· المتابع لتطورات الحوار الوطني ولأوراق العمل لابد من أن تصل رؤيته إلي أن ملامح خارطة الطريق القادمة لحكم البلاد قد أطلت برأسها ، وقد رافقها ذكاء ليس بخارق ، لكن لا تخطئه الأعين مطلقاً .
· فكل المحاور ومخرجات الحوار ستقود في نهاية الأمر إلي تنفيذ مقترح التوصيات والتي ستنحصر في قيام حكم إنتقالي حيث ظل المؤتمر الشعبي وزعيمه الشيخ حسن الترابي يعد له من خلف ستار تحت مسمي النظام الخالف ، بمثلما ظل أخونا الأستاذ كمال عمر يدافع عنه بطريقة مذهلة ومهادنة ، بل ومخاصمة لرفقاء الامس ، وتختلف عن طرائقه السابقة في نقده للأمور.
· ولعل توقيع الامام الصادق المهدي لنداء السودان مع الجبهة الثورية بفصائلها واحزابها وحركاتها المسلحة ، وما وجدته تحركات الجبهة الثورية وميكانزيم تحركات الأمام الصادق ، من متابعة الاعلام العالمي والإقليمي لأطروحاته وحضوره القوي بالغ التأثير في المديا العالمية ، فضلا علي مشاركاته الفاعلة في المنتديات الدولية سواء في باريس أو بنادي مدريد ، جعلت كل ذلك من الشيخ الترابي أن يعيد وبقوة تواصل توثيق مشورته مع الرئيس البشير منذ مدة طويلة لترتيب أمور المرحلة القادمة قبل حدوث أي مفاجآت إنتفاضية غير معلومة التوقيت .
· ولعل شيخ حسن والذي أقنع القوم بأن الطاقم الحاكم القديم بالسلطة والمؤتمر الوطني قد فقد صلاحيته في خلق مخارج تحفظ للبلاد وللحاكمين خواتيم حكمهم ، حتي يباعد إحتمال هدم المعبد بمن فيه بسبب أي متغيرات تأتي عن طريق الفجاءة سواء كانت محليا أو عن طريق ترتيبات دولية غير محمودة العواقب ، حيث ان السودان لا يعيش في جزيرة معزولة عن منطقة الشرق الأوسط الملتهب حالياً ، والذي ظلت الأمواج تقذف به داخل محيطات وبحار لاشواطيء لها مثلما نري الآن.
· السيناريو الذي بانت ملامحه الآن من مخرجات الحوار قبل إكتمال التسعين يوما ، ستقود الي تنفيذ فترة إنتقال لمدة عامين ، وليست عاما واحدا كفترة المشير سوار الدهب بعد إنتهاء حكم الرئيس نميري ولا ست شهور كفترة السيد سر الختم الخليفة عليه الرحمة بعد إنتفاضة اكتوبر 1964م .
· وخلال فترة الانتقال المقترحة ، يكون أنبوب التقارب بين شقي حركة الإسلام السياسي قد إمتلأ بالحيوية والتحركات بين الشقين ليخرج التوحد من الأنبوب بنظام خالف جديد يستعيد قوته لحكم البلاد إنتخابيا بعد فترة السنتين الإنتقالية.
· ومن المعروف أن الإنقاذ ومنذ البداية كان تصميمها ينحصر في القضاء علي الاحزاب السودانية العريقة ( إتحادي – امة - شيوعي ) لأنها كانت العقبة الكأداء في سبيل التطور الطموحي للحركة الاسلامية كي تحكم البلاد عن طريق الصندوق الحر ... وقد نجح أهل الاسلام السياسي من خلال العشر سنوات الأولي من ترهيب ثم ترغيب قيادات الأحزاب ، ثم تفتيها إلي جزئيات صغيرة لن تستطيع المنافسة في الإنتخابات القادمة بعد فترة الإنتقال المقترحة ، وذلك لعوامل الضعف الجماهيري والمالي والتنظيمي ، فضلا علي ضعف القيادات نفسها وقلة حيلتها وهوانها علي الناس ، وفي المقابل تكون الحركة الإسلامية قد نشرت أشرعة مراكبها في الوطن كله بسبب دايناميكية عضويتها ، وصلابة مواقفها المالية الضخمة التي تمد لسانها الآن داخل بوتقة الإقتصاد السوداني برغم الفقر الحالي لغالب مكونات الجماهير .. خاصة أنه وقد سبق للجبهة الإسلامية الإستفادة المالية القصوي في زمان مصالحتها للرئيس الراحل نميري حيث خرجت بمؤسسات مالية ضخمة بعد إنتفاضة ابريل 1985م . حتي قال الناس أن الاسلاميون يهتمون بتكوين تراكم الأموال أكثر من إهتمامهم برفع المعاناة عن الجماهير، بسبب تعطيلهم لمقاصد الشرع الحنيف في نشر العدالة والتخفيف عن معاناة العباد . فقد وجدوا سيدنا عمر نائما تحت ظل شجرة وبلا حراسة لأنه قد نشر العدل وإستراح ، ولكن هل يستطيع حكامنا النوم من غير حراسات ساهرة ؟
· ولحين اشعار آخر ، يبقي الحزب الإتحادي الديمقراطي بكافة كياناته الحزبية المسجلة قد فارق الحياة السياسية ، مكتفيا بالكسب المؤقت حيث يبقي جزءأ من الماضي مثل حزب الوفد المصري الذي كان يحكم مصر ديمقراطيا في زمان الملك فاروق ، ثم يتضاءل حجمه ، وتفتقد بوصلته إتجاهها .. وفي المقابل فإن حزب الامة القومي سيصبح الأكثر قربا وحميمية مع جماهير الحركات المسلحة التي وقع معها نداء السودان بباريس ، وبالتالي سيصبح كسبه بعد فترة الإنتقال أوفر حظا بكثير جدا من رفيق دربه الإتحادي ، وهذا ما يحسب له شيخ حسن الترابي حسابه ، لأنه الأدري بخبايا السياسية ومتغيراتها . فهل تنضم الفصائل الإتحادية الي الحزب الاسلامي القادم أم تكتفي بالغنيمة الحالية الزائلة حتما بعد حين ؟
· أم هل يتغير مسار كل هذه التوقعات ؟؟ فكل شيء وارد في امر السودان المتقلب الاتجاهات .مواضيع متعلقة: