اكتب اليوم عن جبهة تحرير مورو الإسلامية في دولة الفلبين بحسبانها جبهة مسلحة تقود نزاعا مسلحا غير دولي في مواجهة حكومة الفلبين، في معركة غير متكافئة ويلفها النسيان والتجاهل حتى من اخوة لهم في العقيدة والدين . وكذلك نسيان او تناسي العالم لهذا النزاع المجهول حتى لا يكاد معظم الناس يعرفون عنها شيئاً، والحال ينطبق على وسائل الاعلام المختلفة في معظم دول العالم تقريبا، حيث لا حديث حول هذا النزاع الا بقدر ضئيل ونذر يسير وفي حياء ووجل. هذه الحرب المنسية في جزيرة مندناو وجزر صغيرة اخرى بالفلبين خلفت اعدادات مقدرة من الضحايا وارتكب فيها فظائع لا توصف وترقي لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، كما انها قد ترقي للإبادة في الحالات التي يتم فيها استهداف المسلمين بصفتهم هذه وذلك حسب اتفاقية الإبادة الجماعية لسنة ١٩٤٨ ، وقد تحدث المراقبين عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان دون ان يحرك ذلك ساكنا وغني عن البيان جبهة تحرير مورو الإسلامية تأسست عام 1972 في الفلبين وتسعي لتحرير شعب مورو المسلم يتزعمها الحاج مراد إبراهيم الذي اختير لرئاسة الجبهة عقب وفاة زعيمها السابق سلامات هاشم عام 2003. وتاسست الحركة متأثرة بمنهج وفكر الإخوان المسلمين. وقد اعترفت منظمة المؤتمر الإسلامي بجبهة تحرير مورو الإسلامية ممثلا لمسلمي الفلبين. وكغيرها من الحركات الاسلامية عرفت جبهة تحرير مورو انشقاقات عديدة، وقد انشقت منها عدة جماعات وحركات وجوائز ولعل اشهر جماعة أبو سياف ذات التوجه السلفي الجهادي، التي انشقت عن جبهة التحرير الوطنية (مورو) عام 1991. ومؤسسها هو عبد الرزاق جان جيلاني المشهور بكنيته أبو سياف المتخرج.وقد قُتل أبو سياف عام 1998 فتولى القيادة بعده أخوه الأصغر قذافي الزنكلاني وفي عهده انقسمت الجماعة مرات عديدة. كما كان قد انشق عن جبهة مورو الإسلامية نور ميسواري أحد أبرز المؤسسين لجبهة التحرير الوطنية مورو، وكان ميسواري قد وافق على دخول تنظيمه في تفاوض مع الحكومة الفلبينية انتهى إلى توقيع اتفاق طرابلس الثاني عام 1996 الذي نص على حكم ذاتي جزئي لبعض الأقاليم المسلمة، لكن تنفيذ الاتفاق واجهته عقبات لم يستطع الطرفان التغلب عليها.
وقد استقبل المراقبون مؤخرا انباء سارة عندما توصلت الحكومة الفلبينية وأكبر جماعة مسلمة متمردة في البلاد إلى عدة اتفاقيات لإنهاء أربعة عقود من القتال الذي راح ضحيته عشرات الآلاف، ما ساعد في توطيد التطرف الإسلامي في جنوب شرق آسيا. وتهدف جميع الاتفاقيات الى منح المسلمين حكما ذاتيا في أجزاء من جنوب الفلبين مقابل وقف نشاط القوات المتمردة في الإقليم. وقد حدث تقدم كبير نحو إقرار السلام في ختام المحادثات التي جرت في كوالالمبور عاصمة ماليزيا، التي توسطت في مفاوضات امتدت لسنوات. ويشكل الاتفاق وثلاثة اتفاقيات أخرى أبرمت مع جماعات اصغر حجما للتوصل لاتفاق السلام النهائي. ودعمت الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات الغربية إجراء المحادثات. ورغم التوصل لهذا الاتفاق اعترف كلا الطرفين بأن العنف لن ينتهي بين عشية وضحاها في الإقليم الذي طال صراعه مع مزيج مضطرب من الفقر المدقع، وأعداد هائلة من الأسلحة غير المرخصة، والحروب بين القبائل، وضعف سلطة القانون هناك. مع تواتر الأنباء حول وجود أربع جماعات متمردة مسلمة صغيرة تقاتل الحكومة في إقليم منداناو جنوبي البلاد ولا تعترف بالاتفاق الحالي او الاتفاقيات السابقة ، وهو ما قد يؤثر سلبا على استقرار المنطقة ويفسد الاتفاق، ويقوض تنفيذه.
والتحدي الماثل امام الاطراف الان هو كيفية تطبيق الاتفاق، خاصة فيما إذا كانت قوات التمرد وقوامها لا يتعدى الاحدى عشر ألفاً من المقاتلين ستتمكن من الحفاظ على الأمن في مناطق ستخضع لسيطرتهم أم لا. ومن التحديات ايضا غياب آلية لمحاسبة أؤلئك الذين اقترفوا الجرائم مع عدم وضوح آلية الإنقاذ ما بعد المصالحة او مدى إقرار العدالة الانتقالية. واما فيما يتعلق بحماية المدنيين الذين دفعوا ثمن الحرب من تشريد وقتل واحتجاز غير مشروع. مع غياب تام للمحاسبة على المستوى الوطني والمستوى الدولي، حيث من النادر ان نسمع حديثا او ادانة لهذه الانتهاكات الممنهجة خاصة من قبل حكومة الفلبين مما يعيد للأذهان مسالة الافلات من العقاب التي بدأت منذ عهود مضت ولازالت تؤرق العدالة الوطنية والدولية على حد سواء.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة