الانقاذ: تحاكم الشرفاء لفضحهم فساد الامدادات الطبية (محاكمة د. ياسر مرغني عبدالرحمن)

Quote: العدد رقم: 589 2007-07-08 تأشيرة خروج بلا عودة لـ(السودوفان) تحقيق: إنعام محمد الطيب عينات من الأدوية لم يجزها التحليل المعملي بسبب عدم كفاية الغطاء لحماية المستحضر من التسرب، وفي ذلك خلل سواء كان تصنيعيا أو غيره. ذلك يعني أن هناك أضرارا قد تترتب على تناول المواطن لهذا الدواء. فتجارة وتداول الدواء لا تحتمل الا احد أمرين؛ إما أبيض (صالح 100%)، أو أسود غير صالح حتى وإن كان ذلك بنسبة (1%). والقول الفصل هو الرأي العلمي وليس اللجان والاستئنافات التي تفتك بكل شيء.. وما دار من جدل كثيف حول مستحضرات جلفار التي صدر حولها ما يزيد عن عشرة قرارات بما فيها قرارات من أعلى المستويات كشف عن أزمة قرار حقيقية، وفي أخطر أمر: ما يتعلق بصحة المواطن. فوزارة الصحة السعودية، ووفقاً لمستند بحوزتنا، جاء قرارها قاطعاً حول ورود تشغيلات للأشربة من جلفار بها تسرب، حيث رفضت جميع التشغيلات وتم إتلافها فوراً بعلم الوزارة هناك، وكان القرار من مدير المختبر المركزي للأدوية والأغذية ووزارة الصحة، وليس من أي جهة أخرى. ماذا يدور خلف الكواليس؟ ولماذا لم تحسم وزارة الصحة الأمر حسماً نهائياً وعلمياً منذ بداية الأمر؟ وسمحت بتدخل جهات كثيرة تضاربت مصالحها الخاصة مع المصلحة العامة؟ وهل يتكرر هذا السيناريو كما تكرر مع كور والسودوفان؟ وما هي الضمانات؟.. فقد كان القرار الفصل منع دخول أشربة جلفار للمملكة. *في السعودية رفض وإعدام (75) تشغيلة من أدوية جلفار على حسابها لعدم الصلاحية والإتلاف تم كلياً بأمر المختبر المركزي للأدوية دون تدخل من جهات أخرى *في السودان: محرقة السودوفان ضرب من ضروب الخيال وحتى العقوبات المالية لم تطل أحداً فضلاً عن القانونية الخلافات داخل مجلس الصيدلة والسموم زادته وهناً على وهن فهل يقوى عوده؟ تحقيق: إنعام محمد الطيب * بالإجماع عدد من المسؤولين في الدوائر الصيدلانية أكدوا لي أن ما يحدث في مجال الصديلة وتجارة الدواء هو بالضبط صراع مصالح وقوى خفية سبق أن أطاحت بعدد من المسؤولين عن إدارة الصيدلة، الجهة المناط بها تطبيق اللوائح وفرض الرقابة وتوفير السلامة الدوائية المطلوبة. فاللجنة الدائمة لتسجيل الأدوية والمجلس الاتحادي للصيدلة والسموم هما الجهتان المناط بهما تحديد كل ما يتعلق بأمر الدواء، وأكدوا على أن غياب المجلس الأعلى للصيدلة والسموم وتجميده وعدم تفعيله كان سبباً رئيسياً في الفوضى التي ضربت سوق الدواء أخيرا، بل أكدوا أن هذه المصالح الخاصة تتفوق على المصلحة العامة في كثير من المواقف. * سريع المفعول وعن فعالية المجلس الأعلى للصيدلة والسموم التي سأل عنها الدكتور ياسر النو (من لجنة الصحة بالمجلس الوطني) بالرغم من تأكيد وزيرة الصحة على أن المجلس يباشر مهامه بصورة عادة إلا أن حديثها كان غير مقنع لجهة المساءلة والدليل هو تحويل المسألة للجنة الصحة بالمجلس الوطني لإصدار تقرير حولها. وعلى خلفية ما دار أخيراً حول سحب الثقة عن رئيس المجلس، الذي لم يتعد عمره في المنصب الشهر الواحد، تتضح الخلافات حول مدى فعالية المجلس التي أشارت إليها الوزيرة. فبالرغم من وضوح المواد الموجودة بالقانون والتي يجب أن تحكم عمل المجلس، إلا أن الشد والجذب بين أعضائه جعلهم مختلفين حتى على صلاحيات رئيس المجلس وأمينه العام، مع أن مواد القانون توضح أن المسؤول الأول إدارياً وماليا هو الأمين العام للمجلس.. إلا أن رئيس المجلس -وباعتراف عدد من قيادات الصيدلة وأعضاء المجلس- باشر مهامه دون الرجوع للمسؤول الأول أو الأعضاء، بل ومارس صلاحيات ، لذا جاء سحب الثقة عنه سريعاً بتوقيع عشرين عضواً من أعضاء المجلس الاتحادي للصيدلة والسموم وتعيين رئيس جديد. * حاجة تحيِّر! عدم الجدية في التعامل مع أمر الدواء جعل الدوائر الصيدلانية تنقسم بين مؤيد ومعارض لكيفية التعامل مع مستحضرات شركة جلفار، التي صدر ما يزيد عن العشرة قرارات عنها ومن أعلى المستويات قانونية، فنية وعلمية، كأنما كل هذه الجهات تعمل في جزر معزولة. فالقرار الذي تصدره هذه الجهة تعود وتلغيه جهة أخرى لتخرج بقرار يناقض الأول، مما رسم العديد من علامات الاستفهام وخلق نوعا من عدم الثقة حتى في الجهات العلمية والدوائر القانونية. فقرار نيابة حماية المستهلك الخاص بأمر حجز (11) نوعا من أدوية جلفار تنفيذاً لقرار وزيرة الصحة وفتح بلاغ تحت المادة (47) إجراءات لم يتواصل لاستئناف وكيل الشركة للمحكمة العليا. وبالرغم من استمرار الحملات الخاصة بجمع الدواء إلا أن الأمر لم يتم، حيث صدر من المحكمة العليا قراراً آخر بإرجاع أدوية جلفار إلى دولة المنشأ عن طريق الوكيل، وبذلك فإن كميات من الدواء تم توزيعها أثناء تداول اللجنة الثانية وقبل إصدار قرارها الذي صدر بموجبه قرار وزيرة الصحة بحظر المستحضرات، والباقي من الدواء يتم استرجاعه لدولة المنشأ مرة اخرى!!. * تطور القضية وكانت نيابة حماية المستهلك قد قامت بحجز هذه المستحضرات بالصيدليات بالعاصمة والأقاليم وقامت بفتح بلاغ ضد وكيل الشركة وبدأت في إجراء تحقيقات حول قضية هذه الأدوية، والتي أدخلت للسودان دون تسجيلها وفق الإجراءات المعمول بها. * تضارب.. وعود على بدء وكيل شركة جلفار بالخرطوم تقدم باستئناف للمحكمة الإدارية ضد قرار وزيرة الصحة الذي أصدرته بناء على تقرير اللجنة الفنية الثانية التي كونتها وزارة الصحة لدراسة قضية أدوية جلفار وعلى وجه الخصوص المستحضرات المرفوضة من قبل اللجنة الدائمة المفوضة لتسجيل الأدوية البشرية وعلى رأسها السودوفان (p) والذي بنت قرار رفضه على شهادات المعمل المرجعي، وعليه اتخذت قرار إلغاء تسجيل المستحضرات الصيدلانية المنتجة بخطي إنتاج الأشربة السائلة والمعلقات بالمنشأة الصيدلانية جلفار، حيث تم وقف جميع الإجراءات والترتيبات الخاصة باستيراد أي كميات من المستحضرات المنتجية بخطي الإنتاج المذكورين وحصر الكميات المتوفرة من المستحضرات المنتجة ووقف عمليات البيع والتوزيع لجميع المؤسسات الصيدلانية داخل السودان واسترجاع كل الكميات المتوفرة الآن بالمؤسسات الصيدلانية من المستحضرات المنتجة بخطي الإنتاج خلال (72) ساعة. وقد أرسلت الرقابة الصيدلانية المركزية خطاباً بهذا المعنى الى شركة كمبال العالمية، في الثامن من أغسطس 2006 مستنداً لقرار اللجنة الدائمة المفوضة لتسجيل المستحضرات الدوائية البشرية، في اجتماعها رقم (18) بتاريخ 3/8/2006م، كما تم توزيع صور من قرار من الرقابة الصيدلانية المركزية لإدارات الرقابة بالولايات عبر إدارة الصيدلة حول وقف بيع المستحضرات المنتجة بخطي الإنتاج الأشربة السائلة والمعلقات الخاص بجلفار وحصر الكميات الموجودة منها بالصيدليات وإلزامها بإرجاعها للوكيل المحلي، وقامت الرقابة الصيدلانية المركزية بتجديد فترة استرجاع المستحضرات الصيدلانية الخاصة بجلفار لمدة أسبوع اعتباراً من الرابع عشر من أغسطس 2006. * تضارب في المعلومات حول جلفار استفهام ورجاء، ولا يزال مسلسل الدواء يواصل عرضه بشركة كمبال العالمية. فقد أوضحت عبر خطاب للإدارة العامة للصيدلة قسم التسجيل في السادس عشر من أبريل 2006 أن شركة الخليج للصناعات الدوائية (جلفار) ضمن (5) شركات أخرى مستحضراتها مسجلة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وحينها تم تكن هناك زيارات أو تسجيل للمصانع مع التنبيه بأخذ هذه الملاحظة. * من أين جاء السودوفان؟ عند مراجعة ملفات المستحضرات المقدمة للتسجيل حالياً ومستقبلاً نحد أن السودوفان (P) سجل في 11/7/1996 وانتهى في 11/7/1998م، فيما سجل سودوفان (DM) في 15/2/1996 وانتهى في 15/2/1998. فيما تؤكد المعلومات المتوفرة عن شركة جلفار في مواقعها بالإنترنت وحسب تقرير اللجنة الفنية الأولى برئاسة د.منير أبارو أن مصنع جلفار قد أنشئ في عام 2001 حيث قامت اللجنة الفنية الأولى بزيارة المصنع بعد تقديم التماس من وكيل شركة جلفار بالسودان لوزير الصحة حول قرار حظر مستحضرات جلفار الخمسة، حيث أصدرت الوزيرة في ذلك الحين قراراً بتجميد قرار الحظر لحين وصول تقرير اللجنة الفنية الأولى برئاسة د.أبارو والتي قامت بزيارة المصنع وقدمت تقريراً بذلك وقامت وزيرة الصحة بموجبه بإلغاء قرار الحظر واعتماد تقرير اللجنة وتوصياتها. * زاروا المصنع واعتمدت التوصيات اللجنة المكونة من د.منير احمد ابارو، د.عفاف شاكر، د.السريرة إبراهيم ود.سهير عنايت قامت بإعادة تسجيل مصنع جلفار بجميع خطوطه في سجلات المجلس الاتحادي للصيدلة والسموم وهي مصنع جلفار (1) و(11) و(17) و(117)، وقد شمل قرار وزير الصحة رقم (22) لسنة 2006 والذي صدر في الرابع من نوفمبر اعتماد توصيات لجنة التفتيش مما يلغي القرار الصادر من اللجنة الدائمة لتسجيل الأدوية البشرية بحظر منتجات مصانع جلفار للأدوية وفك الحظر عن منتجات مصانع جلفار للأدوية حسب تقرير اللجنة الطبية. * قبول قرارات المصلحة الخاصة وإسقاط العامة إدارة شؤون الدواء بالإدارة العامة للصيدلة أرسلت خطابا بإلغاء قرار حظر منتجات مصانع جلفار لوكيل الشركة في التاسع من نوفمبر 2006، أي أن الشركة عندما صدر قرار حظر الأدوية استأنفت للوزير وقبلت الوزيرة الاستئناف وشكلت لجنة فنية، وعلى ضوءقراراتها اتخذتالوزيرة قرار إلغاء الحظر.. وعند حدوث مستجدات جديدة في قضية هذه الأدوية المحظورة قامت الوزيرة بتشكيل لجنة فنية جديدة قامت بدراسة القضية من ألفها إلى يائها وسلمت تقريرها، وبمقتضاه أصدرت وزيرة الصحة قرارها بحظر (11) دواء تقوم بإنتاجها شركة جلفار العالمية وأدخلت للسودان عبر وكيل الشركة. * إعدام محلي للأدوية بالسعودية سيناريو مستحضرات جلفار وأهمها السودوفان تكرر في السعودية وفي الخليج وفي عدد من الدول، قامت بإعدام التشغيلات لمجرد الشك في عدم مطابقتها مما دفع بإدارة الصيدلة للاستعانة بها في تقريرها بحظر المستحضرات النظيرة لها من الشركة نفسها. وفي رده على خطاب إدارة الصيدلة الاتحادية بعث مدير المختبر المركزي للأدوية والأغذية بوزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية أن السعودية قد رفعت إجازة أكثر من (21) تشغيلة لشركة جلفار الإماراتية مؤخراً، وأنها أعدت تقريراً لم يشمل كل التشغيلات. * تغييرات فيزيائية بخصوص الأشربة فإنه لوحظ ورود تشغيلات للأشربة أغلبها به تسرب في غطاء العبوة مما يدل على عدم كفاية الغطاء لحماية المستحضر من التسرب، وقد تم رفض جميع التشغيلات التي بها خلل من شركة جلفار، علماً بأنه وخلال الثلاث سنوات الماضية قد تم رفض وإتلاف أكثر من خمسة وسبعين تشغيلة من شركة جلفار كانت تسبب عدم مطابقة العينات لمواصفات الشركة الصانعة وبعضها يوجد به تسرب في أغطية المستحضر. * من المحرر سبق أن طالبنا بمحرقة لكل الأدوية المرفوضة من قبل اللجنة الدائمة المفوضة بتسجيل الأدوية والتي أدخلت قبل عرضها للتسجيل، لأن وجودها أو خروجها مرة أخرى لدولة المنشأ يشكل خطراً على الإنسان، وبالتالي فإن إحراقها كان أمراً ضرورياً.. ولكن صدر القرار الملزم للجميع بإرجاع هذه الأدوية المحظورة والمرفوضة إلى دولة المنشأ، وأن هذه الأدوية منذ طلب تسجيلها. ورغم تذبذب قرارات وزارة الصحة وأجهزتها حول حظرها وفك حظرها فإن تداولها وبيعها في ظل كل الظروف يعد أمراً غير أخلاقي. فهذه الأدوية دخلت للسودان بشهادات استيراد وكمياتها معروفة، وعليه فإن أمر إرجاعها يجب أن تشرف عليه المحكمة وتستعين بالجهات الطبية وإدارة الجمارك ونيابة حماية المستهلك حتى يمكن إرجاع كل الكميات التي حجزت بواسطة نيابة حماية المستهلك والموجودة الآن بالأسواق حماية للمواطن السوداني من الأضرار التي يمكن أن تلحق به من جراء استعمال وتناول أي أدوية محظورة وغير مطابقة للمواصفات. كما أننا نود أن نشير إلى أن القوانين في السودان سنت لمحاكمة كل من يتعدى عليها مهما صغر أو كبر الجرم، فلا يعقل ألا يخضع للمحاكمة الذين يستوردون الموت للمواطن السوداني من خلال استيراد أدوية ومواد غذائية غير مطابقة للمواصفات.. ففساد الأدوية وعدم مطابقتها للمواصفات وتجاهل إجراءات التسجيل وعدم محاكمة المعتدين كله يصب في خانة (إعدام شعب).