Post: #1
Title: الحاردلو يُطاعن حِراب المهدية..! بقلم عبد الله الشيخ
Author: عبد الله الشيخ
Date: 01-13-2016, 04:08 PM
03:08 PM Jan, 13 2016 سودانيز اون لاين عبد الله الشيخ -الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
خط الاستواء
ظل الشعر منذ آماد بعيدة، يحمل هموم الأمة السودانية ويصور آمالها واحلامها، ويسجل أحداثها التاريخية الكبرى.. يستمد الأدب السوداني بشكل عام، مادته الخام من الأحاجي والأساطير، وقد سجلت المرأة السودانية حضوراً طاغياً في مجال الشعر الشعبي في كل ربوع السودان، وممّا دون التاريخ ، تقرأ عن "مهيرة بت عبود" التي ألبت الرجال لمواجهة الغزول التركي في معركة كورتي ،حيث ظلّ قولها الحماسي أمام فرسان الشايقية خالداً :" أكان فرّيتو يا رفاقتنـا..أدونا الدّرق هاكم رُحاطتنا"..
كما حمل شعر المدائح لواء الثورة في عهد المهدية، وبشّر بقدوم المخلِّص ،ومن ذلك قول حاج العاقب:"يا مجـيـر أجِـرنـا من زمانـاً ذل فقيرنـا / الصغير يحكـم كبيرنـا ، وكل يوم ناسـاً تغيرنـا / إمـا ديـرو امّا تديرنـا، وإمّا جيب المهدي أميرنا"..
وعبّر "ود تميم" الذي عاصر الحكم التركي عن رفضه للحكم التركي قائلاً: "يا راحم عبادك جُملة بالامطـار، ليك امة محمد شاكية سقماً حار / زيل من القرى البادية والحضار، إنت الباقي حكمك فاعلاً مختار/ أيضاً يا كريم أرخيُلن الاسعـار، وليّهم ولي حاكماً نافعاً مو ضار".
كان الشعر في عهد المهدية أداة ثورية عند الرجال والنساء الملتزمين برؤى الإمام المهدي في الإصلاح.. يقول أبو شريعة مجارياً الإمام في إلغاء الطرق الصوفية: "الدنيا أصبحت من الكِرام خالية، والحيين حقايقهم رِمم بالية"..و تصور "بت مكاوي" ظرف الثورة التي تملأ الأرض عدلاً بقولها :" طبل العز ضرب هوّينا في البرزة ــ غير طبل أُمُبكان أنا ما بشوف عِزّة / إن طال الوبر واسِيهو بالجزّة ــ وإن ما عمّ نيل ما فرّخت وِزّة"..
أنظر احساس هذه المبدعة بجدلية التاريخ في قولها"إن ما عمّ نِيل مَا فرّختْ وِزّة"..!
كانت المهدية حقبة احتدم فيها الصراع بكافة أشكاله، حتى داخل الصّف الوطني .وممّا ينسب لشاعر الحاردلو استعطافه للخليفة التعايشي، للعفو عن عمارة ود أبوسن، بقوله:ــ "مِنْ قُومة الجَهْل ولْداً مُمَيز عُومو ـــ حافلات اللَبوسْ فيهِن بيغزِرْ كُومو/ خليفة المُنتظر عمارة أغفر لومو ــ جاكْ كبشْ الضَحِيةْ الليلةْ آخر يومو"..
وكان الحاردلو قد سُجِن في عهد الخليفة بسبب تعاطيه للتمباك، فلم يتخلف عن تقريع حكم التعايشي الذي ركن الى سطوة القبيلة في ادارة الدولة..
قال الحاردلو في نقد المهدويين:" زي الرّخم جبّابُن ـــ زي الشوك حُرابُنْ ـــ أسوّدْ يوماً جابُنْ ـــ فاقد الدّرشة عَقابُنْ"..! ..شرح النص:"يشبّه الحاردلو الأنصار بالرّخم وهم يلبسون الجبّة، و يصف حرابهم بالشوك، ويلعن اليوم الذي جاءوا فيه، ويتمنى لهم سوء العاقبة"..
وفي العصر الحديث مازالت ليالي المديح عامرة، خاصة في الأواسط، ومازالت المدائح تحتفظ بسمات القديم ويتوالد منها الجديد.. وطرأ بعض التغيير في أسلوب عرض وتلحين الشعر العقدي تبعاً للمزاج السياسي، فعند جماعة الأخوان المسلمين الذين عمدوا الى فرض رؤاهم السياسية بالعنف وفق برنامجهم "المشروع الحضاري" ،استغلت ابواقهم المدائح كدعاية لدولة الاسلام السياسي ولتزيين المهرجانات الخطابية والعسكرية، ولرفع الروح المعنوية للمسؤولين!
وأدخلت على المدائح الأوركسترا ليصبح مضمونها العقدي جزءاً من المارشات العسكرية أو "الجلالات" وأناشيد الحماسة، تسهيلاً لحشد العامة في متحركات "الجهاد"..أكثر من ذلك، فقد حملت الأشعار أنغام "أغاني البنات"! فاصبحت - بعد أن كانت قدسية - طرباً يوظف في الحشد الجماهيري، الذي غالباً ما يختتمه قادة النظام بالرقص.. و بقي سمت المديح في ثباته النسبي عند اغلبية المتطرقين، بينما نفض الجمهوريون الغبار عن بعض تراث الصوفية ، قدامى ومحدثين، فاختاروا منه قصائد كثيرة قُدِّمت بشدو جماعي يشترك فيه الاخوان والاخوات..وقد أتخذ الإنشاد الجمهوري وسيلة من وسائل الترقي وتصفية النفس وتعطير المجالس.
وفي كلٍ، فقد كانت أجواء التصوف وعبق ليالي المديح، هي المعين الذي تخلقت فيه عوالم الطليعة السودانية في مجالات الأدب والثقافة والفن..
أحدث المقالات
من مدينة الجنينة الباسلة لم تكذبنا الصورة وأخبرتنا الرصاصة كل شيء بقلم الصادق حمدينبضاعة الحوار.. الكاسدة..!! بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدينهل تدرى على من ننتحب يا د. محمد وقيع الله؟ بقلم برفيسور احمد مصطفى الحسين ومن أجل هذا نحتفل بذكري الأستاذ محمود محمد طه! بقلم بثينة تروسلعنة الحرب ..!! بقلم الطاهر ساتيالشيشة في زمن الحرب ..!! بقلم عبد الباقى الظافرأبو شنب !! بقلم صلاح الدين عووضة والرزيقي يقول بقلم أسحاق احمد فضل اللهعقد الجرافات وأمن البحر الأحمر بقلم الطيب مصطفىمذبحة .. الجنينة !! بقلم د. عمر القرايأنا والحاج وراق ورباح الصادق!! بقلم حيدر احمد خيراللهالبحث عن الجمال.. في زمن القحط..! بقلم الطيب الزين
|
|