|  | 
  |  البشير الخامس عشر وفضيحة (بدون) الكويت !  عبد المنعم سليمان |  | شاهدت الأسبوع الماضي فيلم (رجل في القناع الحديدي) ، من بطولة (ليوناردو دي كابريو). أحداث الفيلم تدور حول فترة حكم (لويس الرابع عشر) ، أحد أشهر ملوك البوربون الذين حكموا فرنسا ، وكان عهده أسوأ عهد عاشه الفرنسيون على الإطلاق ، عانوا من الفقر والجوع بسبب مغامراته العسكرية العبثية ، بينما كان  ينعم بحياة رغدة في قصره الفخيم مع أطايب الطعام والنساء الحسناوات . وفي الفيلم أن لويس الرابع عشر، هو أول من قال : ( أنا الدولة والدولة أنا) ، وبالتالي كان يتصرف ، وكأن فرنسا مزرعة تابعة له.
 
 لا يُوجد عبر التاريخ الحديث كله ، من طبق شعار لويس الرابع عشر - (أنا الدولة) - بحذافيره على أرض الواقع سوى عمر البشير ، الذي يُدير بلادنا وكأنها إرث شرعي حازه كابر عن كابر فوضع يده عليه وسجله باسمه عقاراً (لا يُنقل) ، وكأننا تنازلنا له عن أراضي السودان بصكٍ شرعي فأصبح ملكاً خالصاً له ، لا ينازعه أحداً (عروته) ، فيتصرف فيه وقتما وكيفما يشاء.
 
 خمسة وعشرون عاماً أنفقها الرجل الكذوب والغاً في الفساد والسرقة ، واللهو والعبث ، مورطاً شعبه في حروبٍ عبثية ، وتقتيل وتشريد وتجويع (على رأس الساعة) كما يقول رواة نشرات الأخبار ، ولم يكتف المشير بذلك بل عمد إلى إفقار البلاد وتقسيمها ، والتفريط في سيادتها وبيعها ، بينما هو ونساءه ورهطه ينعمون بحياة رغدة وترف بالغ ، ينفقون مقابله من أموال الشعوب السودانية البائسة والفقيرة ، إنفاق من لا يخشى الفقر ، ولا يخشى عاقبة الدنيا والآخرة.
 
 وكأن كل هذا الدمار الهائل لم يكف الرجل الجشع ، وإمعاناً في إذلاله الشعب ، قرر أن يبدله بشعب آخر ، طلباً للمزيد من الكسب المادي ! و في ذلك كشفت صحيفة (حريات) ،  8 مارس الماضي ، عن فضيحة توطين البشير لعشرات الآلاف ممن يطلقون عليهم (البدون) في دولة الكويت . هؤلاء (البدون) سيتم توطينهم بمنطقة (عيتربا) بجنوب طوكر شرقي السودان ، مقابل (5) مليار دولار تتدفعها دولة الكويت لحكومة البشير ،  تحت ستار دعم صندوق إعمار شرق السودان !
 
 وكشفت الصحيفة عن مبالغ بملايين الدولارات دفعت كرشى لمسؤولين وضباط أمن لتسهيل الصفقة التي وافق عليها (مالك السودان) عمر البشير ، وبصم عليها سمساره مصطفى عثمان اسماعيل ، وكبار ضباط جهاز الأمن ، إضافة إلى المرتشين من كبار قيادات شرق السودان من أمثال موسى محمد أحمد ومبارك مبروك سليم .
 
 ومما يؤكد خبر سمسرة عمر البشير ومجموعته في بيع البلاد بانسانها وحيوانها وشجرها وثمرها ، بجانب ماضيه (العريق) في البيع ، ما صرّح به (سابقاً) مستشاره إبراهيم غندور، حين قال : إن حاكم إحدى الدول عرض على الرئيس تأجير أراضٍ من البلاد لمائة عام، ولكنه رفض!
 
 يا للمصية - لقد حول الرجل الدنيئ بلادنا إلى مكتب كبير للسمسرة في الأراضي ، وإلاّ كيف تجرأ ذلك الحاكم العربي الذي أشار إلية (غندور) بتقديم عرضه لإيجار بلادنا لو لم يكن يعلم بالفعل بأن ثمة أراضٍ تُباع  ؟ أم أن الحاكم العربي قدم عرضه المُسيئ هذا لمعرفته بهوان وضآلة عمر البشير بين الحكام كافة  ؟ وكما رددنا  كثيراً ، نردد الآن مع الشاعر القديم : إن الهوان حمار البيت يألفه  /  والحر ينكره والفيل والأسد .
 
 الفيل والأسد ، وكل حيوانات الغابة يعرفون معنى الكرامة والشرف وعزّة النفس ويرفضون الهوان ، وعمر البشير يألفه ويتمرغ فيه .
 
 وسؤالي هو : ألم يتعظ البشير من تجربته العنصرية الكريهة في دارفور عندما أحضر المجموعات (العربية) الهمجية من دولة (مالي) ليقلب بها التركيبة السكانية بناء على توهمه بأنه عباسي حفيد ( بن عبد شمس ، فقلب هؤلاء (المرتزقة) من المستوطين الجدد (عالي دارفور سافلها) ، وجعلوها أثراً بعد عين ، ليأتي ليُكرر نفس التجربة بشرق السودان ؟!
 
 هكذا أصبح الوطن في عهده فريسة تتناوشها السباع والضباع ، كل يريد أخذ نصيبه منه ، فبينما تريد الكويت قضم حُسن بنانه ، تتطلع (قطر) لإبتلاع المعصم ، وتريد  دولة (أخرى) الخصر ، وهكذا دواليك ، فقد أصبح الوطن (مبغى) بعد أن دان حكمه لمن يقف قارعاً على سيادته الجرس كل صباح صائحاً : (إن هاؤم تمتعوا بما تشتهون) .
 
 لن يرحمنا التاريخ على صمتنا ، والتاريخ مليئ بالعبر لمن أراد أن يعتبر ، وعندما رأت (عائشة الحُرّة) ولدها عبد الله الصغير ، آخر الملوك المسلمين بغرناطة يبكي زوال دولته بعد سقوط غرناطة ، قالت له : (إبكى كالنساء ملكا لم تحافظ عليه كالرجال).
 
 وإذا استمر حُكم هذا المأفون أكثر من هذا ، أخشى إلاّ نجد قطرة دمع واحدة في المآقي نذرفها على زوال الوطن ، بعد أن سكبنا كل دموعنا ( رجالاً ونساء) أسفاً على خروج (نايل) من مسابقة (شيرين) و(نيفين) والسبعة الكرام !
 | 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 |  
  |    |  |  |  |