استغرق الجدل حول تشكيل الحكومة الجديدة بين أحزاب الحوار وقتا طويلا هو أكبر من الوقت الذي استغرقوه في مناقشة بند الحريات في التعديلات الدستورية بل أنهم سرعان ما أجازوا تلك التعديلات التي يتبناها الحزب الحاكم دون مجادلة أو الحاح على ضمان بسط الحريات وإزالة القوانين المقيدة لها التي تتعارض مع مواد الدستور بمن فيهم المؤتمر الشعبي الذي باتت تسعى قياداته من المغاضبين لتأمين مناصب تليق بهم في بورصة الحكومة الجديدة تليق بطموحاتهم .
كلنا يتذكر الشعارات والأحاديث التي كان يدلي بها الكثير من قيادات أحزاب مؤتمر الحوار المعروفون منهم والمجهولون من أن السؤال هو ليس من يحكم السودان بل كيف يحكم السودان وتأبى الوقائع إلا أن تثبت بأنهم هم نفسهم الذين اثبتوا أن أكبر همهم هو من يحكم السودان وأين أنصبتهم من كعكة السلطة وهو ما تدلل عليه الصراعات الحالية دون اهتمام بما يسمى بالمخرجات التي أصبحت يتيمة على علاتها دون نصير او مهتم بكيفية تطبيقها أو إكمالها أو التركيز على هم بناء دولة المؤسسات حتى يقتنع المواطن السوداني أن هناك جديد في الأمر لا أن يكون الأمر مجرد حرص كل المشاركين في قاعة الصداقة على اعتلاء أتوبيس الوزارة الذي اصبح أشبه ببص السيرة في الأفراح السودانية الذي يقف أمام بيت الفرح ليقل جميع الحضور او العابرين على الطريق من المجاملين دون شروط شريطة أن تكون أصواتهم متناغمة في الغناء وأيديهم متناسقة في التصفيق ولا مانع أن يرددوا وهم في طريق العودة " سواقنا زينة وحالف ما يدلينا "
لا أدرى لماذا تراءى لي هذا المشهد الفلكلورى السوداني وأنا أنظر إلى مسلسل تشكيل الحكومة الجديدة التي يتسابق فيها المشاركون في الحوار على حجز مقاعدهم وتأمين أنصبتهم وهم يبرزون بطاقاتهم التي تثبت أنهم لم يقاطعوا وكان ضمن الحضور في قاعة الصداقة .
ماذا لو كان الاتفاق منذ البداية أن ما يتمخض عنه الحوار من توصيات او قرارات ستقوم بتفيذها حكومة تكنوقراط غير حزبية وان الجميع بمن فيهم الحزب الحاكم يمثلون في البرلمان والأجهزة التشريعية فقط.
حينها فقط سيكون أن المهم هو ليس من يحكم السودان ولكن كيف يحكم السودان .
كلمة
التحية لحزب الأمة القومي ومعارضو الإجماع الوطني فقد حفظوا ماء وجوههم وأكدوا أن همهم هو الوطن .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة