أجل أن يُصبح كل ذلك بعضاً من التاريخ، وعظة وعِبْرة.
    وهذه هي مسؤولية الحركة التاريخية أمام مَن دفعوا الثمن (شعب الجنوب): أن تجنبّهم مزيداً من مآسي الحروب ومساخرها، وعلى أن يُجازوا بالعدل على الثمن الذي دفعوه مِن أجل حريّتهم وكرامتهم وأمنهم.
    ومن أجل ذلك، هُمْ وشعبهم، لن يهابوا من خوض المعارك ثانية، لأجل سودان موحّد يسع الجميع، أو لأجل انفصال ووطن مُستقل.

    ومن السُخرية بمكان، أن "يطلب" أو يرجوا أحدٌ من الساسة المُعارضين أو المُوالين، من نظام البشير أن يعملَ لأجل "الوحدة الجاذبة"! فالعطايا التي دفعها النظام مقدّماً، من تنازلات في اتفاقية السلام ـ بالرضا عن الاستفتاء الذي نسخَ آيات الجهاد، ومن بنود تتراوح بين العلمانية والهرطقة والتناقض، قبض "ثمنها" مرّتين، وبدّدهم في التوّ والحين:
    مرّة حين "أخرج" "الحركة الشعبية" من بين أطراف التجمّع، وحيّدَ سلاحها إلى حين. ومرّة حين يقبض دولارات البترول، التي سوف تزول بعد حين.
    فوقعَ في شرّ أعماله. فلا المالُ ولا راحة البال بباقِيَيْن..
    فلِلاستفتاء جُندٌ تحرسه، ولن تغمض لها عيْن: جيشُ الحركة، فأمريكا والأمم المتحدة ودول الجوار العدوّة والصديقة والشقيقة شهداءُ على ما اقترفت يداهُ، حين بَصَمْ
    وحين نقول "جيش الحركة الشعبية"، فنحن نعني ما نقول.. وأكّده "عقار" في النيل الأزرق: فللتزوير حدود، جغرافية وإثنيّة ـ حقّتنا .. حقتنا، بالتصويت، أو بالكبريت.


    ***



    تحليلَ الحرام
    ، أو ،
    "الذين استنكفوا" !


    كُنا سنبتلع مسألةَ أن يتحالف الحزب الشيوعي أو ينسق أو يتفق مع الشيطان نفسه، من أجل "هدف نبيل"، إلا مع الترابي! وكنا سنمتعض ونشجب فقط، لو أنهما التقيا ضمن اجتماع لأطرافٍ وأحزاب أخرى من "القوى الوطنية"؛ فأما أن يلتقيا رأساً لرأس وفي أسمرا الشجيّة، فهذا مما يستجوب الحيرة والدهشة.
    وعندما ارتفعت أصوات الاستنكار من هنا وهناك، هبّت التبريرات، من هنا وهناك أيضا، زاعمة أن هذا اللقاء لم يكن بالأهمية التي يوليها الناس له؛ أو أنه لا زعل في السياسة أو حَرَدان..! وبالطبع، ليس في السياسة حلال وحرام، إلا التمسّك بالمبادئ، و إلا أن التقت المصالح والأهداف!

    فمنذ أن هَجَسَ الحزبُ بشعار "جبهة عريضة لإنقاذ الوطن" بديلا عن "الجبهة الوطنية الديمقراطية" بقيادة الحزب الطليعي، وهو ما انفكّ يلعب دور "وزير الخارجية" أو "الداخلية" لمصالح الوطن العليا . وتحوّل من منادٍ بمحاربة الأفكار الرجعية، وبالتغيير والتحرّر والرقيّ، إلى مُصلح اجتماعي يهادن بين الطبقات والأحزاب والعادات البالية. وصار مثل شقيّ منبوذ يحاول أن يثبت براءته، وجدارته لمن يستهين به.
    ف"الشيوعي" الذي ينادي بفصل السياسة عن الدين، بدل الاتجّار به، صارَ يفرّق بين دين وآخر، يُبرز، بداعٍ وغير داع، تعبّده وتقواه بدين الإسلام وتقديس نبيه. وفوق ذلك يدعو الناس بالعمل "الصالح" لدخول الجنّتين: جنة الشيوعية الأرضية وجنة السماوات الأزلية... وينسى أن مَن يحاول دخول جنتين، وقّاع!
    فلا غُروَ إن قلنا: أن مَن لا يستطيع فصل الدين عن ممارسته السياسية داخل حزبه أو خارجه، لن يستطع فعل ذلك في الوطنِ الفسيح.

    والأحزاب الدينية والطائفية لا تخفي ما يجمعها أو يفرّقها. فهي تلعبُ على المكشوف:
    فالأحزاب الدينية الثلاثة "الكبار" لا يتورّعون عن التنافس فيما بينهم، والاحتراب وتحقيق النصر بأيّ ثمن كان؛ فهم يُشكّكون في ضمائر بعضهم بعضا، ويغتابون بعضهم بعضا، ويحيكون المكائد والدسائس لبعضهم بعضا. سوى أن لذلك خطوط حمراء تعاهدوا، سراً أو علنا، بأن لا يقطعوها.. فمن الإسلام استخرجوا الأحكام الحديّة التي تدين الفردَ دون الجماعة، فالويل والثبور لشارب الخمر والسارق والزاني والمارق على دين مُحمد، وأسموها شرعة الله الذي سيخسف بالأرض على مَن عصيها. أما مَن يسرق أموال اليتامى والمعوزين والعاجزين عن العمل، فلا تطبّق عليه الحدود ـ لأن في المال العام شُبهة!
    ولكأنما خلق الله الأرضَ والسماء والكون ودرب التبانة والزمانَ والمكانْ كيْ لا يجرع أحدٌ كأس خمر، وخَلق الله النساءَ لأجل أن يفرّقون فِروجهنّ على المُتقين ـ مثنى وثلاث ورباع.. وبما أنّ نساء الأرض فانيات زائلاتْ فإن فاطر السماوات والأرض سيعوّضهم عنهنّ بحور الجنان الخالدات.
    فكَرْتُ الشريعة هو "آسَهُمْ" و"جوكرهم" على مائدة قمار الدين السياسي التي عليها يلعبون. فلا بأس ولا غضاضة على مَن يختار شريكاً له ليتغلّبا على الطرف الثالث.. كلما في الأمر أن يتبادلا المقاعد، مثلما فعلوا بعد الانتفاضة المغدورة، فالحُكم له ما يكفي من دواوين الوزارة، وفي حوش البرلمان متسع لهذا وذاك.
    أما مَن غضب، وأراد قلب الطاولة على المُتطاولين، فعليه الذهاب وإبرام ما شاء من العقود مع "الحركة الشعبية" (هُوْ التعاهُد والتراضي والكلام الحِلوْ كمان بقروش)؟!

    وبما أن الحزب الشيوعي يعلم بما في قلوب وأفئدة "هؤلاء"، ومَكرهم ومكيدتهم، فهو لا يتفق معهم إلا على الخطوط العريضة، ومشاريع الحدود الدنيا وسقفها.. وما يحيّرنا، حقيقة، هو خُلو الساحة السياسية، وميادين الصراعات العسكرية على بوابات الوطن الشرقية والغربية والجنوبية ـ خُلوَها من أيّ طرَف يصلح لمشاركة "الشيوعيين" لعِبهم في مواجهة خصومهم الكبار!
    ونحن نعلمُ علم اليقين، بأن هذه الأحزاب الثلاثة، لن تتورّع عن الائتلاف سويّا بينها، أو بين بعض أطرافها وسدنتها، كيْ يزيحوا هذا "الحزب"، أو يمحوه من على وجه هذه الأرض، متى ما وجدوا سانحة أو فرصة..

    فهل يا ترى، لأن الحزب يعلم ذلك علم اليقين، لذا يتورّع ويتحسّب على تفويت الفرصَة عليهم؟
    أم هل يا ترى، أنّ الحزب لم يجد في برامج الآخرين، شرقاً وغربا وجنوبا، ما يجمعه بهم، ويصلح لمشاركتهم على برنامج حدّ أدنى أو أعلى؟؟
    فلا اشتراكية "الحركة" نفعتْ من قبل، ولا مطالبها بالدولة العلمانية نفعت من قبل أو من بعد، ولا حلم الشعوب في تقرير مصيرها، أو مطلبها في مُشاركة الحُكم.. يشفعُ لها!

    فمِن الحلال الذي لا تشوبه شائبة:
    كان على الحزب أن يتحالف مع الحركة الشعبية، وأن يُعلن انحيازه لكل مَن رفعَ السلاح في الشرق والغرب من أجل مطالبه العادلة.. عليه أن يكفّ عن دور الجوديّة، عن أن تكون كوادره وقياداته شهداء في ساحات وبراكين الانتفاضات والثورات والهبّات.. دون مقابل!
    وبالقول والفعل، فالأعمال ليستْ بالنيّات، فقط..
    فهو لم يجد من أحزاب الحكومات التي تعقب الصَوْلات والجولات العسكرية ـ سوى جزاء سنمار.

    ولربما في بواطن الأمور ما غابَ عنا.. وانْغَمَضْ
    فلننظر..
    ونشوف.


    ***


    السهلُ المُمْتنع


    إنّ النزاهة والاستقامة وعِفّة اليدِ واللسان التي يتمتع بها الشيوعيّون في أوساط المجتمع، يعرفها ويُقدّرها كل سوداني ـ عاشرهم وساكنهم وعمل معهم. وأن تفانيهم في القيام بواجبات عملهم في كل الميادين التي يمتهنونها، جعلتهم، ولعقودٍ طِوال، يتصدّرون قيادة تلك النقابات العديدة.. فما هو شائع بين العمال والمزارعين والمهنيين والطلبة: "مافي زول بيعرِف يجيب حقّنا أحسن من الشيوعيين".
    ولكن المفارقة تكمن في العمل السياسي؛ فالعديد ممن يساند ويُرشح ويقترع للشيوعيين في نقابته، ينأى بصوته الحزبيّ عنهم.. وعلى قاعدة هذه المفارقة وجذورها تمَوْضعتْ تركيبة الحزب وهيكليّته:
    فالحزب الشيوعي، كأي حزب ماركسي لينيني على الطريقة السوفييتية، ينشأ على فكرة التحالف بين العمال والمزارعين كقاعدة عريضة، التي يتحالف معهم فيها المثقفون الثوريّون والبرجوازيّون الصغار والرأسمالية الوطنية، وكل مَن أدخلتهم "سودنة الحزب الشيوعي"...إلخ. ولكن..، قاعدة هذا الهرم/المثال صارت مقلوبة رأساً على عقب ـ فالتمثيل النسبي لهذه القواعد في مؤسسات الحزب وقيادته تأتي الغلبة فيه للمثقفين الثوريين، ثم و.. و.. ومنبع هذا واضح ولا يحتاج إلى دراسةِ أنثروبولوجي وسيسيولوجي أو سايكولوجي! فالمادية الجدلية والتاريخية اللتان يشكلان فلسفة وفكر الحزب عصيّتان، على الفهم والتقبّل، حتى على المتعلمين الجامعيين وطلاب الدراسات العليا، ناهيك عن صغار المزارعين والعمال السودانيين الذين يرزحون تحت كوابل الأميّة والانتماء الطائفي والقبلي والعشائري.
    ولكن، أيضا، وبرغم أن الحزب سجّل اختراقات عديدة لهذه المعوقات والمصدّات، وكسب بعض المناصرين من تلك الفئات الاجتماعية، إلا أنه وقف عاجزاً أمام "الأحْجيَة" والفخ الذي نصبته له الزعامات الطائفية و"الأخوان المسلمون"، بدعاوى الإلحاد وعدم تقبّل الشريعة الإسلامية.
    فبدل النأيْ بحزبٍ لا ديني عن مغالطات كافر/مسلم، شرعَ الشيوعيّون سلاح إسلامهم الصدئ. وبدل أن يخوضوا معرَكتهم على أساس فكري، في بلد متعدّد الديانات والثقافات، راحوا يجاهرون بإيمانهم وتقواهم وصيامهم وصلاتهم؛ بدل الدفاع عن حزبهم وخطهم السياسي والفكري الذي لا يتدخّل في معتقدات عضويّته أو بينهم وربّهم وما يعبدون.
    ووقعوا في تناقضات ذميمة:
    فالمسلون في السودان، كما غيرهم في أطراف المعمورة، شِيَعاً وأحزابا وطوائف، صار عليهم أن يبيّنوا إلى أيّ فِرقةٍ ينتمون! فبجانب عجزهم عن قراءة الدين الإسلامي قراءة جديدة منحازة إلى قضاياهم التي ينافحون من أجلها ـ شرعوا يردّدون آيات أبا ذر الغفاري التي حاربَ بها عثمان بن عفان الذي كنَزَ الذهبَ والفضّة، ويستشهدون بتعطيل عمر ابن الخطاب لحدّ قطع يد السارق في زمن المجاعات، ويتغنّون بعدْل عمر بن عبد العزيز الذي وزّع المال على الفقراء.. ونسوا أن كل ذلك لا يُكفّر حاكما ظالما، أو يُمهّد الطريق إلى رحاب الاشتراكية والعدل بين الطبقات ومساواة المرأة بالرجل! فالشريعة الإسلامية السمحاء لمْ تضع سقفا للغناء الفاحش أو أمراً بالتنازل عن غنائم التجارة أو عددا محدودا من الإماء وملك اليمين.. وشرَعَتْ للمؤمنين المُتقين ما طاب لهم من النساء مثنى وثلاث ورباع.
    ولو أن الشيوعيين المسلمين سنّوا لهم طريقة إسلامية وفِرقة، مسنودة بالمُنزل والمُحكم من آيات الذكر الحكيم، لسَقطت عنهم دعاواهم وحُججهم ضد المتاجرين بالدين. وألّبت عليهم كلّ من لا يدين بدين الإسلام في السودان، وفوق ذلك كلّ مُلحدٍ زنيم.
    فظلّت الشِيم والأخلاق التي ذكرناها في مُفتتح هذه الأسطر، لا تصلح سوى لنقابيّ شيوعي لا يستطيع المحاربة بها خارج حوش عمله ومهنته، ذلك المسيّج بأحابيل الساسة ودهاقنتهم، وجهل الناس وأميّتهم، والموصد بابه بزبانية السلطان وجنده.
    ولذا، أصبح الجدل في الفكر والفلسفة، يتعاطاه المثقفون الثوريّون بداخل بيوتهم أو دُورهم الحزبية، ودون عضويّة الحزب من الكادحين وأنصاف المتعلمين.. فأصبحوا غرباء عن طبقاتهم التي يسعون لفكّ أسْرها.


    ***


    عُقدة أوديب

    لا أحد يُنكر لكثير من الشيوعيين السودانيين إسلامهم، كما ونحن لا نريد أن نفعل. لكننا لا نتشكك في أن الكثيرين منهم تتنازعهم الهواجس والبلبلة، والوقوف برْجل هنا، والأخرى هناك.. بين مفاهيم الدين الإسلامي (الذي لا يختلف في جوهره عن الأديان السماوية في مسألة خلق الكون والإنسان ـ كمثال) والمادية الجدلية/التاريخية كنظريّةٍ علميّة.
    فعلى عاتق الشيوعي من أصحاب تلك الثقافة، مسلماً كان أم ماديّاً جدليّا، أن يتبنّى، أو يوفّق بين الإيمان الديني وقناعاته الفلسفية والفكرية. وفي ممارسته السياسية والحوار مع الآخرين، عليه أن يتوخى المحاذير، فتعاليم الحزب لا تسمح لأحد من أعضائه أن يجادل الآخرين في تاريخية الأديان وماهيّتها ـ إذا ما كان القرآن مخلوقاً أمْ أزلي!
    إن الدين الإسلامي، كغيره من الأديان، لا "يسمح" لأحد بأن يُفسّره مِن خارج مؤسساته الدينية. والدولة، أو مَن بيدهِ السلطة، لا يرحم أحداً يخرج عن سُنن ومفاهيم إسلامه التي يرسمها كي يمشي عليها الناس، فتاريخ الدول الإسلامية مليء بالبطش والإرهاب باسم الدين وشرعته أو الخروج عن هَدْي تعاليم السلطان. ونحن في سِنا عُمْرنا القليلة شهدنا اغتيال الأستاذ الشهيد/ محمود، وقبلها علمنا بما فعلته "المهديّة" في العباد. فمَن يُكفّر بعض المسلمين بزعم خروجهم عن مِلّة مُحمد، سيأتي عاجلا أو آجلا، من يكفره؛ ولسوف لن ينفعه الجَهْرَ بإيمانه وتقواه، أو السكوت!
    فمِن العبث، وعدم الجدوى أن يُشهر ماركسي لينيني إسلامه، أو أن يُحارب إسلامَ إبن عفان بإسلام أحد العُمَريْن؛ فمَهَمة الماركسي/العلماني في السودان ليست انحيازه لدين من الأديان أو معتقدات الخَلق، مَهمَته تكمن في محاربة كلّ مَن يزجّ "بدينهِ الإسلامي" في السياسة أو مَن يُريد أن يحكمَ به غير المؤمنين أو الخارجين عن مذهبهِ وطريقتهِ.
    وكما أن الإسلام ليسَ واحداً أحدْ، فكذلك الشيوعيين السودانيين؛

    ***


    استراتيجي أم تكتيكي

    إن المعيار الذي يحدّد طبيعة التحالف (استراتيجي، تكتيكي) بين أطراف المعارضة، في ظل نظام الإنقاذ، ليس هو إسقاط النظام في حدّ ذاته؛ وإنما شكل الدولة المُراد بناءه. كما، وأن الشعارات الحزبية و"بيانات الإجماع الوطني" المَمْهورة بأختام الزعامات، التي تصدر من الخرطوم أو جوبا أو أيّ مكان آخر في العالم، لا تصلح مقياساً للتنبؤ بخط سير كلّ حزب على حدة؛ فالمضمون الفكري والتكوين الاجتماعي والمصلحة المشتركة، داخل كل حزب مُعيّن، ومع الأحزاب الأخرى هي التي تحدّد طبيعة العلاقة، وحدودها.
    فمن السذاجة السياسية أن يظنّ "العلمانيّون" أو "الدينيّون" أن الطرف الآخر حليفاً استراتيجيّا له. ومن السذاجة، أيضا، أن يرْكِن طرفٌ للآخر:
    إن "السهولة" العجيبة التي وافقت بها الأحزاب التقليدية ـ اليمينيّة، بل ومشاركتها الفعليّة، على، وصياغة برنامج وأهداف "التجمّع الوطني الديمقراطي"، أمرٌ يدعو للريبةِ قبل الدهشة! فما الذي أسْرَى بأحزاب طائفية من "مشاريع دستور إسلامي" وعرّج بها للقبول بمشروع دولة مدنيّة/علمانيّة:
    سوى التكتيك؟!!

    فالأحزاب اليمينية التي جلست مع الحركة الشعبية، والأحزاب والقوى اليسارية الأخرى في التجمع، وتوافقت معهم على ضرورة قيام دولة مدنية علمانية حفاظاً على وحدة السودان ـ لم يكن موقفها مبدئياً. بمعنى أنها كانت تعلم، علم اليقين، بأن فصل الدين عن الدولة، والذي يعني عدم التمييز بين المواطنين باسم الدين، والتوزيع العادل للثروة، وتمكين الحكم الفيدرالي أو الكونفيدرالي للأقاليم..إلخ سيعني سلبَها أمضى أسلحتها التي تشقّ بها طريقها إلى سدّة العرش، وتحقيق مصالحها ومآربها من الحُكم. فالهدف الاستراتيجي بالنسبة لهذه القوى ليس هو بناء دولة بتلك المواصفات، بل هو إسقاط حكم النظام القائم، وبعدها لكل حادثٍ حديث..! أما القوى الأخرى، فإن الاستراتيجي بالنسبة لها، لا يقف عند حدود إسقاط النظام؛ بل يتعدّاه إلى بناء مؤسسات الدولة الحديثة، التي تقطع طريق العودة إلى أيّ نظام ديكتاتوري، مدنياً كان أمْ عسكري. وهذا هو أُس التناقض بين أطراف التجمع، والتعارك بداخله:
    فللتجمع أهداف ومبادئ مُعلنة، وأساليب وأدوات مُتفقٌ عليها لتحقيقها ـ الانتفاضة الشعبية المحميّة بالسلاح. والأدوار وُزّعت بطريقةٍ منطقية، فعلى تجمع الداخل تحريك الشارع، وعلى القيادة الشرعية العمل العسكري، وهيئة قيادة التجمع العليا عليها الدعم المادي والمعنوي والسياسي الدولي. إلا أن الأحزاب الثلاثة الكبيرة ( إتحادي، أمة وشيوعي) التي تتوزّع فيما بينها المناصب الرفيعة داخل هيئة الرئاسة، والمُعتمَدة على هذه الاستراتيجية العامة، كانت تقف عَقبة كأداءْ في طريق تنفيذها؛ وعملوا بلا كلل على تخصيب أرضية الخلافات داخل القيادة الشرعية، وبنظرة حزبية ضيّقة ـ مرّة باستمالة بعض أعضائها، ومرّة بحجب المال عنها، ومرّات بمحاولات الهيمنة عليها؛ بالتدخّل في تفاصيل عملها العسكري الذي له خصوصيّته من الناحية الاحترافية وسريّة المهام التي ستقوم بها. فظلوا لأعوام طوال يسوّفون ويماطلون، مُعتمدين على عامل الزمن، في تفاقم الخلافات داخل النظام الحاكم بين المتشددين والبراغماتيين، وتصاعد الغضب الشعبي، والعزلة العالمية كعوامل لإسقاطه. ودونما الحاجة للعمل العسكري المشترك بين أطراف التجمع، الذي سيُقوّي من شوكة اليسار والقوى الديمقراطية والتقدمية.
    وللأسف الشديد، اختلطت بعض عناصر هذه التناقضات والصراعات الحزبية، لتعمل ك"مصالح" مشتركة بين النقيضيْن التاريخيين ـ الطائفي والشيوعي: فبينما كان اليمين متخوّفا من الدَوْر المتزايد لخصومه اليساريين بداخل التجمع، وبالمزيد من طلبات قوى وأحزاب حديثة، بالانضمام إليه، ويعمل على عرقلتها.. كان الشيوعيّون يتخوّفون، أيضاً، من منافسيهم الجُددْ، واجتهدوا في إقصائهم، قدْر المُستطاع!
    ومن دهاء الساسة اليمينيين و"نجاحاتهم"، أن أوقعوا الحزب الشيوعي بالأوهام، تارة ـ حين تقليدهم بمناصب عليا داخل هيئة قيادة التجمّع، تنتهي صلاحيّتها بسقوط النظام، وتارة ـ حين أبعدوه عن إقامة تحالف استراتيجي بينه وحلفائه المُفترضين بداخل التجمع.. فالحزب الشيوعي كان، وما يزال، ينامُ على حافّةِ أدواره التاريخية الريادية السابقة، وأحلامه بقيادة القوى اليسارية الصاعدة، وبدون مُنافسْ
    وفي الحقيقة، أن قيادة الحزب تخشى من قواعدها وكوادرها، التي ما فتئت تتركه وتستنكف مواصلة المسيرة معه، وتلجأ إلى أحزاب سياسية تقدميّة وحديثة وغير أيدلوجية/ عقائديّة؛ ناهيك عن أن يتحالف ويحتك بالعمل والفعل مع "منافسيه" ـ فتزداد قوّة الجذب/ السالبة.

    إن النظام لَعِب، وما زال يلعب على تناقضات قوى المُعارضة. ولما عجز عن كسب معاركه العسكرية لإخضاع الجنوبيين، لجأ لسياسة "فَرّق تَسُد". فأمام "عَجْز التجمع" عن توحيد بندقيّة، شرَع في العمل على إخراج أكبر قوّة عسكرية منه، وتنازل عن الجهاد في سبيل الله ورسوله، وأبْرَم صُلح السلام مع الحركة الشعبية، دون أخْذَ جذيةٍ أو دخول الدين الحنيف. وعلى وتر الخلافات وشتات بقيّة القوى، جغرافياً وسياسيا، بين القاهرة وأسمرا وجدّة، خَتَمَ لهم "تأشيرة دخول" على أوراق اتفاقية القاهرة، ليعودوا للوطن من أرض الغربة، فأعلنوا التوبة عن الكفاح المسلح برمي ذخيرتهم على التراب. وبهذا الصك على بياض، جلسوا على مقاعد البرلمان والوزارات، وتناسوا "وَعْد" عمر البشير لهم، بأن "مَن له حق عندنا فعليه أن يأخذه بحد السلاح، كما فعلنا".. إلا أن "الحركة" لمْ تنسَ هذا الوعيد، واحتفظت بجيشها الشعبيّ.

    إنّ اتهامات بعض زعامات الأحزاب اليمينية "للحركة" بأنها خرَجَت عن "إجماع جوبا"، ليس هو سوى ضحك على الذقون! ففي جوبا لم تتفق الأطراف على استراتيجية مُوحّدة ولا يحزنون. والحركة، ومنذ أن انضمّت للتجمّع الوطني، لم تجد دليلاً واحدا من هذه الزعامات على أنّها تابت واستغفرت عن جرائمها السابقة في حق الجنوبيين، أو عن استعلائها وعنجهيّتها وتكبّرها.. ففي الوقت الذي كانت فيه الحركة على استعداد للزجّ بقواها العسكرية إلى أتون الحرب ضد النظام، كانت الأحزاب تقبع بقواها العسكرية الضئيلة في معسكرات بداخل الحدود الإرترية، ويتنازعون فيما بينهم، حزباً حزبا، على كَسْب ود سلطة أسمرا، كلّ دون الآخرين.. مُترفعين عن العمل العسكري تحت غطاء الجيش الشعبي، الذي له الغلبَة.
    التأفُف والاستنكاف، عن الجُندية تحت إمْرَة الدينكا والشلك والنوير، هوَ لا غيره، ما يُفسّر لنا هَدْر مثل تلك الفرصة العظيمة، وإمكانياتها الراجحة لهزيمة نظام الجبهة وتركيعه. وبالطبع، ذلك مقرونا بعدم الجديّة مِن قِبَل القوى اليمينية لإنفاذ مُقررات التجمع.
    وفترة الخمس سنوات الانتقالية، كانت هي المحك لاختبار قدرات الأحزاب، يمينها ويسارها، على مقارعة النظام والضغط عليه من أجل تنفيذ اتفاقياته ـ ذات الجنوب، وذات الشمال. فلا يُعقل أن تتنادى الزعامات وتطالب بتنفيذ بنود اتفاقيتها البايرة لأعوام خَلتْ، في غضون أشهر معدودات، وهي تحتاج إلى دهور مِن العمل المُضني لأجل أن تفكك أجهزة الدولة التي استولى عليها البشير وحزبه، ولإعادة صياغتها من جديد ـ ليصير الإعلام قومياً، والعسكر في الجيش والبوليس وخفر الحدود وطنيا، والعدلُ يمشي بين الناس على صراط الدستور القويم!
    فهل من "العدل" أن تهبّ هذه الأحزاب من غفوتها وغيلولتها، على قرع جرس الانتخابات، مستجيرة بجوبا، ولتتذكر شعبها المسكين ومُعاناته واتكاله عليها، لتسيّره أعزلاً في الشوارع والكباري المدجّجة بجند الرحمن.. وتتركه حائراً بين "المشاركة" وعدمها.. ومن بعد ذلك تلوم قيادة الحركة الحائرة بين محاسن الوحدة، وسوءات الانفصال..
    هل؟!

    ***

    إن التحالف الاستراتيجي بين القوى الديمقراطية، وتوحيد كلمتها في مواجهتها لقوى اليمين في المعارضة، هو الذي سيُجبر الأحزاب التقليدية كافّة على التنازل من بعض "حقوقها التاريخية" التي يزعمونها ويتشدّقون بها.. وللعمل على برنامج مُشترك، وأدوات تنفيذه ـ حدّه الأدنى هو الدولة المدنية التي تساوي بين الناس بدستورها الذي لا يفرّق بين دينٍ ودينْ وعرقٍ وعرقْ وغنىً وجوع.

    إنّ التحالف الاستراتيجي للقوى الديمقراطية، وبداخل جبهةٍ وطنية عريضة، ليس بالحرام أو المستحيل. فعلى قوى اليمين/المُعارض أن تختار بين مصيريْن:
    إما أن ترضى بالتوافق مع النظام والتخلي عن طموحاتها الحزبية فتخسر قواعدها الوطنية، وإما أن تقنع بنصيبها التاريخي في أن تعمل مع الآخرين من أجل وطن فيه المواطن متساوٍ في الحقوق والواجبات.

    والكلام الواضح أحسن منّو مافي:
    فلو انفصل الجنوب، فسيظلّ سنداً وعَضَدا داعماً للقوى الديمقراطية، وشعوب السودان المناضلة من أجل حقوقها وقضاياها العادلة والمشروعة..

    فَلْلا نَخَفْ!

    ***

    السودان القديم، والسودان الجديد

    تغيّر وجه السودان، مرّة وإلى الأبد. منذ أن أمسكتْ "فِرْية الإنقاذ" دفّة الحكم؛ فَبانتْ على سِحنَتهِ كلّ سوءات الأنظمة السابقة؛ إذ جرأت على فعل كل ما "عجزت" عنه الحكومات المدنية والعسكرية ـ فأدْلجَتْ مؤسسات الدولة الحيوية كافة وأخضعتها لسيطرتها.. فالاستقلال النسبي الذي كانت تتمتع به تلك المؤسسات، مثل القضاء والبوليس والخدمة المدنية، وبحسب شكل وأطر الحكم القائم، فقدته تماما منذ صبيحة الانقلاب. وأوصلت بسياساتها الراديكالية العنيفة كلّ شيء إلى مداه الأقصى:
    عَملتْ بلا هوادَة وقسوة على فصل كلّ مَن لا يتبعها أو مَن لا تثق فيه، نساءً ورجالا ، من مرافق الدولة وأسكنت الجميع بيوتهم وبيوتهنّ بلا مصدرٍ للرزق.. فأصبح السوداني والسودانية، بدَلَ أن كانوا يلعنون المالَ الذي غرّبَ أحبابهم وأعزاءهم في بلاد العرب الموسرين، يلجئون إلى أفقر دول الجوار، ويُهاجرون إلى بلاد "الواق واق" وأقاصي الدنيا طلباً للقمة العيش، ويُبّدلون دينهم ولغاتهم و"قميص الكفنْ"..
    وفتحَتْ "بيوت الأشباح" على مصراعيها وزجت فيها كلّ مَن لا يتبع، أو يعصي، سُنّة الترابي/البشير، واغتصبت الرجالَ والنساءَ، وعَذّبَ طالبُ العِلم أستاذه، والجارُ جارَه، والمُربّي تلميذه، وابنُ القبيلةِ شيخَه وبني جِلدَتهِ قبْلَ الآخرينْ
    وما كان يفعله السابقون في سدّة العرش، بالحيلةِ والمَكر والدهاء وبعض الحياءْ، جَهَرت به وأعلنت السودان دولةً للحضارة العربية وإسلامها.. وتطهير غَلَفةِ الذَكَر والأنثى، وعجمة اللسان!
    والأدهى والأنكى، أن صار أبناءُ القبائل وبناتها، يُوالون نَسْلَ ذريّتهم وجلدتهم، قبل خليفتهم ومَهَديهم.. ويفرّون من أحزابهم، يمينها ويسارها، وطوائفهم، ويتحلّقون حول أترابهمْ.. ويزعقون في زعاماتهم وكُبَرائهم بأن يَحْزموا أمرَهم، ويَلوكون صبرهم، وألا يتدافعون بالمناكب إلى كراسي الحُكمِ.. قبل يومهِ وأوانهِ.

    وتغيّر وجه السودان مذ خرجت الملايين، من جحور العاصمة المثلثة وبناياتها الشاهقة، وهُرِعوا وتَبادروا من الفيافي والأرياف، لملاقاة الشهيد/ قرنق والترحيب به.. يومها، لقفَ الرعبُ قلبَ الحزب المُعارض، قبل الحزب الحاكم..
    وبعدها، حين أخلى بغيابه حديقتهُ وشرفته، في القلوب والحناجر، فارتاحَ المُنافِسُ والمُتاجرُ والمُتخابثُ والمُداهن والمُغامر..
    بَيْدَ أنّ وصيّته لمْ تزل تعْلقُ في الأذهان والأفئدة، حيّةً وقّادة تحت الرماد.. توّاقة لمن ينفخ فيها، لتشتعل، فتخرج الجماهيرُ من جديدْ

    كلّ ما نعلمَهُ،
    أن وجه سوداننا القديم، قد غابَ واندثر.. وللأبدْ
                      

العنوان الكاتب Date
فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-16-10, 09:22 AM
  Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء محمد مدني06-16-10, 09:46 AM
    Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء صديق عبد الجبار06-16-10, 10:27 AM
      Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء صديق عبد الجبار06-16-10, 10:34 AM
        Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-17-10, 00:30 AM
          Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-17-10, 08:57 AM
            Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء صديق عبد الجبار06-17-10, 09:36 AM
              Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء Abureesh06-17-10, 09:56 AM
                Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء أحمد ابن عوف06-17-10, 10:53 AM
                  Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عبد الله حسين06-17-10, 05:07 PM
                    Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء Abureesh06-17-10, 05:27 PM
                      Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء رؤوف جميل06-17-10, 07:42 PM
                        Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء طه جعفر06-17-10, 08:15 PM
                          Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عبداللطيف حسن علي06-17-10, 09:31 PM
                            Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-17-10, 11:40 PM
                              Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء معاوية عبيد الصائم06-17-10, 11:48 PM
                                Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-18-10, 00:12 AM
                                  Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء Abureesh06-18-10, 01:25 AM
                                    Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-18-10, 02:10 AM
                                      Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء سيف النصر محي الدين محمد أحمد06-18-10, 02:42 AM
                                        Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء Abureesh06-18-10, 02:53 AM
                                          Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء خالد العبيد06-18-10, 02:59 AM
                                            Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-18-10, 06:21 AM
                                              Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-18-10, 06:38 AM
                                                Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء معاوية عبيد الصائم06-18-10, 04:26 PM
                                                Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء معاوية عبيد الصائم06-18-10, 04:26 PM
                                                  Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-18-10, 07:51 PM
                                                    Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عبد الله حسين06-18-10, 10:16 PM
                                                      Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-18-10, 11:00 PM
                                                        Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء تبارك شيخ الدين جبريل06-18-10, 11:19 PM
                                                          Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-18-10, 11:51 PM
                                                            Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء تبارك شيخ الدين جبريل06-19-10, 00:00 AM
                                                              Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عبد الله حسين06-19-10, 02:56 AM
                                                                Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-19-10, 08:19 AM
                                                                  Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-20-10, 00:44 AM
                                                                    Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء سيف النصر محي الدين محمد أحمد06-20-10, 01:18 AM
                                                                      Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-20-10, 04:58 AM
                                                                        Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-20-10, 07:38 AM
                                                                          Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء فدوى الشريف06-20-10, 09:11 AM
                                                                            Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء أبو ساندرا06-20-10, 10:49 AM
                                                                              Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء تبارك شيخ الدين جبريل06-20-10, 08:29 PM
                                                                                Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-21-10, 10:14 AM
                                                                                  Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-21-10, 10:50 AM
                                                                                    Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-21-10, 02:01 PM
                                                                                      Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء تبارك شيخ الدين جبريل06-21-10, 10:58 PM
                                                                                        Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء Sinnary06-22-10, 06:18 AM
                                                                                          Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-22-10, 09:20 AM
                                                                                            Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء أبو ساندرا06-22-10, 10:00 AM
                                                                                              Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-22-10, 11:09 AM
                                                                                                Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عبد الله حسين06-22-10, 09:27 PM
                                                                                                  Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء JOK BIONG06-22-10, 11:04 PM
                                                                                                    Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-24-10, 05:59 AM
                                                                                                      Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-25-10, 09:02 AM
                                                                                                        Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-28-10, 01:06 PM
                                                                                                          Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء تبارك شيخ الدين جبريل06-29-10, 06:02 AM
                                                                                                            Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء خالد العبيد06-30-10, 04:57 AM
                                                                                                              Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن06-30-10, 01:59 PM
                                                                                                                Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن07-01-10, 01:39 PM
                                                                                                                  Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن07-05-10, 02:49 PM
                                                                                                                    Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عبد الله حسين07-05-10, 10:41 PM
                                                                                                                      Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن07-06-10, 03:26 AM
                                                                                                                        Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء تبارك شيخ الدين جبريل07-06-10, 05:19 AM
                                                                                                                          Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء Sinnary07-07-10, 06:34 AM
                                                                                                                          Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن07-07-10, 08:27 AM
                                                                                                                            Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء عادل عبدالرحمن07-07-10, 01:20 PM
                                                                                                                              Re: فتوى الحزب الشيوعي حول الاستفتاء.. الذي حيّر العلماء تبارك شيخ الدين جبريل07-07-10, 06:47 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de