|
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال (Re: ودقاسم)
|
الأتان والثعلب كانت هناك أتان يملكها أحد كبار الفلاحين ، يعاملها بلطف ، يقدم لها العلف الأخضر ، ويملأ لها المخلاة ذرة أو شعيرا صباح مساء ، يدلل أولادها وبناتها ، حتى يكبرون ، ويبيع نسلها في السوق بمبلغ محترم كل عام ، ، كان الفلاح الكبير يهتم كثيرا بأتانه ، حتى أنه كان يوصي أولاده بها إذا سافر أو مرض أو غاب جزءا من نهار ،، كانت هناك غابة خضراء قريبة من القرية ،، بالغابة شجر وعشب وماء وطيور مغردة ، وبالغابة بعض مخلوقات عديدة تتمتع بالحرية الكاملة ، تسرح بالنهار وتنام في الليل وتفترس متى تشاء ،، لكنها لا تعتدي على سكان القرية ولا يعتدون عليها ،، وكأن هناك اتفاق قائم ، القرية والغيط للفلاحين ، والغابة وشجرها وعشبها ومخلوقاتها لحيوانات الغابة .. وعلى سكان القرية أن يحفظوا ماشيتهم ودوابهم بعيدا عن الغابة .. فالغابة والقرية كانتا دولتان متجاورتان ،، لكن شعبي الدولتين لا يقتربان من بعضهما أبدا ،، ومن يجترئ من الشعبين على دخول أرض الدولة الأخرى فإنه لا محالة ميت ،، لم يلاحظ الفلاح اهتراء الحبل الذي اعتاد أن يربط به الأتان ، أو ربما الثقة بالأتان هي التي جعلت الفلاح لا يهتم بهكذا أمر ، فهي منذ سنين تسلك كل يوم الطريق بين الحقل والبيت ، وهي تعرف الطريق تماما حتى عندما تدخل أزقة القرية ويبدو الطريق متعرجا ،، لا تجد نفسها في حاجة إلى توجيه أو قيادة أو نهرة أو ركلة في بطن ،، وتسير سيرا حثيثا لا بطء فيه ولا عجلة ،، وكانت تعامل أبناء الفلاح معاملة خاصة ، فعندما يكون أحدهم فوق ظهرها فإنها تتعامل معه برفق ،وتنقله بتؤدة حتى يصل الحقل أو البيت ،، وقد عرفت الأتان دروبا أخرى ، ، عرفت طريق الطاحونة ، العد ، السوق ، وبعض القرى المجاورة حين يستغلها الفلاح لزيارة قريب أو المشاركة في فرح ، أو لأداء واجب العزاء ..
يوما قالت الاتان لنفسها: لماذا انا مربوطة هنا؟ لماذا لا انطلق مثل هذه الطيور والاغنام والقطط الطليقة؟ لماذا لا ارتاد افاقا اخري واتفسح وامرح واتمرغ زي ما عايزة؟؟
وجدت الأتان أن حبلها العتيد ذاك قد كاد ينقطع، فاعملت فيه اظلافها واسنانها وجرجرته بعنف وحكَّته في جذع الشجرة حتى انقطع اخيرا. ووجدت نفسها حرة طليقة ،، ولا أحد فوق ظهرها ،، قالت وأعانها احساس الحرية الجديد : لماذا لا أنطلق في أرض الله الواسعة ، وأبتعد عن هؤلاء الذين يستغلونني صباح مساء ؟ الغابة خير لي من القرية، هناك أعيش مع بنات جنسي من الحمير الطليقة التي لا يركبها أحد.
وانطلقت الاتان الى الغابة الواسعة، وهي تتلفت يمنة ويسرة مندهشة من هذا العالم الجديد، لم تكن تعرف ان الدنيا كبيرة وجميلة هكذا. كانت تظن ان الدنيا هي القرية والسوق والغيط فقط، وكانت تحسب ان المخلوقات هي البشر والغنم فقط، وانها خلقت فقط للركوب والضرب والاحمال الثقيلة. ولكنها رات الان بلادا واسعة، مرت بجبال وتلال وغابات وانهار وصحاري، كما رأت جميع انواع الحيوانات، رات الحمر الوحشية والمتوحشة والجواميس وانواع نادرة من الطيور الملونة والغريبة، الكبيرة والصغيرة، ورأت طائرا لا يطير، ضخما قيل ان اسمه النعام، ورأت بعض الحيوانات التي تتكلم لغات اخري غير لغتها وتطرب لموسيقي اخري غير النهيق، ورات ايضا حمرا اخري مختلفة الاشكال والالوان والمهن، وبعضها يعيش في اماكن خاصة بها، وبعضها عنده مزارع خاصة للطعام، وهي كلها حرة لا يحمل احدها على ظهره الا ما يحتاجه من غذاء او عشب، او يحتاجه صغاره او جيرانه اذا وصوه ليساعدهم في حملها. رأت مجتمعا سعيدا حقا. ولكنها شعرت بالغربة بينهم، فهم رغم انهم قبلوها واكرموها، لكنهم اخبروها ان في الغابة حيوانات عدوانية، يمكنها ان تهجم فجأة وتقتل اجعص حمار لتاكله. وحذروها خاصة من النمور والاسود والضباع والفهود وامثالها. شعرت اولا بالخوف ولكنها تمالكت نفسها وتشجعت. قالت لنفسها: طيب ما هم ديل عايشين كويس. ان الحرية مع اخطارها، خير لي من السجن في تلك القرية الصغيرة المحدودة، ومن استعباد الاخرين لي، ومن الضرب وحمل الاثقال. مقابل حفنة من العيش او القش. كلا، ليس بعد اليوم. لقد تفتح ذهني ومداركي، وعرفت قيمة الحرية، وعرفت ان الحصول على الغذاء اسهل كثيرا من عيش القرية وقشها، ولكن على ان ادفع الثمن. فللحرية ثمنها. وعاشت الاتان بينهم منعمة مكرمة. وتزوجت وانجبت بنين وبنات، بعضهم اكلهم الضبع وبعضهم اختطفهم بني ادمين واستعبدوهم مرة اخري، ولكنها عاشت وانشأت اسرة كبيرة تطورت حتى صارت قبيلة ولها قرية ما زالت حتى يومنا هذا وتسمى "اتانستان" قرب قرية "اضان الحمار"
ود قاسم، تحياتي. فكرة جيدة الاهتمام بمواضيع الاطفال رغم انهم قد لا يقرأونها مباشرة في البورد ولكننا بحاجة للمادة لاطفالنا، ساحتفظ بقصتك لاولادي، واسمح لي ان عملت منها Version آخر مختلف لانها دعوة للتمرد والاستكشاف ولتقديس الحرية الشخصية وتحمل خياراتها ومطلوباتها، وهذا هو ما اريده لاولادي، وليس الاستسلام للمألوف ولجانب الطريق لانه آمن ومامون..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ودقاسم | 03-19-04, 09:08 AM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | doma | 03-19-04, 09:20 AM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ودقاسم | 03-19-04, 03:11 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | Alsawi | 03-19-04, 11:55 AM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | Hussein Mallasi | 03-19-04, 12:49 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ASAAD IBRAHIM | 03-19-04, 06:07 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ودقاسم | 03-19-04, 06:27 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | الطيب بشير | 03-19-04, 06:18 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ASAAD IBRAHIM | 03-19-04, 06:24 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | doma | 03-19-04, 06:33 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ودقاسم | 03-20-04, 08:00 AM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | سجيمان | 03-19-04, 06:33 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | Hussein Mallasi | 03-19-04, 10:16 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ودقاسم | 03-20-04, 08:23 AM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ابو جهينة | 03-20-04, 04:12 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ودقاسم | 03-20-04, 08:48 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | خالد العبيد | 03-20-04, 08:07 PM |
Re: الأتان والثعلب ... قصة للأطفال | ودقاسم | 03-21-04, 09:06 AM |
|
|
|