اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 09:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-22-2005, 02:38 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة

    تستضيف محطة الجزيرة هذه الايام الدكتور حسن الترابي الذى تحدث فى حوار مباشر مع الاخوانى احمد منصور فى برنامجه بلا حدود وهو برنامج يخدم فكر وتنظيم الاخوان المسلمين العالمى ويتيح لهم من خلاله مناقشة قضاياهم المختلفة كما يستضيف احيانا من يتفقون مع خط الاخوان السياسي من القوميين وغيرهم..
    وكانت حلقته الاخيرة مع الدكتور الترابى حالت ظروف عملى عدم مشاهدتها منذ البداية ولكننى حضرت جزءا مهما فى اخر الحوار وفيه رد الترابى على احد المتداخلين ساله عن الاخطاء التى ارتكبها فى السلطة وبالرغم من ذلك يريد العودة اليها مرة اخرى دون ان يعتذر للشعب ..
    فرد عليه الترابي بان الاعتذار يكون لله لخالق الشعب وان الاعتذار للشعب لا يفيد شيئا ..
    هذا الرد الغريب يوضح ان الترابي لايزال يحتقر الشعب لان علاقته السياسية المباشرة هى مع شعبه الذى كان يحكمه اما علاقته بالله فهذه علاقة خاصة تخصه هو ولا تخص الشعب فى شىء والترابي فى خطبه وافكاره السياسية لا يخاطب الله وانما يخاطب هذا الشعب الذى يزدريه ..
    وفى رده على سؤال بانهم لم يهتموا بامر الشعب عندما كان يتولى مقاليد السلطة قال انهم اى الاخوان لولاهم لما استخرج البترول واقيمت المصانع التى تنتج السلاح واشار بكلتا يديه واصبعيه قائلا لولا اتصالنا باسلاميين بالاسم واصحاب اموال لما تم استخراج البترول واقيمت المصانع ..وهنا اراد ان يوصل رسالة مفادها ان مصانع جياد والشركات التى استخرجت البترول بعون من التنظيم العالمى والاسلاميين اى الاخوان ..
    وفى الندوة التى اقامها بالامس ونقلت على الجزيرة مباشر سجل الترابي اعترافات لم يكن يذكرها من قبل اهمها
    اعترف بانهم تسرعوا فى الانقلاب على السلطة قبل تحصين كوادرهم بالتربية السليمة ضد الفساد وكيفية ادارة السلطة ..ولم يقل الحقيقة كاملة بانهم لم يكن لهم برنامج متكامل لادارة السلطة ..
    اتهم العسكريين بالطغيان وان لا فرق بينهم وفرعون وجيوشه يقصد جماعة البشير ..
    لاول مرة يعترف بان منهج الصوفية منهج سليم وان تربيتهم للفرد تعصمه من شرور كثيرة ..
    قال ان الفساد استشرى فى السلطة من عل مما خلق طبقتين فى المجتمع ..كما اعترف للتجار السودانيين القدامى بالصدق والقناعة مقارنة بما يحدث اليوم ..
    لاول مرة اسمعه يذكر اسم سيدنا محمد ويقرنه بالصلاة والتسليم فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كاملة وفى السابق كان يقول محمد فقط او محمد بن عبد الله ..
    اتهم النظام بانه لم يتغير ولايزال يعتقل الناس وتكهن بان ينقض النظام الاتفاقية كما فعل من قبل .واتهم النظام بالمراوغة فى محاثاته مع حركات دارفور وتساءل لماذا لا يعطيهم ما اعطاه فى الجنوب ..
    وفيما يلى ملخصا اوردته صحيفة الصحافة لحواره فى برناج بلا حدود نشر بتاريخ 20/10/200


    الترابي يقر بأن الحرك الإسلامي لم تكن مهيأة لاستلام السلط

    الخرطوم/الصحافة
    أقر الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبى، الدكتور حسن الترابى، بأن الحركة الإسلامية لم تكن مهيأة لتسلم السلطة فى العام 1989، ورأى أن تلك الخطوة «دمرت الحركة الاسلامية»، وأكد انه لن يعود إلى المواقع القيادية بعد الآن، بعد ان تجاوز عمره الـ 60 عاما.
    وقال الترابى فى برنامج بلا حدود الذى بثته قناة الجزيرة مساء امس، انه لم يفاجأ بالتحذيرات التى أطلقها نائبه على الحاج من أنه - الترابى - قد يتعرض لمخطط إيذاء او اغتيال خلال جولته الحالية، واوضح انه كان عرضة للخطر طوال حياته، مشيرا إلى الاعتداء الذى وقع عليه فى كندا.
    وذكر الترابى بان «الثورة» التى كان عرّابها فى العام 1989 ، أخذت تأكل بنيها، مبينا انها انحرفت عن الاهداف التى قامت من أجلها فى بسط الحريات وتنزيل اللامركزية إلى أرض الواقع، واضاف ان تكالب «الاسلاميين» وقياداتهم على السلطة والمناصب دمر الحركة الإسلامية «وفتن» كثيرا منهم بالمال، الأمر الذى قال إنه أدى الى شق صف الإسلاميين.
    وأقر الترابى بأن الحركة الإسلامية عندما وصلت الى السلطة فى العام 1989م لم تكن مهيأة، لكنه عزا الخطوة الى تدخل الغرب لإبعاد الإسلاميين من السلطة كلما اقتربوا منها عبر الديمقراطية والانتخابات، واعتبر ان السرية فى العمل السياسى أدت إلى فساد وإفساد القائمين على أمر الحركة الإسلامية، وقال انه لن يعود الى العمل مهما كان الأمر.
    وقال الترابى إنه سيستغفر الله عن الأخطاء التى ارتكبها خلال وجوده فى الحكم، وراى ان الاعذار للشعب السودانى عن ذلك لا يقدم ولا يؤخر» واكد الترابى أن مشروعه للمرحلة المقبلة سيكون للحوار مع اطراف السودان، الشرق ودارفور والجنوب التى قال انها فاقت من نومها لاستيعاب سودان بنظام لا مركزى منبسط.
    وكان الدكتور علي الحاج محمد ، نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي قد قال إن حزبه تلقى معلومات حول مخطط للتعرض بالأذى وربما الاغتيال الجسدي للدكتور حسن عبد الله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي، وذلك خلال جولته بالعاصمة القطرية الدوحة حاليا,واضاف الدكتور الحاج في تصريح صحفي أن حزبه يرجح ضلوع جهات سودانية في هذا المخطط الآثم.
    من جهته، اوضح الدكتور بشير آدم رحمة ان الحزب رصد منذ اكثر من سنتين مخططا جرى في دولة اجنبية، رفض تسميتها لاغتيال الترابي وعدد من قيادات الحركات الاسلامية العالمية، وعلى راسهم الشيخ حسن نصر الله والدكتور يوسف القرضاوي وعبد المجيد الزنداني،واضاف في حديث لـ«لصحافة» ان المخطط الاجنبي سعى لان يكون اغتيال الترابي بأيدٍ سودانية لخلق بلبلة واضعاف الحركة الاسلامية في السودان، والتي تشهد اصلا خلافات وانقسامات.





                  

10-22-2005, 10:50 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    تذكرت ان الترابي قال ان السودان لا يملك ما يفتخر به الان اامام الدول الا انه يمكن ان يتفاخر بانه الدولة الاكثر جيوشا فى العالم ..
    قال ان قضايا السودان اصبحت تحل فى الخارج وفى شمال الوادى حيث يهرع زعيم طائفى واهل الحكم الى هناك طبعا الزعيم الطائفى ربما يقصد مولانا او الصادق المهدى ..
    قال ان السودان قبل الانقاذ لم يكن معروفا ولكن بعد ان انفتحنا واقمنا المؤتمرات الشعبية العالمية اصبح اسم السودان يتردد فى كل المحافل الدولية ..
    قال ان الشركات الحكومية هى اساس الفساد ..اواصل
                  

10-22-2005, 11:46 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    عن سودانايل



    Last Update 20 اكتوبر, 2005 11:52:47 PM

    الشيخ الترابي في قناة الجزيرة (1)

    د. الحسن المثنى عمر الفاروق
    [email protected]

    لقد استمعت إلى الشيخ الترابي في لقاءه بالجزيرة عبر برنامج بلا حدود ، وقد بدا الشيخ على درجة عالية من الحيوية والمزاج السياسي المنفتح نحو التنظير والتقييم ، خلافاً لما كان عليه أيام كان في السلطة ينهى ويأمر ، وقد بدا على ما كان عليه من عنفوان وأناقة ، لم تتغير طريقته المميزة في الكلام ولغته الرصينة التي كثيراً ما يشفعها بمتلازماته الحركية ذات المدلول الخاص ، ذلك الأسلوب الذي فتن تلاميذه وظل كثير منهم أسيراً له يحاكيه وكأنه نسخة من الشيخ تؤدي نفس الإيماءات وبذات الطريقة في الكلام.

    ولست هنا بصدد تقييم تجربة حركة الشيخ الترابي الإسلامية عبر تاريخها الطويل ، ولا ينبغي لي ذلك ، في هذه العجالة ، غير أن الذي يمكن أن أنوه إليه في هذا المقال يتعلق بأمرين هامين الأول: هو موقف الحركة الإسلامية من الشعب السوداني ، والثاني: موقف العسكر من حركته أيام كانت الحركة على قلب رجل واحد لم تفرّقهم ـ شُعَب السياسة ـ أيدي سبأ

    أما فيما يتعلق بالشعب السوداني فقد استوقفني ما أشار إليه الشيخ من أن حركته وصلت إلى طريق مسدود ، وأنها أضرت بالشعب السوداني لأنها تركته ولم تتنزل إليه في غمرة انشغالها بالسلطة التي حرفتها عن المجتمع الذي كان في حاجة ماسة إليها لتوعيته دينياً واجتماعياً وثقافياً ، وأن الحركة الإسلامية أيام كانت يداً واحدة اهتمت بالجانب السياسي السلطوي أكثر من اهتمامها بالجانبين الثقافي والديني ، غير أنها أي الحركة الإسلامية ـ حققت بعض النجاح في هذه الجوانب ، مثل تعريب المناهج ، والصناعات المدنية والحربية ، مع الدفع الاقتصادي الذي صاحب الاستثمار في مجال البترول الذي وصفه بأنه ثمرة علاقات الإسلاميين ، وليس نتاجاً لعمل الشركات !.

    وهو قول غريب من الشيخ الترابي يستغفل به عقل المشاهد ، ويعطي انطباعاً بأن ثورة الإنقاذ اندلعت لترتقي بشعب متخلف ثقافياً ودينياً وسياسياً ، وهو أمر يتناقض مع حديثه عن تشكّي الناس من الفساد الذي بدأ في الظهور ، فهذا يعني أنك بإزاء شعب على وعي سياسي يمكنه متابعة بواطن الأمور وهذا لا يتأتى إلا لشعب ذي حس سياسي عال ، وهو ما يتميز به الشعب السوداني حقاً ، حس تجده ماثلاً عند رجل الشارع العادي فضلاً عن السياسي المتخصص ، ذلك الحس الذي جعل الشعب السوداني يقيم هذه التجربة منذ وقت مبكر ، وقبل أن تصل إلى هذا الطريق المسدود ، حيث تندر الناس بالإنقاذيين قائلين لهم: (رجعوا محل ما لقيتونا) ، إشارة إلى أنهم لم ينقذوا أحداً ولم ينفذوا إلى قلب مشاكل الوطن ولم يلبوا تطلعاته.

    والشعب السوداني ليس في حاجة إلى ترقية في الوعي الديني عن طريق حركة الترابي ، التي كانت ـ حقيقة ـ خصماً على الدين الذي أحدثتْ فيه ما لم يحدثه أحد قبلها ، غير أن محاولات حركة الترابي وجماعته للارتقاء بالشعب السوداني دينياً كانت مثيرة للضحك والشفقة ، فهي لا تعدو تلك البرامج التي صرفوا في مقابلها المليارات ، مثل إحياء شعيرة الصلاة ، وكأن الشعب السوداني لم يصلِ قبلها ، إضافة إلى التنادي بأيام الصيام الجماعي التي يأتي إليها الجميع صياماً إلا المشرفين عليها والمنظمين لها من (الكيزان) الذين يأتوا متخمين مفطرين. وشعيرة الزكاة التي أسسوا لأجلها ديوان الزكاة تحولت إلى مجال رحب لأكل أموال الناس بالباطل ، ذلك الباطل الذي طال تسعة في المائة منهم وقد ذكرّنا الشيخ ـ في هذا اللقاء ـ بالصفر الذي نسيه في غمرة انشغاله بالسلطة لتصل النسبة إلى التسعين بالمائة ، فنزول الأخوة الإنقاذيين إلى الشعب للارتقاء به دينياً كان ساذجاً مغفلاً وكان موضع التندر من قبل هذا الشعب ذي الوعي الديني الرفيع الذي يتساوى تماماً إن لم يفق قادة الإنقاذ أنفسهم.

    ويبدو أن الشيخ قد استدرك من أمره ما استدبر أخيراً وقرر أن يبتعد عن السياسة ، لأنه بلغ من العمر ما ينبغي معه الركون إلى مجلس موطّأ بعيد عن مركب السلطة الوعر ، ومتاهات السياسة ، إضافة إلى أنه يريد أن يفرغ لمشاكل السودان تلك المشاكل التي تحتاج إلى حكمة الشيوخ وتجاربهم بعد أن (دخلت علينا أطراف السودان التي كانت نائمة تحكمها الخرطوم والآن تحركت في الشرق والغرب) ، وهو اتجاه يدل على أن الشيخ قد وعى الدرس تماماً ورأى أن يعكف ليلم شعث ما فرقه هو تلاميذه العاقون ، وهذا اتجاه إيجابي ، فالرجل قد تختلف معه في كل شئ ولكن مع ذلك لا تجحد تجربته ولا يستهان بأتباعه الذين لهم أثر في كل ما يدور ، فنتمنى أن يوفق في ذلك ، فقط عليه أن يبعدنا عن أفكاره الجديدة التي توصل إليها أيام حبسه الأخير ، من رؤاه الجديدة في تفسير القرآن الكريم ، وما يتمخض عنها من موقف إزاء التفاسير التقليدية ، وأفكاره المتبدلة حيالها وحيال قضايا الصلاة حسب تعبيره. على الشيخ أن يبعدنا من هذه الأفكار ، لأن تجارب الفكر الإسلامي في السودان ليست سعيدة ولا مستأنسة بأفكاره الماضية فكيف بالحاضرة التي بشّر بها.

    وما لفت نظري حول هذا الاتجاه ـ أعني الاتجاه إلى الشعب ـ حديث الشيخ في هذا اللقاء عن تجربة مشائخ الدين من الصوفية الذين ـ كثيراً ما كان يسخر منهم ويتندر بمواقفهم ـ نجده هذه المرة ينوه بما لهم من شهرة وما قاموا به من عمل جليل تجاه مجتمعاتهم تربوياً ودينياً واجتماعياً هذا العمل الذي خلّد ذكراهم مستدلاً على ذلك بمعرفة الناس للشيخ عبد القادر الجيلاني أكثر من معرفتهم لكثير من الساسة المعاصرين له ، ولعل الشيخ الترابي يريد أن يمهد لهذا الدور الذي سيقوم به في المرحلة المقبلة دور رجل الدين أو شيخ الطريقة المرشد الموجه ، فإذا كان ذلك ما يرمي إليه الشيخ فهو أمر حسن ، ولكنه عليه أن يدرك أنه سيخسر هذه الجولة أيضاً وسيصل إلى طريق مسدود ما لم يتبع السبيل الصحيح التي بها يُربّى الناس ويوجهون وأن يتخلص من طريقته التي ربى بها تلاميذه الذين نكلوا به ، وأن يتأسى بطرائق القوم في تربية مؤيديهم تلك التربية التي جعلت هؤلاء الرجال في قلوب مؤيديهم عبر آلاف السنين في حياتهم وفي مماتهم ، فإن فعل الشيخ ذلك فربما يجد مكانه في قلب هذا الشعب الفطن المعلم الذي لا تفوته شاردة ولا واردة. وللمقال بقية…..



                  

10-23-2005, 11:07 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    اواصل .. تذكرت ان الترابي وفى غمرة اعترافه بدور الصوفية وهو اعتراف جاء متاخرا قال ان الناس تعرف من هو عبد القادر الجيلانى ولكنها لا تعلم اسم الحاكم الذى عاش فى عهده ...شفتو الترابي لمن يعترف ...بكرة يمكن نشوفه لابس اخضر ومرقع وعامل طرطوروعلى عنقه سبحة لالوب وشايل ابريق مين يعرف ......

    (عدل بواسطة الكيك on 10-23-2005, 11:10 PM)

                  

10-24-2005, 02:09 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    وهذا هو الجزء الثانى من مقال المثنى الذى نشرته سودانايل انقله للفائدة وللتوثيق


    [email protected]




    Last Update 24 اكتوبر, 2005 12:44:05 AM

    الشيخ الترابي في قناة الجزيرة (2)

    د. الحسن المثنى عمر الفاروق
    [email protected]

    رأينا فيما ما مضى موقف الدكتور الترابي وحركته الإسلامية من الشعب السوداني وإقرار الرجل بخطئه لأنه وجماعته لم يهتموا بشأن المواطن السوداني الذي وصفه (بالمسكين) ذلك المواطن الذي بدا عند الشيخ الترابي مغلوباً على أمره في خضم تهافت جماعته على السلطة وتدافعهم إليها تدافع الأكلة على القصعة ، فلم يأبهوا لهذا الشعب ليستدرك الشيخ ذلك بعد أن اندلق المرق ، وطاح العجين كما يقولون. غير أن الشيخ اتخذ موقفاً يمكن أن نصفه بالإيجابي طالما أنه يحاول الرجوع إلى هذا الشعب ولم شمل السودان الذي بدأت أطرافه في التساقط وظهور (منفستوهات) لدويلات طوائف جديدة صارت تفصح عنها أفكار العباقرة من تلاميذه.

    سنحاول في هذا الجزء استعراض ما ذكره الشيخ الترابي من موقف العسكر تجاهه. أولئك العسكر الذين خَبِرهم ولكن لم تُجْدِه هذه الخبرة فكأن الشيخ لا يتعلم من تجاربه ، فقد شاركهم في مايو ثم سجنوه ، ودخل في حلف مع السيد الصادق المهدي فتوعد العسكر حكومة الصادق بأن تُخْرِج الشيخ وجماعته أو تخرج هي من السلطة ، وذلك عبر مذكرة الجيش الشهيرة ، ولكن حسب علمي لم تكن هذه المذكرة موجهة إلى الشيخ الترابي وجماعته ، وإنما كان ترمي إلى نقد الأداء السياسي كله وما اتجهت إليه حكومة الصادق ومناوئيها من صراع تجاهلت في غمرته الجيش الذي كان يتساقط أفراده في حرب الجنوب العبثية ، ولم يكن الأمر مقصوراً على جماعة الترابي وإخراجهم من السلطة.

    وقد شكل هذا الموقف المزعوم من الجيش مبرراً للشيخ ـ بدافع الدفاع عن النفس على حد تعبيره ـ إلى أن يرتمي في أحضان العسكر مرة أخرى فيخطط مع مناصريه منهم الانقلاب الذي تم.

    غير أن من المنصف أن نقول إن تدخل العسكر واستيلائهم على السلطة كان يتم بإيعاز من السياسيين ، ولكل حزب من الأحزاب السياسية السودانية تجربته في الارتكان إلى العسكر والاستيلاء على السلطة عن طريقهم أو الدخول معهم في حلف ، من لدن عبد الله خليل مروراً بالنميري وهاشم العطا وانتهاء بالمشير عمر البشير ، وهو تحالف يتم في زمن كانت عيون المجتمع الدولي ومؤسساته تغط في نوم عميق ، وبعضها لم يشب عن الطوق كمنظمات حقوق الإنسان على سبيل المثال ، ولم تكن صرعة الديمقراطية بضاعة مزجاة بين الشعوب وإنما كان الاتجاه العام وقتها في الدول العربية والإفريقية نحو الثورات التي كان يقوم بها العسكر بمباركة الدول الكبرى كل حسب مصلحته ومعسكره ، فكان الأمر وقتها مقبولاً.

    والعسكر وإن كانوا ـ كما قال الشيخ الترابي ـ يدينون لمهنة (تعلم الإنسان أن الأمر يتنزل من علٍ ولا يُراجع فيه أحدٌ) إلا أنهم ـ وليس دفاعاً عنهم ـ ظلوا على مدى تاريخهم صمام أمان للسودان ، غير أن الشيخ الترابي في تجربته معهم قد جاء باستراتيجية تريد تحويل قادة العسكر ـ على غير ما كانوا عليه ـ إلى مجرد جنود يسمعون ويطيعون ، وهي الاستراتيجية التي سعى إليها الشيخ وتلاميذه في تصفية العسكر فبدأ أولاً بحل المجلس العسكري ، والاتجاه إلى تجييش تابعيه من الشباب في الجامعات والمعاهد والمدارس مستغلاً الدين والنفرة للجهاد منفذا ومعبراً لهذا الهدف ، وقد شهد الجيش في عهده تسيساً واستقطاباً لم يسبق له مثيل في تاريخه ، وقد كان تدريب الكوادر عبر مؤسسة الدفاع الشعبي البداية لتصفية العسكر والاستغناء عنهم واستبدالهم بالأتباع الذين يُستَنفرون عند الحاجة وصَاحَبَ ذلك توزيعٌ للأسلحة وتخبئتها في المناطق الطرفية وهي الأسلحة التي كشف عنها تلاميذه في المسرحية الساذجة المسماة بالمحاولة الانقلابية المنسوبة للمؤتمر الشعبي بعد الانشقاق.

    ومن ضمن ما ركن إليه الشيخ وحلفاؤه لتدجين الجيش السوداني ، منح الكوادر الرتب العسكرية والإخلال بنظم الضبط والربط مما عرف به الجيش السوداني على مدار تاريخه العريق ، فدخلت كوادرهم مؤسسة الجيش دون صقل أو تدريب مما خلق نوعاً من البلبلة داخل هيئة قيادة الجيش بسبب هؤلاء الدخلاء على المؤسسة العسكرية ، وصاحب كل ذلك إهمال واضح لأفراد الجيش في الوحدات المختلفة مع اهتمام متزايد بكوادرهم في المتحركات المختلفة ، الأمر الذي جعل الجندي المحترف للمهنة يحس بالغبن وتنخفض روحه المعنوية ، وقد ترك كثير منهم مهنة العسكرية التي كانت مفخرة لكثير من أبناء هذا الشعب ، وقد تدنت حرفية الجندي وأدائه القتالي في مناطق العمليات بسبب التدخل في خططه العسكرية ، وخلطه بكثير من المجاهدين غير المنضبطين المتحمسين حماساً غير مرشد من أتباع الشيخ الترابي ، وقد أدى ذلك إلى وقوع الكثير من الخسائر في صفوف الجيش والدفاع الشعبي على حد سواء ، فالجيش السوداني كان يدير أشرس المعارك دون أن يتكبد إلا قلة قليلة من الخسائر في الأرواح ، فصار القتلى والجرحى بأعداد لم تعهدها المؤسسة العسكرية من قبل.

    وتجييش الكوادر أدى إلى تغول صغار الجبهجية ممن جاءوا من المدارس والجامعات وتدخلهم في صميم عمل قادة الجيش ، ويمكن ببساطة شديدة لكادر ممن يركبون (المواتر) من صغار متعسكري الجبهة من المنسقين وأذنابهم أن يسئ ويهين ضابطاً عظيماً من ضباط الجيش دون أن يحرك أحد ساكناً.

    وإزاء هذه الفوضى داخل التنظيم الحاكم رأى بعض المخلصين من أبناء المؤسسة العسكرية ممن كانوا في المجلس العسكري الانتقالي أن ينأوا عن هذا العبث ويستبرأوا لأنفسهم ودينهم منه ، فخرج بعضهم بكل أدب وتهذيب أمثال اللواء فيصل أبو صالح واللواء عثمان محمد سعيد وغيرهم ممن بعدوا عن الشر أو أبعدوا قسراً بسيف الصالح العام المُصْلت على رقاب كل العسكريين.

    والشيخ بموقفه هذا عن العسكر ووصفهم بالدكتاتورية يناقض نفسه ، فكيف ينتقدهم وهم قد تربوا على هذا السلوك ودرسوه في كلياتهم ، ليأتي الشيخ وهو البعيد عن هذه الأجواء فيعسكر أتباعه جميعاً بلا استثناء فما من كادر من الكوادر الإسلامية وقتئذ إلا وكان له نصيبه من ذلك. فلماذا إذاً يتجه الشيخ إلى تجييش كوادره ، أليس ذلك لأجل ممارسة القمع وإصدار الأوامر من أعلى وإرهاب كل من يخالفه الرأي ، أتكون العسكرية بغيضة تتسم بالدكتاتورية عندما يمارس أهلها السلطة ولا تكون كذلك عندما يلبس أتباعه لباس العسكر؟! في حقيقة الأمر لم تستهو العسكرية تنظيماً من التنظيمات السياسية مثلما استهوت جماعة الترابي ، وقد استخدموا السلطة العسكرية أسوأ بكثير من أعتى النظم العسكرية الدكتاتورية ، وانتقلت عدوى العسكرة إلى مجالس الأساتذة في الجامعات السودانية ، فأيام الاستنفار تنعقد مجالس الأساتذة في بعض الجامعات ويحرص المجتمعون على لبس الزي العسكري ، فلا تدري عندما يتم عرض المجلس في الأخبار هل هذا مجلس للأساتذة أم مجلس لهيئة الأركان بالقوات المسلحة.

    ولم ينقلب المشير البشير العسكري المحترف على شيخه الترابي لأنه عسكري أخذته العزة العسكرية بالإثم ، وإنما حدث هذا الانقلاب نتيجة لمقدمات طويلة من الصراع بين أتباع الشيخ ومريديه وكلها أطماع سياسية سلطوية عنصرية ظلت مختزنة تزداد تفاعلاً يوماً بعد يوم إلى أن انفجرتْ وصوحّت بالشيخ وتلاميذه.

    أما عن تغول العسكر على المال العام والاستئثار به دون غيرهم ، فهذا قول مجاف للحقيقة ، والأمر فيه أوضح من أن يبرهن ، فكلنا يعلم أين الثروة الآن ، اللهم إلا إذا كان الشيخ يقصد بالعسكر ، تلاميذه ممن سطوا على (الكاب سايد) وتعسكروا ليستحلوا أموال الشعب ودمائهم.

    وما يمكن أن يقال بعد كل هذا عن علاقة الشيخ بالعسكر أنها خلّفت مجموعة من عناصر الجبهة دخلت إلى المؤسسة العسكرية من البوابة الخلفية ، وأصبح هؤلاء الأتباع أسوأ من كل عسكري مر على مدى تاريخ السودان ، جماعة تمارس القمع والإقصاء لكل من لم يقل لها سمعاً وطاعة ، تقطع لسان كل من يتفوه بحرف واحد ضد رغباتها.هذا ما جناه الشيخ لا من العسكر وإنما من تلاميذه الذين شربهم روح العسكرية ليحقق بهم دولة الإسلام الكبرى من ليبيا إلى اليمن وينهض بها إلى الأمام (فوق هامة الزمن) ويزلزل بها (الطاغية الأمريكان ليكم تدربنا) ويحقق بها الشعارات التي شكلت سمتْ دولة الإسلام الوليدة في السودان ، وعند أول تجربة وامتحان (للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) سقط القوم في الامتحان لأنهم في حقيقة الأمر ليسوا سوى مجموعة من المتاجرين بالدين ليعبروا عن طريقه إلى أهدافهم الدنيوية ، وأفضت بهم سياستهم إلى ما نراه من تساقط للسودان من أطرافه كلها وهي الأطراف التي سيكون هم الشيخ الترابي لملمتها في المرحلة المقبلة عجبي!!!



                  

10-24-2005, 10:49 AM

فيصل عثمان الحسن

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 4528

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    ( اعترف بانهم تسرعوا فى الانقلاب على السلطة قبل تحصين
    كوادرهم بالتربية السليمة ضد الفساد).
    سؤالى :- هل هنالك منهج للتربية اكثر فعالية, ويصلح فى التحصين ضد
    الفساد من نصوص القرآن الكريم , وتعاليمه السمحة؟؟؟؟؟ باى وسيلة ياترى
    يريد حسن الترابى ان يحصن كوادره ضد الفساد. والله ياشيخ حسن كوادرك ديل
    لوانت جادى فى اصلاحهم دخلهم فى اسلام اهل السودان ,وسيبك من الكلام الفارغ
    الانت بتعمل فيهو دا. وخلى بالك الناس واعية ليك تماما,وحيلك دى ما بتنطلى
    على احد والمؤمن لايلدق من جحر مرتبن.
    اورد الترابى فى نفس المقابلة انهم اتوا للسلطة بقصد بسط الحريات, حريات
    شنو البتحدث عنها هذا الرجل, الزول دة قطع شك عندو فهم تانى للحريات خلاف
    فهمنا نحن ليها,بعدين متين فى تاريخ السودان الدبابة جابت ليها حرية. ياشيخ
    حسن الله يكافينا شرك.
                  

10-24-2005, 10:39 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: فيصل عثمان الحسن)

    الاخ فيصل
    اشكرك ...ودائما كان يردد ان من هم فى السلطة الان لا عهد لهم رغم انهم تلاميذه لم يتخلوا حتى الان عن الخط العام الذى رسمه لهم وقادهم من خلاله ..
    اشكرك مرة اخرى
                  

10-25-2005, 11:10 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    لم ينس الترابي ان يذكر الناس بان اغلب من هم فى السلطة الان معه بقلوبهم ولكن الان مع جيوبهم مذكرا بانحياز بعض الصحابة مع معاوية فى حين كان قلبهم مع على ايام الفتنة الكبرى ..ودائما ما يشبه الترابي ما حصل معه بهذه الفتنة الشهيرة فى التاريخ الاسلامى ..المال والسلطان فى جناح معاوية والتقوى والورع والتمسك بالدين فى جناح على ..
    قائلا ان تنظيم الاخوان افسدته السلطة ولكن الاتقياء منهم خرجوا منه وانضموا للشعبي ..
                  

10-26-2005, 01:30 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    هذا الشيخ .. ألا يستحي ؟!

    د. عمر القراي

    (فقالوا ياليتنا نُردّ ولا نُكذّب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو رُدّوا لعادوا لما نُهوا عنه وإنهم لكاذبون) صدق الله العظيم

    في لقاءه مع تلفزيون الجزيرة ، بتاريخ 19 أكتوبر 5200 ، حاول د. حسن الترابي ، ان يبرر فعلته النكراء ، التي سماها ثورة الانقاذ ، والتي ختم بها عمله السياسي الطويل ، بشتى المبررات ، والاكاذيب ، والدعاوى .. وكان بين الحين والآخر، يضحك ضحكة صفراء ، فيما لا يستوجب الضحك ، وهو يلمح بالنقد لبقية الاحزاب ، ثم يلمز هنا وهناك ، اصدقاءه في الغرب ، ويعرض باتباعه من العسكريين، ويحملهم وحدهم ، دون مرشدهم ، ضياع الديمقراطية ، والبطش بالشعب ، وسرقة المال العام ..

    اما الانقلاب ، فانهم اضطروا اليه، على حد زعمه ، لان الغرب منعهم ان يصلوا للسلطة، عن طريق الديمقراطية .. ثم عندما حاول هو، بعد الانقلاب ، ادخال الديمقراطية ، منعه اتباعه من العسكر، وقاموا بسجنه .. واما انشغالهم بالمناصب ، وأكلهم اموال الشعب بالباطل ، فانه حدث لان السلطة كانت جديدة عليهم و(لكل جديد لذّة) !! فالحديث يجري كله ، بهذه السذاجة ، والتجاوز لوقائع التاريخ القريب ، بصورة متهافتة ، لا تجوز على أحد !! ولكن الذي يهمني منه ، الاشارات التي وردت عرضاً ، ويمكن ان نقف منها ، على فهم ، وسلوك الترابي الديني .. ذلك ان الرجل ، قد كان زعيم الاخوان المسلمين ، وزعيم جبهة الميثاق الاسلامي ، وزعيم الاتجاه الاسلامي ، وزعيم الجبهة الاسلامية القومية ، ثم مؤخراً الزعيم الروحي لثورة الانقاذ ، وزعيم حزب المؤتمر الشعبي ، ثم هو بعد هذه المناصب ، والالقاب الدينية ، والسياسية العديدة ، لا يكاد يفهم من الاسلام شيئاً ولا من السياسة ما يكفي !!

    هل يدعو الترابي الى الأصول؟!

    في بداية اللقاء جرى الحوار التالي :

    (س- ما الذي حول الدكتور حسن الترابي ، من صانع لثورة الانقاذ ، الى اكبر معارض لها ؟

    ج- هذه سنة في العالم ، الثورات تتخذ بعض المبادئ العامة ، وفي سبيلها تقتحم تحديات الحياة ، وتتصدى لها ، ولكن بعد الثورات تتقلب الامور، ويصعد الى التمكن في السلطة اناس ، دفع الثورة التي تقتحم وتدمر نفسها ، قد يغريهم ان ينقلب بعضهم على بعض ، حدث هذا ، في كل البلاد مسلمة أو غير مسلمة ، في فرنسا كبار رجال الثورة ومفكروها تعرضوا الى ...

    س- هل تعتبر الثورة فشلت في تحقيق اهدافها التي قامت من اجلها ؟

    - ج- كلا !! كانت تذكرة للغرب ، ان اذا كان يصد الاسلام اذا سلك طريق الديمقراطية ، فيضطره ذلك الى ان يدفع عن نفسه ، بطريق الثورة ، فالاسلام سيثور .. وبالطبع كانت ثورة مسالمة بالطبع في السودان ، ولكن الغرب تعرض الى رد فعل اعنف من ذلك بكثير، وانبسط في قعر داره ، وفي كل ساحات العالم ، لعل ذلك يلقي شيئاً من الحكمة عند الآخرين .

    س- ما هي ؟؟

    ج-ان يعقلوا انه من الخير ان تفتح للاسلام ، وتبيح له ان يمضي للسلطة عن طريق المسالمة ، وهذا الاصل في الاسلام .. ما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم ، المدينة غازياً ، ولا منقلباً عليها ، ولكن دخل بالسلام .. ولكن ما ان يقترب الاسلام في السودان ، او في غيرالسودان ، من السلطة ، الا قمعوه ...) !!

    أرايت كيف يبرر الترابي ، انقلابه على حكومته ، بان هذه سنة عالمية ، تحدث لكل الثورات ؟ فما ميزة الجماعة الدينية اذن ، اذا كانت ستقع في نفس اخطاء الجماعات الاخرى ، التي لم تدع الدين ؟! وبعد ذلك ،يُسأل الترابي هل فشلت ثورتهم فيقول كلا !! وكأن هدفهم ، قد كان من البداية ، ان ينقلبوا على بعضهم ، ويسجنوا شيخهم !!



    والترابي يحدثنا ان الاصل في الاسلام ، هو المسالمة، فما هو الفرع في الاسلام ؟! نقترح عليه ان الفرع هو الحرب والقتال .. فان صح ذلك ، وهو صحيح دون ادنى ريب ، فالسؤال هو : ما هو المناسب لعصرنا الحاضر، الاصول ام الفروع ؟! فان قال ان الانسب هو الفرع ، فهذا ما فعله بالضبط ، حين صّعد الحرب مع الجنوب، وأعلن الجهاد ، وابتدع ملهاة (عرس الشهيد) ، ومات بسبب توجيهه ، وتحريضه ، الآلاف من ابناء الشعب السوداني ، من جنوبيين وشماليين ،في حروب أهلية دمرت الوطن.. ولكن هذا يناقض حديثه الحاضر، لتلفزيون الجزيرة !! واما ان قصد من حديثه ان ذلك خطأ ، وانه الآن يرى ان الاصل هو السلام ، وهو بذلك يدين الحرب ، ويذكرنا بان النبي صلى الله عليه وسلم ، قد دخل المدينة بالسلام ، ولم يدخلها غازياً ، أو منقلباً ، فلماذا لا يعلن في شجاعة ، انه اصبح يتفق الآن ، مع فكر الاستاذ محمود محمد طه - الذي طلما اتهمه بالكفر- وانه نادم على تآمره مع نميري على اغتياله ؟!

    فاذا كان النبي عليه السلام ، قد دخل المدينة بالسلام ، ولم يدخلها منقلباً على اهلها ، كما ذكر الترابي، فلماذا دخل الترابي الخرطوم ، منقلباً في عام 89 ، ولم يتأس بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! هل يكفي منعه الوصول الى السلطة ، ان صح ، مبرراً لمخالفته لنهج النبي الكريم ؟! ومهما يكن من امر، فان النبي صلى الله عليه وسلم ، دخل المدينة مسالماً ، لأن قرآن الفروع الذي يدعو للقتال ، لم يكن قد نزل عليه بعد .. وكان حتى اول العهد في المدينة ، يخاطب بآيات فيها روح القرآن المكي ، وتلحق باصوله ، في الدعوة بالتي هي احسن ، والصبر على اذى المخالفين .. ولكن هذا الوضع تحول حين نزلت آيات الفروع ، فأحكمت القتال ، ونسخت الاسماح ، الذي تقوم عليه آيات الاصول .

    يتواصل الحوار كالآتي :

    (س- ما العوائق التي ادت الى عدم تنفيذ ما تتحدث عنه ؟

    ج- ان السلطة بالطبع تملكها قادة ..الذين تمكنوا في مواقع السلطة قادة عسكريون ، والعسكرية مهنة تعلم الانسان ان الامر يتنزل من عل ، ولا يمكن ان يراجعه أحد اصلاً ..

    س- في النهاية هذه كانت فكرتك انت ان تقوم بانقلاب عسكري !

    ج- ظنناها ثورة !! أما الثورة الشعبية الواسعة ، في بلد كالسودان ، يمكن ان تدخل عليها العصبيات القبلية ، وان تدخل عليها البلاد من حول السودان .. فالسودان له جيرة كثيفة ، (يضحك) ويمكن ان يثور الامر الى فوضى في السودان ، ظننا ان انقلاباً محدوداً ، وطيباً ، وليس فيه سفك للدماء ، بعد ذلك بقسم ، وبعهود ، وبخطط موضوعة سراً ، ان يمضي شيئاً فشيئاً ، فينزل قيم الدين ، من حرية للجميع مسلم وغير مسلم ، مهما كان ناقداً او ناصحاً للسلطة .. وان يكون الامر كله شورى ، لا يقضى قضاء اصلاً ، الا بمجلس نيابي ، او مجلس ولائي ن او قومي .. وان يقتصر الذين يتولون السلطة على ما يتولون من اجور، والا يغريهم تمكنهم من الثروة الى الفساد ، وان يحترموا العهود الدستورية ...)

    فالترابي قد حرك اعضاء الجبهة القومية الاسلامية ، الذين كانوا في الجيش ، والذين تم تجنيدهم في الحركة الاسلامية ، منذ المراحل الثانوية ، او بواسطة المركز الاسلامي الافريقي ، الذي استغل لتدريس ضباط الجيش ، افكار الاخوان المسلمين ، ليقوموا بانقلاب عسكري ، وهو يظن انه يقوم بثورة ، فهل يمكن ان يصدق احد هذا ، حتى لو كان الترابي نفسه ؟ وهؤلاء ليسوا مجرد عسكر، حتى يستجيبوا للاوامر العسكرية فقط ، وانما هم من الاسلاميين ، فلماذا قدموا امر السلطة ، واوامرها على الاسلام ، واعتقلوا رمزه ، والقوا به في السجن ؟! ثم ماذا عن من هم ليسوا من العسكر، مثل على عثمان محمد طه ، لماذا فضلوا السلطة على زعيمهم ؟! ماذا عن المثقفين والصحفيين ، من اعضاء الاتجاه الاسلامي ، الذين كانوا يسبحون بحمد الترابي ، ثم صاروا يسبونه باقذع الالفاظ ؟! وهل حقاً ان الثورات الشعبية ، العريضة ، في السودان ، لا يمكن ان تنجح لوجود القبلية ، ولأن للسودان جيران كثيرين ؟!

    ومتى حقق الترابي ، قيم الدين ، التي تدعو للحرية للمسلم وغير المسلم ؟! هل فعل ذلك عند اعلان الجهاد على جبال النوبة ، أم عند اعلانه على الجنوب ؟! واذا كان هو يرى ان غير المسلم ، يستحق الحرية ، وله الحق ان يعتنق ما يشاء ، ولكن تلاميذه من العسكر، في السلطة ، لا يوافقون على ذلك، ويصرون على الحرب مع غير المسلمين ، من المواطنين السودانيين ، اما كان اجدر به ، ان يخرج من السلطة ، مع اراقة اول دم في بداية الحرب ؟! لماذا استمر عراب الثورة ، ومرشدها ، وخاض معها ، بحور من دماء الشعب السوداني ، ثم جاء يحدثنا اليوم ، عن اصل الاسلام ، حيث الحرية حق للمسلم وغير المسلم ؟!

    لم نكن مهيئين للسلطة !!

    (س- ولكن الحركة في السودان ، تقريباً دمرت ، لان اصبح الكل بعد السلطة ، يبحث عن موقع داخل السلطة ، والذين بحثوا عن مواقع السلطة دمروا وفتتوا ، لم يعد هناك مجلس شورى ، ولم يعد هناك اشياء ، اصبح فقط مؤسسات الدولة والسلطة ، واصبح كل شخص يريد موقعاً في السلطة ، هل هذا ما حدث ؟

    ج- ما تقوله حق في واقع الأمر !! لأن الناس ظنوا ان السلطة ، قد فلتت من أصول الشرع الاسلامي ، اصول البنية الاسلامية ، منذ ان فقد المسلمون الخلافة الراشدة .. ولذلك لما عادت اليهم ، هرعوا اليها جميعاً ، يتولون المناصب فيها .. وخيار وصفوة كل الحركة ، وقياداتها كلهم دفعوا الى مواقع السلطة ، بل بسطت المواقع وزارات ولائية ، ومؤسسات ، وما نحن باشتراكيين اليها .. فكلهم اصبحوا عرضة لفتن السلطة ، ولذلك وحِل كثير منهم ، وفتن كثير منهم ..

    س- يعني افسدت السلطة في السودان الحركة الاسلامية ؟

    ج- نعم وشقتها !! الذين ما زالوا يتمسكون ويعتصمون بالمبادئ ، والذين ظنوا ان السلطة هي كل شئ ، ولذلك حدث الانشقاق الذي حدث ، ولا يعزي المرء الا ان الاحزاب السودانية كلها ، في تطور السودان الحالي، ألفت وعهدت كثيراً من الانشقاقات .

    س- ولكن هناك شعارات كانت ترفعها الحركة الاسلامية ، وهناك مسيرة من التربية ومن الاعداد ، ومن الآمال ، ومن الكلام الطيب المعسول ، الذي كان يقال سواء داخلها أو خارجها ، كل هذا تلاشى امام المناصب؟

    ج- كلا !! لأن الفقه التقليدي الذي ورثناه كله ابتعد من السلطان .. الاحكام السلطانية هذا هراء، ليس من الدين في شئ ، الكتب القليلة التي نجدها .. والصوفية التي بسطت الخلق الديني في السودان، كانت تبتعد ان يقرب الانسان من باب السلطان ، الا اذا اراد ان يتوجه نحو طريق الشيطان ، من اراد طريق الله فليدبر عن اؤلئك ، وليأوي اليه .. فما دخلنا بتربية بالتقوى الاخلاقية ، لخدمة السلطة ، ولا بهداية كاملة لاحكام السلطان في الاسلام ، دخلنا السلطة بعد ذلك، فكانت التجربة الاولى بعد ما يزيد على الالف سنة ..

    س- لم تكونوا مهيئين للسلطة ؟!

    ج- لم نكن مهيئين لكن ما ندري نحن اننا ما كنا مهيئين ..)

    ان اعتراف الترابي هنا ، بان السلطة افسدت الحركة الاسلامية ، لا تزينه فضيلة الصدق ، والرجوع الى الحق ، لانه يتجه الى تبرئة اعضاء المؤتمر الشعبي - مما وصف به بقية اتباعه- ويصفهم بانهم ما زالوا متمسكين بالمبادئ !! فأي مبادئ هذه ، التي تسمح لهم بالمشاركة لمدة عشر سنوات ، فيما يعتقدون انه باطل ؟؟ واذا كان الترابي يعترف ، بانهم لم يكونوا مهيئين للسلطة ، أكثر من ذلك انهم ما كانوا يعلمون بانهم غير مؤهلين ، فما العبرة بادعائه الآن ، انه على حق ، وان الجناح الآخر على باطل ؟ افلا يجوز ان تكون معرفته هذه ، كتلك ، وتكون الخلاصة ان د. الترابي يجهل حركته ، وهو من ثم ، اجهل بالمجتمع السوداني ، الذي قلب الحكومة ، ليحكمه بهذه الجماعة ، غير المؤهلة خلقياً وغير المهيأة سياسياً للحكم ؟!



    ومع ذلك ، يلقي الترابي باللوم على غياب الفقه الاسلامي ، المفصل ، على قضايا الحكم ، والذي يكون متطوراً على الاحكام السلطانية ، وغيرها من كتب الفقه ، كما يلوم تربية السادة الصوفية للشعب السوداني ، حيث ركزوا على البعد من السلطان .. وكأنه يريد ان يقول، لوان هنالك فقه مكتوب ، ومفصل ، عن كيفية الحكم ، ولو ان الصوفية ربوا الشعب السوداني، على عدم رفض السلطة ، لما فشلت تجربة الحركة الاسلامية في الحكم في السودان !! ومعلوم ان الحركة الاسلامية، التي يقودها الترابي ، لم تتاثر بالصوفية ، بل كانت عبر تاريخها ، اقرب للوهابية ، المعادية للتصوف ، ثم هي قد هرعت للسلطة ، خلافاً لراي الصوفية ، فعلى ماذا يلوم الصوفية ؟! إن الصوفية حين رفضوا السلطة ، انما كانوا يخافون على انفسهم ، من فتنتها ، وما تسوق اليه ، من الاضرار بالآخرين ، مما اعترف به الترابي الآن ، بعد التجربة الفاشلة ، أفما كان الاجدر به ، ان يقتدي بهم ، بدلاً من ادانتهم على خطأه هو ؟!

    ان خلل الفهم الديني ، عند الترابي ، يتضح في انه يعلق أمله بالفقه ، ويظن ان الخلل هو في غياب هذه المعرفة الفقهية .. والحق ان الخلل اخلاقي ، وتربوي ، وهو عجز افراد الحركة الاسلامية ، عن السيطرة على شهوات نفوسهم ، في نهب المال العام ، وفي البطش بالخصوم ، وممارسة شتى ضروب الفساد .. وهو خلل لا يدل على جهلهم باحكام فقهية ، وانما يدل على ضعف ايمانهم بالمبادئ الدينية نفسها .. وحين ذكر الترابي ، ان تلاميذه لم يتمكنوا من مقاومة نوازع السلطة ، نحو الشهوة ، عزى ذلك الى ان التجربة جديدة عليهم ، وكأن في ذلك عذر لهم !! مع انه في نفس الوقت ، حدثنا عن دولة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحكم الاصحاب من بعده ، مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وتناسى ان يذكر لنا ، ان تلك التجربة الناصعة ، كانت أيضاً التجربة الاولى ، لاؤلئك النفر من كرام الاصحاب ، رضوان الله عنهم ..

    تركنا المجتمع ضائعاً وهرعنا الى السلطة !!

    (س- هل هناك فوارق كبيرة بين الشعارات والمبادئ والافكار وما بين الممارسة الفعلية للسلطة ؟

    ج- نعم ، نعم !! يحدث هذا لكل الثورات .. الثورة الفرنسية بدأت بالعدالة والمساواة والاخاء ، ولكن قضت مئة عام من الارهاب ، ومن آ آ في النهاية الرجوع .. الرجوع الى نابليون حتى يرتاحوا من الفوضى .. ذلك ليس بغريب لأحد ، لم يتمكن من الهداية المنزلة المفصلة اخلاقياً على مقاومة نوازعها نحو الشهوة ، والسكر بها ، ليس ذلك ببعيد لاول تجربة له .. واول تجربة ، لا نقول انها فشلت ، بل ان التجربة نفسها تعظك ، فالله يبدل السيئات حسنات ، لأنها تعظك من ان تعود اليها.. وها نحن ابصر فقهاً وخلقاً ..

    س- لو طلبت منك في نقاط ان تقول لي ما الذي خرجتم به من هذه التجربة ؟

    ج- اولاً ان المجتمع المسلم ، يبني حياته الدينية غالبه ، لا من تلقاء السلطة .. ولكن من تلقاء الضمير المؤمن التقي المندفع المتوكل ، ومن تلقاء المجتمع المتدافع المتعاون المتآمر بالمعروف المتضابط كذلك ، وقليلاً ما يضطر الى اللجوء الى السلطة ، لو قرأنا القرآن هو كذلك ..

    س- لكن من الذي يتولى امر السلطة في النهاية من الذي يدبر شئون الناس والحياة ؟

    ج- ان يتولاها قلة ، ولكن نحن هرعنا اليها ، لانها كانت جديدة بالنسبة لنا ، فقدناها منذ مئات السنين.

    س- يتولاها القلة المؤهلون لها ؟

    ج- قلة تضبطها كثرة المجتمع ..

    س- لكن انتم عندكم الكثرة تولت ولم تعد هناك قلة تحكم ؟

    ج- نعم نعم ذلك الذي حدث تماماً .. الآن كل توجهنا اصبح حتى لو في انتخابات قادمة ( يضحك ) فزنا بغالب المقاعد فيها، ما ارسلنا ما بعثنا الى السلطة ، الا بعضاً قليلاً منا ، وبقينا في المجتمع .. لاننا نحن تركنا المجتمع ضائعاً، تركناه فارغاً ..)

    فالترابي يرفض القول صراحة بان تجربتهم فشلت ، ومع ذلك يقول بان الله ، يبدل السيئات حسنات ، لاننا يمكن ان نستفيد من التجربة ، السيئة ، بعدم تكرارها .. ولكن الله لا يبدل السيئات حسنات ، الا بعد التوبة !! واول شروط التوبة ، الاقرار بالذنب ، والعزم على عدم العودة اليه ، مرة أخرى ، ثم رد الحقوق الى اهلها !! وذنب الترابي ، باعتباره راعياً لحكومة الانقاذ ، ليس ذنباً يسيراً ، وانما هو حمل ثقيل ، من دماء القتلى ، وآلام المعذبين في بيوت الاشباح ، وضياع الملايين من اموال الشعب السوداني . واذ يغفر الله ، الذنوب المتعلقة باوامره ، لا يغفر الذنوب المتعلقة بحقوق الناس ، حتى يعفي اصحابها ، ولهذا ليس في الذنوب ، ما هو أسوا من الاضرار بالناس ..

    ما الذي خرج به الترابي من هذه التجربة ؟ خرج بان المجتمع ، وبناءه على اسس الدين ، اولى من السلطة !! وهو بذلك ، يعلن مخالفته التامة ، لكل منهج الاخوان المسلمين ، منذ سيد قطب ، حيث ركزوا على ان السلطة ، اهم من المجتمع ، واستعمالها للقهر، اولى من الموعظة الحسنة .. ورددوا كثيراً ، دون فهم ، الحديث الشريف " ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" !! والحديث يقصد ان الحاكم المسلم ، المطبق للدين في نفسه ، والمجسد لكمالاته ، ابلغ في التاثير على الرعية ، من قراءتهم القرآن ، وهو قطعاً ، لا يعني ان البطش بالسلطة ، انفع للناس من القرآن ..

    ولقد ذكر الترابي ، بأننا لو قرأنا القرآن ، لوجدنا انه يركز على التربية والمجتمع ، اكثر مما يركز على السلطة ، وهذا حق.. ولكن المؤسف ، ان الترابي لم يعرف ذلك ، الا بعد ان بلغ هذا العمر، وخاض واتباعه ، هذا التجربة المنكرة .. مع ان المسلم العادي ، الذي لم يكن زعيماً ، يعرف ان حوالي ثمانين بالمئة من القرآن ، يركز على التوحيد ، والاخلاق ، والتربية، والعبادة ، وسير الموعظة ، وان قدراً يسيراً منه ، تحدث عن امور الدنيا ، بما فيها الحكم .. وان القرآن المكي ضعفي القرآن المدني ، وهو الذي احتوى على قيم الدين ، حين حوى القرآن المدني التشاريع ، بما فيها الحكم..

    ولو كان الترابي صادقاً ، لعرف ان الحل ليس في ارسال قلة منهم للسلطة ، لأن القلة نفسها ، يمكن ان تفسد ، وتفسد المجتمع، من تحتها .. وانما الحل ان يبعدوا عن السلطة ، تماماً ، وينشغلوا بتربية الافراد ، واصلاح انفسهم ، وتقديم الخير للمجتمع . حتى اذا ساد فكرهم ، بالقناعات الحقيقية ، وليس باغراءات السلطة ، وتم للكوادر، قدر من التربية الدينية، الرفيعة ، يمكن ان يدخلوا الى معارك السياسة ، التي تقود للسلطة ..

    وبعد إعتراف الترابي ، بانهم تركوا المجتمع ضائعاً ، حدثنا بانهم يريدون ان يعملوا الآن ، وسط المجتمع ، فهل يظن ان المجتمع ، بهذه السذاجة ، ليقبلهم بعد ان تخلوا عنه ؟! وهل حقاً تركت الجبهة الاسلامية المجتمع، وانشغلت عنه ، بالمناصب ؟! لو كان الامر كذلك لكان افضل للمجتمع .. ولكن الحقيقة المؤلمة ، هي ان الجبهة لم تترك المجتمع ، بل توغلت فيه بطشاً ، واعتقالاً، وتعذيباً ، وطرداً من الخدمة العامة ، وتعبئة لحرب جائرة ، وقتل للمواطنين، وحرق للقرى ، وسلب للاموال ، واستغلالها لافساد الشرفاء من الفقراء .. وكل هذا ، تم لدعم سلطتهم، واستمرار سيطرتهم ،واستمتاعهم بهذه المناصب ، التي تركوا من اجلها ، دينهم خلف ظهورهم.

    الحركة الاسلامية ضرت المجتمع السوداني!!

    يستمر الحوار على النحو التالي :

    (س- انت تقر الآن ان المجتمع السوداني ..آ بالفعل انا آخر زيارة للسودان حينما حاولت استقرئ الواقع وجدت ان الحركة الاسلامية ضرت المجتمع السوداني اكثر مما افادته ..

    ج- نعم ، نعم !! لانها هجرته الى مواقع السلطة ، وظنت انها ..آ لكن الله سبحانه وتعالى ، يوصي النبي ويؤهله منذ مكة ، ما انت عليهم بمسيطر.. ما انت بجبار.. ذكر، اتعامل مع الناس ، ولا تستعمل المال.. لوانفقت ما في الارض جميعاً ما الفت بين قلوبهم .. نحن فتنة السلطة ، وجدّة السلطة علينا ، ولكل جديد لذة طبعاً ، هي صرفتنا عن المجتمع.. الآن نحن التجربة علمتنا الفقه الديني في واقع الامر .. ان المجتمع وثقافته ومجتمعه واعرافه أولاً ، لا يعني ذلك ان نترك السلطة تنعزل، وتنفصل عن الدين، ولكن تتم الدين وتكمله فقط .

    س- يعني بناء المجتمع هو الاساس بالنسبة لكم ؟

    ج- آه طبعاً قطعاً والحضارة كذلك ..

    س- لواستقبلت من امرك ما استدبرت هل كنت ستسعى لعمل انقلاب89 ؟

    ج- كلا .. الآن فقط، كذلك مما نفعني ، عدت أقرأ تاريخ الأمة المسلمة ، لا الأمة المسلمة وحدها ، بل تاريخ كل الأمم .. وجدت ان أهل الحرب والجند والعسكرية ، دائماً تقوم على الاسروعلىالقوة ، لانها تتعامل مع الآخربالقوة ، بالضرب .. فلذلك كنا ظننا ان الثورة يمكن ان تعيد لان الثورات هي التي اعادت الديمقراطية الى اوربا ، ولكن نسينا ان الثورات عقبتها عهود من الارهاب والطغيان وبعد عهود متطاولة ، تنزلت القيم ، قيم الثورة الى الواقع، واصبحت جمهوريات ديمقراطية في الواقع ، فلو استقبلنا من امرنا ما استدبرنا قطعاً لن نلجأ الى العسكر ..

    س- هل ادخلت شيئاً جديداً او تطويراً او تغييراً لفكرك السياسي ، خلال المرحلة الاخيرة ؟

    ج- طورت اصول الفكر السياسي كتبتها منذ زمن ، قبل ان اعتقل منذ ايام نميري وقبله ، وهي مطردة المعاني مطردة ، ولكن الآن شواهدها من التجارب والتاريخ اثرتها وغذتها .. وكذلك رؤيتي لتفاسير القرآن التقليدية ، لا تكاد تجمع لي رؤية القرآن .. كذلك الآن في السجن ، في قضايا المرأة ، وقضايا الصلاة والصيام والحج ، كل هذه الشعائر كنا نؤديها كما يؤديها الناس ، أعرافاً وصوراً واشكالاً واذكاراً كللغو على اللسان.. ولكن الآن نمت افكاري وتبدلت جداً، بالتجارب وبالتامل في السجن )

    فالترابي اذن ، يقر هنا ، انه كان يقدم امر السلطة على امر المجتمع ، وان الحركة الاسلامية اضرت بالمجتمع السوداني ، لأنها هجرته الى مواقع السلطة ، خلافاً لنهج النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي اوصاه به الله ، وانه بعد التجربة تعلم ويقول (الآن نحن التجربة علمتنا الفقه الديني في واقع الامر)!! وهو لم يكن يجهل الفقه الديني ، في المفاضلة بين اولوية المجتمع أم السلطة ، فحسب ، بل كان يجهل السياسة ايضاً ، ويجهل التاريخ ، ومآل الثورات العنيفة ، الى صور من البطش والطغيان ( الآن فقط كذلك مما نفعني عدت أقرأ تاريخ الامة الاسلامية) !! أكثر من ذلك !! كان الترابي يجهل شعائر الاسلام ، الاساسية ، ويمارسها لغواً باللسان ، دون ان تترك اثرها في قلبه ، وعقله ، ويقول (وقضايا الصلاة والصيام والحج كل هذه الشعائر كنا نؤديها كما يؤديها الناس أعرافاً وصوراً واشكالاً واذكاراً كاللغو على اللسان ) !! السؤال هو : ما الذي أهّل الترابي ، لقيادة الحركة الاسلامية ، وهو لا يعرف اسس الاسلام ، ولا بديهيات السياسة والتاريخ ؟!

    والترابي يخادع الشعب ، بهذه العبارات ، لان هذه ليست اول مرة يهرع واتباعه للسلطة ، ويحاولون تطبيق القوانين، وفرضها بالقوة ، قبل تربية المجتمع .. فقد حدث ذلك ، في عهد نميري ، وفشلت قوانينهم الاسلامية ، وكانت من اسباب انتفاضة مارس ابريل التي اطاحت بنظام نميري .. وقد اختلف معهم نميري بعد ذلك ، وسجن الترابي ، فهذه ليست اول مرة يجد فرصة التامل ، في السجن، فلماذا عرف كل هذه الاخطاء ، وتعلم الشعائر، في هذا السجن بالذات ؟!

    من كل عشرة اسلاميين تسعة فاسدون !!

    (س- دائماً تتحدث عن الفساد في السلطة وفي مؤتمر صحفي قلت ان السلطة في السودان افسدت تسعة من كل عشرة من الذين شاركوا فيها من الاسلاميين ؟

    ج- تلك ايام مضت ، بدأت ظواهر فساد فقلت بضع في المئة ، وتحدثت عن ان البضع قد يبلغ تسعاً ولكن كثير من الذين من حولي قالوا نسي صفراً (يضحك) ، ولكن تفاقمت ، تفاقمت الآن ، لا نقول انها بضع ...

    س- كيف يفسد الذين يحملون الشعارات الاسلامية ؟

    ج- من الرقيب عليك اصلاً ، ما هي موارد الدولة البترول والضرائب و..

    س- ما اشكال الفساد ؟

    ج- المال ياتيك عفواً ، لم تكسبه حتى تقدر قيمته بعرقك وبجهدك ، ياتيك عفواً ولا يراقبك احد، والمحاسبون كلهم تحتك ، يكتبون ما تامر به.. ومن العسير على المرء بغير ضابط حتى ان يتذكر في الغيب الله سبحانه ونعالى وبعد ذلك يطلق يده .

    س- هل تكون السلطة على الفساد من خلال المجتمع ومن خلال المؤسسات ؟

    ج- الآن في السودان الناس يشتكون كثيراً قد يبلغون بها ..

    س- اما تشعر بالمسؤولية عن ذلك ؟

    ج- طبعاً السلطة المطلقة تفسد ، استعمال السلطة ضد المعارض الا تسمع له ، بل تسكت صحيفته تلقي به في السجن .. وضد المال العام الذي تسلبه من الناس ان تأكل اموال الناس بالباطل .. هذه الآن درس لهذه الشعوب الشعوب لم تتعلم اصل الشورى ولا المشيئة الحرة والزواج كان في اعرافنا القديمة قهراً واجباراً ومعاملاتهم كانت بشيخ يعلو على الناس فالمجتمع نفسه بنيته هذه لا تؤهله لأن يخرج حكماً حراً شوروياً متصادقاً في عهوده ..)

    وفي سؤال من مشاهد ، يقول طالما اعترف الترابي بخطئه ، فلماذا ما يزال يلهث خلف السلطة ليرتكب اخطاء جديدة ، أجاب الترابي (اولاً لا بد ان يتبين ان الحركة لم تكن حزبياً سياسياً وحسب هي كانت حركة اجتماعية وحركة ثقافية وحركة سياسية أيضاً .. وهذا الذي حدث في السياسة كان شريحة من ادائها ، لأن الآن تحررت المرأة في السودان، بدفع من حركة الاسلام ، وتعربت اللغة العربية عربت العلوم العليا وعربت السودان شماله وشرقه وغربه بدفعة من الاسلام .. وبدفعة من الاسلام وعلاقاته الدولية، دخل البترول الى السودان بدفعة من الاسلام لا من الشركات ، حتى بعلاقات من حركات الاسلام مع البلاد والاشخاص بعينهم قديمة ، كذلك بدفعة من الاسلام بدأ التضنيع في السودان الحربي الذي ينتج الدبابات.. ما كان السودان في التضنيع شيئاً مذكوراً ..فالدفع ليس كله فقط الدولة ، وكل الاخفاق حول الدولة وحسب ، لكن حتى الدولة نفسها الآن شهرت السودان .. السودان كان ذليلاً ما كان يعرف ، نذهب الى رؤساء الدول لا يعرفون اين يقع السودان في الارض .. لكن السودان اصبح اعز مكانة ورهبه كثير من الناس .. صحيح يلقون عليه تهمة الارهاب وهكذا ، لكن عزت مكانته الدولية في العالم .. والسودان الآن لاول مرة يعلم شيئاً يسمى المواطنة بتقرير مصير لحقوق الناس ، ان يتواطنوا رايهم هم ان شاءوا الا يتواطنوا لا يتواطنون مع الجنوب مثلاً ، او مع اي قطاع آخر، الناس كانوا كلهم يحكمون من الخرطوم بالقوة، على ميراث البريطانيين، اللامركزية الفدرالية ، ما سمعنا كلمة من احد ، ولا الاقليمية من احد، الا من حركة الاسلام ..)
    أول ما تجدر الاشارة اليه ، هو ان الترابي تجاهل تماماً ، سؤال مقدم البرنامج ، عن مسؤوليته عن ما حدث من الفساد .. حيث اخذ يتحدث عن انواع الفساد ،واستغلال السلطة ، الذي حدث من حكومة الانقاذ ، ولم يشر الى نفسه ، من قريب او بعيد.. ثم هو قد عزى الفساد ، الى غياب الرقابة ن مع ان ذلك من تركيبة النظام ، الذي اشرف على قيامه من البداية !!

    بعد ان ذكر لنا الترابي ، ان حركته اضرت بالشعب ، وانها انشغلت عنه بالكراسي ، وانها هرعت الى المناصب ، وان افرادها فسدوا ، وتفاقم فسادهم ، وخاضوا في اموال الشعب بالباطل، بلا رقيب ولا حسيب، وانه لو استقبل من امره ما استدبر، لما اقام حكومة الانقاذ ، جاء ليحدثنا عن ان حركته هي التي حررت المراة !! وهي التي ادخلت البترول في السودان !! وهي التي رفعت من مكانة السودان ، وهي التي طرحت موضوع المواطنة ، وتقرير المصير، وهي الوحيدة التي دعت للفدرالية واللامركزية !!

    مثل هذا الحديث ، هو الذي جعلنا نصف الترابي بعدم الحياء .. اذ ان الشعب السوداني ، بما فيه الترابي ، يعلم ان حركته كانت على طول المدى ، ضد السلام ، وضد حق الاخوة الجنوبيين في تقرير المصير.. وانها رفضت السلام ، الذي وقعه السيد محمد عثمان الميرغني ، مع الحركةعام 1988 ، وحملت حليفها ، آنذاك ، السيد الصادق المهدي لرفض اتفاقية السلام .. وان حكومة الجبهة هي التي اهانت المرأة السودانية ، وجلدت طالبات الجامعة، لأول مرة في تاريخ السودان، على رؤوس الاشهاد !! وفرضت على المرأة السودانية الحجاب الايراني ، ومرافقة المحرم بالقوة ، وهي التي اشعلت الحروب ، التي فقدت فيها النساء اعز ما تملك ، من شرفها ، ومن فلذات اكبادها .. ولئن زاد استخراج البترول بواسطة حكومة الجبهة ، فان الشعب لم ير عائداته ، التي ذهبت في جيوب الافراد الاسلاميين ، من ضمن الفساد ، الذي وصفهم به ، شيخهم ، ومرشدهم ..

    وهل حقاً كانت حركة الاسلاميين ، بقيادة الترابي ، هي اول من طرح الفدرالية، والحكم اللامركزي في السودان ؟! أم ان الترابي يجهل تاريخ السودان ، كما جهل تاريخ الامم الاخرى ؟! فليقرأ الترابي اذن ، وليقرأ اتباعه داخل السلطة وخارجها (ان اهتمامنا بالفرد يجعلنا نتجه ، من الوهلة الاولى ، الى اشراكه في حكم نفسه بكل وسيلة ، والى تمكينه من ان يخدم نفسه ومجموعته في جميع المرافق ، التشريعية والتنفيذية والقضائية وذلك بتشجيع الحكم الذاتي ، والنظام التعاوني. ولما كان السودان قطراً شاسعاً وبدائياً فان ادارته من مركزية واحدة غير ميسورة ، هذا بالاضافة الى ما تفوته هذه المركزية على الافراد من فرص التحرر والترقي والتقدم ، بخدمة انفسهم ومجموعتهم ، لذلك فانا نقترح ان يقسم السودان الى خمس ولايات ... ثم تقسم كل ولاية من هذه الولايات الخمس الى مقاطعتين وتمنح كل ولاية حكماً ذاتياً يتوقف مقداره على مستواها ومقدرتها على ممارسته ، على ان تعمل الحكومة المركزية ، من الوهلة الاولى ، على اعانة كل ولاية لتتاهل لممارسة الحكم الذاتي الكامل ، في اقرب فرصة ، وان تمنحها سلطات اكثركل ما بدا استعدادها ويقوم الحكم الذاتي في كل ولاية على قاعدة اساسية من مجالس القرى ومجالس المدن ومجالس المقاطعات ومجالس الولايات حتى ينتهي الشكل الهرمي بالحكومة المركزية التي تسيطر على اتحاد الولايات الخمس ، وتقويه ، وتنسقه بسيادة القانون لمصلحة الامن والرخاء ، في سائر القطر)[1] .. ولقد خرجت الطبعة الاولى، من هذا الكتاب عام 1955 ، فاين كان الترابي في ذلك الوقت ؟ وهل طرح هو او اي من الجماعة الاسلامية أو غيرها حديث عن اللامركزية آنذاك ؟!



    التهافت :

    هل كان يمكن ان يدلي الترابي ، بحديث مثل هذا ، لو كان ما يزال في السلطة ؟! ام انه الآن ينقد السلطة ، كمعارضة ، ليس لها غرض الا الرجوع الى السلطة ، مرة أخرى ، وتكرار التجارب الفاشلة كما ذكر احد المتداخلين ؟ ومع ان الترابي ، هو اهم العناصر، في تجربة حكم الجبهة ، فانه يريد اي يخرج نفسه منها ، ويعين نفسه طبيباً ، للداء الذي اتى به ، ورعاه حتى شب عن الطوق فالتقمه .. وليست هذه اول مرة ، يفتعل الترابي فيها المشاكل ، ثم يوظف نفسه لحلها !! فقد قاد عام 1965 حملة المطالبة بحل الحزب الشيوعي السوداني ، وطرد نوابه من الجمعية .. وحين ابطلت المحكمة العليا ، تعديل الجمعية التاسيسية للدستور، وابطلت حل الحزب الشيوعي ، اخرج الترابي كتيباً عن المشكلة الدستورية الشهيرة ،التي كان من مستشاري مجلس السيادة، الذين ينبغي ان يسهموا في حلها .

    في ذلك الوقت ، كتب الاستاذ محمود محمد طه ( بين ايدينا الآن كتاب اخرجه الدكتور حسن الترابي باسم " اضواء على المشكلة الدستورية" وهو كتاب من حيث هو ، لا قيمة له ، ولا خطر، لانه متهافت ، ولانه سطحي ، ولانه ينضح بالغرض ، ويتسم بقلة الذكاء الفطري . ولكن خطره انما يجئ من مؤلفه ، فأنه دكتور في القانون الدستوري ، وهو قد كان عميداً من عمداء كلية الحقوق السابقين ، وهو زعيم جبهة الميثاق الاسلامي ، وهو عضو في الجمعية التاسيسية ، وهو من مؤلفي الازمة الدستورية ، وهو مع ذلك من مستشاري مجلس السيادة الذين على هدى نصيحتهم يرجى لهذه الازمة الدستورية العجيبة ان تحل )[2]!!

    د. عمر القراي

    [1] محمود محمد طه (196 أسس دستور السودان.. لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية( الطبعة الثانية) . أمدرمان : السودان ص13

    [2] محمود محمد طه - زعيم جبهة الميثاق في ميزان :1) الثقافة الغربية 2) الإسلام (الطبعة الثانية) - http://alfikra.org/books/bk014.htm

    المصدر: سودان نايل


    25/10/2005
                  

10-26-2005, 04:02 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    الصحافة 26/10/2005

    مسارب الضي
    (الغبينة تولد العاقر)؟! (2/2)

    الحاج وراق




    * الفرق الاساسى بين الديمقراطية والفاشية، هو الموقف من الشعب، فالديمقراطية تجعل الشعوب مصدر السلطات، وتثق في أنها مؤهلة للتقرير فى القضايا التى تهمها، وحتى حين تخطئ، فإن خطأها افضل من (عبقريات) القلة، لأن أخطاء الشعوب تخلِّف حكمة تتملكها المجاميع الواسعة من الناس، إضافة الى أن الديمقراطية بما تتيحه من مناقشات حرة وواسعة، وبإمكان تجديد النظر في السياسات والخيارات عند كل انتخابات، فإنها توفر إمكانية التعلم من الاخطاء وتصحيحها ذاتيا... هذا بينما الفاشية تثق فى (القلة) او (القائد الفذ)، وتحتقر فى المقابل الشعوب، وبمقدار احتقارها للشعوب تتزلف اليها! ولكن تزلف الفاشية اللفظى لا يكفى لاخفاء احتقارها العميق، وذلك لأنها حىن تتغنى ب (حكمة) الشعوب، فإنها تتهرب من الانتخابات الحرة التى تعبر بها الشعوب عمليا عن حكمتها (!)، وحين تتغنى ب (فضائل) الشعب الاخلاقية، فإنها فى ذات الوقت تنصّب أجهزة (حماية الأخلاق) رقيبة على فضائله، بينما فى الحقيقة تحتاج هذه الأجهزة قبل غيرها الى رقباء عليها!
    واذا آراد د. الترابى، ان يتسق فى تبنيه المعلن للحريات، فلا بد وان يقطع مع التراث الفاشستى لحركة الاخوان المسلمين، ولكن تصريحاته الأخيرة تنهل من ذات المنهل الفاشى!
    * قال د. الترابى انه سيستغفر الله عن اخطائه فى الحكم، ولكنه لن يعتذر للشعب السودانى لأن ذلك لن يقدم ولن يؤخر!
    ولا أدرى لماذا قال الترابى (س)أستغفر ولم يقل أستغفر الله، الآن وحالا! ربما تكون هفوة، والاّ فإن (س) الاستقبال فى طلب الاستغفار من الله، انما تشير الى الاستنكاف والاستكبار حتى فى العلاقة مع الله سبحانه وتعالى!
    وعلى كل، فالاستغفار الحق يتعدى ترديد الألفاظ الى تحقيق المطلوبات العملية، وأهمها رد المظالم إلى أهلها، واذا كان من الصعب حاليا على الترابى شخصيا رد مظالم مئات الألوف من المفصولين للصالح العام، وآلاف المعتقلين والمعذبين فى بيوت الأشباح، والملايين الذين هجروا أهاليهم هربا من القمع فابتلعتهم (دياسبورا) المنافى والشتات، اذا كان صعبا عليه رد ظلامات هؤلاء، فأقله أن يطلب منهم الصفح والغفران!
    ومثل هذا الإعتذار للمظلومين، اضافة الى كونه احد شروط طلب الغفران من الله تعالى، فإنه من الزاوية السياسية، يشكل ضمانة لا غنى عنها بأن الترابى لن يعيد تكرار جرائره مرة اخرى!
    * ثم إن المأثور الدينى يقضى بأن ألسنة الخلق أقلام الحق، وبأن محبة الخالق تتبدى فى محبة مخلوقاته، وان الدين المعاملة، وان (خيركم خيركم للناس)، ولهذا، فمن الزاوية الدينية المحضة، فالواجب على الترابى طلب الصفح من الشعب السودانى!
    وفيما يتعلق بقائد سياسى، فإن علاقته بربه، مهما كانت، غير ذات معنى، الا بمقدار ماتنعكس فى تعامله مع شعبه، ولذا فإن الإدعاء بأن طلب الغفران من الله يشكل بديلا عن طلب الصفح من الشعب، - اضافة الى خطئه الدينى البين -، فإنه كذلك يعبر عن نفسية احتقار الشعب، وعن المواصلة فى نهج الفاشية الموروث فى حركة الاخوان المسلمين منذ مؤسسها حسن البنا! وغني عن القول ان هذا المسلك الفاشى يتناقض بصورة جذرية مع الفكر الديمقراطي، كما يتناقض مع دعوة الحريات التى يلهج بها د. الترابى حاليا!
    * اما قول د. الترابى بأن الحركة الإسلامية لم تكن مؤهلة عند استيلائها على السلطة بانقلابها العسكرى فى عام 1989م، ففيه، يؤكد الترابى مرة أخرى استنكافه عن استخلاص العبر الصحيحة.
    فالترابى بهذا القول لا يرد الأزمة الى جذرها الحقيقى، وهو الانقلاب كآلية للوصول الى السلطة، وهى آلية تحدد نتائجها اللاحقة بصورة لزومية، نتائجها كمثل المحافظة على السلطة الانقلابية بالقمع والتعذيب والفصل والتشريد، واستشراء الفساد بسبب غياب الحريات وغياب الرقابة الشعبية والمساءلة والمحاسبة، وكمثل تغليب الاعتبارات العسكرية والأمنية على الاحتياجات الاجتماعية والتنموية، واخيرا، ومن لوازم كل الانقلابات، كما اكدت التجارب فى كل العالم، ان ينقلب الأنقلاب على ملهمه المدنى، فيستند على مدنى فى المرتبة الثانية ليكسر رأس المدنى الأول، وحين يفرح المدنى الثانى بأنه صار الأول، يُكسر رأسه بالاستعانة بمدنى آخر، وهكذا دواليك، الى أن يقضى الله امرا كان مفعولا! ألا ما أكثر العبر وما أقل الإعتبار!!
    ولكن د. الترابى، بدلا من ادانة الانقلابات كآلية للوصول الى السلطة، يتحدث عن عدم كفاية تأهيل الحركة الإسلامية! وهو يريد بذلك سحب القضية من إطارها الموضوعى الى إطار ذاتى، أى الى عدم كفاية (تربية) الجماعة لمواجهة (فتنة) السلطان والمال! وبالطبع لا أحد يمتلك جهازا لقياس التربية (تربيميتر)! وما يسميه د. الترابى، بفتنة السلطان داء متمكن فى الكائن الإنسانى، وأفضل من تطلب شفائه من هذا الداء العضال، والذى عصف بوحدة المسلمين فى صدر الاسلام، افضل من ذاك التطلب ، ان تقيد طرائق الوصول للسلطة وطرائق ممارستها بالاليات الديمقراطية!
    وعلى كل، فإن الديمقراطية تضبط الحكام سواء أكانوا مفتونين بالسلطة، او كانوا (اطهارا اتقياء) كما يدعون!
    * والأهم من كل ماسبق، السؤال: ماذا إذا كانت الحركة الاسلامية مؤهلة حينها من حيث الكوادر والتربية؟! أيبرر ذلك انقضاضها على السلطة بالانقلاب؟! والا يشير مثل هذا الحديث الى ان الترابى ربما ينظم انقلابا اخر بدعوى ان حركته قد صارت أفضل تأهيلا من عام 1989م؟! والا يعنى وضع القضية على أساس محاور ذاتية صعبة التحقق والقياس، مثل التأهيل والتربية والفتنة، بأن الشعب يتحول لدى هذه الجماعة الى (فأر) تجارب تقيس به مدى تأهيلها وتربيتها؟!
    * إن أزمة 30 يونيو الأساسية، ليست فى تأهيل او عدم تأهيل الحركة الاسلامية، وانما في الآلية التي اعتمدتها للوصول الى السلطة، ذلك ان الانقلاب العسكرى، بمصادرة الحريات التى تلزم عنه بالضرورة، وبالسلطات المطلقة التى يضعها فى ايدى الاجهزة التنفيذية، فإنه يقود حتما الى الفساد، بل والى افساد حتى اولئك (الأتقياء الانقياء)!
    * وبالنتيجة،فإن تصريحات د. الترابى الاخيرة لا تشير الى أنه قد استخلص الدروس الصحيحة من تجربته، كما أنها لا تشير الى استقامة فى تقصى هذه الدروس!
    * ولكن، وللمفارقة، فإن عدم الاستقامة لا يقتصر على الترابى وحده، وانما يمتد الى آخرين، كأحزاب التجمع الوطنى الديمقراطى، والتى ظلت لسنوات تتطلب من الترابى (توبة نصوحة)، ولكنها حين تتفاوض وتتفق مع المؤتمر الوطنى الذى شارك الترابى فى كل أوزاره، فإنها تتغاضى عن الأوزار طلبا للاستوزار، وتتقاضى عن طلب الاستغفار والاعتذار، حرصا على مواقع البوبار و قبض الدينار!!
                  

10-26-2005, 04:09 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    الصحافة 26/10/2005

    مسارب الضي
    (الغبينة تولد العاقر)؟! (2/2)

    الحاج وراق




    * الفرق الاساسى بين الديمقراطية والفاشية، هو الموقف من الشعب، فالديمقراطية تجعل الشعوب مصدر السلطات، وتثق في أنها مؤهلة للتقرير فى القضايا التى تهمها، وحتى حين تخطئ، فإن خطأها افضل من (عبقريات) القلة، لأن أخطاء الشعوب تخلِّف حكمة تتملكها المجاميع الواسعة من الناس، إضافة الى أن الديمقراطية بما تتيحه من مناقشات حرة وواسعة، وبإمكان تجديد النظر في السياسات والخيارات عند كل انتخابات، فإنها توفر إمكانية التعلم من الاخطاء وتصحيحها ذاتيا... هذا بينما الفاشية تثق فى (القلة) او (القائد الفذ)، وتحتقر فى المقابل الشعوب، وبمقدار احتقارها للشعوب تتزلف اليها! ولكن تزلف الفاشية اللفظى لا يكفى لاخفاء احتقارها العميق، وذلك لأنها حىن تتغنى ب (حكمة) الشعوب، فإنها تتهرب من الانتخابات الحرة التى تعبر بها الشعوب عمليا عن حكمتها (!)، وحين تتغنى ب (فضائل) الشعب الاخلاقية، فإنها فى ذات الوقت تنصّب أجهزة (حماية الأخلاق) رقيبة على فضائله، بينما فى الحقيقة تحتاج هذه الأجهزة قبل غيرها الى رقباء عليها!
    واذا آراد د. الترابى، ان يتسق فى تبنيه المعلن للحريات، فلا بد وان يقطع مع التراث الفاشستى لحركة الاخوان المسلمين، ولكن تصريحاته الأخيرة تنهل من ذات المنهل الفاشى!
    * قال د. الترابى انه سيستغفر الله عن اخطائه فى الحكم، ولكنه لن يعتذر للشعب السودانى لأن ذلك لن يقدم ولن يؤخر!
    ولا أدرى لماذا قال الترابى (س)أستغفر ولم يقل أستغفر الله، الآن وحالا! ربما تكون هفوة، والاّ فإن (س) الاستقبال فى طلب الاستغفار من الله، انما تشير الى الاستنكاف والاستكبار حتى فى العلاقة مع الله سبحانه وتعالى!
    وعلى كل، فالاستغفار الحق يتعدى ترديد الألفاظ الى تحقيق المطلوبات العملية، وأهمها رد المظالم إلى أهلها، واذا كان من الصعب حاليا على الترابى شخصيا رد مظالم مئات الألوف من المفصولين للصالح العام، وآلاف المعتقلين والمعذبين فى بيوت الأشباح، والملايين الذين هجروا أهاليهم هربا من القمع فابتلعتهم (دياسبورا) المنافى والشتات، اذا كان صعبا عليه رد ظلامات هؤلاء، فأقله أن يطلب منهم الصفح والغفران!
    ومثل هذا الإعتذار للمظلومين، اضافة الى كونه احد شروط طلب الغفران من الله تعالى، فإنه من الزاوية السياسية، يشكل ضمانة لا غنى عنها بأن الترابى لن يعيد تكرار جرائره مرة اخرى!
    * ثم إن المأثور الدينى يقضى بأن ألسنة الخلق أقلام الحق، وبأن محبة الخالق تتبدى فى محبة مخلوقاته، وان الدين المعاملة، وان (خيركم خيركم للناس)، ولهذا، فمن الزاوية الدينية المحضة، فالواجب على الترابى طلب الصفح من الشعب السودانى!
    وفيما يتعلق بقائد سياسى، فإن علاقته بربه، مهما كانت، غير ذات معنى، الا بمقدار ماتنعكس فى تعامله مع شعبه، ولذا فإن الإدعاء بأن طلب الغفران من الله يشكل بديلا عن طلب الصفح من الشعب، - اضافة الى خطئه الدينى البين -، فإنه كذلك يعبر عن نفسية احتقار الشعب، وعن المواصلة فى نهج الفاشية الموروث فى حركة الاخوان المسلمين منذ مؤسسها حسن البنا! وغني عن القول ان هذا المسلك الفاشى يتناقض بصورة جذرية مع الفكر الديمقراطي، كما يتناقض مع دعوة الحريات التى يلهج بها د. الترابى حاليا!
    * اما قول د. الترابى بأن الحركة الإسلامية لم تكن مؤهلة عند استيلائها على السلطة بانقلابها العسكرى فى عام 1989م، ففيه، يؤكد الترابى مرة أخرى استنكافه عن استخلاص العبر الصحيحة.
    فالترابى بهذا القول لا يرد الأزمة الى جذرها الحقيقى، وهو الانقلاب كآلية للوصول الى السلطة، وهى آلية تحدد نتائجها اللاحقة بصورة لزومية، نتائجها كمثل المحافظة على السلطة الانقلابية بالقمع والتعذيب والفصل والتشريد، واستشراء الفساد بسبب غياب الحريات وغياب الرقابة الشعبية والمساءلة والمحاسبة، وكمثل تغليب الاعتبارات العسكرية والأمنية على الاحتياجات الاجتماعية والتنموية، واخيرا، ومن لوازم كل الانقلابات، كما اكدت التجارب فى كل العالم، ان ينقلب الأنقلاب على ملهمه المدنى، فيستند على مدنى فى المرتبة الثانية ليكسر رأس المدنى الأول، وحين يفرح المدنى الثانى بأنه صار الأول، يُكسر رأسه بالاستعانة بمدنى آخر، وهكذا دواليك، الى أن يقضى الله امرا كان مفعولا! ألا ما أكثر العبر وما أقل الإعتبار!!
    ولكن د. الترابى، بدلا من ادانة الانقلابات كآلية للوصول الى السلطة، يتحدث عن عدم كفاية تأهيل الحركة الإسلامية! وهو يريد بذلك سحب القضية من إطارها الموضوعى الى إطار ذاتى، أى الى عدم كفاية (تربية) الجماعة لمواجهة (فتنة) السلطان والمال! وبالطبع لا أحد يمتلك جهازا لقياس التربية (تربيميتر)! وما يسميه د. الترابى، بفتنة السلطان داء متمكن فى الكائن الإنسانى، وأفضل من تطلب شفائه من هذا الداء العضال، والذى عصف بوحدة المسلمين فى صدر الاسلام، افضل من ذاك التطلب ، ان تقيد طرائق الوصول للسلطة وطرائق ممارستها بالاليات الديمقراطية!
    وعلى كل، فإن الديمقراطية تضبط الحكام سواء أكانوا مفتونين بالسلطة، او كانوا (اطهارا اتقياء) كما يدعون!
    * والأهم من كل ماسبق، السؤال: ماذا إذا كانت الحركة الاسلامية مؤهلة حينها من حيث الكوادر والتربية؟! أيبرر ذلك انقضاضها على السلطة بالانقلاب؟! والا يشير مثل هذا الحديث الى ان الترابى ربما ينظم انقلابا اخر بدعوى ان حركته قد صارت أفضل تأهيلا من عام 1989م؟! والا يعنى وضع القضية على أساس محاور ذاتية صعبة التحقق والقياس، مثل التأهيل والتربية والفتنة، بأن الشعب يتحول لدى هذه الجماعة الى (فأر) تجارب تقيس به مدى تأهيلها وتربيتها؟!
    * إن أزمة 30 يونيو الأساسية، ليست فى تأهيل او عدم تأهيل الحركة الاسلامية، وانما في الآلية التي اعتمدتها للوصول الى السلطة، ذلك ان الانقلاب العسكرى، بمصادرة الحريات التى تلزم عنه بالضرورة، وبالسلطات المطلقة التى يضعها فى ايدى الاجهزة التنفيذية، فإنه يقود حتما الى الفساد، بل والى افساد حتى اولئك (الأتقياء الانقياء)!
    * وبالنتيجة،فإن تصريحات د. الترابى الاخيرة لا تشير الى أنه قد استخلص الدروس الصحيحة من تجربته، كما أنها لا تشير الى استقامة فى تقصى هذه الدروس!
    * ولكن، وللمفارقة، فإن عدم الاستقامة لا يقتصر على الترابى وحده، وانما يمتد الى آخرين، كأحزاب التجمع الوطنى الديمقراطى، والتى ظلت لسنوات تتطلب من الترابى (توبة نصوحة)، ولكنها حين تتفاوض وتتفق مع المؤتمر الوطنى الذى شارك الترابى فى كل أوزاره، فإنها تتغاضى عن الأوزار طلبا للاستوزار، وتتقاضى عن طلب الاستغفار والاعتذار، حرصا على مواقع البوبار و قبض الدينار!!
                  

10-26-2005, 04:35 AM

zico
<azico
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)

    مخططات المؤتمر الشعبي المعارض في السودان

    مقدم الحلقة: أحمد منصور
    ضيوف الحلقة:- حسن عبد الله الترابي/ زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان
    تاريخ الحلقة: 19/10/2005


    - أسباب تحول الترابي ضد ثورة الإنقاذ
    - إفساد السلطة للحركة الإسلامية
    - جدوى حكم العسكر
    - تطور الفكر السياسي لدى الترابي




    أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود، موضوع حلقة اليوم هو ضيفها الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان أكثر الزعماء والمفكرين الإسلاميين إثارةً للجدل وحضورا على الساحة الإسلامية والدولية، فالرجل الذي حصل على الماجستير في القانون من جامعة أكسفورد وعلى الدكتوراه من جامعة السوربون والذي يتكلم الإنجليزية والفرنسية والألمانية بطلاقة علاوة على اللغة العربية هو فقيه وسياسي ورجل قانون وصانع أحداث لم يغب عن الساحة السياسية في السودان منذ أن احترف العمل السياسي وتفرغ له ولصراعاته وألاعيبه منذ أربعين عاما، بقيَ الترابي خلالها مثيرا للجدل سواء إن كان داخل السلطة أم خارجها أو داخل السجون أو حرا طليقا وفي حلقة اليوم نحاول فهم بعض جوانب المشهد السياسي في السودان من خلال حوارنا معه بعد 15 شهرا قضاها في سجنه الأخير وخرج أكثر عزما على مواصلة الطريق، طريق السياسة الوعر المحفوف بالمخاطر، ولد الدكتور حسن الترابي في مدينة كسلا في السودان في شهر فبراير عام 1932 في بيت علم ودين، حصل على الماجستير من جامعة أكسفورد في بريطانيا عام 1957 وعلى دكتوراه الدولة من جامعة السوربون في يوليو عام 1964 حول موضوع حالات الطوارئ في الفقه الدستوري المقارن، عمل أستاذا للقانون في كلية الحقوق جامعة الخرطوم ثم أصبح عميدا لها عام 1965 استقال بعدها وتفرغ للعمل السياسي حيث أصبح عضوا في البرلمان السوداني، لمع نجمه السياسي عام 1964 حينما شارك في الانتفاضة التي قامت ضد نظام حكم عبود وفي العام 1969 أصبح زعيما للإخوان المسلمين في السودان، أعتُقل بعدها في ظل حكم نميري مرتين قضى خلالها في السجن ما يقرب من تسع سنوات، أفرج عنه النميري عام 1979 ثم عيّنه رئيسا للجنة المكلفة بمراجعة القوانين من أجل أسلمتها، بعد ذلك عُيّن وزيرا للعدل حتى العام 1983 حيث عيّنه النميري مستشارا لرئيس الدولة للشؤون الخارجية لكن النميري انقلب عليه وأدخله السجن مرةً أخرى عام 1985 ثم أطاح الفريق سوار الذهب بالنميري بعد ذلك بشهر فخرج الترابي مع باقي المعتقلين السياسيين، اختلف مع الإخوان المسلمين وأسس الجبهة القومية الإسلامية وحقق مفاجأة كبرى في انتخابات العام 1986 حيث حصل حزبه على 53 مقعدا ليحل ثالثا وبفارق ضئيل بعد حزبي الأمة والاتحادي وفي العام 1988 شكّل مع حزبي الأمة والاتحادي حكومة وأصبح الترابي نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية فيها لكنه كان يدبر لانقلاب عسكري تمكن في يونيو عام 1989 من الإطاحة بحكومة صهره الصادق المهدي ودخل الترابي السجن بترتيب مع الانقلابيين مع باقي القادة السياسيين ثم خرج بعد ذلك وكان الزعيم السياسي والروحي لثورة الإنقاذ حتى دب الخلاف بينه وبين الفريق عمر البشير عام 1999 ووقع شقاق كبير في صفوف الحركة الإسلامية في السودان، بعدها عاد الترابي للسجن مرتين الأولى في العام 2001 والثانية في العام الماضي 2004 حيث أُفرِج عنه في نهاية يوليو الماضي، لكنه سرعان ما استأنف دوره السياسي الذي نسعى من خلال حلقة اليوم لفهم أبعاده وجوانبه ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على أرقام هواتف البرنامج التي ستظهر تباعا على الشاشة أو يكتبوا إلينا عبر موقعنا على شبكة الإنترنت www.aljazeera.net،
    دكتور مرحبا بك، مسيرة حافلة وطويلة وإن شاء الله تمتد وأبدأ معك من خبر هام اليوم في الصباح فجّره نائبك المقيم في ألمانيا الدكتور علي الحاج حينما أعلن من خلال قناة الجزيرة أن هناك مخطط لإيذائك وربما اغتيالك خلال هذه الجولة الأولى التي تقوم بها بعد الإفراج عنك والتي بدأتها بالمشاركة معنا في هذا البرنامج وأنه يرجح ضلوع جهات أمنية سودانية في هذا المخطط، هل هي بداية دعائية لأول جولة تقوم بها خارج السودان بعد الإفراج عنك؟

    حسن عبد الله الترابي – زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان: أبدأ بذكر الله الرحمن الرحيم وألقي إليك رد تحية السلام، أما هذا الخبر الذي فاجأني بالطبع بعد أن حللت في هذه البلاد الطيبة التي هي ألفتها منذ سنوات متطاولة فلم يكن صدمة لي لأني في خارج السودان دائما كنت عرضة لبعض تدابير الكيد.. يعني في أقصى العالم الغربي بعد أن طفت أميركا بمحاضرات بالغة في كل مدنها وفي كل أصعدتها كذلك أصبت إصابةً في كندا وكادت أن تقضي علي وتشل كل عقلي ولكن الحمد لله يعني شفيت من بعدها فهذا طريق الحياة كله وكما تعلم..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هذا اتهام خطير للحكومة السودانية وإلقائه بهذه الطريقة كأنما تفجّر قنبلة في وجه الحكومة السودانية وتتهمها باتهام يحتاج إلى أدلة؟

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: بالطبع لم يصدر الخبر مني بل فاجأني كما حدثتك لمقدمي في هذه البلاد ولعل الذي أطلقه يطّلع على بعض..

    أحمد منصور: هل تعتقد أن حياتك في خطر خارج السودان الآن؟

    حسن عبد الله الترابي: حياتي ظلت في خطرا وكلها حياتي كلها أعتبرها هبة من الله بعد ما وقع لي في كندا لأنها كانت قضاءا فيما ظن الأطباء مبرما بي لكن مد الله لي في العمر ولذلك هي عرضة لهذه المخاطر سواء في مكائد السجن أو في مكائد الكيد الذي قد يبلغ ما ذُكر من أي ما جهة الله أعلم بذلك.

    أحمد منصور: ما الذي تتوقعه كردة فعل من الحكومة السودانية على هذا الاتهام؟

    حسن عبد الله الترابي: بالطبع هم لأنهم يسيطرون على الإعلام العام في السودان إما أن يسكتوا ويطووا الخبر طيا ويمضي هكذا أو أن ينقلب الخبر إلى فرصة سانحة للحكومة ربما تتخذ إجراءات في وجهنا.. يعني دائما كنا عرضة لمثل هذه الإجراءات الجنائية أحيانا التي تمضي جنائية حسب الدعوة العامة ولكن لا تنتهي إلى قضاء لكن تنتهي إلى أجيال متطاولة من الاعتقالات والكف والحبس بعيدا عن العمل في الساحة العامة.

    أسباب تحول الترابي ضد ثورة الإنقاذ

    أحمد منصور: ما الذي حَوّل الدكتور حسن الترابي من صانع لثورة الإنقاذ إلى أكبر معارض لها؟

    حسن عبد الله الترابي: الثورات هذه سنة في العالم دائما، الثورات تتخذ بعض المبادئ العامة وفي سبيلها تقتحم تحديات الحياة وتتصدى لها ولكن بعد الثورات تتقلب الأمور ويصعد إلى تمكن في السلطة أناس دفع الثورة التي تقتحم وتدمر نفسها وقد يغريهم بأن ينقلب بعضهم على بعض وهذا في كل البلاد مسلمةً كانت أو غير مسلمة هذه موجودة في فرنسا كبار ورجال الثورة ومفكروها تعرضوا..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: وهناك المثل الشائع الثورة تأكل أبنائها، هل أكلتك الثورة التي صنعتها؟

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: نعم يعني أكلتني.. حبستني أن أقول عنها شيء أصلا فضلا عن أن أكيد عليها أو أقومها تصويبا إلى ذات الأهداف التي قصدنها من أجلها، هي ما كنت ثورة من أجل تولي السلطة ولكن كنا ندرك أن الغرب مهما رضي ببسطة من الديمقراطية لا يرضى أن تلد إسلاما إن كان ذلك في السودان أو في الجزائر أو في تركيا أو في أي بلد آخر..

    أحمد منصور: هل فشل.. هل تعتبر الثورة فشلت في تحقيق أهدافها التي قمتم من أجلها؟

    حسن عبد الله الترابي: كلا يعني كانت تذكرة للغرب أنه إذا كان يصد الإسلام إذا سلك طريق الديمقراطية فيضطره كذلك إلى أن يدفع عن نفسه بطريق الثورة فالإسلام سيثور وبالطبع كانت ثورة مسالمة بالطبع في السودان ولكن الغرب تعرض إلى رد فعل أعنف من ذلك بكثير وانبسط قعب داره وفي كل ساحات العالم لعل ذلك يلقي شيء من الحكمة عند الآخرين..

    أحمد منصور: ما هي؟

    حسن عبد الله الترابي: أن يعقلوا أنه من الخير أن تفتح للإسلام وأن تبيح له وأن يمضي إلى السلطة من طريق المسالمة وهذا هو الأصل في الإسلام، ما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة يعني غازيا ولا منقلبا عليها ولكن دخل بالسلام ولكن ما أن يقترب الإسلام في السودان أو في غير السودان من السلطة إلا قمعوه بالقوة.

    أحمد منصور: هل الخلاف هو خلاف أشخاص أم خلاف كان على المبادئ؟

    حسن عبد الله الترابي: الخلاف كان على المبادئ التي قامت عليها الثورة أصلا، هي لم تقم لتتمكن طائفة على السلطة وحسب ولكن لينفتح الباب للناس أن يبلغوا السلطة، بعد ذلك مباشرة وكانت الخطة الموضوعة كذلك أن.. بعد ذلك أن تُمكن الحريات والثقافة للناس وتبسط فيهم الحرية وتعود بعد ضرورات الإمساك والقبض على السلطة الأول فتفتح حريات الصحف وحريات الأحزاب ولها مركزية السلطة وتبسط السلطة وتعود إلى الأصول التي نأذن فيها مثل المدينة بأي حزب..

    أحمد منصور: ألم تكن عشر سنوات وكنت فيها على رأس الثورة آنذاك كفيلة بأن تحقق هذه الأشياء؟

    حسن عبد الله الترابي: بدأ الخلاف منذ زمن متطاول في واقع الأمر ولكن دائما يقال أنه لابد من التمهيد لتنزيل الأهداف الإسلامية في الدولة ومنظومة الدولة إلى الواقع فنرضى بأن يتأخروا يعني.

    أحمد منصور: لكن ما الذي حدث بالفعل؟

    حسن عبد الله الترابي: في أخر الأمر بدأ الصراع يتمكن الآن بدأنا ننزل حرية الصحف وكانت هذه غير مرضية عنها، حرية الأحزاب للناس كان حزب الشيطان في المدينة مثلا أو حزب الرحمن أو بينهما وبدأنا ننزل اللامركزية وبسط السلطة إلى الولايات لا أن تنتخب رأس الدولة وحسب تنتخب من يليها وهي أولى بذلك وأدرى بذلك، فهذا الانبساط والرقابة كذلك في أنظُمات الدولة أن تكون متضابطة.. متوازنة التشريع الذي يراقب أيضا والقضاء الذي أيضا يقضي في ختام المطاف والتنفيذ الذي يقترح ولكنه يخضع للتشريع..

    أحمد منصور: ما العوائق التي لم.. التي أدت إلى عدم تنفيذ ما تتحدث عنه؟

    حسن عبد الله الترابي: أن السلطة بالطبع تملكها طبعا قادة الذين تمكنوا في مواقع السلطة قادة عسكريون والعسكرية مهنة تعلم الإنسان أن الأمر يتنزل من عالٍ ولا يمكن أن يراجعه أحد أصلا يعني.

    أحمد منصور: في النهاية هذه كانت فكرتك أنت أن تقوم بانقلاب عسكري من أجل السيطرة على السلطة؟

    "
    الثورة الشعبية الواسعة في بلد كالسودان يمكن أن تدخل عليها العصبيات القبلية وأن تدخل عليها البلاد من حول السودان، السودان له جيرة كثيفة ويمكن أن يصل الأمر إلى فوضى في السودان
    "
    حسن عبد الله الترابي: ولأنها ثورة أما الثورة الشعبية الواسعة في بلد كالسودان يمكن أن تدخل عليها العصبيات القبلية وأن تدخل عليها البلاد من حول السودان، السودان له جيرة كثيفة ويمكن أن يصل الأمر إلى فوضى في السودان وظننا أن انقلابا يعني محدودا وطيبا ليس فيه سفك للدماء بعد ذلك بقسم وبعهود وبخطط موضوعة سرا أن يمضي شيء فشيء فيُنزل قيم الدين من حرية للجميع مسلم وغير مسلم مهما كان ناقد أو ناصحا للسلطة وأن يكون الأمر كله شورى لا يقضى قضاء أصلا إلا بمجلس نيابي محلي أو ولائي أو قومي وأن يقتصر الذين تولون السلطة على ما يتولون من أجور وأن لا تغريهم.. يعني تمكنهم من الثورة إلى الفساد وأن يحترموا كذلك العهود الدستورية والوفاقات التي يمكن أن يعقدوها مع الجنوب أو مع الأحزاب، هذه عهود لابد من أن يوفى بها.

    أحمد منصور: هم يتهموك أيضا بالتسلط وأنك كنت تريد أن تحول العسكر الذين قاموا بالثورة إلى مجرد جنود يسمعون ويطيعون لك ما تريد؟

    حسن عبد الله الترابي: الحركة التي نشأت في السودان أصلها لم تعرف في يوم من الأيام شيخا، أصلا كانوا عمرا واحدا ومن أول يوم كانت الحركة كلها تقوم على الشورى حتى لما كانت الحركات الأخرى تعرف شيء كالشيخ أو كالقائد المتقدم الذي هو الذي.. ولكن كل عمر الحركة الإسلامية كانت كذلك..



    إفساد السلطة للحركة الإسلامية

    أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن الحركة الإسلامية في السودان تقريبا دمرت لأن أصبح الكل بعد السلطة يبحث عن موقع داخل السلطة والذين بحثوا عن مواقع السلطة دُمّروا وفُتتوا، لم يعد هناك مجلس شورى، لم يعد هناك أشياء، أصبح فقط مؤسسات الدولة والسلطة وأصبح كل شخص يريد موقع في السلطة هل هذا ما حدث؟

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: ما تقوله حق في واقع الأمر لأننا سنظن أن السلطة قد فلتت من أصول الشرع الإسلامي، أصول البنية الإسلامية منذ أن فقد المسلمون الخلافة الراشدة، فلذلك لما عادت إليهم هرعوا إليها جمعيا يتولون المناصب فيها وخيار وصفوة كل الحركة وقيادتها كلهم دُفعوا إلى مواقع السلطة، بل بسطت المواقع وزارات ولائية ومؤسسات وما نحن باشتراكيين إليها فكلهم أصبحوا عرضة لفتن السلطة، التذكرة بالسلطان وأن تمد يدك إلى لمال العام ولذلك وَحِلَ كثير منهم وفُتِنَ كثير منهم كما تعلم.

    أحمد منصور: يعني أفسدت السلطة في السودان الحركة الإسلامية؟

    حسن عبد الله الترابي: نعم وشقتها، الذين مازالوا يستمسكون ويعتصمون بالمبادئ والذين ظنوا أن السلطة هي اللي تتولى كل شيء ولذلك حدث الانشقاق الذي حدث ويعني ولا يعزي المرء إلا أن الأحزاب السودانية كلها في تطور السودان الحالي ألِفَت وعهدت كثيرا من الانشقاقات..

    أحمد منصور: لكن هناك شعارات كانت ترفعها الحركة الإسلامية وهناك مسيرة من التربية ومن الإعداد ومن الآمال ومن الكلام الطيب المعسول الذي كان يقال سواء داخلها أو خارجها كل هذا تلاشى أمام المناصب؟

    حسن عبد الله الترابي: كلا لأن الفقه التقليدي الذي ورثناه كله ابتعد من السلطان، الأحكام السلطانية هذا هراء ليس من دينه شيء الكتب القليلة التي نجدها والصوفية كذلك التي هي بسط الخلق الديني في السودان كانت تبتعد من أن يقرب الإنسان من باب السلطان إلا إذا أراد أن يتوجه نحو طريق الشيطان، مَن أراد طريق الله فليدبر عن أؤلئك وليأوي إليه، فما دخلنا بتربية للتقوى الأخلاقية ضد فتنة السلطة ولا بهداية كاملة لأحكام السلطة.. السلطان في الإسلام، دخلنا على السلطة بعد ذلك فكانت التجربة الأولى بعد أكثر.. ما يزيد على ألف سنة.

    أحمد منصور: لم تكونوا مهيئين للسلطة؟

    حسن عبد الله الترابي: لم نكن مهيئين لكن ما ندري نحن ما كنا مهيئين، كنا نحسب أن الإسلام في كل مكان كُبت دون السلطة والحركة الإسلامية كلها كلما قاربت السلطة ضربت في السودان.

    أحمد منصور: هل هناك فوارق كبيرة بين الشعارات والمبادئ والأفكار وما بين الممارسة الفعلية للسلطة؟

    حسن عبد الله الترابي: نعم يحدث لكل الثورات..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: هل اكتشفتم هذا من خلال الممارسات؟

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: الثورة الفرنسية بدأت بالعدالة والمساواة والإخاء ولكن قضت مائة عام من الإرهاب ومن في الحياة الرجوع إلى نابليون حتى يرتاحوا من الفوضى، ذلك ليس بغريب لأحد لم يتمكن من الهداية المُنزّلة المفصلة على نظم السلطة وعلاقاتها وفتنها وضوابطها ولم يمكّن أخلاقيا كذلك على مقاومة نوازعها نحو الشهوة والسكر بها ليس ذلك ببعيد لأول تجربة له يعني وأول تجربة لا نقول أنها فشلت بل إن التجربة نفسها تعظك فالله يبدل السيئات حسنات لأنها تعظك من أن لا تعود إليها والآن نحن أبصر..

    أحمد منصور: ما هي أهم ما خرجتم به..

    حسن عبد الله الترابي: فقها وخلقا..

    أحمد منصور: لو طلبت منك في نقاط أن تقول لي ما الذي خرجتم به من هذه التجربة؟

    حسن عبد الله الترابي: أولا أن المجتمع المسلم يبنى حياته الدينية غالبه لا من تلقاء السلطة ولكن من تلقاء ضمير المؤمن التقى المندفع المتوكل ومن تلقاء المجتمع المتدافع المتعاون المتآمر بالمعروف والمتضابط كذلك وقليلا ما يضطر إلى اللجوء إلى السلطة لو قرأنا القرآن هو كذلك والعالم كله الآن في البلاد المتقدمة جدا بالتجربة البشرية انتهت إلى ذلك، كلما قلت السلطة ونهض المجتمع كلما نهضت حضارته.

    أحمد منصور: لكن مَن الذي يتولى أمر السلطة في النهاية مَن الذي يدير شؤون الناس والحياة؟

    حسن عبد الله الترابي: يتولاها قلة ولكن نحن هُرعنا إليها لأنها كانت جديدة بالنسبة لنا فقدناها منذ مئات السنين.

    أحمد منصور: يتولاها القلة المؤهلون لها؟

    حسن عبد الله الترابي: قلة تضبطهم كثرة في المجتمع، تضبطهم وتتولى..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أنتم عندكم الكثرة تولت ولم يعد هناك قلة تُحكَم؟

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: نعم ذلك الذي حدث تماما فالآن كل توجهنا أصبح حتى لو في انتخابات قادمة فزنا بغالب المقاعد فيها ما أرسلنا ما بعثنا إلى السلطة إلا بعضا قليلا منها وتركنا في المجتمع لأن إحنا تركنا المجتمع ضائعا تركناه فارغا تماما.

    أحمد منصور: أنت تقر الآن بأن المجتمع السوداني بالفعل لأن أنا أخر زيارة في السودان حينما حاولت أن استقرأ الواقع وجدت أن الحركة الإسلامية ضرت المجتمع السوداني أكثر مما أفادته؟

    حسن عبد الله الترابي: نعم لأنها هجرته إلى مواقع السلطة وظنت أنها.. لكن الله سبحانه وتعالى يوصى النبي ويؤهله منذ مكة ما أنت عليهم بمسيطر، ما أنت بجبار، ذَكِر، تعامل مع الناس ولا تستعمل المال {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} فنحن فتنة السلطة وجدة السلطة علينا ولكل جديد لذة طبعا هي صرفتنا عن المجتمع، الآن نحن التجربة علمتنا الفقه الديني في واقع الأمر، المجتمع وثقافته والمجتمعه وأعرافه أولا لا يعني ذلك أن نترك السلطة تنعزل وتنفصل عن الدين ولكن تتم الدين وتكمله فقط نظام الحكم الإسلامي..

    أحمد منصور: يعني بناء المجتمع هو الأساس بالنسبة لكم؟

    حسن عبد الله الترابي: أه طبعا، قطعا والحضارة كذلك.

    أحمد منصور: تقصد للحضارة الإنسانية بشكل عام؟

    حسن عبد الله الترابي: ولاسيما الحضارة الدينية لأن مبينة بالآخرة لابد أن تقوم على النيات.

    أحمد منصور: يعني العلاقة الآن من خلال تجربتكم أنتم في السودان ترى أن العلاقة التي يجب أن تقوم بين الحركات الإسلامية والسلطة يجب أن تكون علاقة محدودة وأن يكون المطمع ليس السلطة وإنما المطمع بناء المجتمع؟

    حسن عبد الله الترابي: بناء المجتمع والسلطة ليس إلا شريحة من قوى التضابط وقوى المجتمع مما يستدعى استعمال السلطة القوة.. القوة فقط في مجال محدود، كلما صلح المجتمع انحصر المجال الموكول للدولة.

    أحمد منصور: وأصبحت السلطة أسيرة للمجتمع والمجتمع هو الذي يسيرها ويسيطر عليها وليس العكس.

    حسن عبد الله الترابي: يسيطر عليها ويؤدى غالب الوظائف دون أن..

    أحمد منصور: لو استقبلت من أميركا ما استدبرت هل كنت ستسعى لعمل انقلاب 1989؟

    حسن عبد الله الترابي: كلا يعني الآن فقط كذلك مما نفعني كذلك أنني عدت أقرأ تاريخ الأمة المسلمة ووجدت لا الأمة المسلمة وحدها وتاريخ كل الأمم ووجدت أن أهل الحرب والجند والعسكرية دائما هي تقوم على الأمر والقوة بالطبع لأنها تتعامل مع الآخر بالقوة بالضرب فلذلك كنا ظننا أن الثورة يمكن أن تعيد.. لأن الثورات هي التي أعادت الديمقراطية إلى أوروبا ولكن نسينا أنه الثورات عقبتها عهود من الإرهاب ومن الطغيان وبعد عهود متطاولة حتى تنزلت القيم.. قيم الثورة إلى الواقع وأصبحت جمهوريات ديمقراطية في الواقع فلو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا قطعا لن نلجأ إلى العسكر..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: معنى ذلك أنك..

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: وكل الدول الإسلامية دون أن أذكر الأمثلة يعني حاضر العالم الإسلامي وقديم العالم الإسلامي منذ معاوية إلى يومنا هذا رأيت كثيرا من دول قامت فيها نهضة ودفعة إسلامية ولكن الفكر والهداية بعد قليل جاء أصحاب السطوة والسلطة وأولا هم نفسهم غاروا منها هي حتى لا تضبطهم وضربوها أولا ضربوا من الفكر أولا، العلماء المفكرون وهكذا في كل الأحزاب والقوى الإسلامية وغير الإسلامية، ثم بعد ذلك انقلبوا إلى المجتمع وظنوا أن يقيموا عليه أهدافهم بالتسلط والقوة.

    أحمد منصور: يعني أنت لا تعتبر وصول الحركات الإسلامية إلى السلطة ميزة من خلال تجربتكم؟

    حسن عبد الله الترابي: طبعا لابد أن تصل إلى السلطة وأنا أعلم أنه هناك قوى دولية لا تأذن لها إذا اقتربت إلى السلطة التي تتاح في مجال حتى ديمقراطي ليبرالي واسع الحريات يعني ما تقترب إلى السلطة إلا كانت لهم ما هو أغلى من الديمقراطية وهو ألا تلد إسلاما، فسيأمر الجيش أو القوة أينما كانت بأن تقضى على هذا الوليد الجديد، يريدون وليدا يعني مما يليهم.

    أحمد منصور: هل إذا أتيحت لك الفرصة للعودة إلى السلطة مرة أخرى ستعود؟

    حسن عبد الله الترابي: كلا لأني أنا في مجتمعاتنا يعني المتوالدة المتكاثرة يعني إذا بلغ الناس الستين فضلا عن السبعين يعني ينبغي أن يتأخروا إلى مواقع السلطة إلى الحكمة والخبرة وأن يلقوها إلى المجتمع أما النفاذ في العمل الاقتصادي وفي العمل السياسي هذا لابد أن يوكل للأجيال الأخرى.

    أحمد منصور: ما خلاصة ما تلقيه من حكمة وخبرة الآن بعد أربعين سنة من العمل السياسي قدت فيها حركة إسلامية هي الوحيدة التي استطاعت أن تصل إلى السلطة ولكن النتيجة وصلت إلى ما آلت إليه الآن؟

    حسن عبد الله الترابي: والله الخبرة لا من تجربتنا في السودان ولكن أقارنها وأوصلها وأقيسها إلى كل تجارب العالم الإسلامي أن الآن الدفع الإسلامي في العالم أصبح يتعاظم كل يوم دفع روحي وهي طاقات تتفجر في الناس ولكن الناس ليس لهم من فقه يهديهم كيف تتوظف هذه وتتبرمج وتتنزل حتى تنفع الناس ولا تقتحم وتضرب وتخبط وتهدّم فقط حتى تبنى ولا تهدم لا في الاقتصاد العام ولا في الحكم العام والسياسة العامة ولا في العلاقات الدولية، فلابد من أن يتوجه كل الخطاب الدعوى والفقهي الآن إلى هذه الثغرة لأن الإسلام كله الآن في العالم شمال الكرة الأرضية والجنوب يتوجه إلى أن يتم بنائه ويكتمل الدين ولكن هذه الساحات من الدين ثغور من الجهالة وإذا انطلقت عليها العاطفة المتأججة المتولدة مهما كان إخلاصها بغير هداية وبغير ضبط وبغير برمجة وتكييف قد تحدث دمارا.

    أحمد منصور: ما تقييمك لخمسة أو ستة عشر عاما من حكم العسكر في السودان وحكم العسكر بشكل عام في العالم العربي، أسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار مع الدكتور حسن الترابي فابقوا معنا.

    [فاصل إعلاني]

    جدوى حكم العسكر

    أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نستضيف فيها الدكتور حسن الترابي في أول خروج له من السودان بعد خروجه من السجن في نهاية يونيو الماضي، كان سؤالي لك بعد ما قدت ثورةً عسكرية وصل الإسلاميون فيها إلى الحكم في السودان منذ العام 1989 كيف تقييم تجربة الحكم العسكر حتى وإن كانوا إسلاميين مع تجربة حكم العسكر في العالم العربي بشكل عام؟

    حسن عبد الله الترابي: كل هذه التجارب تذكرني بالحكمة النافذة لعمر بن الخطاب يوم أبعد خالد ابن الوليد القيادة خشية أن يتخذ مكانه العسكري لبسط السلطة.

    أحمد منصور: رغم أنه خالد بن الوليد هو صحابي؟

    حسن عبد الله الترابي: نعم ولكن الآن العسكر أخي الكريم أولاً طبعا تربيته كلها في القوات المسلحة أن إذا كان قائدا يكون هو الآمر المطلق، لا يُضطر إلى أن يتدبر كثيرا لأن أمره لا يحاور فيه أصلاً ولا يعترض عليه أحد أصلاً، فهؤلاء احتكروا كل السلطة وعطلوا عقولا من المفكرين في السودان وفي سائر العالم العربي كان يمكن كلها إذا بالتشاور وبالشورى وبالتداخل وبالتعاطي أن تحدث لنا ثروة هائلة كل واحد فيها له سهم حسب قدره من العلم والبصيرة والحكمة وعطلوا كذلك لأنه احتكروا المال كذلك والسلطان.. يعني فرعون ما كان يرضى بكل مُلك مصر والأنهار تجري من تحته بل الرأي رأيه ما يريهم إلا ما يرى بل العلم كله له يعني ما يريد ربا غيره حتى ينزل إليه، فهذه الفراعنة بجنوده بالعسكرية هي التي فعلت كذلك عطلت كذلك الطاقة حتى البناء التنموي المعاشي لكل هذا الشعب لأنهم يحتكرون المال ويبسطون أذرعهم بالمؤسسات والغطاءات بالرغم من أن الإسلاميين ليس اشتراكيين ويعلمون أن المال يعني يأخذه الدولة.

    أحمد منصور: هذا الكلام يناقض بعض أفكارك القديمة؟

    حسن عبد الله الترابي: كلا.

    أحمد منصور: بعد فترة السجن أنت الآن تناقض أفكارك القديمة، من أفكارك القديمة انك تصل إلى السلطة عن طريق انقلاب عسكري ووصلت عن طريق انقلاب عسكري حققت به قيام دولة إسلامية في السودان الآن ترى غير ذلك، ما الذي أضافته لك التجربة وما الذي غيرته في أفكارك بالنسبة لهذه النقطة؟

    حسن عبد الله الترابي: أولا لم تكن فكرا كانت كلما اقتربنا إلى السلطة في السودان جاء قادم من تلقاء الغرب مع النميري إبعث هؤلاء إلى السجن هؤلاء بدؤوا يدخلون الأحكام الشرعية في.. من رأس السلطة إلى السجن مباشرة، دخلنا مع السيد المهدي في حكومة ائتلافية جاء.. القوات المسلحة جاءت بمذكرات جهارا لا سرا وقالوا له اخرج هؤلاء أو لنخرجنك منها، فيعني ظننت أن الضرورة طبعا ضرورة الدفاع عن النفس هذه تعرفها حتى يعرفها الغرب أنه لك مهما كنت ديمقراطيا أن تثور إذا صدك النظام القديم عن كل الحريات بالقوة حتى تمكن نفسك وفي الإسلام وفي كل شريعة في الأرض لك الدفاع عن النفس هذا اللي ظنناها، لكن إخراج الذي أخرجناه وإكاله إلى العسكر الذين تسألهم عني هو الذي يدعوني إلى أن.. عن تجربة أقول للناس والآن بدأت أقرأ تجارب المسلمين كلهم في التاريخ، في تركيا، في البلاد العربية، في بلاد هندية وفي تاريخ قديم كذلك، كان دائما العساكر هم الذين يغلقون الأبواب على الفكر المتكاثر، المتناثر وعلى المال وعلى الكسب وعلى الجهد كلهم..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: أينما كانوا هم إذاً؟

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: أينما كانوا ويحبون السرية في العمل طبعا والعلن والبيان الذي يرفع عنهم.

    أحمد منصور: أنتم كنتم كذلك.. يعني الحركات الإسلامية أليس فيها الأمراض الموجودة في هؤلاء؟

    حسن عبد الله الترابي: الأمراض أمراض..

    أحمد منصور: السمع والطاعة والأوامر والأشياء..

    حسن عبد الله الترابي: لا لو كان فيها مرض يسمى سرية لأنها كانت مقهورة طبعا الحركات الإسلامية في كثير من البلاد ولذلك كانت دائما تستسر بأمرها والسر هذا يفتح بابا للفساد بالطبع لأنك لا تبين للناس المال العام ومصارفه ولكن القرآن يُذَكر النبي صلى الله عليه وسلم ألا غلول وأن المصارف هي كذا وكذا يعني أن يبين كل شيء فهذا يدخل باب الفساد وأن يسد عن الناس الشورى ويسد الآخر الذي ينفعك بأن ينتقدك وأن يرى فيك ما لا ترى في نفسك.

    أحمد منصور: أنت تنتقد العمل السري إذاً؟

    حسن عبد الله الترابي: نعم، جدا، طبعا كنا مضطرين إليه ولكن يبدو أننا بالغنا فيه وأصبح نهجا لنا.

    أحمد منصور: حتى ستعود إليه حتى تحت الضغوط؟

    حسن عبد الله الترابي: كلا العلن والبيان حتى ولو أدى ذلك إلى أن تتعرض بجهر.. ببيان كل أمرك إلى أن تتعرض إلى..

    أحمد منصور: أنت بينت نقطة خطيرة الآن وهو القدرة على التأثير في المجتمع والسيطرة عليه والنفوذ فيه أقوى من التواجد في السلطة.

    حسن عبد الله الترابي: نعم، بالطبع لاسيما في السودان نحن كل قادة السودان الآن كلهم دينيون ما كان لهم سلطان أصلا ولا كان لهم مال عام، جاؤوا فقط طوعا مع الناس وأصبحوا أصبحت ذكراهم خالدة أما الوزراء يعني إن كانوا يأملون طاعة.. يعني ينسون تماما، لو سألت أحدا عن الوزراء والسابقين لو سألت اليوم مَن كان يحكم العالم الإسلامي أثناء وجود عبد القادر الجيلاني؟ القادرية الآن في كل العالم الإسلامي، مَن كان الخليفة؟ لا يتذكرون، يمكن حتى مع قادة المذاهب، قادة الطرق الصوفية، قادة الصوفية.. يعني الناس هؤلاء يُنسون كذلك مع زوال سلطتهم، يُنسون والولاء لهم ينقشع تماما ولكن الولاء الآخر يبقى حينا طويلا والذكرى تبقى، الله جعلهم.. فالمجتمع يتأثر لا يعني تحت وطأة السلطة فقط خوفا ورهبة في مطامعها ولكن إيمانا تتمكن في نفوسه ولذلك تحرك عقله فينتج فكرا ويتحرك جهده فينتج ثمرة فيبني حضارةً في الأرض في سبيل الآخرة.

    أحمد منصور: ما الذي أضافته لك تجربتي السجن الأخيرتين؟

    حسن عبد الله الترابي: السجن طبعا السجن الأخير كان عزلة كاملةً..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: الخمسة عشرة شهرا؟

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: قبله كان يعني عزلة ولكن أذنوا لنا بالورق..

    أحمد منصور: ثلاثون شهرا..

    حسن عبد الله الترابي: وكل الكتب في مجتمع مثل مجتمع السودان يعني بيتعثر عليك أن تجد مجالا لتركز فتقرأ أو تصوب إلى الورقة أفكارك فتكتب ولكن السجن يفتح لك مجال للكتابة فكل الكتب التي كتبها عن السلطة، عن السياسة والحكم كان كتاب كبير أحسب أنه يعالج قضايا ما وجدتها معالجة في قضايا للعالم الإسلامي وتفسير القرآن كذلك بنهج جديد.. يعني يوحد القرآن بعضه إلى بعض وبعضه إلى واقعه وإلى واقع اليوم يخاطب به واقع اليوم كلها في السجن، السجن الأخير كانت عزلة تامة ليس لي من صحب ولا من رفيق وليس لي من ورقة وليس لي من مذياع أسمع به إلا وحدي ولكن لي الكتاب فأنا أقرأ الكتاب إذا أصبحت وحدي وإذا أذن لي بالورق أكتب في السجن يعني.

    أحمد منصور: هل تشعر بالأسى والألم كون تلاميذك ومؤيديك هم الذين سجنوك وموريديك؟

    حسن عبد الله الترابي: أترك نيتهم لله طبعا لما سجنوني طبعا لأن طبعا شرعية البنية التي يقومون عليها إذا خرج فيها مثلي وآخرون كذلك يمكن أن تزلزلهم زلزالا وتهزهم لأن هم كانوا في الديوان أبدا وكنت أنا الطواف والسائح بالأرض أتكلم إلى الناس لا بالإذاعة والتلفزيون والصحيفة ولكن بالخطاب المباشر لكل السودان فأترك نيتهم لله ولكن أنا {فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً ويَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} لا أندم على أن الله قضى عليّ يعني أن أبقى أحد عشر عاما من عمري في السجن.

    تطور الفكر السياسي لدى الترابي

    أحمد منصور: هل أدخلت شيء جديد أو تطوير أو تغيير لفكرك السياسي في خلال المرحلة الأخيرة؟

    حسن عبد الله الترابي: طورت أصول الفكر السياسي كتبتها منذ زمن قبل أن اعتَقَل منذ أيام نويري وقبله يعني وهي مطردة المعاني مطردة ولكن الآن شواهدها من التجارب ومن التاريخ طبعا أثرتها، غذتها جدا يعني وكذلك رؤيتي لتفاسير القرآن التقليدية يعني أنها لا تكاد تجمع لي رؤية القرآن كذلك الآن السين وفي قضايا المرأة وفي قضايا الصلاة وفي قضايا الصيام والحج كل هذه شعائر كنا نؤديها كما يؤديها الناس أعرافا وصورا وأشكالا وأذكارا كله على اللسان ولكن الآن.. يعني نَمَت أفكاري وتبدلت جدا بالتجارب وبالتأمل في السجن.

    أحمد منصور: دائما تتحدث عن الفساد في السلطة وفي مؤتمر صحفي لك قلت أن السلطة في السودان أفسدت تسعة من بين كل عشرة من الذين شاركوا فيها من الإسلاميين؟

    حسن عبد الله الترابي: تلك أيام مضت بدأت ظواهر فساد فقلت بضعا في المائة وأنا أحدثهم أن البضعة قد يبلغ تسعة ولكن كثيرا من الذين ينحازوا لي قالوا نسي صفرا يعني أضيفه ولكن تفاقمت الآن لا أقول أنها بضعة.

    أحمد منصور: كيف يفسد الذين كانوا يحملون الشعارات؟

    حسن عبد الله الترابي: مَن الرقيب عليك أصلا، يتبين ما هي موارد الدولة البترول والضرائب.

    أحمد منصور: ما أشكال الفساد؟

    حسن عبد الله الترابي: العدل يأتيك، المال يأتيك عفوا لم تكسبه حتى تقدر قيمته بعرقك وبجهدك يأتيك عفوا ولا يراقبك أحد والمحاسبون كلهم تحتك يكتبون ما تأمر بها ومن العسير على المرء بغير ضابط حتى الذي ذكر في غيب الله سبحانه وتعالى بعد ذلك يطلق يده..

    أحمد منصور: يعني هنا يكون السلطة على الفساد من خلال المجتمع ومن خلال المؤسسات الرقابية؟

    حسن عبد الله الترابي: مفسدة الآن في السودان الآن يتشكون كثيرا يعني وقد يبلغون بها..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: أما تشعر بالمسؤولية عن ذلك؟

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: طبعا السلطة المطلقة تُفسد باستعمال السلطة ضد المعارض، أن لا تسمع له بل تسكته.. تسكت صحيفته تلقي به في السجن وضد المال العام الذي تسلبه من الناس أن تأكل أموال الناس بالباطل.. يعني هذه الآن درس لهذه الشعوب يعني، الآن الشعوب هذه لم تتعلم أصل الشورى ولا المشيئة الحرة، الزواج كله كانت في أعرافنا القديمة هكذا قهرا وإجبارا ومعاملاتهم كانت بشيخ يعلوا على الناس فالمجتمع نفسه كان بنيته هذه لا تؤهله لأن يُخرج حكما حرا شورويا متصادقا في عهوده لكن الآن أن يرى هذه الصور أمامه هي التي تعلمه أكثر من المحاضرات باللفظ، الآن.. نتحدث إلى الشعب الآن هذه.. القيم التي نطرحها على الشعب الآن الشواهد لها والأمثال كما يستعمل القرآن الأمثلة حتى يبين لنا البيان المعاني، نستعمل لهم الواقع والتجارب التي يرونها ويشهدونها ويقاسون من أذاها حتى يتبينوا معاني الدين هذه التي لم تكتب في الكتب، الكتب الإسلامية قديما تكتب عن الخليفة المطلق.. الفرد المطلق فقط لا تعلم شيء أصلا غير ذلك أن يكون هكذا وأن يكون هكذا كل التركيز والتصويب كله على فرد مطلق، لكن الدين لا يعرف فردا أصلا إلا الله المطلق ولكن يعرف أولياء أمر وكلهم يأتون بالشورى ويحاسبون بالشورى ويبدّلون ويخلعون بالشورى وبالإجماع فالسلطة للشعب المنفعل بأحكام الشريعة وبخُلُقِها وبتقواها وبهديها.

    أحمد منصور: أسمح لي ببعض المداخلات فيصل حضرة من قطر، فيصل سؤالك.

    فيصل حضرة - قطر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أحمد منصور: عليكم السلام.

    فيصل حضرة: تحية لضيفك الكريم.

    أحمد منصور: شكرا سؤالك؟

    فيصل حضرة: إذا كان الشيخ الترابي أعترف بأخطاء في السلطة ألم يكن جزء منها؟ ألم يكن مرشدها ورئيسها من وراء الحجاب؟ ثم اعترافه كان فضيلة منه ألا يستحق الشعب السوداني اعتذارا منكم والآن هو شيخ كبير..

    أحمد منصور: شكرا لك.

    حسن عبد الله الترابي: أما أني كنت جزء منها بالطبع أنا قلتها علنا يعني، الأحزاب السودانية كلها دبرت انقلابات من قبل فالانقلابات انقلبت عليها دون أن أسميها حتى الأحزاب اللي في القطاع الحديث الفكرية التي يمثلها بعض الناس الأحزاب التقليدية كذلك.. يعني كلنا مررنا بهذه التجارب وأخطأنا فيها ولكن كلنا الآن نخرج بمواعظ التجارب لا بفكر وحسب..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: والشعب السوداني؟

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: وثانيا الصراع داخل السلطة بدأ منذ عهد قديم منذ أن قامت للضرورات أنه لابد أن تنفتح الديمقراطية إذا سميت ديمقراطية غربية يعني حكم شعب لكل الناس بما فيهم الذين كانوا ينزعون نزعة إسلامية ولا يحال إلى الجيش في كل البلاد العربية يعني القوة حتى صوت الإسلام..

    أحمد منصور: وماذا عن الشعب السوداني؟

    حسن عبد الله الترابي: والشعب مسكين طبعا هي قوى التي توصى بالانقلابات عليه من عالي، حتى الشعب السوداني أصلا ما ثار ثورة..

    أحمد منصور: يقول لك أما يستحق الاعتذار له؟

    حسن عبد الله الترابي: هي كل الانقلابات جاءت من.. نعم؟

    أحمد منصور: يقول لك أما يستحق الشعب السوداني الاعتذار له؟

    حسن عبد الله الترابي: أولا الذي يستحق أولا الاستغفار هو الله سبحانه وتعالى يعني ونحن نقولها دائما لأنه الله علمنا دائما يعني واستغفر لذنبك، ربنا أغفر لنا ذنوبنا، فنحدّث.. ومحاضرات كثيرة يعني هذه الكلمة لا تقدم ولا تؤخر كثيرا لأنني قلتها والكلام بيني وبينك الذي دار الآن سألتني وقلت لك لأن نحن تقريبا تاريخ الآخرين لا يكتبون عن أنفسهم إلا الإنجازات الموجبة فإذا رأوا عيبا يتنأون عنه ولكن نحن..

    أحمد منصور: هو يقول ومن المؤكد كثير من المشاهدين أن شجاعة مطلقة منك أن تقول هذا الكلام وعلنا أمام الناس الآن في تقييم حتى للآخرين حتى للحركات الإسلامية الأخرى..

    حسن عبد الله الترابي: لكن نحن حتى لو قرأ كتاب عن الحركة الإسلامية نكتب هكذا نتحدث عن أخطائها التي تبينت لنا في مساقات التاريخ وسيرها لا نتحدث عن نقائبها وحسناتها وإنجازاتها كما تتحدث تقارير الحكومة دائما عن نفسها هكذا وتتحدث الأحزاب عن نفسها أنها فعلت كل الخير وأنه كل الشر جاء من غيرها ولكن نحن لأننا مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى البصير بكل شيء يعني الذي يحاسبنا يوم القيمة على كل ذرة يعني نتحدث للناس حتى لا نحمل أثقالهم مع أثقالنا.

    أحمد منصور: صلاح الدين إدريس من السعودية، سؤالك يا أخ صلاح.

    صلاح الدين إدريس - السعودية: دكتور أحمد تحياتي لك وللدكتور الترابي.

    أحمد منصور: شكرا.

    صلاح الدين إدريس: عندي سؤالين قصيرين جدا، واحد فيهم طالما وصلتم إلى هذه النتيجة يا دكتور الترابي أنكم أخطأتم فيما عملتم يعني أو أنكم أخفقتم في ما رويتم إليه من الثورة اللي كانت في السودان فلماذا لازلتم تلهثون وراء أنكم ترجعوا ثاني للسلطة عشان ترتكبوا أخطأ أكثر؟ دي نمرة واحد..

    أحمد منصور: شكرا لك سؤال مهم..

    حسن عبد الله الترابي: ماذا؟

    أحمد منصور: يقول لماذا تلهثون للعودة إلى السلطة مرة أخرى لارتكاب مزيد من الأخطاء؟

    حسن عبد الله الترابي: أولا لابد أن يتبين أنه الحركة لم تكن حزبا سياسيا وحسب هي كانت حركة اجتماعية وحركة ثقافية وحركة سياسية أيضا وهذا الذي حدث في السياسة كان شريحة من أدائها لأنه الآن تحررت المرأة في السودان بدفع من حركة الإسلام، تعربت اللغة العربية، عَرَبت العلوم العليا وعَرَبت السودان شماله وشرقه وغَربة بدفعة من الإسلام، بدفعة من الإسلام وعلاقاته الدولية دخل البترول إلى السودان، بدفعة من الإسلام لا من شركات لا تعليق هنا.. يعني حتى بعلاقات من حركات الإسلام مع هالبلاد والأشخاص بعينهم قديمة كذلك، بدفعة من الإسلام بدأ التصنيع في السودان الحربي الذي ينتج الدبابات ما كان السودان أصلا في التصنيع شيئا مذكورا يعني فالدفع ليس كله فقط الدولة وحسب وكل الإخفاق حول الدولة وحسب، لكن حتى الدولة نفسها الآن شهرت السودان، السودان كان ذليلا ما كان يُعرَف، نذهب إلى رؤساء الدول لا يعلمون أين يقع السودان في الأرض لكن السودان الآن أصبح.. يعني عز مكانه.. يعني ورهبه كثير من الناس يعني صحيح يلقون عليه تهم الإرهاب وهكذا لكن عزت مكانته الدولية في العالم.. يعني والسودان الآن بصنع هذه لأول مرة يعلم شيئا يسمى أنه المواطنة بتقرير مصير، بحقوق للناس أن يتواطنوا رأيهم هم إن شاؤوا أن لا يتواطنوا لا يتواطنون مع الجنوب مثلا أو مع أي بلد أي قطاع آخر الناس كانوا قريبا كلهم يحكمونهم من الخرطوم بالقوة على ميراث البريطانيين تماما أن لا مركزية فدرالية، ما سمعنا الكلمة من أحد ولا الإقليمية من أحد إلا من حركة الإسلام، فيعني إذا رأينا عيبا.. يعني لابد أن ننظر إلى التاريخ لمجتمعه وسياسته وهكذا يعني..

    أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف تنظر إلى مستقبل..

    حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: أما كيف نلهث، ما هو اللهث الذي نلهثه.. يعني اللهث هو..

    أحمد منصور: أنت أعلنت الآن أنك لن تعود إلى السلطة مرة أخرى.

    حسن عبد الله الترابي: حدثته وحدثته يعني السجون ليت الآخرين كلهم الشعب السوداني كله لو لهث اليوم لو دخل السجون الآن لإصلاح مرتين في تاريخه.. يعني ثورة أكتوبر التي قدناها قادتها الحركة الإسلامية وثورة الانتفاضة التي قادتها أحزاب أخرى كذلك، السودان بدفع شعبه فقط استطاع أن يرد، يرد الأمانات إلى أهلها والسلطة.

    أحمد منصور: باختصار بقى دقيقة ونصف، ما هو مشروعك في الفترة القادمة بعد هذه التجربة الطويلة؟

    حسن عبد الله الترابي: مشروعنا طبعا دخل علينا أطراف السودان التي كانت نائمة وهامدة يحكمها الخرطوم، الآن صحيت كلها دارفور والشرق وأهل الجنوب بالطبع، بلد.. يعني الثقافة الإسلامية العربية وغيرها قضية تماما وأن ينفصل عن السودان فيُنسب كل هذا التمزق السوداني إلى الإسلام كده الحمد لله إحنا بعدنا من السلطة حتى لا ينسب إلينا.. يعني أن يتمزق السودان أو يفصل البلاد لكن نحن نريد الآن أن نستوعب السودان بعقد رضوي لا بالقوة أصلا ولا بالنظام القديم مركزي لا مركزي منبسط والمجتمع أولا والثقافة والسلطة أيضا بهذا الترتيب يعني إن شاء الله.

    أحمد منصور: أشكرك شكرا جزيلا انقضى الوقت سريعا واعتذر لكثير من الأخوة المشاهدين الذين بقوا على الهاتف أو لازالت لهم مداخلات تقصير وقت البرنامج طبعا أتى على وقت مشاهدينا بالدرجة الأولى وكنا نود أن نستمع إلى المزيد شكرا جزيلا لك كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    --------------------------------------------------------------------------------

    المصدر: الجزيرة



                  

10-28-2005, 11:19 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: zico)

    شكرا يا زيكو على المشاركة القيمة .
    كنت ابحث عنها فى موقع الجزيرة ولكنك اكفيتنى
    لك الشكر
                  

10-29-2005, 00:35 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)









    2005-10-29 08:50:14 UAE
    الترابي... والملاريا
    بقلم :د. حيدر ابراهيم



    شاركت قبل فترة قصيرة في ندوة بأحد مراكز البحوث وسئلت عن المشكلات المستعصية في تطور السودان؟ ووجدت نفسي أرد سريعاً وبحزم:


    الترابي والملاريا! وبادرني أحد الحاضرين ساخراً: هناك مصل للملاريا فهل توصل السودانيون إلى مصل مقاوم للترابي؟ وعكفت في تأمل الرد السريع وتعميقه في ذهني بحثاً عن صحة المقارنة وأوجه الشبه. لأن العبارة توحي بمفارقة الجمع بين حقيقتين في حقلين يبدو الرابط بينهما غائباً أو صعباً.


    ولكن المقارنة والمتابعة توصلان إلى فرضية صحيحة لحد ما. فهناك نتيجة مشتركة في الضعف والوهن والاستنزاف، الأول أي الترابي سببه في الجسم السياسي السوداني: دولة ومجتمعاً وتعددية وتسامحاً. والملاريا تصيب الجسم الفيزيقي بكل هذه الأعراض.


    يمكن أن يكون قد أخر في صحة وعافية المواطنين في ممارسة الديمقراطية وقيام دولة حديثة، بينما الملاريا تعرقل النشاط الإنتاجي والصحة الاقتصادية ويلتقي الوباء السياسي مع الوباء الاقتصادي والصحي المادي، لكي يجد السودان نفسه في حالته وموقعه الراهنين.


    تأكدت لي المقارنة العابرة بعد مقابلة الترابي في قناة "الجزيرة" الأسبوع الفائت في برنامج بلا حدود. فالترابي ظاهرة مستعصية في الشفاء والتغير رغم ما أسماه البعض بتراجعه وإدانته للانقلاب وما أعقبه من كارثة. فقد كان السؤال المباشر بعد الإدانة وتحمل المسؤولية هو:


    هل تعتذر للشعب السوداني؟ وكانت الإجابة لا كبيرة وقاطعة، وأنه يكتفي بالاستغفار لله. وهذه الجملة لا تدل على التدين بمقدار ما تؤكد احتقاره لشعبه والاستخفاف بمشاعره. وأسأله- اعتراضياً- لماذا سنت الحدود الشرعية للجرائم في الدنيا لو كان الاستغفار كافياً؟


    وهل تؤجل مخالفات وانتهاكات المسلم إلى يوم القيامة ومقابلة الله سبحانه تعالى؟ فالاعتذار يعتبر من قيم الشجاعة الأخلاقية الكبرى خاصة لو كان الجرم كبيراً مثل الذي وقع على الشعب السوداني منذ 30 يونيو 1989.


    إن الاعتذار ليس مجرد مسألة شكلية ولا جدوى منها لأن ما حدث قد حدث. ليس هذا صحيحاً، فالاعتذار للسياسي أو المفكر هو صدقية النقد الذاتي وتحمل المسؤولية بشرف. بينما عدم الاعتذار يعني التقليل من الضرر .


    ويشكك في حديثه عن أخطاء الانقلاب وأنه لن يعود لتكرار سلوك سياسي لم يجد فيه ما يستوجب الاعتذار لمن وقع عليه الضرر. ولكن لم أستغرب قول ومسلك الترابي، لأنني متابع لممارسات الرجل منذ فترة طويلة.


    فقد لاحظت عدم قدرته على الاعتذار مكابرة أو تعالياً أو لامبالاة. وهذه قصة تظهر كيف يتعامل مع »أخوانه« في التنظيم ناهيك عن شعب قرر أن يقهره بقوة الجيش والأيديولوجيا والأمن.


    يروي الشيخ عيسى مكي عثمان أزرق في كتابه: من تاريخ الأخوان المسلمين في السودان 1953- 1980 ما يلي:- "... ثم أثيرت قضية الأخ الركابي والتي فحواها شكواه من التصريح الذي نشره الترابي في شأنه بخصوص مهاجمة الركابي للسيد الصادق.


    فيما يختص بقضية فلسطين. فقد صرح الترابي لوكالة الأنباء أن المحرر الذي هاجم الصادق محرر غير مسؤول. وقال الركابي مقدماً شكواه لأعضاء المجلس يطالب برد اعتباره أمامهم بصفته المسؤول عن الجريدة (الميثاق) وأن التصريح المنسوب لأمين جبهة الميثاق فيه إساءة له.


    وطلب الحاضرون من الأخ حسن أن يعتذر له ورفض حسن بحجة أنه لم يتعود أن يعتذر أمام الملأ وأحيل الأمر للمكتب التنفيذي لمعالجته هناك "(ص105 والحدث في يوليو 1967).


    تحدث الترابي عن مرحلة ما قبل الانقلاب وكأن السودان يخلو من وجود شعب وأحزاب ومجتمع مدني، تذكر بمجيء الصهاينة إلى فلسطين باعتبارها خالية من البشر. فالترابي والجبهة الإسلامية رغم عددية نوابهم التي تربو على الخمسين نائباً لم يتصوروا أنفسهم معارضة أبداً.


    فانقلبوا على النظام الديمقراطي- حسب الترابي- لأنهم شعروا بأنهم لن يشاركوا في سلطة قادمة. وقال الترابي بطريقة تنم عن الاستخفاف: أنهم قرروا القيام بانقلاب طيب! وهنا يقترب من المقارنة بالملاريا.


    لأنه يستخدم لغة المرض الأورام الطيبة والأخرى الخبيثة. هل سمعتم بانقلاب طيب وآخر خبيث في السياسة؟ هذا قول يذكر بأشعار مظفر النواب عن الموقف ـ النصف. ثم ألا تشعر طريقة تنفيذ الانقلاب مدى اللعب بعقول الشعب- إن وجد في حساباتهم؟


    أن يذهب الترابي إلى السجن والبشير إلى القصر! هذا مزاح ثقيل لا يحدث إلا في السودان. حيث يلعب السياسي بالنار لعلمه أنها غير محرقة. وفي المقابل يقول الترابي إنه كان ينوي إعادة الديمقراطية بعد عامين .


    وهذا سبب خلافه مع المجموعة الحاكمة الآن ولهم حق في الخلاف. فهل تكفي سنتان لإعادة صياغة الإنسان السوداني وإقامة المشروع الحضاري وجعل السودان مركز إشعاع للإسلام والثورة الإسلامية السنية؟


    ولنجاري الترابي، فلو كانت العودة للديمقراطية بعد سنتين، لماذا الانقلاب أصلاً؟ ونلاحظ أن الترابي قبل أن ينسى عدّد الإنجازات التي قامت بها حكومة الإنقاذ بنفس الترتيب والوصف- وقع الحافر. فهل هذا حديث شخص نادم؟


    يلتقي ابتلاء الترابي والملاريا في أن الأثنين يشتركان في صفتي مزمن ومستعص. فالترابي أدخل البلاد منذ أربعين عاماً في نفق الاشتباك حول تطبيق الشريعة ودون رؤية ولا برنامج، كما تبين الآن جلياً.


    ولكن السودان انشغل طوال حقبة الاستقلال في جدل عقيم على حساب الاهتمام بالتنمية والفقراء وتقدم البلاد. ونجح الترابي في شق السودان إلى معسكرين حول هذه القضية الغامضة في أذهان الإسلاميين قبل الآخرين.


    وجاءت التحولات الحاسمة- ولكنها سلبية - بسبب هذا الصراع المفتعل ومنها انقلاب مايو 1969 ويونيو 1989. وتصور أن البرلمانات المتعاقبة لم تجز خطة تنمية شاملة واحدة .


    وفي نفس الوقت عجزت عن إجازة الدستور الإسلامي! وهكذا أهدرنا كل هذا الزمن سدى ونحن نقف الآن بعد نصف قرن من الاستقلال في الموقع والموضع اللذين نراهما حالياً ونعاني ونخشى مستقبلاً مجهولاً.


    وذلك لأن الترابي كان مثابراً ومصراً على ألا يخرج السودان من نفق أفكاره ومشروعاته. وهو ابتلاء مستعص لأنه يملك غريزة بقاء سياسة نادرة، فهو يعود بعد كل فشل ومحنة وكأن شيئاً لم يكن في قلب المعارضة- كما هو الحال، أو في مركز السلطة كما حدث بعد المصالحة مع النميري وعقب الانقلاب الحالي.


    ومن الجانب الآخر، حملات الملاريا أيضاً تهزم كل خطط وزارة الصحة مع أن السودان سبق أن أعلن منطقة خالية من الملاريا منتصف ستينات القرن الماضي. فهل نمتلك المصل السياسي والصحي، أم نستمر في حيرتنا الراهنة نقف طالبين لطف القضاء؟


    كاتب سوداني



    البيان29/10/2005
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de