*ومثلهم يحتج الأخ الطيب الآن.. *الآن فقط يحتجون - هو وهم - على أشياء كان الشعب يحتج عليها ثلاثين عاماً.. *يحتج - الأستاذ الطيب مصطفى - على الإقصاء.. *ولكن نسبة الإقصاء الذي مارسته الإنقاذ - قياساً إلى نظام مايو - بلغت 70 بالمئة.. *وذلك تحت مسمى الصالح العام... وما هو إلا صالحٌ خاص..
*فقد اُقصي الآخرون - بالجملة - من أجل أن (يتمكن) منسوبو الحركة الإسلامية.. *وانتشروا في طول البلاد وعرضها... أفقياً ورأسياً.. *ودانت لهم الخدمة المدنية على نحو شبه كامل... فدمروها على نحوٍ شبه كامل.. *وقفزوا بزانة الولاء إلى مواقع المدير... والوزير... والسفير.. *وكاتب هذه السطور أحد الذين قيل لهم مثل الذي قيل لكثيرين... في بداية التمكين.. *قيل له : إما أن تقبل برئاسة من هو دونك... وإما أن تُقصى.. *وذلك بعد - زيادةً في الظلم - تخفيض كسبك الوظيفي بمقدار درجة... لو عجبك..
*ولم يعجب هذا الأمر عشرات الألوف من السودانيين... بالطبع.. *ولكنه عجب متحزبي الإنقاذ جداً، ومنهم أخونا الطيب المحتج الآن على الإقصاء.. *والذي يحتج أيضاً - وإخوانه - على شقيق الإقصاءالتهميش.. *فقد هُمش بقية السودانيين - وهم أغلبية - إلى حدٍّ شعروا معه بأنهم (بدون).. *وليس مطلوباً منهم سوى التحلي بروح القطيع.. *يُساقون فيُساقوا... ويُرجعون فيرجعوا... ويُجوَّعون فيصبروا... ويُضربون فيحتسبوا.. *والآن يصف الطيب الحالة الثورية بأنها أشبه بروح القطيع.. *ويقول دهِشاً : حتى كبار الكتاب - من النخبة - باتوا أسرى لروح القطيع هذه.. *ويخوض - تفسيراً - في بحرٍ هو من صميم تخصصنا.. *وينسى أننا خضنا في بحر علم النفس هذا من قبله، تفسيراً لحالة منسوبي الإنقاذ.. *ولم نجد لها توصيفاً- نفسانياً - سوى إنها روح القطيع.. *وأصدق مثال على ذلك ما كان يجري من تفويج جماعي إلى أرض الجنوب.. *أرض الجهاد... التي أضحت أرض الفطائس.. *هكذا كان يُقال لهم بدءاً... ثم قيل لهم لاحقاً، ثم جلس قائد الكفار في قصر المجاهدين.. *واستثمر البشير في روح القطيع هذه أبشع استثمار.. *فعلى وقع هتاف (سير...سير يا بشير) يسير هو في المقدمة، وقطيعه من خلفه.. *وفي بحور علم النفس هذا غصنا لنأتي بلؤلؤة تشبيهية دامية..
*فكتبنا عن (قائد) الحيتان الذي يقود قطيعه - أحياناً - إلى انتحار جماعي أهوج.. *فهو يرمي نفسه إلى الساحل - منتحراً - فيرتمون معه.. *وكان بمثابة تحذير للقطيع بألا ينساقوا وراء قائدهم بلا تفكير، فينتحر وينتحرون.. *وهذا ما حدث فعلاً... فقد استخف قومه فأطاعوه.. *وقبلاً استشهدنا بتوصيف عالم النفس اريك فروم لحالة العبودية (الطوعية).. *فقد سماها (رهاب الحرية)... وتجدها حيثما وُجد الطغاة.. *أو حيثما وُجد الذين يستكينون إلى الطغاة، بطوعهم... ورغبتهم... وكامل غبائهم.. *فانتزع الأستاذ الطيب هذا التوصيف من سياقه.. *وألصقه بما هو نقيض لعبودية الفرد، وهو الثورة من أجل الحرية... والتحرر.. *وكل ثورة لها كتابها - من النخبة - الذين يشعلون جذوتها.. *لا - كما يلمح الطيب – محض ثيران هائجة تندفع مع القطيع... بروح القطيع.. *كما تندفع جموع الحيتان وراء زعيمها... فتهلك معه.. *وإلا، فهل أخطأت ثيران أبريل بإنقاذ الإسلاميين - والترابي - من غضبة نميري؟.. *وطيـــــــــــب ؟!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة