|
Re: ابو القاسم حاج حمد فى الخالدين (Re: الكيك)
|
محمد محمد خير
ذهب الذين نحبهم فعليك يا دنيا السلام لا تذكرين العيش لي فالعيش بعدهم حرام إني رضيع وصالهم والطفل يؤلمه الفطام «الشاعر» قبل رحيله بيومين فقط كنت احادثه حول مصير السودان واتفقنا على استكمال الصورة يوم الاثنين نفس اليوم الذي صعدت فيه روحه للسماء. اللهم ارحمه واسألك الا يكون مصير السودان ككل ابن انثى وان طالت سلامته. اجترح محمد ابو القاسم حاج حمد من صلب الفكرة أفكاراً شتى. وساندته عصاميته بالصبر على مكاره الجلوس الطويل والتنقل السهل بين السطور، فانتج هذا الجمال مثقفاً فكرياً استراتيجياً فجعنا برحيله. أحب حاج حمد هذا التراب حباً جعله ينقب في كل الكتب ويريق كل الحبر ارضاءً لاستحقاقات تلك المحبة وهذا العشق النبيل. وكانت ميزة الراحل انه انفك من المحلية واصبح رقماً عربياً وافريقياً لا تتجاوزه الارقام الأخرى، فهو كاتب راتب لكبريات الصحف العربية. وضيفاً ثابتاً لمعظم القنوات الفضائية. وتوزع كتبه على نطاق اقليمي وعالمي، كانت ايامه «ندوة» وعاش كل العمر للحوار حتى أدركه الصمت الأبدي. دخل حاج حمد لخلايا عقولنا من بوابة كتابه العامر «السودان المأزق التاريخي وآفاق المستقبل». وتنبأ في ذلك الكتاب الذي قدَّم فيه تحليلاً تاريخياً جريئاً بالدبابة الاميركية منذ الثمانينات. وها هي الآن تترصدنا لتتخذ موقعاً ثابتاً لها في بلادنا بدعوى حراسة السلام. صاغ حاج حمد ذلك الكتاب بلغة رفيعة وطازجة ومعاصرة. ونثر بين دفتيه العريضتين أفكاراً نيرة واقتحم مجاهل لا تتيسر الا لرجل صقلته المعرفة وكسته الخبرة وسربلته الاستنارة حتى أشرق الوعي على محياه. كان المرحوم وطنياً من طراز «تغمز الرغيف» على ماعونه المتسع لتلك الوطنية. وكان بسيطاً كأنه لم يفك الخط وشهماً وجزلاً في كل شيء، بدءاً من الابتسامة والحديث حتى سهول الكتابة الشجية. لقد خسرت المعرفة في هذا الرهان فارساً كان يحارب بالسيف الصقيل وخسر التحليل الرصين عموداً قوي الأساس وصائب الفكرة، والنظر، وخسر الوطن أيضاً واحداً من أكثر ابنائه ولعاً واخلاصاً له ، أما «القرن الافريقي» فقد فقد قدرة «المناطحة». سبح الراحل الكبير في محيط من العلاقات الكبيرة الواسعة التي بلغها بصقل كل ادواته وتسلَّح لها بالمعرفة الجمة والانقطاع للقراءة المضنية والاسهام المقدر، فبلغ عتبات الدولية بدرجات مستحقة. اللهم أرحم حاج حمد وأقبله في فراديسك التي تجرى من تحتها الأنهار.. واغفر له وصبرنا على مكاره فراقه الأليم. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
|
|
|
|
|
|
|
|
|