إن أردنا التحدث عن أحوال الشباب والمجتمع ، وموضوع ( خلق ) الوظائف سنكون قد تطرقنا لموضوع معقد ، ويمكن أن نصنفه علي أنه أحد أزمات بلادنا وهو ليس أقل أهمية من تلك التي تشغل بالنا الآن ؛ لكنه غاب ؛ لأن الجميع يعيش معركة البقاء سادتي ، وأن تمضي يومك في همْ العيش لتحافظ على قيمتك كإنسان ، وللأسف كما ترون قيمة الإنسان هنا هي ( أن تدفع وتدفع لتعيش ) والمؤلم أن قيمة حياتك مرتبطه بالجنية مقابل الدولار .. فكلما إنخفض كلما دفعت أكثر لتفدي حياتك ، وإن لم تدفع فأنت هالك لا محالة !! . تابعنا في الفترة الماضية أزمة المواطنين السودانيين في ليبيا مع المجرمين وتجار البشر والأمر أولآ وأخيرآ يتعلق ( بالدفع ) ؛ فقد هرب الشباب من الدفع في السودان ( وهو مُيسر وبالأقساط ) ليواجهوا التعذيب والدفع كاملآ !. أجدني لا أجد فرقآ سادتي في حالة ليبيا يجب أن تدفع ( كاملآ ) لتفدي نفسك ويطلقوا سراحك ، وفي السودان يجب أن تدفع ( عنك وعن عائلتك ) بصورة يومية وأن تدفع أكثر ، وفي كل لحظة وحين ، وكم هذا محزن ! . أن نسلم لعالم ( مادي ) يؤثر في مجتمعنا بصورة سالبة ، فالموظف الذي يعتدي على المال العام يكون دائمآ بدافع الغنى ، والموردين والتجار يرفعون الأسعار ( بصورة فوضوية بدافع تعظيم أموالهم ) ، وكذلك المستثمرين في مجال الطب والدواء يطلبون أموالآ طائلة ( إبتزازآ )ويضطر المواطنين للوفاء لهم بها شراءً للصحة والحياة ؛ لأن علاجه غير متوفر في المستشفيات الحكومية ، وكذلك التردي الأخلاقي والبغاء ، والقوادة ، والسرقة ، والنصب والإحتيال وكل سلوك سيئ بهدف الحصول على المال هو لأن الحياة تحركها المادة ، و قمية الإنسان وبقاءه أصبح مرتبط بالمال سادتي ؛ وهذا مؤسف جدآ ! . ماذا إن قامت الدولة بواجبها تجاه مواطنيها ، أولآ بمحاربة مسألة أن يعيش المواطن في حالة هلع وخوف وهمْ عَيش ( ومعيشة ) ؟ ، وثانيآ أن لا يزعجه أمر كيف يدرس ويتعالج ذويه ، وثالثآ أن لا يفطر قلبه لرؤية مشرد من غير مأوى ، أو عجوز مسن من غير رعاية ، أو فقير جائع ؟!! – أم أن هذا نوع من الرفاهية ( والتـــرف ) يا من تقررون في أمر البلاد وأهلها ؟ . عليه من غير المعقول أن نركن الى القول أن بلادنا فقيرة أو هنالك شح موارد ، والحالة الإقتصادية وما إلى ذلك ، دعوني أكرر هنا أيضآ ، وصدقآ سئمت – كوني أكرره - أن أزمة بلادي هي أزمة قادة وصانعي قرار ، وأزمة إرادة ( نعم أزمة إرادة ) ، وإلا فحدثوني عن ما الذي يمكن أن أسميه في بلد يمكن أن يشخص أوضاعها وما بها أبسط إنسان ومتواضع معرفيآ بلاد – وبغض النظر عن مواردها وثرواتها - يتم فيها سنويآ تحديث قيمة رسوم يدفعها المواطن ، ويتم كذلك إستحداث تحصيل رسوم جديده ... فقمة الفوضى أن تدفع قيمة رسوم تحت بند ( أخرى ) ! ... وقرابة ثلاثون جنيهآ على سبيل المثال تحت بند رسوم شبكه !!! وكم جنيه أرانيك !! ولا تسأل عن الدمغ !
كل هذا وأهل الخير والمروءة والصلاح هم من يعول الفقراء والمساكين . وهم من يفك حيرة محتاج ممسكآ بفاتورة علاج عاجز عن سدادها . وهم من يؤهل المستشفيات ويوفر لها الأجهزة . وهم من يبني المدارس ومراكز العلاج . وهم يمول ويُسير دور العجزة والمسنين . وهم يرسل تناكر المياه ليسقي العطشى في العديد من المناطق . وهم من يتكفل بعلاج الفقراء بالمستشفيات الخاصة . وهم أيضآ يعملون وينفذون لتكونوا حاضرين فرحين مبتهجين في مهرجانات الإفتتاح . وهم من يبني المساجد ويشتري الكهرباء لها . - رجاءً قولوا لي سادتي ( متخذي القرار ) لمن أنتم ؟ ، وما هو واجبكم تجاه الوطن وشعبكم ؟! .... أو إن كان هنالك مبرر لما نعايشه . أخيرآ . الشعب السوداني يستحق ان يعيش حياةً كريمةً ، وعنده مقومات العيش الرغيد ( والترف ) لكنكم قمتم بمصادرتها .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة