حزب المة القومي ... بيان حول التعداد السكاني و مفوضية الانتخابات

Quote: أ.د مختار الأصم [email protected] جاء في المقالتين السابقتين، عن الانتخابات بأن موافقة وقبول الأحزاب المتنافسة على نظام وقانون الانتخابات أمر أساسي لاستقرار النظام السياسي. وغني عن القول إنه إذا شعر أيٌّ من المتنافسين أن النظام الانتخابي لا يعطيه وزنه الحقيقي أو أن النظام يحابي حزب الحكومة أو أي حزب آخر فإنه سيرفض ذلك النظام. ورفض النظام الانتخابي يعني عدم الاعتراف بالنتيجة وعدم الموافقة على مزاولة الحزب الفائز للحكم وللسلطة، مما يهدد استقرار النظام السياسي ككل. ولا يقل أهمية عن قبول قانون الانتخابات ونظامه، موضوع نزاهة وحياد الانتخابات. فإذا شابت الانتخابات أصغر شائبة من عدم النزاهة والحياد فإنها تفتح الباب على مصراعيه لعدم قبول النتيجة. فلا فائز ولا مهزوم في انتخابات مشكوك في نزاهتها. ولكن في السودان في عهد التحول السلمي للديمقراطية من النظام الشمولي الذي تمكَّن في البلاد طيلة السنوات السبعة عشرة الماضية نحتاج لأن نكون أكثر شفافية وحياداً ونزاهة في إدارة الانتخابات. فالشك ما زال يملأ قلوب وأذهان المعارضين والمنافسين لحزب المؤتمر الوطني بأن الأخير سيستغل إمكانات الدولة وبعض الاساليب الفاسدة ليؤمن لنفسه كسب نتيجة الانتخابات. وزاد الطين بلة أن المنشقين عن المؤتمر الوطني قد تبرعوا بالاعتراف بأن حزب المؤتمر الوطني لم يأنف عن تزوير نتائج الانتخابات ولم يرتدع عن استعمال اساليب فاسدة في تزوير نتائج الانتخابات. فإذا صح هذا الامر في وقت كانت البلاد تدين من أقصاها إلى أدناها للمؤتمر الوطني، فإنه يصح الآن بصورة أقوى. وقلنا في المقالة السابقة إن اولى خطوات الانتخابات هي الاحصاء السكاني. وذكرنا أن هذا الاحصاء مدخل من مداخل استغلال النظام الانتخابي لصالح فئة، في أولى خطوات تزوير نتيجة الانتخابات. لقد دق أول جرس انذار في عدم نزاهة الانتخابات القادمة باعتراض حزب الامة القومي على تكوين مجلس الاحصاء. ولأهمية هذا الامر للاستقرار السياسي لا بد من الالتفات له ومعالجته على وجه السرعة وبالدقة والشفافية التي يطلبها إنشاء نظام سياسي مستقر للسودان. وحساسية وأهمية هذا الامر ليس فقط لأن حزب الامة القومي قوة سياسية لا يستهان بها، وليس لأنه الحزب الحاكم الذي اغتصبت منه الانقاذ السلطة، بل لأن اعتراض حزب الامة القومي يدق أول جرس انذار في احتمالات عدم قبول نتائج الانتخابات القادمة، الأمر الذي يهدد مستقبل السودان واستقراره. أفرد الدستور الانتقالي الباب الخامس عشر لأمري الاحصاء والانتخابات. وجاء في المادة 214 من الدستور ما يلي: 1/ ينشئ رئيس الجمهورية، بعد التشاور في رئاسة الجمهورية مجلساً للإحصاء السكاني. 2/ يتولى مجلس الاحصاء السكاني المهام التالية: أ. وضع الخطط للاحصاء السكاني. ب. تحديد القواعد والمعايير للمكتب المركزي للاحصاء. ج. متابعة الترتيبات التمهيدية للاحصاء السكاني ومراقبة العملية الاحصائية الفعلية. د. رفع تقرير لرئاسة الجمهورية بشأن الاحصاء السكاني. وتستطرد المادة 215 فتقول: 1- يجرى احصاء سكاني في كل أنحاء السودان ويتم الفراغ منه في نهاية السنة الثانية من الفترة الانتقالية. 2- يتولى الاحصاء السكاني المكتب المركزي للاحصاء ومركز الاحصاء والتقويم لجنوب السودان، الشاهد هنا أن مجلس الاحصاء السكاني هذا في غاية من الاهمية. فهو حجر الزاوية في العملية الانتخابية. فالمجلس مناط بوضع خطة الاحصاء واسلوب عملها وجميع الترتيبات الفنية الخاصة بعملية الاحصاء السكاني، وهو لذلك المشرف والمراقب على عملية الاحصاء السكاني الفعلية. فهو مجلس تخطيط وتنفيذ ومتابعة واشراف ورفع التقارير لرئيس الجمهورية. ومطلوب من هذا المجلس أن يكمل عمليات الاحصاء السكاني للسودان بأكمله في الاشهر الاثنى عشر القادمة، على أن تكتمل العملية برمتها في موعد أقصاه 8/7/2007 أي بعد حوالى عام من اليوم. هذا المجلس يكوِّنه رئيس الجمهورية بالتشاور مع نائبيه؛ أي يُنشئ هذا المجلس المؤتمر الوطني بالتشاور مع الحركة الشعبية. فمؤسسة الرئاسة تتكون من رئيس ونائب من المؤتمر الوطني ونائب أول من الحركة الشعبية. ولكن الانتخابات هي تنافس للجميع وأي خلل في عملية الاحصاء السكاني مقصود أو غير مقصود قد يؤدي الى خلل في العملية الانتخابية. والحركة الشعبية -مهما قيل- لا يمكن أن تكون معنية بعملية الاحصاء السكاني ونزاهته في شمال القطر أكثر من حزبي الامة القومي والاتحادي الديمقراطي. وبالرغم من أن الدستور صمت عن مشاورة الاحزاب المتنافسة في تكوين هذه اللجنة، إلا أنه من الحكمة أن تمثل الاحزاب المعارضة في اللجنة. الشفافية والنزاهة مطلوبتان في أداء اللجنة. ولن يتأتى هذا بتكوين لجنة للاحصاء يصفها أحد الاحزاب الرئيسة بعدم القومية، لقد جاء في صحف الاربعاء 5 يوليو (الرأي العام، والايام ، ورأي الشعب) ما يلي: ودعا حزب الامة القومي في بيان له الى تكوين آلية قومية مستقلة للإشراف على التعداد السكاني والتعجيل بتكوين مفوضية قومية للانتخابات تراعي ظروف المناطق التي تأثرت بالحرب والنزوح وتحرك الرعاة والرحل، فضلاً عن ايجاد آلية لمراقبة العمل في مرحلة التعداد. وقال البيان إن عدم مراعاة النقاط المذكورة يفتح الباب لاساليب التزوير وسقوط الحقوق الدستورية للمواطنين في المشاركة في الانتخابات. وأكد حزب الامة في البيان أنه سيعمل مع القوى السياسية للضغط لضمان قيام الانتخابات في مواعيدها بنزاهة ورقابة دولية وقانون متفق عليه وإجراء التعداد السكاني وفق الاسس الصحيحة. هذا اول جرس انذار يدق حول نزاهة الانتخابات القادمة، ولا مناص من الإلتفات والانتباه لهذا الموضوع ومعالجته بالشفافية اللازمة. وإلا دخلت البلاد في متاهة عدم الاستقرار السياسي.