غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد:

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 12:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-16-2008, 02:55 PM

abdelmoniem ali

تاريخ التسجيل: 02-13-2007
مجموع المشاركات: 35

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد:

    مقدّمة:
    ولدت الكراسة الأولى من شعر الأستاذ محمد طه القدال بعد طول انتظارٍ من محبّيه وهى ليست بأفضل شعره ولكنّها أشهره. وأذكر أنّنى سمعت قصيدة حليوة على شاطئ النيل الأزرق بقرية الجديد عمران بعد عودتى من مصر الحبيبة عام 1977، ونحن نبلُّ الشوق ونغتسل من عناء افتراقنا وسفرنا ، الذى لم ولن ينته ، بالشعر ونيل الفردوس. يسمعنى ما عنده وأسمعه ما عندى ، وعندها تبيّن لى أنّ أخى أعمق موهبة وأعلى منـزلة وأوضح رؤية وأنضج تجربة منّى ، وأنا استطعم ما أسمع وتأخذنى الدهشة ترفعنى وتضعنى وتهزّنى ذات اليمين وذات الشمال ، والصوت الجميل ، ببحّته الدافئة وعمقه المؤثّر يتدفّق كمويجات نهرنا الخالد وينفض عنّى غبار الغربة ويغسلنى من وعثائها ويدثّرنى بدفء العشيرة ، فقلت له ما معناه: "لا يحقّ لك الصمت والشحّ بما عندك فغرّد كما شئت أو كما شاء لك الهوى" ففعل.

    وأقرّ أنّنى ، طيلة الأعوام السابقة ، ظننت أنّه كتب قصيدة حليوة بعد عام 1975 عندما قلعت خيمتى ونشدت داراً أوسع وأطيب مقاماً ، دعوته وألححت عليه أن نترافق إليها ولكنّه أبى ومنعه ما أراد الله لكلينا ، فقد ضقنا بدراسة الطب وفضّلت، فعل العاجز والجبان، أن ألوّن مشواره وأخّفف طعمه بمزجه بصحبة الأخيار فى قاهرة المعز والتزوّد من طيّبات بحرها العظيم ولو أنّنا ، وأقول أنّنا ، لم نتزوّد منها بغير الخال عبدالرحمن الأبنودى وسامى عبدالقوى لكفى ولكنّها أكرمتنا بصداقتهما، كما هو حالها وزادت فى العطاء واختار القدّال طريق الأدب فأفلح وحلّق بجناحى العبقرية والشجاعة.
    ولم استغرب ، وأنا أتصفّح كراسته الأولى التى أخذت أكثر من 30 عاماً لتُزف، عندما اتّضح لى أنّ حليوة ولدت عروساً بكامل "هقيتها" عام 1973 فهاهو تواضعه كلّفنا فقداً عزيزاً وكلّفه اعترافاً منّا جميعاً ، وهذا يقين يشاركنى فيه العديد ممّن هو أكثر دراية بدروب الأدب ، بأنّه أشعر من كتب مزجاً للعامية والعربية الفصحى بالسودان فى ذاكرتنا الحيّة.

    كلام الرتينة بت سالم ولد عتمان فى حنّة على الشاشوق :
    "بـنَيَّـة
    بِـنَيَّة لى سالم ولد عِتمان ،
    صلاة الزين
    وسَمّوها الرَتينة
    أُمَّها بت عَلِي الخَمْجَان
    خَرِيفْ الرَّازَّة ، عِزِّينَا
    كُبَارْ الحِلّة أبَّاتا ،
    بُكَارْ الحِلة أُمَّاتا "
    أبدأ بأقدم قصائد الكراسة وهى كتبت فى عام 1971 ممّا يعنى أنها كُتبت والقدّال قد خطا من المراهقة إلى بداية النضوج. ولربّما كُتبت القصيدة عن تجربة تسبق ذلك الزّمان ولذا توهّجت فيها العاطفة والتّفاؤل والانتصار ، بلا قيدٍ ، لا كما توحى قصائده اللاّحقة.
    واختيار الإسم هو قصيدة فرِحةٌ فى ذاته ولمن يعى معانى ودلالات المفردات متعةٌ خالصة تعمّدك بالضّحك. فالرتينة هو اسمٌ شاع فى القرى لمن تسبق قريناتها جمالاً وبديهةً ورزانة ، فهو ليس وصفاً لشكلٍ أو طبعٍ فقط ، بل لمكانة اجتماعيّة تضعها فى أعلى السلّم الاجتماعى يتنافس دونها فتيان القرية ومن يفوز بها يتبّوأ عرش الفروسيّة والنّصر.
    والرتينة كما عرّفها المعجم الوسيط ، لمن لا يعلم معناها من الأجيال الشّابة أو من أهل المدن من نعموا بالكهرباء وولدوا فى المشافى ، هى نسيجٌ مشبّعٌ بأكاسيد الثريوم والسريوم يولد فى المصباح ضوءاً ساطعاً ، ومصدرها من الكلمة الأعجمية "رَتِنَا" وهى الشبكيّة فى قاع العين التى فيها خلايا الضوء وقد كان علماء الماضى يظنّون أنّ الضوء يصدر من العين ، وقد كانت وما تزال فى بعض القرى ، علامة الأفراح والأتراح فى القرى فى لياليها إن أولموا أو شيّعوا أو داهمهم الفيضان أو ضاع منهم شىء. ولها طقوسٌ يتسابق إليها الشباب للفوز بتنظيفها وتلميعها وملئها بالكحول (السبيرتو) وربط النسيج على أعلى عمودها ومن ثمّ نفخها حتى تفحُّ فحيحاً كالثعبانِ الغاضب ، وحين ذاك توقد فيها النار فيتلوّن اللّهب إلى ازرقاقٍ سماوىٍّ ، واصفرارٍ عابرٍ ، وحمرة مشاغبة حتى يحترق النسيج وتهسُّ هسيساً ، وحينها يشفُّ عن شبكةٍ رقيقة يكاد ينتفى الحاجز بينها وبين هالة الضوء للدّانى ولا يرى منها القاصى غير النور تدعمه زجاجة مستديرة.
    وكما توضع الفتاة الرتينة فى أعلى مكانٍ فى قلوب النّاس فتتطلّع إليها كالفراش يجذبهم ضياؤها ، كذلك توضع الرتينة على مقعدٍ عالٍ ذى ثلاث شعب بحذرٍ عظيمٍ ، إذ أنّ أقلّ ارتجاجٍ يفتّت عظام شبكتها رميماً ، فتلاحق اللعنات الجانى. وكم ذكّرتنى معاملة الرتينة والقربى العبقريّة التى مزج بها أهل القرى بينها وبين أحلى الحسان بقول المصطفى (ص) عندما يصف النّساء بالقوارير ويوصى بالرفق بهنّ.
    فاختيار الرمز (الرتينة) يفتّق فى الذاكرة رموزاً ومعانٍ تدفع بعضها البعض ، وتمسك بمعاصمها وتولّد فى الخيال رؤىً وتجارب ومشاعر تحتفظ بحرارتها رغم تداول السنين.
    فهذه الرتينة ابنة سالم ولد عتمان ولا نريد اسماً أو وصفاً آخر فهى علم على رأسها نار مثلما الأخرى ، والسالم لا يلد إلاّ سالمة من كلّ شىء ، لاشية فيها تسرُّ الناظرين.
    وتمعّن فى تخفيف اسم عِتمان بدلاً من عُثمان! فاسم عِتمان يستخدم فى أوسط السودان وشماله وحتى صعيد مصر وفيه رقّة وعذوبة تشى بحنّية المسمّى والتحبّب إليه. وعندما ينسب الإبن لأبيه فهو إمّا دليل شغفٍ أو قرفٍ ولا شىء بينهما ، ولذا لزم تثليث الإسم فى هذه الحالة حتى نعى جيداً دلالة الأصل والفصل لمن تتكلّم ونأخذه مأخذ الجدّ. فمجرّد قولها استلزم قصيدة تخلّده ولا يمكن لنا أن نفصل بين الكلام والمقام الذى حدث فيه موقف المصارحة ، فهناك الغنى الكامل للمعنى ولذا وجب التنويه على أنّه حدث فى "حنّة على الشاشوق".

    والطقس الاحتفالى للحنّة غير ليلة الزفاف أو الدخلة ، فهو للشباب من الأصدقاء والأقارب دون الشياب والأغراب. وفيها تودّ القلوب لو تلاقى قرين روحها فترقّ وتنفتح مسامها للعشق ، ويسرقها الأمل فيحملهم الحلم على جناحه يوهمهم بأنّ ساعة التلاق والعناق قد دنت ، فإذا هم فى تلك الليلة أحلى وأنضر وأبهج ، يضحكون بلا باعث فكاهة ، ويتقافزون حول العريس جذلى كحملان الخريف ، فى قلوبهم رفّة كما الشموع فى الحنّة ، وفى أرواحهم خفّةٌ ، والليل ساتر الأسرار ، ودفء الحميمية فى اكتمال يسرى فيه ويطوّقه ، الطِّيب وفوح الحنّة والمحلبيّة والسرّتية ، فيسهل البوح والوصال ، والفتيات ناضرات متوهّجاتٍ كالأقمار ، وناضجات كالثمار وقت القطاف لمن يجد الجرأة فى قلبه والمال فى جيبه ومن لم يملك إلاّ قلباً ووجلاً يمدُّ اصبعاً للحنَّاء لمليكة فؤاده عساه يتوّج ليلته بلمسة وذكرى.
    واختيار اسم "عليّْ الشاشوق" تلقى الضوء على طبع السودانيين فى إطلاق أسماء الصحابة والألقاب الملائمة مثل ، كما ورد فى القصيدة، "عليّ الخمجان" ، حامد العولاق" ، "عامر المسكين" ، والشاشوق جزء من الشادوف فى النبرو ولعلّه اكتسب اللقب من عمله على الشادوف ، وهو دليل على ارتباط الناس بنهر النيل ، أو من أجل طبعه النشط أو الكريم الذى يروى ظمأ المحتاج إليه ، ومهما يكن فهو قد أفلح فجمع فتزوّج واحتفل الناس به.
    بهذا العنوان يهيئ القدال مستمعه وقارئه لعالم القصيدة وهو لا يبتعد كثيراً من القول الشعبى "الجواب بيعرفوهو من عنوانو" أو "علوانو" كما كان يقول أخى أبراهيم ود البحر رحمه الله وأحسن إليه.

    "بنية
    بنيّة لى سالم ولد عِتمان
    صلاة الزين
    وسموها الرتينة
    أمها بت على الخمجان .."
    بعد تنويه القدال فى العنوان على أهمية "كلام الرتينة"؛ يبدأ القصيدة بتعريفه لصاحبة الكلام. فكلمة "بنية" وصفٌ وتصغيرٌ محبّب يشى بيفاعة الفتاة ولينها ، ولذا فقد وصفها "بالبريـبة"، وهى الغض من النبات :
    "كذا البريـبة تبرِّد عينى"
    أى تقرّ بها عينى فلا تذهب لغيرها ، وهذا لا يعنى أنّها طفلة صغيرة ، ولكنّه طبع العرب فى التشبيب بالعذارى من شببن عن الطوق ولفتن النظر وأسرن القلوب مثلما قال امرؤ القيس : (تعلّق قلبى طفلة عربيّة). وقرن التعريف بها بالصلاة على المصطفى (ص) زين الخلق ليقيها شرّ العين وهو دعاء الأمّهات والجدّات إعجاباً لا تستحقه إلاّ زينة البنات:
    "وبتمرق زينة
    تبرق زينة"
    ومقطع "صلاة الزين" يدل على أنّ القدال اعتاد جلسات الأمهات "والحبوبات" وذاكرته الفوتغرافية تسجّل مفردات وجملاً وصوراً ستكوّن كنـزه اللغوى الخاص ينظم جواهره بعبقرية الفنّان المحقّق المدقّق الخلاّق.
    فهذه "البنيّة" من بنات سالم ، ولا بد أنّ له من البنات كثرٌ ، ولربّما أيضاً من النساء فهو الوحيد من الرجال الذى ذكر منسوباً إلى أبيه فى القصيدة ، فهناك "ود سعد" و "ود مجمّر" و"عليْ االخمجان" ، ومن يتزوج ابنة "عليْ الخمجان" فهو حرىٌّ بأن يكون مقتدراً ويتّسع داره وقلبه فيشمل أخريات.
    ولذا يوحى هذا التحديد لأمّها بأنّ له بنات من نساء أُخر ، أو لربما يريد أنّ أمّها نشأت فى حليةٍ وترفٍ ، مع أبٍ كريمٍ معطاءٍ كالخريف الذى تتشوّق له ضعاف الخلق فتتعزّى بظلّ سحابه الممطر من حرِّ قيظ الحياة وجفافها ، وبمائه وزرعه فتسمن فتستمرّ دورة الحياة:
    "أمها بت عليّ الخمجان
    خريف الرّازّة (الضعيفة يأتى عليها الخريف فتسمن) ، عزِّينا"
    وإذا كان هذا وضعه مع الآخرين فما باله مع أبنته ورفاهيتها وتنعّمها ودلالها أورثتهم لابنتها فهى عندما تخرج فهى فى ذات نفسها زينة ، (تمرق زينة) ، دعك عن زينتها الأخرى (تبرق زينة) فهى من بهائها كالكوكب الدّرىّ ، وليس هناك أكمل من زينة العقل (وقارية وكاتبة تحمد سيدا .. ماخدة على البنيات الشرافة) والرسم (تمشى تهاتى وزينة .. بلا الربعة التحجِّل ، شاكية من شبكة كتافا .. وفوق الجيد .. على ضهر البوادى .. تغنى ما خاتية الزرافة .. بسيمها الودعة ، إلا تزيد لطافة) والطبع (كلامها رصين .. ملامها حنين .. مقدم زوقها قبّال الحصافة .. كلامها حنين .. كلامها يطمّن الهمباتى .. والمجلوبة متعارض كتافا).
    يتبع...
    د. عبدالمنعم عبدالباقى على
                  

العنوان الكاتب Date
غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: abdelmoniem ali12-16-08, 02:55 PM
  Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: abdelmoniem ali12-17-08, 02:26 PM
    Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: abdelmoniem ali12-18-08, 05:01 PM
    Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة abdelmoniem ali12-21-08, 09:45 PM
      Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة Elkhawad12-21-08, 10:00 PM
        Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة Elkhawad12-24-08, 03:45 PM
          Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة Elkhawad12-24-08, 03:51 PM
            Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة abdelmoniem ali12-24-08, 07:05 PM
              Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة جديدة abdelmoniem ali12-24-08, 07:58 PM
                Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة جديدة بدر الدين الأمير12-24-08, 08:30 PM
                  Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة جديدة baha eassa12-24-08, 09:06 PM
                    Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة جديدة abdelmoniem ali12-25-08, 05:12 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de