قلت للأستاذ حاتم حسن بخيت وزير الدولة برئاسة الجمهورية مدير مكاتب الرئيس.. أو خليفة طه عثمان.. كما يحلو للبعض أن يسميه.. قلت له.. (إنك تمضي إلى منصب بات أشبه بحقل للألغام وإن عليك تنظيفه أولا من تلك الألغام) وأذكركم ونفسي الآن أن الكتابة في قصة الفريق طه عثمان مدير مكاتب رئيس الجمهورية السابق.. أشبه هي الأخرى بالسير في حقل للألغام.. كل خطوة فيه.. أو بالأحرى كل سطر فيه.. محفوف بالمخاطر.. وقد أجد نفسي من شدة الحذر مضطرا لشرح العنوان.. طه عثمان نحروه أم انتحر.. وفؤاد مطر الصحافي اللبناني الشهير.. لم يكن أول من استخدمها ولكنه كان الأشهر.. بالنسبة للسودانيين على الأقل.. حين كتب عن سقوط الحزب الشيوعي السوداني عقب الصراع الدموي في يوليو 1971.. كما يلزمني الشرح هنا.. أن السقوط المعني ليس سقوطا أخلاقيا.. بل هو سقوط سياسي.. ولقد كان لسقوط الحزب الشيوعي.. أكبر أحزاب أفريقيا.. بل أكبر حزب شيوعي خارج منظومة حلف وارسو.. دوي هائل.. كما لسقوط الفريق طه دوي هائل أيضا.. وبالقياس مع الفارق.. آخذا في الاعتبار الغموض الذي يلف المشهد هنا وهناك.. رأيت أن إعادة استخدام العنوان هو الأنسب لمحاولة تقديم إجابة تقارب الصواب ونحن نكتب عن قصة كنا على حوافها ذات يوم..! ولكن.. وقبل الاقتراب من تحليل ظروف خروج الفريق طه عثمان من كابينة القيادة.. فالعدالة تقتضي تتبع مراحل صعوده أولا.. وغني عن القول إن الرجل قد حقق نجاحات غير مسبوقة.. ولن يستقيم أن يحاول البعض الآن تبخيس أشيائه بعد أن خرج أو أخرج.. ولكن يبدو أن ذات هذه النجاحات هي التي تضخمت.. أو تضخم الإحساس بها.. لا عند طه وحده.. بل عند آخرين أيضا.. فكانت النتيجة أن هبط هذا التضخم على رأسه.. فكانت النتيجة ما نرى.. ولكن لابد هنا من الاعتراف بأن تضخم الذات هو الذي حرك الآخرين وليس العكس..! طه عثمان بدأ مع الرئيس كمدير مكتب عادي.. حيث بدأ من مكتب الرئيس في الحزب.. ثم انتقل إلى مكتبه برئاسة الجمهورية.. حين احتاج الرئيس إلى واحد من ثقاته ليكون على رأس الشرطة.. فغادر هاشم عثمان مكتب الرئيس مديرا للشرطة.. لمعالجة واقعة مماثلة من حالات الخذلان هذه.. فحل محله طه عثمان.. وحكاية أن طه عثمان بدأ عمله مع الرئيس من الحزب مسألة جوهرية وليست عارضة في سردنا هذا.. لأن واحدة من خلفيات المشهد الراهن المهمة جدا هي.. علاقة طه بالحزب.. وفي زمن قياسي اكتسب الفريق طه ثقة الرئيس.. وكاد يكون مستشاره الأول.. خاصة بعد أن غادر (الكبار) كابينة القيادة.. وبدأت علاقة جديدة بين الرجلين.. واستثمر الرئيس في طه عثمان.. كما لم يستثمر في أحد من قبل.. وستذهلك نتائج هذا الاستثمار..!! فإلى الغد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة