حارب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مواقع التواصل الإجتماعي وحظر الفيبسوك وتويتر حتى لا يتعرض للنقد الجارح من قبل خصومه السياسيين ، وقد هاجمت قواته الخاصة ميدان (التقسيم ) وفرقت المحتجين الذين وقفوا ضد سياساته التي تناؤي الصحافة المستقلة والكلمة الحرة ، كان الجيش التركي بمثابة الكابوس لاردوغان ، وهذه مخاوف وكوابيس احلام في محلها إذا نظرنا إلى المصير البائس الذي لاقاه رفيقه المصري محمد مرسي ، حيث تبخرت أحلام العودة للإمبراطورية العثمانية التي كان يتوق لحكمها أرودغان ، فقد تركت أحداث رابعة ظلالها على الرجل ، فكتب الشعر وقصائد الرثاء وهي يبكي كالخنساء على قتلى رابعة ، وقد وفتح أبواب تركيا أمام مظلمة الإخوان ، فهو كان يحلم بثورة شعبية تطيح بالرئيس السيسي وتعيد الرفيق الإخواني لسدة الحكم ، لكن الجيش في مصر يختلف عن نظيره التركي ، وقيادة الجيش في قاهرة المعز لها تواصل مع المجتمع المدني الذي أسقط حكم الإخوان في الثلاثين من يونيو ، وشعارات رابعة ذات الأصابع الأربعة أصبحت حبيسة الجدران التركية ذات السجاد الرائع والمنسوج بورق الدعاية الإخوانية ، لكن حمى ضنك العسكر إنتقلت ل سريعا ً لتركيا ، تحركت مجموعة من الضباط من ذوي الرتب المتوسطة وقلبوا الطاولة على أردوغان ، إختفى الرجل ثم عاد ليعلن رجوعه عن طريق الإتصال بببرامج التواصل الإجتماعي ، تلك الوسائل التي طالما حاربها الخليفة المرتقب وشكك في نواياها ،وقد أذاعت قناة السي إن إن التركية بيان عودة الشرعية ، لم يكن الرئيس أردوغان يثق في الجيش ، فقد وصفه بداعش وجيش العار والخونة ، ولذلك طلب من أنصاره التجمع في الميادين العامة والصمود في وجه الإنقلابيين ، ولو كان الذين نفذوا هذا الإنقلاب لهم علاقة بداعش أو اي تنظيمات متطرفة لما ترددوا في إطلاق النار على أنصار أردوغان ، ويمكن أن تدهسهم بالدبابات كما فعل أحد جنودها في نيس الفرنسية . وخلاصة القول أنه ما كان لهذه المحاولة الإنقلابية لأن تنجح في ظل الظروف الحالية التي تمر بها تركيا الأن ، فهناك جيوش لثلاثين دولة في هذا البلد المنضم تحت حلف الناتو ، وهناك أولية قصوى لإستقرار تركيا من أجل محاربة تنظيم الدولة في سوريا والعراق ، وبقاء أرودغان ( الإسلامي ) في هذا التحالف الدولي يبعد عنه شبهة محاربة الإسلام ، كما أن الناتو في ايام الحرب الباردة صرف على القواعد العسكرية التركية وهيأها لأي حرب محتملة ، ومن أسباب فشل الإنقلاب أيضاً أنه قادته مجهولين بالنسبة للمجتمع التركي ، كما أتضح من السياق أنه لم يكن لقادة الإنقلاب أي تواصل مع المجتمع المدني الساخط على أروغان ، على العكس تماماً مما حدث في مصر ، حيث تمكنت حرب شبابية من جمع توقيعات لأجل الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي. مما مهد الطريق أمام الجيش لأجل الإنقضاض على مرسي . وحركة الإخوان في البلد الأم أفضل خبرة وتدريباً وممارسةً لوسائل التعبير ، ولكن أنصارها لم يتمكنوا من الوقوف في وجه الجيش . وذلك بسبب تعاظم السخط الشعبي على تجربة حكمهم ، ثم الخوف أن تتحول مصر بسبب سياساتهم لقندهار أو صومال دامي أو حتى سوريا ممزقة. والآن ارودغان المرتبك والحائر يعود للسلطة من جديد ، وطريقة تعامله مع هذه الأزمة تحدد مصيره ومستقبله السياسي ، فهل سيحمل الرجل مكنسة وينظف بها الجيش كما قال من الخونة والمأجورين وداعش ؟؟؟ وقد لاحظت ان رئيس وزراءه في المؤتمر الصحفي وعد بتفعيل عقوبة الإعدام في تركيا بعد أن جمدها البرلمان ، هذا السيناريو يرتبط أيضاً بالإعتماد على قوات الشرطة والأمن والمخابرات الموالية تماماً للرئيس ارودغان ، ولا نستبعد إنشاء مليشيا حشد شعبي أو مجموعات مسلحة من أعضاء الحزب الحاكم ، لكن هذا النموذج من العمل والذي إعتمد عليه الرئيس عمر البشير في السودان ، والمحسوب على جماعة الإخوان ، لا يمكن العمل به في تركيا ، فتركيا تلهث وراء الإنضمام لأوروبا ، كما إنها عضو مهم في حلف الناتو ، وبقية ضباط الجيش الذين أعادوا أرودغان لسدة لحكم تحركوا من وراء هذا المنطلق وليس حباً في فيه ، وبالطبع لن يسعدهم تعليق رفقاء الأمس على مشانق أرودغان ، كما أن الأخير بعد وقوف الولايات المتحدة في وجه الإنقلابيين عليه أن يحسم خياراته بين الحرب على الإرهاب وبين دعمه لبعض الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق . وهاجس الخوف من الجيش لن يكون أخر كوابيس أرودغان ، فالخوف ان يكرر تجربة مرسي فيدفع الغضب الشعبي الجميع للخروج ومطالبة الجيش بضرورة وضد حد لأحلام بائع الليموناضة الذي يطمح للخلافة. سارة عيسي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة