مشهد الترحم على الفقيد الغالي جعفر نميري بالقصر الجمهوري بالخرطوم قبل نقله للدفن . ألف رحمة تغشى مثواك الميمون يا جعفر . ----------------------------------------------
ونحن نودع الرئيس جعفر محمد نميري بحزن عميق ، تدور بالخاطر ذكريات فريدة . -ففي العام 1976م حرمت مع مجموعة من طلاب الإقتصاد أبناء أصحاب الدخول المنخفضة ( دفعة الزبير محمد الحسن وزير الطاقة ) حرمنا من الدراسة لعدم القدرة على دفع رسوم التسجيل للكلية ، فجلست مع أولئك النفر المغلوب على بنشات ال ( Main road) وتحت ظلاله الوارفه ننتظر الفرج ، فخطر لي أن أراسل الرئيس نميري شارحا مشكلتي ومذكرا له بأنّ والدي قد كان في يوم من الأيام زميلا له بمدني الأميرية الإبتدائية وهو الان طريح الفراش في دوامة من الأمراض عجز عنها الطب بشقيه البلدي والحديث ( وكانا يتبادلان درجة الأول بالفصل حتى إنتهت المرحلة و تزاملا بفرقة الكشافة وينصرفا كل يوم لمنزليهما عبر حي ود أزرق ، فيذهب نميري لمنزله والده بالسكة حديد ويذهب الوالد لمنزل نور الدائم الكرنكي شريك جدنا خضر ود الزين بالتجارة كجلابة بكردفان . وسرعان ما جاء رد نميري على رسالتي برسالة من القصر الجمهوري بترويستها المعروفة التي عليها صقر الجديان ، واستدعاني عميد الطلاب د. التجاني حسن لمكتبه ليقرأ عليّ رسالة الر ئيس المتضمنة إعفائي فورا من الرسوم الدراسية وإعطائي منحة شهرية وتشغيلي في الإجازة الصيفية ، وبجرة قلم صرت أهم طالب بالجامعة كلها بفضل الله ثم ّ بمكرمة نميري ووفائه لزملائه وحنو قلبه . - وهذا كان سببا في نقل كفالتي من شركة النقل الجماعي بالرياض السعودية لشركة إنتركي ، حيث يمنع قانون الجماعي نقل الكفالة و يتم إعطاء الخروج النهائي فقط ولو كان نقل الكفالة من والد الموظف ( بالتابعية ) !! حين صعدت للمدير العام وحكيت له قصتي أعلاه مع نميري ، وأردفت : والله يا باشمهندس عتبتك دي ما أقلّ من عتبة الرئيس نميري ، فتبسّم المدير واعتدل في جلسته ورد عليّ سريعا : خير يا رشيد مرّنا بكره . ولما حضرت صباح اليوم التالي وجدت نقل كفالتي جاهزا في مظروف بديع مع السكرتير !!!!
- وفي العام 1984م وحين ترادفت المظاهرات والمحن على حكومة نميري بعث والدي رحمه الله ( توفي عام2001م بفداسي الحليماب ) برسالة طويلة جدا للرئيس شاكرا له جهوده ومنجزاته الكبيره ولكن ترجاه بشدة التنحي وترك السلطة التي عسرت . فما كان من نميري إلا أن بعث له عبر بريد مدني بحوالة كانت حديث الموظفين بمكتب البريد والبنك الإسلامي السوداني الذي كنت أعمل فيه مع مديره عبد المجيد منصور رئيسا لقسم الإستثمار . وسألني الناس بإندهاش ما مغزى هذه الرسالة ، فقلت لهم الرئيس يريد أن يقول للوالد : دع القيادة لنا ( ثقافة النقل الجماعي !!) ولو غلبتك المعيشة خد المبلغ ده واسكت !! . -وفي آخر إنتخابات رئاسية – التي ترشح فيها كيجاب أيضا والرئيس نميري عن حزبه - أعطيت صوتي بالضرورة لنميري واحتفظت بنسخة أخرى منذ ذلك الوقت حتي قبل نحو عام حيث ذهبت طالبا مقالبة النميري – رحمه الله – بمنزله بودنوباوي ، ومع الحراسة الأمنية المشددة أوصلت له الكلام عن طريق خاله فوجده نائما وقالت له زوجه أطال الله عمرها ( العمه بثينه ) مرحب بيه يجي في أي وقت تاني ، وسلمها كتيبي ( شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ) ليضعوه له تحت وسادته رجاءا للبركة والتعافي . و قلت للحرس هذه زيارة غير عادية ، هذه تعريجة وفاء ومحبة ، أريد أن أسوق للرئيس شكر تأخر ووفاء تقادم بسبب ظروف الإغتراب وغيره . - كان شيخنا العلامة الأزهري النادر / محمد رملي بفداسي - خال جمال الوالي – رحمه الله – كثيرا ما يقول لنا بدروسه الدينية المميزة بمسجد فداسي العتيق : أحسن حاجه عملها نميري قتله لمحمود محمد طه ، وفيما بعد وجدت بكتب جماعته الضالة ( الجمهوريين ) أسماء اللجنة السودانية التي أفتت بكفره ومن بينهم الشيخ العلامة العالم العامل الزاهد محمد رملي والشيخ محمد الفاتح الشيخ قريب الله والبروفسير الضرير وغيرهم من أجلة علماء السودان وأخيارهم ، فلو أنكر عليهم منكر فهو من شقوة حاله ولعبه بمآله وركوب رأسه ودفوعه عن صنم الثقافة المجرد وقرنيق الفكر المزيف ، وحتى قول العلامة المحبوب عبد الله الطيب : إنّ إغتيال !!! محمود محمد طه إغتيال للفكر فهو من قبيل كبوة الجواد الأصيل ، وإلا فإن مخالفة الإجماع مثبة وصم بها حتى شيخ الإسلام إبن تيمية حين قال بوقوع طلاق الثلاثة طلقة واحدة فوصفه شيخ الأزهر وإمام الصالحين وقتها القطب الدردير بأنه ضال مضل أضله الله على علم ، وهو نفس الوصف الذي وصف به العلامة المرحوم عبد الجبار المبارك عقب مناظرته الشهيرة لمحمود بأم درمان وإنتصاره عيه في عقر داره ووسط تلامذته . وقد حذر الشيخ الحسن في كسلا – رحمه الله - محمود من القتل ، وقال له حين زاره يوما - يزعم محمود بأنه أحد الشيوخ العارفين بالله ( معاذ الله) - الجماعة ديل بيقتلوك : يعني ناس نمير ي ، فقال له محمود : لو قتلوني يعني إيه ! الحلاج ما قتلوه قبل كده ! ، فرد عليه الشيخ الحسن : لكن إنت ما زي الحلاج ( أي الحلاج عارف بالله تأوّل فما عرف مقصوده ) فحكم بكفره ، وأنت كافر كفر صريح لإنكارك ما علم من الدين بالضرورة ، من صلاة وصوم وحج وصدقة وتحريفك لظاهر الشريعة وزعمك أن ذلك خاص بالرسالة الأولى ( الحركية ) وتبشيرك بالرسالة الثانية ( الزندقية ) إلخ ....!!!!
-وحمد بعض الناس للنميري محبته للصالحين وإعادة ترميم قباب الصالحين بأبي حراز كقبة العلامة شيخ العارفين يوسف ود الطريفي ( أبو شرا ) الملقب بسابق ( يا ) لسرعة إغاثته ، وقبة مربي العارفين وإمام الطالبين الشيخ أحمد الطيب بن البشير بن مالك بن محمد سرور بأم مرحي شيخ الطريقة السمانية و مؤسسها . -وفوق ذلك تطلبيقات الشريعة الإسلامية والتي جاءت نتاجا لإجتهادات علماء المسلمين شرقا وغربا وإنكار ذلك إستهتار بمصدر الإجتهاد الأصيل – وهو عبادة - وقد نوه لهذا الفضل البروفسير الشيخ حسن الفاتح الشيخ قريب الله وأثنى على نميري في ذلك كثيرا ، ولولاه بعد الله لكانت الخمور التي أريقت في ضحوة واحدة على إمتداد المليون ميل مربع لكانت تباع علنا في كل مكان ببلادنا !! وأمن الناس في دورهم ، وأقيمت الحدود ( بمدرءاتها ) وأغيث الناس - لحد في سبيل الله خير من عبادة أربعين خريفا - الحديث . وسخر الجمهوريون الضالون المضلون كعادتهم والعلمانيون والمثقفون الغافلون عن طريق الحق والرشد من هذه التشريعات هدانا الله وإياهم .
وفي هذا كفاية للمسترشد .
نسأل الله جلت قدرته وتقدست أسماؤه أن يتغمد النميري بعميم رحمته ويكرم نزله ويعلي منزلته ويجعله في أعلى عليين مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، وأن يوسع له في قبره ويبارك في زوجه وآله وأحبته ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله على الحبيب البشير وآله وصحبه وسلم .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة