أنت الذي كنت فينا
إلي محمد عبد الحي
تنام القصائد,ينبت في الصمت ظلٌ طويلٌ طويل
كأن خيوط السماء
ترامت علينا سحابا كثيفاً يهيئ للصاعدين المعارج
يفتح باب الكلام
فلا تتكلم إلا عيون الثواني
ويدخل طيف إبن يوسف
جذع القصيدة لن يتجذر هذا المساء
هو الموت..إلا أنه في بريد الغناء الأخير تدثر بالكبرياء
يدور رويداً .. رويدا .. ويأتي إلينا عجول
ولا شئ ينفع إلا بريق الدوافع في لحظة الخوف والإنكفاء
تجيئ النهاية حين يجيئُ الكلام الشبيه بوخز المراثي
وخلفك كل الذين استووا للقيام
ينادي الحفاة ..العراة..المجاذيب
يا سيد الشعر المنقي ويا سيد الصمت والإحتشام
تدانيت حتي علوت النجوم اللواتي انقسمن عليك انتحابا
فما أروع الحزن والإنقسام
تواتر برق الفجيعة..كانت نوافذ كل البيوت تضئ
فيركض ظلك فيها..ويركض..يركض.. قمحا ونارا
أما ذلت تملك ذاك التوهج في ساعة الموت والإحتضار؟
أما ذلت تعرف كيف يقال الذي لا يشاكل إلا صداك
وعندك منه إبتداءٌ وعندك منه إنتهاء؟
وحيدا مشيت تحادي الفرادة تكره أن تتمثل غيرك
تكره ضوء المقاهي,وبرد المقاهي,ونوم المقاهي
وتعشق لون التفرد والإنتقاء
وحيدا سعيت..وكنت المنادي بأن الغناء الذي في دماك
حوارٌ تفجر عند الولادة بين التوقع والإنتظار
وإن الغناء حياة وموت
وإن الكلام المعاند ميل النفوس إنتحار
وأن الغناء علي كل وجه سعيت انتصار
رأيتك تأخذ تاج السمندل في قوة الضعف
تحمل حين الجموع استقامت عصاك وترحل
عبر الفيافي ,المنافي ..البعيدة
هنالك حيث البلاء امتحان
وحيث التوهج والنزف والإنفجار
هنالك حيث البكاء امتهان
وحيث التوجع ضعف
تجيئ الفراشة في الليل تهتف:إني المليكة وحدي
وترقص في الساحة المستحمة بالنور كل الخيول الأصيلة
تنهض أم اللغات,وتصحو الربابة
يأتي ابن يوسف والمنشدون
توضأ بنار الحقيقة..كيف احتملت,وكيف عرفت تحارب
في جبهة الرفض زهو العمائم والقبعات
وكيف احتملت عذاب الظنون
تنام علي البطن كل العاج,ويأتي الرعاة القساة
ويأتي الزمان الردئ,ويأتي الدجي والسكون
وكنت الذي لا يزال يقيم طقوس الترفع والكبرياء
وكنت الذي لا ينام إذا ما ادلهمت
ولا يتردد حين يصير الجهاد احتمالا
ويصبح في ساعة الصبر ظل الرجاء
هروبا من المستحيل إلي المستحيل
ويصبح وجه الخليل
بخارا يلف المدينة
يزحف من زرقة الفجر حتي أوان الرحيل
يقبّل وجهك,ينقل عنك غناء الحداثة شعرا علي الشعر يزهو
وينبض حتي كأن الحروف سنابل تبر
رقصن علي ضفة النهر عند الأصيل
فيا جنة الشعر,يا ساكن الجرح,يا طاهر البوح
فيما التوجع هذا المساء؟
وفيم الدموع..وفيما التأوه..فيم البكاء؟
لك الشعر..أنت الذي كنت فينا..ولا نتقبل فيك العزاء
(عدل بواسطة aba on 08-23-2003, 11:07 PM)