" أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-04-2024, 03:32 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-19-2005, 02:46 AM

Mohamed Suleiman
<aMohamed Suleiman
تاريخ التسجيل: 11-28-2004
مجموع المشاركات: 20453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي (Re: Mohamed Suleiman)

    هذا مقال قيم للأستاذ أحمد كمال الدين ...
    للفائدة تم نقله من موقع سودانايل:


    Quote: في المسألة العنصرية

    أحمد كمال الدين [email protected]

    توطئة:

    تواجه المجتمعات النامية المتعددة الأعراق، في طريق نهضتها، بعض الإشكالات الخاصة بها، والعائدة لصفة (التعددية العرقية) هذه بوجه خاص. ومن أهم هذه الإشكالات صعوبة التحاور والتخاطب، ومن ثم صعوبة التفاهم والتعاون من بعد ... وتكون النتيجة صعوبة في التعايش السلمي في المحيط السياسي والاجتماعي والثقافي المشترك.

    وفي نفس الوقت فإن الحديث عن أي أمر يتعلق بـ "العنصرية" أو "العرقية" أو غير ذلك، مما ينسب لفصائل الجنس البشري من صفات، صار من قبيل البعبع (Taboo) المثير للإحجام.. و لهذا المنع الاجتماعي ما يبرره في الغالب.. ذلك لأن المرء لا يكاد يقرأ أو يسمع أي حديث حول هذا الأمر إلا و يلحظ أنه يكاد يقع في هوة الجهالات والعدوانية والكراهية بين بني البشر.. سواء كان ذلك بسبب ممن يصدر عنه الحديث، أو بسبب سوء فهم ذلك الحديث من قبل المتلقي له .. مما حدا بالكثيرين لسد تلك الذريعة بالإقلاع عن أي حديث يمس البعد العنصري أو العرقي بأي وجه من الوجوه، حتى و لو كان بقصد حسن و غاية فاضلة .. استجابة أيضا للمثل السائد: (الباب البجيب الريح سده و استريح) المستخلص من فقه سد الذرائع في ثقافة أهل السودان!!

    وتشكل هذه العقدة مصيدة ماكرة، فرضتها طبيعة الموضوع : إذ لا يكاد النص حول أي موضوع يمس العرقية أو العنصرية من قريب أو بعيد إلا و يستصحب متلقيه (قارئا كان أو سامعا) مؤاشرات و قرائن و دلالات خارجية لا دخل لها بذلك النص في متنه .. منها "هوية" المتحدث أو الكاتب، و عرقه و عنصره و جنسه و قبيلته .. بل الأدهى و أمر أن النص حتى و إن لم يمس هذه الموضوعات على الإطلاق، لكنه فقط صدر عن جماعة تعبر عن نفسها، فإن السامع يرد ما يسمعه لانتماء تلك الجماعة .. و يفسر النص تبعا لذلك، بما في ذلك النهج من تحيز و ميل و بعد عن الموضوعية و العدالة في الفهم.

    و لنسق مثلا من واقع المجتمع السوداني .. فلو أن قبيلة ما تعرضت، في إطار موطنها المحلي، إلى أي ابتلاء من الابتلاءات و انبرت طائفة منهم تدفع عن قبيلها البلاء، فقد يقال أن هؤلاء (عنصريون) !! هذا سلوك شائع في المجتمع .. أما إذا تعددت هويات المجموعة المتحدثة عن ابتلائها، كأن يجمعهم (معهد علمي) أو (دائرة حكومية) أو حتى (فريق) لكرة القدم مثلا .. فهذا وحده كفيل بأن يمنع عنهم تلك التهمة التي لن تنطبق على أية حال .. بسبب تعدد الأجناس و الأعراق في المجموعة الواحدة و الفريق .. و لعل هذا كان وراء الأثر السياسي البالغ الذي اكتسبته مثل هذه الوحدات (غير العرقية) مثل طوائف التشجيع الكروي، و بعض المؤسسات العلمية مثل جامعة الخرطوم (في يوم من الأيام) .. و التي لو لم تكن معهدا متعدد لما اهتم لشأنها أحد و لو أتت بما لم يأت به الأوائل في ميدان السياسة!! كما أن فرق كرة القدم على شعبيتها لو كانت تمثل وحدات متجانسة العرق لما اهتم بها أحد .. و هذه صفات إيجابية جيدة (في إطار الفريق و الجامعة وغيرهما).. لكن قدر بعض البلاد أنها ليست كذلك .. إذ تجد فيها مساحة من الأرض يقطنها عنصر واحد .. زاد من عزلته العرقية أنه يحتل أرضا تقع بعيدا عن مركز السلطان و الاقتصاد و التجارة و أسباب النهضة المدنية .. و لم يسعفه نظام في الإدارة السياسية واع و قادر على لم شمل عناصر الشعب، بمختلف عناصره، وفق آليات و نظم في الإدارة تقوم على دراسة خصائص المجتمع التعددي و تحتاط لكل ما يمكن أن يعيقه من صفات ..

    و أذكر أن وزيرا صديقا، ذا خبرة و باع في الإدارة و التخطيط، كان على رأس وزارة اجتماعية (غادرها سريعا)، زار هذا الكاتب و دار بينهما حديث حول آثار الخطاب الجماهيري و مدى نجاح الدعوات إلى التغيير و الإصلاح، و صعوبة إقناع الناس بالأفكار الجديدة النيرة .. قال الرجل مقولة لا تخلو من حكمة، و هي أن من شروط نجاح و تقبُّل هذه الأفكار الجديدة أحد أمرين .. إما أن يستمر الواحد يدعو لها (مدة طويلة جدا) .. أو أن يتبناها (عدد كبير جدا) يتولون الدعوة لها .. و لا شك أننا في سياق هذا المقال يمكن أن نضيف ضرورة أن يكون ذلك العدد الكبير (متنوعا) في أعراقه و أجناسه .. حتى تتجنب الرسالة أن توصم بالعنصرية فيعرض عنها الناس ..

    والعجيب في هذا الأمر أن هذه القرائن الخارجية (الهوية، العنصر، القبيلة، العرق) لا تحمل في طياتها و لا في دلالاتها أي معنى من معاني المنطق، و لا أي صفة من الصفات التي تحمل على الاقناع .. ذلك لأن المنطق ليس عرقا و لا جنسا .. و لا ينتمي لعشير أو قبيلة .. و مع ذلك فان المتلقي يتأثر، سلبا أو إيجابا ، بهوية صاحب الدعوى أو الرسالة .. و تلك من صفات الأمم المتخلفة بكل تأكيد.

    لكن السؤال الآن هو كيف يمكن تناول هذا الأمر بما يفيد الإنسانية و يفيد الوطنية في أي بلد من البلاد؟ كيف يمكن التعاطي مع الدعاوى الصادرة عن الجماعات المتجانسة عرقيا فيما بينها، و فهمها فهما مقسطا، و معالجتها بما يذهب عنها وصمة العنصرية الداهمة بما فيها من نتن و فساد قد تكون الدعوى نفسها منها براء؟

    إن من المؤمل أن تكون هذه المحاولة واحدة من الجهود المبذولة في هذا الاتجاه.. من أجل تنظيف الخطاب العام بين مختلف المجموعات البشرية في المجتمع السياسي الواحد، كالسودان مثلا، و تركيز مستوى تجريده من إسقاطات العنصر و الهوية فيما يتعلق بفهم ذلك الخطاب و استيعابه، و اتخاذ الرأي العادل بشأنه بغض النظر عما قد يكون بين عرق و عرق من شنآن .. على أن يكون هذا العرض بأكثر الاساليب بساطة و وضوحا .. بالقدر الذي يبين المقصود بغير تعقيد .. و يصل إلى المراد دون إلهاب المشاعر ..

    مبحث أول: اللون و الدم و البيولوجيا:

    خلق الله الناس و قدر لهم التناسل و التكاثر .. فخرجوا إلى الدنيا في فجاجها المختلفة بأشكال و تراكيب و مكونات بيولوجية غير متطابقة .. و صاروا بحكم تقارب العيش و التجاور و من ثم التعامل و التزاوج ممن هم أقرب في الموقع و لغة الخطاب و سبل العيش .. صاروا بذلك يركزون صفاتهم العرقية في جزر بشرية تتوزع جغرافيا في أنحاء الدنيا ... و كانت النتيجة أن بعضهم احتفظ بأدمة لونه كما كان الحال مع أبي البشر آدم، و تراوحت ألوانهم بين السواد الأبنوسي الداكن و السمرة و الحمرة .. و فقد البعض الآخر تلك الصفة فخلت جلودهم من صفائح اللون الداكن أو قلت فيها لأسباب ربما كان من أهمها سعي الجسم بحكم طبيعة تكوينه في البحث عن مداخل لأشعة الشمس الضرورية للحياة في بلاد لا تغشاها الشمس كثيرا كما في أوربا و أمريكا الشمالية .. و اصفر لون بعضها كما في الصين و ما جاورها من بلاد آسيا ..

    ثم إن الاقتراب من خط الاستواء صار مرتبطا بدكنة اللون في إفريقيا و آسيا و الدنيا الجديدة كما كانوا يسمونها .. و تقل تلك الدكنة و ذلك السواد كلما ابتعد البشر في سكناهم و إقامتهم الدائمة عن منطقة خط الاستواء .. مما قد يشير إلى الترابط الشرطي بين شدة أشعة الشمس و دكنة اللون .. أو كما يقول البعض غياب اللون .. باعتبار أن اللون الأبيض مزيج متجانس من كل ألوان الطيف، بينما يظهر السواد عند اختفاء تلك الألوان كافة ..

    و تعدى اهتمام البعض لون الجلد الخارجي هذا و انصرف إلى السلالات المتتابعة المؤدية إلى إنسان اليوم .. تركيزا على طبيعة (الدماء) التي تجري في العروق.. و لعل كلمة (العرقية) أتت بالإشارة إلى هذا، أو إلى معنى (الجذور) التي تشكل بدايات كل جنس أو فصيل من فصائل البشر .. لا يهم .. فاللغة في كثير من أوجهها مجازية .. لكن الذي يهم أن أهل التفاضل بين الألوان و الأجناس و الأعراق صاروا يتحدثون عن (نقاء) الدماء ... سواء كانت تلك الدماء (آرية) أو كانت (عربية) أو غير ذلك .. لكن العجيب لم يتحدث أحد عن نقاء الدماء (الإفريقية) أو الدماء (الزنجية) ربما لأن أهل إفريقيا مشغولون بمسائل و هموم أخرى .. و القارئ للنتاج الثقافي لأهل إفريقيا يكاد لا يجد هذه الظاهرة بأي قدر من الرسوخ بينهم .. بل إنهم عند التفاخر يتفاخرون فيها بينهم .. السود قبالة السود .. أوالقبيلة السوداء في مواجهة القبيلة السوداء الأخرى .. على نحو ما ساد بين العرب و غيرهم .. و قد يجتمعون في مواجهة غير الإفريقي و غير الأسود إذا ما دعت الظروف لذلك .. لكن الثقافة المسموعة أو المدونة لا تعير كبير بال لذلك .. لكن في أدبيات العرب يكثر التفاخر الاقصائي بالعروبة دما و لغة و عرقا .. على الرغم من أن ذلك ربما كان نتيجة لوجود هذه النزعة الاقصائية حتى فيما بين العرب أنفسهم .. فقد سجل الشاعر العربي تلك الأنانية في القصيدة المشهورة التي جاء فيها: و نشرب إن شربنا الماء صفوا .. و يشرب غيرنا كدرا و طينا!! و لا يدري أحد سببا لتكدير المياه بعد الفراغ من الشرب غير تعاظم الأنا في الإنسان و قلة احتماله للآخر.

    مبحث ثان: اختلال الموازين و الاسترقاق:

    أدت ممارسات قديمة مثل التقسيم الطبقي على أساس عرقي و الذي وصل قمته في عملية (الاسترقاق) و السعي لأن يكون ذلك من خارج المحيط الذي يعيش فيه من يمارس الرق، و تكون ضحاياه ممن ليست لهم في ديار المسترقين أي منعة أو جوار مما يمكن أن يقيهم شر ذلك الخطر .. و ربما أدى القرب الجغرافي لبلاد العرب من إفريقيا، و ما كان ببلاد العرب من جهالة، و ما بإفريقيا من بدائية في الحياة، إلى استغلال ذلك كله ليكون معظم الرقيق من الزنوج الأفارقة .. أما المسترقون من أهل أوربا – ممن كانوا يرزحون تحت بدائية إنسانية و أخلاقية مريعة - فقد وصلوا إفريقيا بعد أن تعلموا ركوب البحر و أخذوا معهم من استرقوهم من زنوج إفريقيا إلى بلادهم الأوربية والأمريكية ..

    و نتج عن هذه الممارسة الغريبة تقسيم وهمي (للأجناس) إلى مسترقين و رقيق، و ربط بين اللون الأسود و الدماء الزنجية و الرقيق من جهة، ثم ربط بين اللون الأبيض و الدماء فلنقل السامية و سادة أو ملاك أولئك الرقيق .. و بهذا تم إدخال تقسيم جديد يمكن أن يقال أنه تقسيم (اجتماعي) بجانب التقسيم (البيولوجي) السابق الذي يصفه البعض بأنه تقسيم (عرقي) أو (إثني) .. و لعل هذه الأخيرة مشتقة من الكلمة الأجنبية (إيثنيك) و الله أعلم. لكن الاختلاف بين الناس في الأشكال لا يمكن إلا أن يوصف بأنه اختلاف تشريحي بيولوجي .. و أي وصف آخر إنما يكون سببه هو النظر إلى (المجموعات) البشرية و تقسيمها في هيئتها تلك الجمعية، و ربط كل مجموعة بعدد من الصفات المكتسبة من جراء الجغرافيا (موقع سكن المجموعة) أو الاجتماع (التعرض للاسترقاق) أو التناسل في إطار المجموعة نفسها (التكاثر العصبي) و التي تمثل القبيلة أو تقسيماتها و تفريعاتها...

    مبحث ثالث: القيم و المفاهيم:

    لم تكن للإنسان في أول أيامه على الأرض أي قيم سامية تذكر باستثناء التعبد و تأليه الخالق، و حتى يفي هذا كان يضل الطريق الفينة بعد الأخرى فتسعفه رسالات السماء.. و كانت كل المعاني و المفاهيم العليا مرتبطة بأسباب البقاء و مقاومة دواعي الفناء .. على سبيل المأكل و المأوى و الاجتماع و التناسل .. و لم يكن الإنسان في عهد ابني آدم الأخوين قابيل و هابيل يفهمان معاني قدسية الحياة، أو أسباب التفاضل إزاء الخالق أو حتى ستر العورة.. كان الإنسان بدائيا بحق .. و كانت معظم النزعات التي تقوده في سلوكه الحياتي إنما هي نزعات حيوانية .. ترتبط بطبيعته البيولوجية الفسيولوجية و غرائزه الأولية البسيطة ..

    لكن بظهور الأديان بدأ الحوار بين (القيمة) و (الغريزة) و بين (المعنى) و (المادة) حيث أن ذلك كله مغروز في طبيعة الإنسان المركبة من الطين و الروح الإلهية المنفوخة فيه، لكن قدر الله أن يبدأ الإنسان سيرته الأخلاقية بأسباب البقاء المادي، و بفقه الغرائز المادية النفعية أولا قبل أن يرقى إلى المعاني و القيم السامية..

    و شاء الله أن يسعف الإنسان في ذلك بالرسالات السماوية .. التي كانت تسعى لضبط الغرائز المستبيحة للأشياء و المعاني في آن واحد .. فكانت تلك مرحلة التشذيب و التهذيب الإلهي للجنس البشري .. و كان في خاتم الرسالات ما وصل بهذا التهذيب إلى غاياته التفصيلية .. كما سجل ذلك القرآن الكريم .. الذي بلغ بهذا التفصيل تحديداتٍ قطعية بشأن الموضوع الذي نحن بصدده ..

    فالقرآن يخاطب (الناس) جميعا بأن الله خلقهم بجنسيهم الذكر و الأنثى و بجماعاتهم المتعايشة و قدر لهم غاية التعارف .. و لعل المعرفة لا تكون إلا بالتعامل و التعايش.. فهي مرحلة متقدمة من مراحل التعامل بين الناس، مما يعني أن سنة الله في البشر مبنية على أسس منها ضرورة التعاون و التعايش وصولا إلى التعارف ... و قد أرسى القرآن في ذات السياق قاعدة لقياس التفاضل بين الناس .. بأن أقربهم إلى الخالق هو أكثرهم رفعة و سموا و كرامة .. و لا يكون القرب بشئ أفضل من التقوى .. التي هي درجة سامية من درجات العبادة .. تأليها و ربوبية .. و العبادة هنا بمعناها الواسع .. الذي يشمل حتى الكائنات الأخرى في تسبيحها و خشيتها لله .. حيث لابد لها من النزوع إلى مصدر وجودها في الكون .. فذاك توجه طبيعي و منطقي في آن واحد ...

    لكن الإنسان، و حتى بعد قرون طويلة من نزول رسالات السماء، لا يزال ينزع في الاتجاه المعاكس .. يتقاصر عن سمو المعاني و يرتد إلى الغريزة الطبيعية البدائية .. التي تجمع بينه و بين الحيوان .. رفيقه في الأرض .. فبدلا من تنشيط عقله و قلبه و فكره لضبط الغرائز بالأخلاق والقيم الحميدة، تجده يرخي لشهواته الحبل على الغارب .. و يلتذ بمطالب النفس البيولوجية و الحسية و الاجتماعية .. و يكرس ما ينتج عن ذلك من تأليه لهذه الرغبات المتخلفة .. فيترك الانسان عقله نهبا للخمول و التبلد، و قد يتخلص من كوابح العقل الضابطة تماما على مر الأيام ليركن تماما و بصورة حصرية لنداء الشهوة والعرق و العنصر و صفات العشير و القبيل .

    مبحث رابع: بدائية القيم .. و بدائية التمدن:

    و هكذا انحدر الإنسان.. و صار كالمدمن لنداءات الغرائز التي لا تشبع – بطبيعتها – إلا إذا تكفلها صاحبها بالتشذيب و الضبط و الذكر والتقوى .. و لعل تشريع الصيام للآكلين و القيام للنائمين و غير ذلك مما يعيد صياغة العادة (وليدة الغرائز البدائية) في الإنسان إنما تؤدي إلى تنشيط عقله و نوازع الضبط فيه، فيكون بذلك هو المالك لزمام المبادرة فيما حوله من مغريات و شهوات تستميل فيه تلك الغرائز البدائية. و عندها يسيطر الإنسان على نفسه اللوامة، و قد يترقى من بعد خروجه من دائرة ظلم النفس .. إلى الاقتصاد في الكسب .. إلى السبق بالخيرات .. في رحلة دائبة على مدارج الخير و الفضيلة و الإحسان.

    لكن هذا الكدح المستمر يؤكد أن البشر الذين يعيشون في عالم اليوم هم على درجات متفاوتة من بدائية القيم، مقارنة ببدائية التمدن الحضري المتعلق بأسباب العيش و الحياة. و بدائية القيم و الأخلاق أخطر من بدائية التمدن، و قد كان تلاميذ المدارس الابتدائية القديمة في السودان عن غير وعي لهذه الأبعاد يديرون المسرحيات التي تقارن بين قيم الريف و قيم المدينة، التي هي تمثيل عام لتلك الثنائية القيمية: فالريف بسيط في تمدنه إن كان فيه تمدن، لكنه غني بالقيم الجمالية و الأخلاقية .. ربما لا لسبب سوى ذلك النقاء الفطري و الارتباط المستدام بالطبيعة و صفاء الجو و بساطة البيئة .. بينما المدينة يكون تركيزها على تسهيل أسباب العيش (making life easy) .. الذي صار شعارا من شعارات حركة التحديث (modernization) في مجال التنمية لمنتجات التقنية الحديثة و العالية، و دافعا من الدوافع الاستراتيجية للاختراع و التطوير ... نقول هذا على الرغم من أن المدنية (civility) تطور في الإنسان قيما أخرى يفرضها العيش المتقارب مع التنافس على الموارد الشحيحة (و على رأسها الفضاء المكاني والزمن).. لكن هذه القيم نفسها ليست كلها بالضرورة قيما حسنة .. لأن المرء يجد فيها بجانب التسامح و احتمال الآخر (إضطرارا) في مرافق الحياة .. يجد فيها قدرا من الشح و البخل و الانزواء عن الجماعة و الاكتفاء بدوائر اجتماعية أصغر كثيرا مما كان مشاعا في البيئة القروية أو الريفية.

    مبحث خامس: واقع السودان:

    كان قدر السودان مما تقدم أنه ائتلف عفوا .. فالجماعات ذات الأصول و الثقافات و الأعراق المختلفة وجدت نفسها متجاورة في بقعة من بقاع إفريقيا فأخذت تتعامل فيما بينها ثم أتى عليها المستعمر ليرسم حدودا سياسية وجدوا أنفسهم بداخلها .. و على الرغم من أن الأمر لم يكن بهذه السرعة و لا هذه البساطة .. لكنها هي الحقيقة المجدية في سياق هذا الحديث ..

    جماعات متعددة الصفات داخل حدود مجتمع سياسي واحد .. هذا وضع يحتم نشوء التحدي الأكبر في كل تاريخ السودان القديم و الحديث المعاصر .. كيف يمكن تحقيق ثبات لهذه الحدود (وحدة التراب) دون الإضرار بمصالح هذه الجماعات و حاجاتها الأساسية و تطلعاتها المستقبلية؟ كيف يمكن تحقيق (الوحدة مع التنوع) أو (unity in diversity) ؟ كيف يمكن لهذا المجمتع السياسي أن يدير موارده و شؤون حكمه بما يحقق (التعايش السلمي الرضائي) بين الجميع؟

    لا يمكن بطبيعتها الخروج عن محور هذا الحديث حتى لا ينفرط عقد البحث .. فالعقبات و الدوافع الايجابية في طريق التوصل لإجابات عن هذه الأسئلة كثيرة و عديدة .. لكن لابد من حصر الحديث في نطاق المسألة العنصرية أو العرقية .. لأنها من أكثر العقبات تعقيدا و ارتباطا بغرائز الإنسان المتخلفة .. و هي جواد ضال لا جموح فيه .. يسهل لأي إنسان ضال أن يمتطيه و يعيث به الفساد .. سواء كان ذلك تعبيرا عن فساد داخلي متخلف، أو كان استخداما خبيثا لمادة (العنصرية) ضد دعاوى الثورة على الظلم من قبل جماعات ذات صفات عرقية مختلفة عن ذلك المستخدم لمادة العنصرية .. فكلا الطريقين يؤديان إلى فساد كبير .. و كلاهما يمكن أن يوصف بأنه (سلوك عنصري).

    لقد كانت مشكلة جنوب السودان متعددة الجذور بلا شك .. و نشأت في ظروف تاريخية معروفة .. ساهمت عناصرها في ترك الجنوب و مناطق أخرى خارج عربة التنمية على هشاشتها آنذاك .. أي بعد عام 1998م عند انطلاقة الحكم الثنائي الانجليزي المصري للسودان .. لأن الحديث عن وضع الجنوب قبل ذلك التاريخ يكاد لا يختلف عن أوضاع معظم أقاليم السودان البعيدة عن المركز، في زمان كان المركز يكاد لا يزيد عن نطاق ضئيل على الشاطئ الغربي للنيل (أمدرمان) و النيل الأزرق (الخرطوم) فيما بعد ..

    عزل المستعمر الجنوب حتى عن التعامل التجاري العادي مع سائر أنحاء السودان، و استن (قانون الجوازات و الأذون) في مطالع العقد الثالث من القرن العشرين (1922م)، و الذي اشتهر باسم أكثر أجزائه سوءا، و المعنون باسم (المناطق المقفولة) فصار ذلك هو اسم القانون Closed Districts Ordinance بدلا من اسمه الحقيقي Passports and Permits Ordinance على الرغم من أن هذا العنوان الأصلي نفسه لا يخلو من كونه (مخيفا) في تشريع قصد به التعامل مع وطن واحد .. يراد له منذ ذلك التاريخ أن ينقسم إلى (كانتونات) لا يدخلها داخل أو يخرج منها خارج، في ذات القطر الواحد، إلا بعد الحصول على إذن من إدارة المستعمر .. حدث كل هذا خلال (الحكم الثنائي) الذي ظل أحد طرفيه يدعو إلى وحدة السودان بل وحدة وادي النيل إلى يومنا هذا .. لكن تلك قضية أخرى.

    و قد كان اختيار المستعمر دقيقا .. عرف أن ثقافات أهل الجنوب، ربما بسبب وعورة مسالكها و عدم دخولها من قبل العناصر الشمالية و قلة التمازج العرقي بينها و بين الشمال، يمكن أن (تحفظ) في مساحات جغرافية مقفولة لمنع الانتشار الثقافي الطبيعي سواء من الجنوب إلى الشمال أو العكس .. وذلك لأمر في نفس يعقوب لكنه معروف!

    و نتج عن هذا الاصطناع في عرقلة التثاقف القومي للسودان انحباس ثقافي في الشمال و آخر مثله في الجنوب .. حيث قل التعارف و قل التعامل (التجاري و الاجتماعي و الثقافي) إلى درجة قاربت الانفصال التام .. و صارت كل كتلة تدور حول نفسها ثقافيا .. و حصد الاستعمار بذلك قسطا كبيرا مما زرعه في السودان من أجل تفريق أهله، لتدوم له السيادة عليه و لو إلى حين.

    ثم جاءت الطامة الكبرى عندما عمد بعض مستعربي الشمال (و كل أهل الشمال مستعربون) إلى الربط – كما يقول الدكتور فرانسيس دينق – بين العرق العربي و اللغة العربية و الدين الإسلامي، ليس ربط تواؤم أو تآلف، بل ربط اشتراط و اقصاء .. و مهما قل التعبير الصريح عن ذلك فقد ظهر ضمنا في معظم صور التعبير الثقافي غير النصي، و في كثير من الثقافة المقروءة والمسموعة .. و كان ذلك من أكبر صور الظلم لدين الاسلام، الذي هو للعالم كله، بألوانه و لغاته و سحناته و أعراقه .. دينا عملاقا في روحه و رسالته .. أغلب معتنقيه اليوم من غير العرب .. لأنه واسع لا يمكن للعروبة أن تحتويه .. بل لا يمكن حتى للانسانية كلها أن تحتويه .. بعد أن وسع الثقلين إنسا و جناً .. لكن أكثر المستعربين لا يعلمون!!

    كان لهذا الربط الشرطي الاقصائي بين هذه الثلاثية (العرق العربي، و اللغة العربية، و الدين الاسلامي) تداعياته السالبة العديدة في كثير من بقاع العالم التي وصلها الاسلام، و ليس ذلك من عناصر هذا المبحث .. لكن السودان وقع ضحية لهذا الربط بصورته هذه .. و ليتهم تركوا الترابط التاريخي في حاله و لم يحيلوه إلى ربط موجه، و ليتهم عند توجيهه قصدوا به قبلة طيبة ..

    و هكذا تعرض جنوب السودان للفصل الثقافي، و زاد الطين بلة أن قدم لهم البعض الاسلام بوصفه منتميا للثقافة الأخرى التي فصلهم عنها الاستعمار .. فصار الاسلام بذلك واحدا من عناصر الاستقطاب الثقافي الانفصالي بين الجنوب والشمال .. بدأ الاستعمار مشروع الانفصال ثم أسهم فيه بعض صفوة أهل الشمال مضيفين إلى الفصل الاجتماعي و التجاري و اللغوي فصلا آخر ذا بعد ديني اسلامي .. و بدلا من أن يقوموا بدعوة أهل الجنوب لدين الإسلام .. دعوهم بسلوكهم وتعبيرهم الثقافي الواعي أو غير الواعي للابتعاد عن دين الإسلام.

    أما تجارة الرق في جنوب السودان، منذ التركية الأولى و ما بعدها و إلى القرن الماضي، فلا حاجة بنا إلى الاسهاب فيها .. بل يكفي القول أن تلك الممارسة أسهمت اسهاما فاعلا في تغذية ذلك الانفصال الثقافي .. و هنا أيضا أسهم بعض مستعربي الشمال عن جهالة بالغة في تغذية هذا البعد الاجتماعي الثقافي عن طريق المشافهة .. مستخدمين من الألفاظ ما يذكر ضحايا تلك الممارسة بمآسي الاسترقاق .. ليس ذلك فحسب .. بل يكرس فيهم فقدان الثقة في مواطنهم الشمالي إجمالا .. و هو تعميم خاطئ لكنه يرتكز على ذات الأساس العنصري: إذا كان من يخاطبني لا يقصد شخصي بل يقصد عنصري و جنسي، فإنه لابد أن يكون منطلقا من عنصره و جنسه لا من شخصه الفرد فحسب .. و هكذا تحول العداء إلى تجارة بالجملة!!

    لكن طالما أن تاريخ السودان متداخل، و طالما أن سحنات الناس و ألوانهم متداخلة، و لا يقتصر منها شئ في الجنوب وحده، بل يتمد لكل أنحاء السودان الأخرى .. حيثما وجد اللون الأسود أو الأسمر .. و حيثما وجدت لهجات غير عربية .. و حيثما وجدت ديانات غير الاسلام .. و طالما أن بعض القلة الجاهلة من مستعربي الشمال تجد طريقا إلى القلم والتعبير .. فإن الأضرار السالبة لذلك السلوك لم تقتصر على جنوب السودان وحده .. أو أنها لم خرجت عن نطاق الجغرافيا و صار يتجول كالشبح في كل بقاع السودان .. مؤثرا على كل من ينتبه لمثل تلك السموم ممن كان قدره ألا يكون عربيا خالصا .. حتى صار المستعربون يتناوشون فيما بينهم تنافسا على العرق العربي و تقاذفا بما هو سواه (أو – عندهم – بما هو دونه!)

    إن الدافع إلى تحقير الأعراق الأخرى دافع غريب يستحق أن يبحث فيه علماء الاجتماع و الأجناس و علماء النفس .. فهو من القوة بمكان .. حيث أثبتت التجربة العملية أن بعض المسلمين يتجاهلون دعوة الاسلام لترك العصبية والعرقية عمدا للإساءة إلى من لا ينتمون لأعراقهم من (المسلمين) الذين لهم حقوق على غيرهم من المسلمين!! فصار المسلم غير العربي لا يسلم من لسان المسلم العربي الجاهل .. و صار ذلك اللسان بوقا للدعوة إلى نبذ العناصر الأخرى غير العربية .. بغض النظر عن إسلامها ... و تلك لعمري إساءة منهم للإسلام نفسه .. الذي إنما أنزل لخير الإنسان و لتكريمه... و مثل تلك الإساءة ينال وزرها من تصدر عنه، ممن هم لأنفسهم يظلمون، و تبقى رسالة الإسلام باهرة نقية .. تنتظر من له عين يبصر بها أو قلب يفقه به لتسمو به إلى علياء السماوات ...

    و هكذا انزرعت الفتنة العرقية بين أوساط المجتمع السوداني .. و هي فتنة يتبرأ منها كل من انتبه لها، و ينكرها كل من ضبط متلبسا بها .. و كأنها فعلا منتنة كما وصفها رسول الاسلام صلى الله عليه و سلم .. أو الجيفة التي يفر منها الناس و يتقونها .. لكنها لسوء الحظ لا تزال تؤثر على الحراك الاجتماعي في البلاد.

    و عندما يتحدث البعض عن البعد النفسي إنما يرمي لبعض هذه المعاني .. و يذكر هذا الكاتب أنه في نهايات التسعينيات من القرن الماضي توجه ضمن وفد من حوالي تسعة أشخاص إلى منتجع ألماني يعرف باسم (مونيستر إيفل) بدعوة من بعض القوى الحزبية و الأكاديمية للسودانيين (حكومة وحركة مسلحة في الجنوب) للتحاور على أساس علمي هادئ، حول ذات النقاط التي يدور حولها الحوار السياسي في نيروبي و أبوجا آنذاك .. و كانت تلك من أغزر التجارب التي شهدها المرء .. استمر الحوار لثلاثة أيام .. لكنه كان كثيفا جدا .. كانت الجلسة الواحدة تستمر لثلاث ساعات متصلة، و يعقد في اليوم الواحد ثلاث جلسات يفصل بينها ما يكفي لتناول الطعام أو المرطبات الأخرى .. و كان منظمو التداول أساتذة في جامعات و معاهد علمية ذات صلة بالعلوم السياسية و شؤون الحكم، لاسيما الحكم الاتحادي .. و يمثلون بلادا ذات تجارب مشابهة مثل ألمانيا و جنوب إفريقيا و اسبانيا ..

    في هذا الوسط الحواري الهادئ التقيت بأحد زعماء الجنوب الشباب المعروفين، ممن جمعتنا معهم كلية القانون بجامعة الخرطوم في العقد السابع للقرن الماضي و ان تقدمنا عليه بعامين أو ثلاثة .. و هو (أبراهام وليام دينق)، المعروف حاليا باسم (نيال دينق نيال) إبن الزعيم الجنوبي المعروف، و هو شاب، تسجيلا للحقيقة، يتمتع بشخصية تتمتع بالكثير من السماحة و التهذب و الأدب .. دار بيني و بينه في رواق المنتجع حديث جانبي حول مجال تخصصنا المشترك .. ثم انحصر الحديث حول دستور السودان لسنة 1998م الذي بقي من عمره أقل من شهر .. و جرى اتفاق عريض حول معظم بنود ذلك الدستور .. و كان الخلاف لا يزال محتدا بين الحكومة و الحركة التي ينتمي إليها (حركة تحرير شعب السودان) بقيادة الدكتور جون غرنق، قبل سبع سنوات من الاتفاق الحالي .. سألت الأخ نيال دينق نيال: الخلاف إذا يا نيال لا بد أن يكون له بعد نفسي؟ قال بصدق لا أزال أقدره له: نعم يا أحمد .. المسألة فيها بعد نفسي .. يعني ما ممكن تفصل لي بدلة و تقول لي تعال البسها .. دون أن أشارك فيها .. و قدر الله تعالى أن يشارك نيال دينق نيال، من خلال عضويته القيادية في مفوضية مراجعة الدستور، في تفصيل (البدلة الدستورية) للمرحلة الانتقالية .. و محاوره في المنتجع الألماني ليس له إلا أن يرتديها .. و الأيام دول .. لكن من المتوقع أن يكون نيال دينق نيال من أفضل من شارك في المفوضية برغم عدم حضور هذا الكاتب أو اطلاعه على محاضر مداولاتها ..

    الشاهد في هذا المنعطف من الحديث هو الإقرار بأن البعد النفسي يمكن أن يكون سببا لعدم الاتفاق على سبل التعايش السياسي في السودان .. و هذا البعد النفسي تضرب جذوره في السلوكيات السالبة التي تصدر عن كتلة الشمال تجاه كتلة الجنوب و غيرها ممن تقل في عروقهم الدماء العربية أو تنعدم .. و هو موضوع هذا الحديث.

    مبحث سادس: أزمة دارفور:

    اتخذت إشكالية العنصر والعرق في قضية دارفور وضعا يكاد يكون أضخم مما اتخذته بالنسبة لقضية الجنوب. و ربما كان أبرز الأسباب أن سكان دارفور كلهم تقريبا مسلمون، و تجري في عروقهم دماء عربية و إفريقية بمقادير متفاوتة، و جغرافيا تقع دارفور في ما عرف سياسيا على الأقل بشمال السودان، بل إن خارطة دارفور الكبرى (الأصلية) تحدها مصر شمالا .. و استعادة تلك الحدود تشكل أحد مطالب الحركتين الثائرتين في دارفور. لهذا فقد انتفت في دارفور أسباب دعاوى "الصراع الديني" التي أثيرت في قضية الجنوب، و نشأت أسباب جديدة تمثلت في مظالم المشاركة السياسية و مظالم قسمة الثروة أو ما يعبر عنهما بمصطلح (التهميش) المعروف في علم الاقتصاد السياسي منذ بدايات النصف الثاني من القرن الماضي .. و المهتم ضمن أشياء أخرى بالآثار المترتبة على اختلال التوازن بين (المركز) و (الهامش) لا سيما في الدول النامية و دور السلطة السياسية الديناميكي في التأثير سلبا على العدل الاقتصادي. هذا في تقديري هو المحرك الرئيس للثورة في دارفور .. و هو خارج مباحث هذه الورقة .. لكن ثمة عامل آخر فرض نفسه على قضية دارفور و هو عامل العنصر .. و قد حدث هذا من عدة أوجه و لعدد من الأسباب:

    1- وجود الانقسام الطبيعي في سبل كسب العيش بدارفور بين فئتين رئيستين:

    ( أ ) فئة المزارعين: و هم سكان مستقرون يعيشون على الزراعة و قد يربون القليل من الماشية دون أن يرتحلوا معها موسميا طلبا للماء والكلأ كما يفعل الرعاة المحترفون .. و قد قدر الله أن يكون معظم هؤلاء من أصول يغلب عليها الدماء السائدة في قبائل افريقيا الأصلية، أي قبل دخول العرب و الاوربين و غيرهم إلى القارة.

    (ب) فئة الرعاة: و هم سكان يغلب عليهم الارتحال الموسمي مع ما يمتلكون من أعداد كبيرة نسبيا من الماشية و الابل .. فيقضون موسم الأمطار في الشمال و الموسم الجاف في الجنوب بحثا عن الكلأ و يتخذون مسارات و دروبا للرحيل (مراحيل) يتعارفون عليها .. و كان قدر هؤلاء أن معظمهم من القبائل التي يغلب عليها الدم العربي.

    و على الرغم من العديد من الاستثناءات التي تتمثل في وجود مزارعين من بين من يغلب عليهم الدم العربي، أو رعاة بين من يغلب عليهم الدم غير العربي، إلا أن ما تقدم يمثل القاعدة السائدة في دارفور.

    إن هذا الانقسام كان له الأثر في التنبيه للفوارق بين الفئتين، تنبيها أذكى أواره ما كان يحدث من تناوش بسبب الاحتكاك في المحيط المخصص لهما للرعي و للزراعة قد يصل أحيانا لسيلان الدماء و بعض الثارات .. فيكون في ذلك تهيئة و سبب مخزون لأي فتنة مستقبلية .. و قد ساهم هذا الوضع في إذكاء الصراع برغم اتخاذه البعد السياسي العام.

    2- لجوء الحكومة السودانية القائمة إلى دعم و تسليح و تشجيع جماعات الجنجويد، و التي تنتمي في الغالب إلى قبائل مختلفة يغلب عليها الدم العربي .. على الرغم من أن هذه القبائل العربية لا تقر رسميا سلوكيات الجنجويد، بل صدرت تصريحات متفرقة تدين تلك السلوكيات .. بل أن الحكومة نفسها تسجل الجنجويد رسميا باعتبارهم خارجين على القانون، على حد تصريح رسمي لوزير الدولة بوزارة الخارجية ضمن لقاء في برنامج "في الواجهة" في القناة الفضائية السودانية عام 2004م. و هذا يؤكد سوء النية في الاختيار حتى و لو ادعت الحكومة أنها قدمت الدعوة للجميع و سلحت من استجاب من المواطنين .. حيث لا يعقل أن تعلن الحكومة سياسة جمع السلاح منذ سنوات باعتبار ذلك سبيلا لتقليل فرص الاضطراب الأمني ثم تقوم بتسليح من تسميهم بالخارجين على القانون بحجة مقاتلة التمرد .. لكن الذي يهم في هذا التحليل هو أن هذا التسليح الانتقائي أدى إلى إيغار الصدور في الجانب الآخر و اشعال الفتنة عبر الخطوط العرقية .. مما أسهم في تعقيد المشكلة .. على الرغم من تنبه الكثيرين من أهل دارفور بمن فيهم الحركات المسلحة و التي جاء تشكيلها متضمنا لمختلف العناصر المحلية بغض النظر عن أصولها العرقية ..

    3- اهتمام المجتمع الدولي باحتمالات الصراع على الخطوط العرقية في كل أنحاء العالم .. و يدعم هذا الاهتمام وجود العديد من السوابق الواقعية والمعاهدات الدولية المصوبة نحو حماية الأقليات العرقية و منع الاضطهاد العرقي أو التمييز على أساس عرقي .. و من ينظر إلى تاريخ العالم يجد ما يبرر هذا الاهتمام، حتى و لو استغلت بعض الدول هذا الأمر لمصالحها الذاتية .. فذاك واقع لا مفر منه، و تدافع بين البشر يسعى كل طرف لتقديم حججه و قدراته فيها في معركة المصالح بين الدول، و هو أمر مستمر لا يتوقع أن ينتهي .. لكن يجب محاكمة كل حالة مستقلة عن غيرها بدلا من التعميم سلبا أو إيجابا .. مع هذا الرأي أو ذاك، حتى لا يقع الظلم على ضحايا الصراعات في خضم المناظرات الإعلامية و الدبلوماسية و السياسية الدولية.

    4- رد الحكومة السودانية على الكتاب الأسود: صدر هذا الكتاب قبل إعلان التمرد على أرض الواقع، و كان بذلك الشرارة النظرية التي ألهبت الانتباه لوجود الثورة في درافور، بسبب الصراحة الشديدة التي ظهر بها الكتاب في عباراته و التي لم تخل من بعض الحدة في نسبة ضئيلة من صفحاته التي اهتمت بعقد مقارنات و إبراز أرقام سعى مؤلفو الكتاب عن طريقها لاثبات وجود الظلم و التهميش مقابل احتكار للسلطة و من خلالها احتكار للثروة منذ الاستقلال على يد عناصر بعينها في السودان .. و قد جاء رد الحكومة عفويا و غير مدروس و على لسان عدد من المسؤولين منهم الدكتور مجذوب الخليفة الذي كان حينها واليا لولاية الخرطوم و المسؤول السياسي للحزب الحاكم حاليا .. بل الأهم من ذلك أنه المكلف بقيادة التفاوض مع حاملي السلاح!! و قد جاء في تصريح مجذوب الخليفة آنذاك أن من كتبوا هذا الكتاب الأسود (عنصريون) .. قرر ذلك دون أن يعرف أسماء من كتبوا الكتاب، حيث صدر بصورة سرية و تم توزيعه على تجمعات المواطنين مباشرة خارج قنوات النشر و الطباعة الرسمية في السودان. و بذلك انصرف التصريح بالضرورة إلى مضمون الكتاب .. و كأن مجذوب الخليفة يقول: "هذا الكلام من يقوله عنصري كائنا من كان".. و وقع بذلك في المصيدة التي ربما لم تخطر على بال مؤلفي الكتاب أنفسهم .. أن يعلن مسؤول حكومي أن اتهام الفئة الحاكمة باحتكار السلطة و الثروة، أو الشكوى من قبل عناصر معينة بوقوع الظلم عليها من قبل المركز و تهميشها يعتبر تصرفا عنصريا و من قال به يعتبر عنصريا ... و بعبارة أخرى .. يقول المسؤول الحكومي أن صدور الشكوى و الاتهام من أي مجموعة بعينها يعتبر خطا أحمر يوصم مخترقه بأنه عنصري .. و بذلك صارت العنصرية وسيلة لتحجيم الشكوى و من ثم الثورة .. فكان ذلك سواء قصدت الحكومة أو لم تقصد سببا لاستثارة الغضب و الكراهية بين من وقع عليهم الظلم .. و جاء ذلك هدية معنوية غير متوقعة لصالح إشعال المزيد من الثورة ضد الحكومة بسبب مثل تلك التصريحات غير الموفقة ..

    و مهما ادعى العفويون و غير المدققين في الوقائع فان ما جاء في ما عرف بالكتاب الأسود كان من الممكن الرد عليه بموضوعية بدلا من التهجم عليه و شتم من كتبوه و من يدافع عنهم أولئك الكتاب .. لكن ربما كان الرد صعب المنال أو أن نتائج الحوار غير مرغوبة لدى الحكومة .. لأن أرقام التنمية بالنسبة للمناطق الطرفية في السودان تتحدث عن نفسها بنفسها و يصعب تزويرها .. لأن واقع حال هذه المناطق ينطق بما أصابها من ظلم و إفقار طويل الأمد بسبب سوء التخطيط و سوء الإدارة السياسية و الاقتصادية إذا لم نقل سوء النية في كثير من الأحيان .. لكن الله لم يفتح على الحكومة السودانية بفضيلة المقارعة بالحجة و من ثم الاعتراف بالخطأ .. و حتى و إن جاء هذا الاعتراف (كما في استقالة وزير الداخلية) فانه يكون متأخرا مثلما تأخر إيمان فرعون برب العالمين رب موسى و هرون!!

    و كتب هذا الكاتب يومها أن ما عرضه الكتاب الأسود يستحق الاهتمام به، سواء من أجل الرد عليه و دحضه أو من أجل الاعتراف به كله أو جله أو بعضه و من ثم التصدي للمظالم التي وردت فيه بمثل ذلك المقدار .. لأن (موضوع) الكتاب لم يكن أقاصيص أو نكات للمرح .. بل كان شأنا خطيرا يهم الوطن كله .. كان الكتاب بندا من بنود أجندة وطنية بالغة الخطورة ... و لا يهم أن يكون كله صحيحا أو حتى كله خطأ .. يكفي أنه قال "البغلة في الابريق" و ألقى الحجر في بركة الصمت الساكنة .. و قبله كتاب الدكتور عبد الوهاب الأفندي (الثورة و الاصلاح في السودان) و الذي ثارت عليه بعض عناصر الحكومة بدلا من الالتفات لضرورات الاصلاح التي نشرت فيه .. و قد كان على كل حال مجموعة من المقالات التي نشرت سلفا لو كان ثمة قارئ .. الحكومة تعاني من حساسية شديدة ضد النقد .. و هو ما سبب لها (مناعة) شديدة ضد الإصلاح، ذاتيا كان أو عن طريق النصح! لكن ثبت في ذات الوقت أن الحكومة تفضل الاصلاح المفروض من الخارج من خلال الضغوط، بخلاف ما تصرح به على لسانها .. و هذا مما بلغ من الوضوح و التبيان في قضيتي الجنوب و دارفور بما لا نحتاج فيه لذكر أي دليل.

    خاتمة:

    لما تقدم من أسباب نخلص للآتي:

    أولا: أن العنصرية مرض عضال لا يطال العلاقات الانسانية إلا وأصابها بالتخثر و التصدع و الكراهية، و أضفى على منازعاتها التعقيد و التأزيم.

    ثانيا: أن للعنصرية وجهان، و كل من يتهم غيره بالعنصرية يكاد يقع في ذات التهمة، بما يحتم الانصراف الكامل عن دعوى العنصرية ما أمكن ذلك و التوجه نحو الحقائق الموضوعية الأخرى، سواء كان ذلك في أسس التعايش السلمي العادل (قسمة السلطة و الثروة) أو في أي أمر ذي بال آخر.

    ثالثا: طرح العنصرية جانبا أمر يحتمه سبب موضوعي: لا يجوز للإنسان ادعاء الرفعة بسبب العنصر، و لا وصم الآخرين بالدناءة سبب العنصر، لأن العنصر لا يضع أحدا و لا يرفع أحدا .. كما لا يمكن للانسان أن يتحكم في عنصره الذي يولد به أو دمائه التي تجري في عروقه .. و مثل هذا لا يجب أن يكون ميدانا للتباري .. و لو اصطف عباقرة العالم في مكان واحد لكانوا من مختلف العناصر والأعراق، و لو تجمع أكثرهم وضاعة و أرذل من خلق الله في مكان واحد لكانوا من عناصر و أعراق مختلفة .. و أن مقياس الكرامة عند الخالق التقوى .. لا اللون و لا العرق و لا العنصر بأي حال من الأحوال ..

    رابعا: التلويح بوصمة العنصرية إنما هو سلاح الظلمة في وجه طلاب الحق و العدل من المظلومين .. و هو تلويح باطل .. كما أن تفسير المظالم بأنها نابعة من عنصرية إنما هو تفسير قاصر في كثير من الأحيان، بسبب وقوع الظلم على ذات العنصر من أولئك الظلمة في بعض الأحيان .. و هذا ما تصدقه وقائع الأحوال في السودان .. حيث لم يسلم من مركزية الاقتصاد والسلطة الكثيرون ممن يعيشون في مناطق مختلفة و ينتمون لأعراق مختلفة ..

    خامسا: من الصواب أن يلجأ الجميع للبيانات و الوقائع الموضوعية في الحوار و التقاضي و التفاوض و التخاصم و التنازع و التصالح .. و في كل شئ يتعلق بقضايا التعايش السلمي العادل في المجتمع الواحد .. و أهم الأمثلة في هذا الصدد هو تحديد معايير قسمة الثروة و السلطة .. حيث يجب أن تحدد بما لا يثير أي نعرات عنصرية أو جهوية .. ولا يكون ذلك إلا إذا توفر القسط اللازم لتحقيق العدالة في تلك القسمة .. لهذا فان ربط المعيار الرئيس بعنصر الانسان أو المواطن على اطلاقه أمر ضروري و حتمي .. فيكون لكل مجموعة من الحقوق بعدد ما بها من النفوس ..

                  

العنوان الكاتب Date
" أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-18-05, 07:00 PM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي هاشم نوريت06-18-05, 07:19 PM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Saifeldin Gibreel06-18-05, 07:22 PM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-18-05, 09:52 PM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي معتز تروتسكى06-18-05, 10:06 PM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي تولوس06-19-05, 00:20 AM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي شدو06-19-05, 00:22 AM
          Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-19-05, 01:34 AM
          Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-19-05, 01:57 AM
            Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-19-05, 02:46 AM
            Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي حيدر حماد06-19-05, 02:57 AM
              Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-19-05, 03:22 AM
                Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي محمدين محمد اسحق06-19-05, 05:06 AM
                  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي محى الدين ابكر سليمان06-19-05, 06:07 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Tragie Mustafa06-19-05, 06:20 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Elawad Eltayeb06-19-05, 07:29 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي عمر ادريس محمد06-19-05, 07:55 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي خالد عويس06-19-05, 08:27 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي محمد الامين احمد06-19-05, 09:05 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Tragie Mustafa06-19-05, 09:09 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي محمد الامين محمد06-19-05, 09:14 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي محمدين محمد اسحق06-19-05, 10:09 AM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي خالد عويس06-19-05, 10:50 AM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي محمدين محمد اسحق06-19-05, 11:19 AM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي jini06-19-05, 11:08 AM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Yasir Elsharif06-19-05, 11:36 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Yasir Elsharif06-19-05, 11:15 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي عمر ادريس محمد06-19-05, 11:48 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي معتز تروتسكى06-19-05, 12:02 PM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي هاشم نوريت06-19-05, 12:23 PM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Yasir Elsharif06-19-05, 01:11 PM
          Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي هاشم نوريت06-19-05, 01:14 PM
            Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي معتز تروتسكى06-19-05, 01:18 PM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-19-05, 02:24 PM
          Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي nour tawir06-19-05, 02:47 PM
            Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي ابنوس06-19-05, 03:26 PM
              Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Abureesh06-19-05, 05:00 PM
                Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-19-05, 07:58 PM
                  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Yasir Elsharif06-20-05, 01:49 AM
                    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي شدو06-20-05, 03:15 AM
                      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي حيدر حماد06-20-05, 03:37 AM
                      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي حيدر حماد06-20-05, 01:33 PM
                    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Elawad Eltayeb06-20-05, 04:14 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي nada ali06-20-05, 03:27 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي nada ali06-20-05, 03:30 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي وليد شريف06-21-05, 04:32 AM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي bakri abdalla06-24-05, 09:52 PM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي bakri abdalla06-24-05, 09:53 PM
          Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-25-05, 01:33 AM
            Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي A.Razek Althalib06-25-05, 02:26 AM
              Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي حيدر حماد06-25-05, 03:09 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي إسماعيل التاج06-25-05, 04:17 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي شدو06-26-05, 07:42 AM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-26-05, 08:47 AM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي ابنوس06-27-05, 07:30 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Tragie Mustafa06-26-05, 09:01 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-26-05, 11:21 PM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي صلاح الدين عبدالله محمد06-27-05, 00:04 AM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-27-05, 01:30 AM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي صلاح الدين عبدالله محمد06-27-05, 06:29 AM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي شدو06-27-05, 01:34 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي جعفر التيجاني علي دينار06-27-05, 04:09 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-27-05, 08:53 AM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي hamid hajer06-27-05, 09:09 AM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي ابنوس06-27-05, 03:04 PM
          Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-27-05, 07:31 PM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Bashasha06-27-05, 10:44 PM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-27-05, 11:52 PM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي صلاح الدين عبدالله محمد06-27-05, 11:58 PM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-28-05, 08:35 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي ابنوس06-28-05, 03:42 PM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Bashasha06-28-05, 08:54 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Marouf Sanad06-28-05, 10:28 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Bashasha06-28-05, 01:39 PM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Marouf Sanad06-28-05, 02:47 PM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Bashasha06-28-05, 04:20 PM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Bashasha06-28-05, 04:35 PM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-28-05, 08:04 PM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Tragie Mustafa06-28-05, 11:50 PM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي صلاح الدين عبدالله محمد06-29-05, 01:26 AM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-29-05, 02:20 AM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي صلاح الدين عبدالله محمد06-29-05, 02:57 AM
          Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي حيدر حماد06-29-05, 05:23 AM
            Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي شدو06-29-05, 06:16 AM
              Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي صلاح الدين عبدالله محمد06-29-05, 06:22 AM
                Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي معتز تروتسكى06-29-05, 08:47 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Tragie Mustafa06-29-05, 09:01 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Tragie Mustafa06-29-05, 09:52 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي محمدين محمد اسحق06-29-05, 10:44 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Mohamed Suleiman06-29-05, 10:49 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Bashasha06-29-05, 10:29 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي هشام مدنى06-29-05, 10:40 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي حيدر حماد06-29-05, 10:46 AM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Bashasha06-29-05, 10:56 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي محمدين محمد اسحق06-29-05, 12:52 PM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي ابنوس06-29-05, 08:48 PM
  Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي Tragie Mustafa06-30-05, 00:13 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي شدو06-30-05, 04:16 AM
    Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي ابنوس07-01-05, 12:07 PM
      Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي حيدر حماد07-02-05, 00:08 AM
        Re: " أنت فى نظرنا مجرد عبد و لو أصبحت دكتور أو اله " .... و برضو تقولوا تعايش سلمي محمدين محمد اسحق07-03-05, 01:27 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de