الأخ ياسر عرمان وآخرون من أبناء السودان في السنوات الأخيرة يحسون في الأعماق بأنهم بطريقة أو بأخرى طعنوا ذلك السودان من الخلف .. والعلة الأساسية لم تكن في ياسر عرمان وهؤلاء الذين معه من أبناء السودان .. ولكن العلة الأساسية تكمن في تلك الممارسات الخاطئة لكافة أبناء السودان ( إسلاميون أو شيوعيون أو علمانيون أو بعثيون أو خلافهم ) .. وذلك في كيفية معالجة الخلافات البينية .. والعاقل المتمعن في سلوكيات هؤلاء يكتشف أن تلك العلة موروثة بالفطرة في كافة أبناء السودان منذ مغادرة المستعمر .. فالمثقف السوداني أو ذلك القائد السوداني أو ذلك المعارض السوداني أو ذلك الإنسان العادي حين يختلف مع الآخرين حول موقف من المواقف أو حول قضية من القضايا أو حول رأي من الآراء أو حول فكر من الأفكار والنظريات لا يجلس مع الذات والنفس ليحسب الحسابات بطريقة دقيقة وسليمة بالقدر الذي يقول : ( هذا لوطني الحبيب الغالي وهذا لخصمي المناكف اللدود !!! ) .. ولكنه يفجر بقدر يعادل الانتحار !! .. وفي سيبل الفوز على الغريم هو مستعد أن يخسر الوطن قبل أن يخسر ذلك الخصم اللدود .. وعند التمعن في تلك النقطة بالذات نجد أن أفكار وسلوكيات المثقف السوداني تختلف كلياُ عن أفكار وسلوكيات أبناء الدول الأخرى في العالم .. هؤلاء الذين يضعون الأوطان فوق الخلافات مهما تكون شدة الخصومات .. وأخونا الفاضل ياسر سعيد عرمان بعد فترة من النضال المرير أكتشف أخيراُ بحق وحقيقة أن أبناء السودان المثقفين ( مهما تتباين اتجاهاتهم الفكرية والعقدية ) قد أضروا بهذا الوطن كثيراُ .. ولم يفكروا يوماُ كالآخرين في دول العالم ليجعلوا السودان فوق خلافاتهم !
وفي الحقيقة لو أن أبناء السودان فكروا قليلاُ في تلك الحيثيات فإن تلك الخصومات بدرجة الانتحار لا تبدل الاتجاهات ولا تغير الأفكار .. فهي خصومات وخلافات أثاراها تلازم الأعمار .. وهي تلك الخلافات والخصومات التي لم تجبر يوماُ السيد ياسر عرمان على التنازل عن أفكاره .. وبنفس القدر هي تلك الخصومات والخلافات التي لم تجبر الإسلاميين آو العلمانيين أو البعثيين على التنازل على أفكارهم .. وفي نهاية المطاف فإن الخاسر الوحيد كان ذلك الوطن الحبيب .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة