|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: إسماعيل التاج)
|
* *
“Cheer up Husam”
Quote: I felt especially proud of my dad as a public figure and not just as my father |
Quote: Really and truly my dad isn’t dead. He will never be forgotten. His features and genes are carried on by myself and Ahmed, and they will be continued for generations |
Quote: The last 2 months have been hard especially for my mum because she knew the possible outcomes for the situation …. The last 2 months were hard but they were made easier by my dad himself. He refused to let us keep our h e a ds down. Whenever he saw me down, he would always say ‘cheer up Husam
|
Quote: To be honest I figured out that my dad had cancer. But the positive manner in which my mum, my dad, friends and family treated the circumstances prohibited me from thinking anything other than he was going to be cured. Even during the last week in which he experienced very quick deterioration, I still didn’t ever think he could die. I remember my mum tried to prepare me for the worst. Nonetheless I still did not believe it, I believed he would be cured. When my dad died I was in a state of shock. But when the funeral came in Um Dakat, I began to grasp the verity that my dad was being laid to rest for ever. This hurt me a lot but I always thought to myself, he led a good life. I saw all the people that respected him and I felt especially proud of my dad as a public figure and not just as my father. People normally believe that when you loose a parent at a young age, you didn’t get to know them all that well. But I got to know my dad extremely well. We bonded so well. We had funny conversations, we had serious conversations and we had informative conversations. I loved the time I spent with my dad. There are some memories that make me feel happy but also make me realize how much I do miss my dad. I will always miss him, but I just have to deal with it, and make the best of what I do have. The people around me that I am lucky to have. I have learnt to keep my head up, and when I’m sad I can hear my dad saying ‘cheer up Husam
|
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: إسماعيل التاج)
|
مقتطفات من كلمة الباقر العفيف
Quote: من أبرز سمات الخاتم أنه وفي لأصدقائه، يتحدّث عنهم بحب وبود كبيرين |
Quote: قال لي مرة وأنا جالس قرب سريره في المستشفى وقد كنا وحدنا: "يا باقر أنا بحب الحياة، ومتمسك بها، وغير متهيء للرحيل الآن لأن لدي الكثير من المشاريع التي أريد إنجازها، ولكني لست جزعاً من الموت". قلت له: "أعرف ذلك". |
Quote: كان الخاتم داعية حياة، كان محباً لها، مبشراً بها، ساعياً لتحسين العالم من أجل تمكين أكبر قدر من الناس أن يستمتعوا بها، وأن يتذوقوا الجمال فيها. |
Quote: في مساء يوم الخميس الحادي والعشرين من أبريل، ألقى الخاتم علينا ما أعتبرته خطبة الوداع. قال بعد أن نادانا بأسمائنا واحداً واحداً: "أشهدوا مني، وأنشروا عني، أني عشت حياتي كلها أنشر الاستنارة، وأحارب الخرافة، ولو تبقى من عمري يومان، أو ساعتان، أو دقيقتان، وأنا قادر، سأنشر فيهما الأستنارة". في تلك اللحظة شعرت بأنه أيقن بأنه قد خسر معركته مع المرض. وأننا، ويا للهول، قد فقدناه. |
Quote: يسألني إبني محمود ذو السنوات الخمس، مراراً وتكراراً، متى يعود عمو الخاتم when is he going to come down from heaven . قلت له أنك سوف لن تعود إلينا من رحلتك هذه، ولكنا حتماً ذاهبون إليك، فالذي يفصل بيننا يا صديقي زمن، علمه عند الله، ولكنه محدود، لا ندري إن كان حسابه بالساعات، بالأيام، أو بالسنوات، سنتوافى بعده عندك في عالم زينته بحضورك البهي. فإلى اللقاء أيها الصديق الوفي. |
Quote: الخاتم إنسان نادر المثال. يعرفه الناس كثروة قومية، كمفكر أصيل، وسياسي ضليع، و مثقف لا يشق له غبار، رحل عنا وهو في قمة نضجه وقمة عطائه. فأمثاله تنكّس لهم الأعلام، ويعلن عليهم الحداد العام. بيد أن الخاتم، هذا الإبن البار بشعبه، لم يجد من حكومات بلده الغابر منها والحاضر، سوى السجن، والتشريد، والمنفى، و بخلت عليه أجهزة النظام الحالي بمجرد خبر يعلن وفاته، و تدخلت أجهزته القمعية لتعرقل تعبير الشعب عن حبه لابنه، وإن استطاعت منع فجيعته فيه لكان قد فعلت. و إن كان من عزاء فهو أنه عندما يبرأ الوطن من سقمه، ويوم تُنصب معايير القيم، وتُعرف أقدار الرجال، سيجئ الخاتم في طليعة من تقام لهم النصب التذكارية، وتطلق إسماءهم على شوارع المدن، وقاعات المحاضرات، ومراكز الثقافة، تلك المواقع التي أطلقت عليها أسماء القتلة والمجرمين، أسماء أناس ساموا الشعب العذاب، ولم ينشروا سوى الخراب. أناس ساقوا شعب السودان بالسوط والنوط وأشاعوا ثقافة الموت. |
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: إسماعيل التاج)
|
Quote: في مساء يوم الخميس الحادي والعشرين من أبريل، ألقى الخاتم علينا ما أعتبرته خطبة الوداع. قال بعد أن نادانا بأسمائنا واحداً واحداً: "أشهدوا مني، وأنشروا عني، أني عشت حياتي كلها أنشر الاستنارة، وأحارب الخرافة، ولو تبقى من عمري يومان، أو ساعتان، أو دقيقتان، وأنا قادر، سأنشر فيهما الأستنارة". في تلك اللحظة شعرت بأنه أيقن بأنه قد خسر معركته مع المرض. وأننا، ويا للهول، قد فقدناه. |
رحم الله المناضل الخاتم عدلان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: elsharief)
|
الأخ متولى عبدالله (elsharief)
عاش الخاتم حتى آخر لحظات حياته يتحدث عن العقل والاستنارة. في ملصق من ملصقات المعرض، الذي رافق الاحتفالية، عُـرضت مقتـطـفات مما قاله في مقالٍ له حول إبن رشد.
Quote: بين ابن رشد وخصومه: حرق الكتب ودلالته
ونسبةً لأنَّ ابن رشد أعلى مكانة العقل، فقد استطاع أنْ يرى بوضوح، أنَّ جوهر العقل واحد، وذلك بصرف النظر عن القوميات والتواريخ والأمكنة. فالعقل بالنسبة إليه لا يكون "فعالاً" إلاَّ من خلال وحدته. الذين أحرقوا كتب ابن رشد كانوا يشعلون النار في رؤوسهم ذاتها، كانوا يحاولون القضاء على بلبال أفكارهم، وتناقضاتهم وقلقهم وافتقارهم لليقين، بالقضاء على تجسيدها الخارجي الذي كانه ابن رشد. فما العقل سوى الشكوك والتناقضات والقلق، والأجهزة القائمة على حلها في العقل ذاته، ومن خلال الممارسة الفكرية والعملية؟ ولكن تلك الأجهزة لم تكن متوفرة للمهووسين، كان ذكاؤهم يوصلهم إلى مرحلة الشك، ويتركهم هناك في متاهته الموحشة، فيصيبهم رعب لا يُـوصف ولا يُـحتمل، يسعون إلى التخلص منه بأي ثمن. ولذلك كانوا، على مرِّ الزمان، أكثر ميلاً إلى البطش، وأخف خطىً إلى مقارعة الحجة بالأيادي والسيخ وكل ما توفر من أجهزة الفتك وأسلحته، وأشد تعلقاً بإغراق العقل في صخب الأهواء الجامحة، وتبديده في لهب النيران.
|
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: إسماعيل التاج)
|
شكرا استاذ اسماعيل
Quote: حقـاً، حقـاً، اقول لكم أنه ما لم تقع حبة القمح على الأرض وتموت فإنها تبقـى وحيدة، لكن إنْ هي ماتت فإنها ستجلب الكثير من الثمار. |
Quote: من لم يعرف اسمك في حينه كان يشير إليك بالاستاذ الأنيق. أنتَ تعرف ونحن أيضاً أنَّ تلك الأناقة لم تكن أناقة مظهر فحسب بل أناقة انسانية نادرة منبعها تواضع بلا حدود ولا شائبة. |
Quote: واحشنا يا خاتم كتير. حلو اللسان، صافي الضمير. سمح الخصال، عاشق تراب بلده الحبيب. بشوش وضاحك، ذوَّاق طرب، مليان أمل. واحشنا يا خاتم كتير. |
Quote: تقول لي: أحتاجُـكِ حاجة هاجر وإبنها إلى الماء في ذلك الوادي غير ذي الزرع. وأقول: أحتاجك حاجة الماء والهواء. |
Quote: قلت لي يوماً: (إنَّ الحياة بدونكِ عبءٌ فادحٌ وأنَّ المدينة التي لستِ من أهلها، مدينة معادية). فماذا أقول أنا وأنتَ لستَ من أهل المدينة. |
Quote: "أشهدوا مني، وأنشروا عني، أني عشت حياتي كلها أنشر الاستنارة، وأحارب الخرافة، ولو تبقى من عمري يومان، أو ساعتان، أو دقيقتان، وأنا قادر، سأنشر فيهما الأستنارة". |
نشهد وننشر عنك يا خاتم
Quote: فأمثاله تنكّس لهم الأعلام، ويعلن عليهم الحداد العام. بيد أن الخاتم، هذا الإبن البار بشعبه، لم يجد من حكومات بلده الغابر منها والحاضر، سوى السجن، والتشريد، والمنفى، و بخلت عليه أجهزة النظام الحالي بمجرد خبر يعلن وفاته، و تدخلت أجهزته القمعية لتعرقل تعبير الشعب عن حبه لابنه، وإن استطاعت منع فجيعته فيه لكان قد فعلت |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قف تمهل، قف تمهل.. اهدني صبرك وارحل.. إلى الخاتم في أربعينيته (Re: Yasir Elsharif)
|
الأخ ياسر الشريف
العمل ما زال جاري في (الويب برودكاست). وسوف يتم إنزالها فور الانتهاء منها وسوف أقوم بنقل الرابط هنا.
قصيدة العوض حول الخاتم تمَّ عرض افتتاحيتها عبر Powerpoint presentation :
وأعجبتني قصيدته في الراحل الأستاذ محمد فضل محمد صديق.
Quote: هذه القصيدة هي المادة التي أساهم بها في تخليد ذكرى الراحل العزيز الأخ الوفي والصديق الكريم الخاتم عدلان |
وهذه مساهمة تشكر عليها أخي ياسر، وتشكر أكثر على حضورك الدائم ومشاركاتك الهادفة التي تحمل قيم ومباديء واخلاقيات الأستاذ محمود، رائـد احترام العقل والتـنـوير في السودان، وإعمال العقل في الفهم الديني.
تسلم عزيزي ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قف تمهل، قف تمهل.. اهدني صبرك وارحل.. إلى الخاتم في أربعينيته (Re: Idris Tabidi)
|
Quote: اكد حسام انه الشبل من ذاك الاسد بعد كلمة حسام ايقن الحضور بان الخاتم سوف يحيا فينامهماغاب عنا شكرا حسام تبعث فينا كل يوم امل جديد |
العزيز إدريس تبيدي
كان هذا إحساس كل من سمع حسام في تلك الكلمة القوية، المتفائلة والمليئة بالإلتزام تجاه والدته وأخيه أحمد.
وأيقن الجميع بأنَّ خاتماً لم يمت.
تحياتي وألف شكراً على المعرض الجميل الذي اتحفتـنـا به وأثار الاعجاب.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: أبو ساندرا)
|
Quote: الإستنارة دخلت بيت الحبس بعد رحيل فارسها يوم بعد يوم ندرك فداحة الخسارة هذه أفدح خسارة منذ رحيل عبدالخالق محجوب ومحمود محمد طه عزاء حار لتيسير والأولاد وعزاء حار للوطن |
أخونا وعزيزنا المستشار ع الرحمن ود بركات
يظل ذلك السؤال القديم قائماً دائماً: لماذا يخسر السودان أروع أبنائه وبناته في أوقاتٍ مبكرة أو في أوقاتٍ يحتاج فيها الوطن لمجهوداتهم؟ أو كما قال عزيزنا محمد النعمان في خاتم: (لقد عاش غيرك – يا سيدي الخاتمُ – أرذلَ الخياراتِ وأسهلها ، ليكون له أن يموتَ في أرذل العمر).
كل التحايا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: إسماعيل التاج)
|
تبكيك الجوامع اللي انبنت طابقين حزننا على فراقك لا يوصف يا خاتم، دعواتنا لك بالرحمة و المغفرة، لكم المنا فراقك يا ابو حسام، و تمر الايام و نفقتد نفاذ بصيرتك و صوتك العذب الرقيق عبر وسائل الاتصالات المتعددة تلفونات انترنت: فقدنا قائدا انسانا محاورا ديمقراطيا حقيقيا، و فقد وطننا رجلا احبه بدون شروط حتى الممات، بذرة الخاتم عدلان غرست في تربة وطننا الخصبة و كلنا ثقة في ثمارها الطيبة ستسمى باسمك الشوارع يوما ما...
من اليمين اخي ايمن ابراهيم الخاتم عدلان، حسام الخاتم، احمد الخاتم
الخاتم عدلان صيف 2004 حدائق الهايد بارك لندن
الخاتم عدلان مع عمر النجيب، اصدقاء فرقهما الزمن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: فضيلي جماع)
|
قالت تيسير ونقول معها واحشنا كثير يا خاتم . Cheer up Husam cheer up Sudanese people شكراً الأخ مولانا اسماعيل التاج لنقلك هذه المقتطفات الحية في لندن من حب الناس لخاتم وفقدهم له.ليتني كنت معكم لابصر بأم عيني كيف قدرنم على تحويل الدموع لكلمات. لقد فقدنا بفقد الخاتم إنساناً كبيراً ومناضلاً ذا باس شديد ومفكراً شاملاً وشاعراً ومحباًساهم في تكوين أجيال وأجيال من السودانيين من معاصريه وسيظل يساهم بما خطه من فكر ومآثر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: برير اسماعيل يوسف)
|
كلمة الباقر عفيف فى تأبين الخاتم عدلان السبت 4/6/2005
أي عقل انطفأت جذوته؟!! أي قلب توقف عن الخفقان؟!!
إلى اللقاء أيها الصديق الوفي لم يخطر ببالي أبداً أنه سيجيء يوم أقف فيه مثل هذا الموقف. لم يخطر ببالي أبداً أن أعتلي منبراً، هنا في لندن، وليس إلى جانبي، أخي، وصديقي، وشقيق روحي، وأحد أحب خلق الله إلى قلبي، الخاتم. خل عنك أن يكون هذا يوم تأبينه، وأن نتكلم عنه بصيغة الماضي، وبضمير الغائب، وهو الذي في القلب حاضر. لم يخطر ببالي أبداً أنه سوف يجيء يوم تنقطع عني فيه مكالماته الهاتفية، ورسائله الإلكترونية، ولقاءاته على العشاء. لم يخطر ببالي أبداً أن يتوقف حديث الثلاثاء. لم يخطر ببالي أبداً أنني سوف أراه يضوى، ويزوى، ويتألم، ويغذ الخطى بعيداً عني يوماً إثر يوم، وأنا أقف أمامه عاجزاً، لا أستطيع أن أدفع عنه الأذى، أو أقاسمه الألم، أو أفديه بنفسي، أو أشد قبضتي وأصفع القدر. فالخاتم إنسان نادر المثال. يعرفه الناس كثروة قومية، كمفكر أصيل، وسياسي ضليع، ومثقف لا يشق له غبار، رحل عنا وهو في قمة نضجه وقمة عطائه، وفي وقت نحن في أشد الحاجة إليه، فبلادنا "تمر بمنعطف يلفها فيه ضباب كثيف" بحسب تعبيره، و في الليلة الظلماء يفتقد البدر. فأمثال الخاتم تُنَكّس لهم الأعلام، ويُعلَن عليهم الحداد العام. بيد أن الخاتم، هذا الإبن البار بشعبه، لم يجد من حكومات بلده الغابر منها والحاضر، سوى السجن، والتشريد، والمنفى، و بخلت عليه أبواق النظام الحالي بمجرد خبر يعلن وفاته، و تدخلت أجهزته القمعية لتعرقل تعبير الشعب عن حبه لابنه، وإن استطاعت منع فجيعته فيه لكان قد فعلت. و إن كان من عزاء فهو أنه عندما يبرأ الوطن من سقمه، ويوم تُنصب معايير القيم، وتُعرف أقدار الرجال، سيجئ الخاتم في طليعة من تقام لهم النصب التذكارية، وتطلق إسماؤهم على شوارع المدن، وقاعات المحاضرات، ومراكز الثقافة، تلك المواقع التي أطلقت عليها أسماء القتلة والمجرمين، أسماء أناس ساموا الشعب العذاب، ولم ينشروا سوى الخراب. أناس ساقوا شعب السودان بالسوط والنوط وأشاعوا ثقافة الموت. كان الخاتم داعية حياة، كان محباً لها، مبشراً بها، ساعياً لتحسين العالم من أجل تمكين أكبر قدر من الناس أن يستمتعوا بها، وأن يتذوقوا الجمال فيها. كم مرة سمعته يقول "الله .. الحياة جميلة"Life is beautiful. قال لي مرة وأنا جالس قرب سريره في المستشفى وقد كنا وحدنا: "يا باقر أنا بحب الحياة، ومتمسك بها، وغير متهيء للرحيل الآن لأن لدي الكثير من المشاريع التي أريد إنجازها، ولكني في نفس الوقت لست جزعاً من الموت". قلت له: "أعرف ذلك". لقد تعرفتُ على الخاتم عن قرب مؤخراً جداً، في العشر سنوات الأخيرة من حياته. كنت أعرفه من خلال نشاطه العام، ومن خلال كتاباته. و أول مرة رأيته فيها عياناً كان في عام 1986، عندما ألقى كلمة إبان الذكرى الأولى لاغتيال الأستاذ محمود محمد طه. جاء إلى المنصة وفي مشيه تحفز وإقدام، وفي عينيه بريق وأحلام. وما زلت أذكر كيف تمكن و من أول وهلة أن ينسج تلك الخيوط السحرية التي تربطه بمستمعيه، وتشدهم إليه. دارت الأرض دورتها، وحملتنا الشواديف من هدأة النهر وألقت بنا في أرض غريبة، لنلتقي ثانية في عام 1994، في مدينة ليدز، حيث جمعنا مؤتمر عن "جنوب السودان ما بين الوحدة والإنفصال"، كلانا قدم ورقة فيه. هناك عرّفته بنفسي، وتبادلنا الحديث، وأذكر بأنه أعطاني الانطباع بأن ورقتي لم تعجبه، فقد اعتبرها تصب في خانة دعاة الانفصال. قلت له إن مشكلة ساسة الشمال هي أنهم يتعاملون مع الوحدة وكأنها غاية في ذاتها، لذلك يصرون عليها بأي ثمن، حتى ولو كان ذلك الثمن هو استمرار الحرب، وحرمان إنسان الجنوب من حقه في تقرير المصير. كان رده عبارة عن صمت متأمل أحسست معه أنه يحاور عباراتي تلك داخلياً. إستأذنته وانصرفت، دون أن أدرك ما تخبؤه الأيام من أني سأكون شاهداً على صياغته لمفهوم "الوحدة الطوعية"، في وثائق حق، وبأنه سيصبح بذلك أول من يدخل هذا التعبير في القاموس السياسي السوداني. وبعد فترة من ذلك اللقاء، استمعت لمؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه هو و ثلاثة من رفاقه، هم الدكتور الراحل خالد الكد، والدكتور عمر النجيب، والدكتور أحمد المجري، استقالتهم من الحزب الشيوعي. ولقد توقفت عند ذلك الحدث طويلاً. فأولاً تلك هي المرة الأولى، حسب علمي، التي يعلن فيها سياسي سوداني استقالته من حزبه في مؤتمر صحفي. وثانياً، استوقفني خطاب استقالته، فقد احتوى على مرافعة رفيعة المستوى، في جوانبها الفلسفية، والسياسية، واللغوية، شعرت معها بسعادة معرفية، و بمتعة فكرية، فعزمت أن أشكره عليهما. وثالثاً، استوقفني في ذلك السلوك ما يعكسه من صفات في الرجل: الأمانة مع النفس، والشجاعة الفكرية، وصراحة القصد، واستقامة اللسان. قلت في نفسي هذا إنسان متسق النفس، كبير العقل، سليم الوجدان، استطاع أن يقرب الشقة بين فكره وسلوكه، وبين سيرته وسريرته. إنسان لم يأسره تاريخه، ولم يتوقف نموه. إنسان منفتح على العالم مقبل عليه بعقله، وقلبه، فهو مستمر التكوين، دائم التعلم. إنسان مثل هذا سوف يأتينا منه خير كثير. إتصلت به تلفونياً، وقلت له شيئاً من هذا القبيل. طلب مني رقم تلفوني، وعنواني. وبعد فترة أرسل لي كتيب الحركة السودانية للديمقراطية والتقدم، وطلب مني تعليقاً و نقداً. استمرت الاتصالات بيننا متفرقة متباعدة، كنت أسأله عن كيف تسير الحركة، إلى أن أخبرني بأنهم يخوضون محادثات مع حركات أخرى مشابهة بغرض توحيدها جميعاً في حركة واحدة، فتمنيت له النجاح. وعندما أخبرني لاحقاً أن جهودهم قد تعثرت، عرضتُ عليه التوسط بينهم، من موقع الحياد والصداقة المشتركة مع الأطراف المختلفة. ولقد أثمرت تلك الوساطة عدة اجتماعات تمخضت عن الإجتماع التأسيسي لحركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) و التي وضع فيها خلاصة تجربته السياسية، ووظف لبنائها كل جهده، وصحح فيها جميع أخطائه السابقة في مجال الفكر والممارسة السياسية حيث جعل أعمدتها الديمقراطية وحقوق الإنسان، والعدالة والمساواة وحرية الاختيار، وجعل رهانها على المعرفة والاستنارة. فهي تمثّل قمة نضجه السياسي. تلك كانت المناسبة التي جمعتنا، و البوابة التي من خلالها عبرنا إلى تلاقي الروح، وإلى أفق الصداقة غير المشروطة. و من أبرز سمات الخاتم أنه وفي لأصدقائه، يتحدّث عنهم بحب وبود كبيرين. وكان أكثر ما يؤلمه تنكر بعض من كان يعدهم في الأصدقاء له نتيجة مواقفه السياسية، وكان يحاول فلسفة ذلك السلوك المؤلم، فقد كان ديدنه فلسفة الأشياء، ومحاولة فهم سلوك البشر. كانت تظلله سحابة من أسى وهو يقول لي: ولكن واضح أنها من جانبهم لم تكن صداقة، بل كانت تحالفاً سياسياً بين أفراد. فمثل هؤلاء إن ابتسموا في وجهك فإنهم في الحقيقة إنما يبتسمون لموقفك الذي يتسق مع مواقفهم، فكأنهم يبتسمون لأنفسهم المنعكسة لهم منك. أي أنهم لا يبتسمون لذاتك الإنسانية، بل لفائدتك الوظيفية. فإذا غيرت موقفك السياسي استنفدت صداقتك. وكان يفرح ويسعد كلما انتصر الناس على ضعفهم ونقصهم، وارتفعوا لإنسانيتهم. جئته مرة فبادرني قائلاً: "اتصل بي الحاج وراق وأنا أكبرت فيه الحاجة دي"، وفي مرة ثانية قال لي: "اتصل بي عبد الله علي أبراهيم، وأنا أكبرت فيه هذا الأمر، وقلت له يأخي الخلاف في الرأي يجب ألا يفسد للود قضية"، ومرة ثالثة قال لي، "نُقُد اتصل، ياخي ده راجل عظيم". كان مرض الخاتم محكّاً برزت فيه جوانب من شخصيته العظيمة. التماسك غير المفتعل، والقدرة الخارقة على تحمل الألم. كان يحرص على الرد على المكالمات التلفونية المتعاقبة بنفسه، يطمئن عائديه، و يحادث زواره، يسألهم عن صحتهم، وعن أسرهم، وعملهم، ويناقشهم في الشؤون العامة. كان يحثنا على التهلل والإنشراح كلما تغشانا الهم والحزن. جئته يوماً في المستشفى وكان جالساً على كرسيه، و لاحظت أنه في أثناء حديثه يصمت فجأة، ويضغط على أضراسه، ويحشد قواه، وتبدو على عينيه نظرة تحدي ومواجهة. سألته ما الأمر، قال لي : "اليوم هاجمني نوع جديد من الألم، إنه ليس في العضلات، أو العظام، أو أي من الأعضاء، إنه ألم في الأعصاب الحسية. يجيئك مثل طعنة السكين، ثم يتردد في شكل موجات من الألم تستمر لثوان عديدة قبل أن ينداح. مشكلتي مع هذا النوع من الألم أنك لا تعرف متى ستأتيك الطعنة القادمة، يمكن أن تجيئك مع أقل حركة، أو كحة، أو ضحكة، أو كلام". ثم واصل قائلاً "الألم هو سلاح المرض ليجعلك تكره وظائف الحياة (وقد قالها بالغة الإنجليزية it makes you hate the functions of life). إن كانت معركتي مع الألم فإني متيقن من كسبها، ولكن معركتي مع المرض. ثم أردف قائلاً إذا أنا سكت من الألم إستمروا أنتم في الحديث، فإني أتابع". في مساء يوم الخميس الحادي والعشرين من أبريل، ألقى الخاتم علينا ما أعتبرته خطبة الوداع. قال بعد أن نادانا بأسمائنا واحداً واحداً: "أشهدوا مني، وأنشروا عني، أني عشت حياتي كلها أنشر الاستنارة، وأحارب الخرافة، ولو تبقى من عمري يومين، أو ساعتين، أو دقيقتين، وأنا قادر، حأنشر فيهم الأستنارة". في تلك اللحظة شعرت بأنه أيقن أنه قد خسر معركته مع المرض. وأننا، ويا للهول، قد فقدناه. فماذا أقول يا خاتم و قد رحلت عنا في يوم ميلادي.؟ ماذا أقول؟ إنا إليك والله لمشتاقون. فشوق خاتم كشوق العين للوسن، كشوق ناء غريب للدار والوطن، شوقاً إليك وأنت النور من بصري وأنت محل الروح في البدن. يسألني إبني محمود ذو السنوات الخمس، مراراً وتكراراً، متى يعود عمو الخاتم when is he going to come down from heaven . قلت له أنك سوف لن تعود إلينا من رحلتك هذه، ولكنا حتماً ذاهبون إليك، فالذي يفصل بيننا يا صديقي زمن، علمه عند الله، ولكنه محدود، لا ندري إن كان حسابه بالساعات، بالأيام، أو بالسنوات، سنتوافى بعده عندك في عالم زينته بحضورك البهي. فإلى اللقاء أيها الصديق الوفي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لندن بعد 40 يوماً على رحيله: "واحشنا يا خاتم كـتـير"، أو كما قالت تيسير مصطفى (Re: صلاح شعيب)
|
الاخ اسماعيل التاج اشنر هنا النص الذي كتبته وقرأه الكاتب احمد الملك في تأبين الخاتم بهولندافي منتصف يوليو الجاري الاخ صلاح شعيب شكرا لرفع هذا البوست الحزين.
الخاتم عدلان: واحسرتا غاب وهج الحياة عن قلب مبذول وعقل هائل حين توقف قلبك يا خاتم عن الخفقان بكت البيوت لفقدك قبل سكانها وعلى عروشها الأشجار انكفأت.ظللت حياتك كلها تبحث عن الحقيقة وتكابد الأهوال سعياً وراء تطبيقاتها من أجل إنسان بلادنا المغيب عنها وعن الحياة في تجلياتها الرحيبة.أي الم حاقنا بفقدك يا معمل الفكر التطبيقي المتحرك.برج تطلعات أبناء شعبنا,هرمهم ومثالهم عن الانسان العفيف وقاد الذهن . أنكرت ذاتك ونبذت الوظيفة والوجاهة.كنت غيرياً بمعنى فريد ونادر حين أوضحت لأهلك اسفك لكونك تقدم عليهم القضايا العامة الأهم فتفهموا رغم ضيق ذات يدهم.لكن ثلاثة منهم مضوا ابعد وأدهشوك حين أطلقوا اسم الخاتم على أبنائهم في حياتك قبل أن ترحل بعيداً ومنهم أختك وابن عمك.خواتم شبوا عن الطوق دون العاشرة ما تبادلت معهم الخواطر وما شممتهم. كم ادرك اهلك أنك تساندهم في سعيك نحو مساندة الشعب .وكم ايقنوا انك تقاسمت معهم زادك القليل .من ذا الذي جاءته سبع قرى بنحاسها وطبولها لتودعه الوداع الأخير لولا أن هذه القرى لم تبصر بحسها فداحة خسارتها فيك؟ تدرك رفيقة حياتك أنها فقدت جوهرة لا تعوض تزداد وهجاً كلما تمضي السنون . يدرك ابناؤك أي والد فقدوا وندرك نحن محبيك إننا فقدنا جبلا يسد على الظلم والجهالة والضحالة أفاقها المصطنعة. المفكرون في بلادنا بقدر أصابع كف واحدة ولأنت أنت سبابة تلك الكف. نشهد انك قدمت لنا الاستنارة طوال حياتك وأنك حاربت الدجل . ما كان لك أن تطلب منا هذه الشهادة في يومك الأخير . أنت قدمت أكثر من هذا حين بذلت حياتك كلها لشعبنا: خير ما جاد به قلمك ,خير ما جاش به صدرك , خير أمانيك وخير أزهار بستانك الفكري المورق . لقد صغت حياتك وقتاً ثميناً وقدمت دقائقه وثوانيه للوطن. كابدت السجون والمنافي وعشت سنوات بكاملها في الاختفاء لكن حين ذهبت الآن في اختفائك النهائي برزت لشعبنا واحداً من أروع أبنائه ولذا حين ذهب محبوك ليواروا جسدك في ثرى قريتك الحزينة أدركوا أنهم إنما يوارون قبة بحجم كوكب سماوي منير كلما تنادوا إلى دفنه شبت عليهم أنواره فملأت الآفاق.أنت يا خاتم فينا ما بقينا. كنت وستظل منسق خلايانا الدماغية وسيظل صوتك يجلجل في الذاكرة من آلاف الندوات واللقاءات كنت مصدتنا من رياح الفاشية ومصيدتها المشرعة في آن تتقدم الفاشية نحوها وهي ترتجف. واحسرتا أي قلب خبا . واحسرتا أي وجدان انحسر وأي عقل جبار كف عنه وقوده النووي .
| |
|
|
|
|
|
|
|