علاقة صدَّام حسين بتاريخ يرجع إلى العام 1911 هي أنَّه في بداية التسعينات، بعد حوالي ثمانين عاماً من الالتزام الذي قطعه تشيرشيل على نفسه حول البترول وبعد حربين كونيتين وحرب باردة طويلة وعهد افترض أن يكون أكثر سلاماً، برز النفط مرة أخرى بؤرةً لنزاع دولي أشعل فتيله صدَّام حسين، أو على الأقل كان ذلك هو الظاهر وما خفي أعظم.
في الثاني من أغسطس من العام 1990 قام الرئيس العراقي صدام حسين بغزو جارته الكويت ولم يكن هدفه مجرد غزو لدولة ذات سيادة وإنما السيطرة على ثروتها أيضاً وكانت الجائزة المتوقعة مهولة. إذا نجح الغزو يصبح العراق قوة نفطية ضاربة ويسيطر على العالم العربي والخليج حيث يتمركز جل احتياطي العالم من النفط وعليه فإن القوة والثروة والسيطرة على النفط سوف ترغم بقية العالم على الخضوع لطموحات صدام حسين ومحاولة كسب وده وهو ما يعني مرة أخرى أن جائزة المغامرة هي السيادة نفسها.
إلا أن المخاطر كانت جمة لدرجة أن بقية العالم لم يقبل غزو الكويت حقيقة واقعة كما توقع صدام حسين ولم يستقبل الغزو بالسلبية التي استقبل بها تجييش هتلر للراين أو عدوان موسوليني على أثيوبيا. فرضت الأمم المتحدة مقاطعة على العراق وقامت العديد من الدول الغربية والعربية بتحريك آلتها العسكرية للدفاع عن المملكة العربية السعودية ولمقاومة مطامع صدام حسين وظهرت أحداث لم يسبق لها مثيل منها تعاون الاتحاد السوفيتي مع الولايات المتحدة وضخامة الآلة العسكرية والسرعة التي تم إرسالها بها إلى المنطقة. الأمر الغريب أنه قبل سنوات من غزو العراق للكويت سرت نظرية مفادها أن النفط لم يعد "مهماً" بل أنه في ربيع العام 1990 وقبل أشهر من الغزو العراقي للكويت وجد الضباط الكبار بالقيادة المركزية للجيش الأمريكي (والتي قادت أمر تحريك القوات) أنفسهم في محاضرة عن موضوع فقدان النفط لأهميته الاستراتيجية إلا أن الغزو العراقي للكويت أزال ذلك الوهم وبقي النفط، حتى نهاية القرن العشرين، ذو أهمية بالغة للأمن والرخاء وطبيعة الحضارة نفسها.
الأهمية المذكورة أعلاه أهمية ضاربة في القِدَم لكنَّها لم تفحص بشكل جدِّي إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأرجو أن نبدأ قصص ذلك في اللقاء القادم إن شاء الله وتحديداً بإيرادنا للبداية الفعلية للأمر كله ببداية قصَّة عن مبلغ 526 دولار مفقود! فإلى اللقاء.
لمن ذكَرني بوعدي بمعلومات عن "صاحب" كتاب الجائزة، أقول عذراً فالكبر دخل كماأقول:
يعتبر دانيال يرقين أحد المختصين البارزين في الشئون الدولية وشئون النفط وقد أصبح كتابه "السلام المتداعي" تاريخاً كلاسيكياً لبدايات الحرب الباردة. ألَّف يرقين مع شخص آخر كتاب مستقبل الطاقة: تقرير عن مشروع الطاقة بكلية هارفارد لإدارة الأعمال وهو كتاب عن سياسات الطاقة كان من أفضل الكتب مبيعاً في الولايات المتحدة، أوروبا واليابان. يرقين هو رئيس مجموعة كمبريدج لبحوث الطاقة وهي من الشركات البارزة في مجال استشارات الطاقة كما كان يرقين محاضراً بكلية هارفارد لإدارة الأعمال وكلية جون كينيدي للإدارة بجامعة هارفارد. حصل يرقين على بكلاريوس الآداب من جامعة ييل وعلى درجة الدكتوراة من جامعة كمبريدج التي درَّس بها أيضاً.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة