Post: #1 Title: نظرة في زجلية يا ملهمة (حقيبة) لعبد الرحمن الريح.. لعبة من سبع خطوات! Author: محمد جمال الدين Date: 03-09-2024, 00:08 AM
نظرة في زجلية يا ملهمة (حقيبة) لعبد الرحمن الريح.. لعبة من سبع خطوات او شىء للمتعة
من أشغال بحث الحقيبة.. الملهمة زجلية تامة اي معيارية.
تبدأ الزجلية كعادة الزجل التام بمطلع فادوار تتخللها أقفال وتنتهي بخرجة.. وتكون الخرجة في قافية ووزن المطلع والأقفال وتختلف قوافي الأدوار كما أوزانها.. وهذا ما حدث بالضبط لدى "الملهمة".. سنراها الآن في سبع أحوال من حيث التحقق من كونها زجل تام كما النظر في بنائها النظمي وتفاعليها ووزنها واللحن والإيقاع ونسمعها معا مغناة بصوت الفنان التاج مصطفى.
الآن لنتحقق من زعمنا كون هل فعلاً المطلع والأقفال والخرجة من ذات القافية والوزن دون خلل مطلقاً وفي كمال الإتساق في المقابل فإن الأدوار تأخذ قوافي مختلفة وفي كثير المرات أوزان مختلفة.. سناخذ آخر كلمتين من المطلع والأقفال والخرجة ونشوف معا وزنها والقافية:
(فاعلْ فعلْ = مستفعلنْ) في الوزن العروضي الكلي كما سنراه في مستقبل هذا السرد.
"3"
وهنا نضع المجتزأ من المطلع والأقفال والخرجة مفصول عن جسد القصيدة لنتحقق :من كمال القاعدة
المطلع:
ﻛﻴﻒ ﺍﻟﻌﻤﻞ كيفلْ/ عملْ فاعِلْ/ فَعَلْ
الأقفال:
شعر الغزل شعْرلْ/ غزلْ فاعلْ/ فعلْ
ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻬْﻤﺎ/ ﺣﺼﻞْ
فاعلْ/ فعلْ
الخرجة:
ﻳﺎ ﺭﻭﺣي ﻫﻞ
ﻳﺎ ﺭﻭﺣﻰ ﻫﻞ ﻳﺎ ﺭﻭ/ ﺣِ ﻫﻞْ فاعلْ/ فعلْ
ملاحظات: القصيدة زجلية قصيرة تتكون من مطلع تام وقفلين فقط ايضاً تاميين وخرجة تامة.. ذلك الإتساق المطلق يجعل جرس الكلمات ذا رنين عالي.. مع النأي عن حشو الكلمات القاموسية القادمة من التاريخ الذي حفلت واحتفت به كثير من زجليات الحقيبة.. فالقصيدة أقرب إلى العامية الوسطسودانية وهذا في حسباني ما يجعلها "مختلفة عن زجليات الرواد مثل برضي ليك المولى للعبادي وأحرموني لود الرضي" فبرغم أعتمادها على نظم لونية الزجل الاندلسي من حيث البناء فهي مثال للمرحلة الإنتقالية بين نظم الحقيبة والنظم الشعري الذي تلاها في أزمان مختلفة ومن أمثلته المعيشة أشعار إسحاق الحلنقي.
"4"
وهناك المزيد من الملاحظات: فبقليل من التأمل سنجد أن أدوار الزجلية الثلاثة كل واحدة منها تتكون من قافيتين مختلفتين وفي كل الأحوال تكون الأدوار من ذات الوزن الشعري.
لنعاينها هنا من جديد مفصولة عن مطلعها وأقفالها وخرجتها:
ملاحظات فنية: العلامة "/" = الحركة والعلامة "0" = السكون. هذا التقطيع العروضي محاولتي الخاصة "ضمن بحث الحقيبة من مناشط السودان200) ولم يحدث من قبل حد علمي.
"6"
القصيدة مشحونة بالتنويع التفاعيلي ( مُسْتَفْعِلنْ "آن"/ /فاعيلنْ/ فاعلْ/ مفاعلنْ/ فعولنْ) دون الإخلال بالوزن والنسق النظمي الكليين فكل تلك التفاعيل خاضعة لذات منظومة العلل والزُّحافات . تستطيع أن تشهد ذلك بعزل الكلام عن إيقاعه كالتالي "أدناه" فيكون لديك نوتة موسيقية "إيقاعية" مكتوبة يستطيع أي شخص أن يجربها ولو هاوي ناهيك عن "مليجي" عظيم أن على الآلة الإيقاعية المحددة وستكون بالضبط هي من لحن الملهمة:
القصيدة كما قد نلاحظ مقتصدة العبارة وأظن ذلك من أسرارها مع حشد القوافي وتنويعها بشكل مباغت بين الفينة والأخرى بالنسبة للأدوار بجانب الإتساق المطلق للمطلع والأقفال والخرجة في القافية والأوزان العروضية.
وبهذا الإختصار أظننا نستطيع أن نطور مبادئ أكثر علمية حيال الشعر الغنائي ونظرية في النظر للبناء الداخلي وتفاعيل وأوزان كل أشعارنا العامية وليس الغنائية فحسب. واذا قد نملك مقاييس موضوعية "أو كما ينبغي" لا ذاتية وشخصية وهذا طبعاً معنيُّ به المشتغلين بالنقد الفني (في المجال) بهدف الامل في تخلق حركة نقدية أكثر علمية تستطيع أن تنهض بالفن الجديد في مستقبله عن وعي علمي مثلما وجب أن نملك مقاييس علمية كما قلنا في مقدمة هذا السرد في مجالات السياسة والإقتصاد والمجتمع والثقافة وبالمعاني الشاملة للعبارة.. وإلا لا سبيل للحضارة بمعناها الحقيقي وفق ما تقول لنا التجربة البشرية.. أو وفق هذا التصور!.
والتحية من هنا للأرواح المبدعة ممثلة في الشاعر عبد الرحمن الريح والفنان التاج مصطفى.. مع ملاحظة أن محاولتي هذي مخصصة فقط للنظم الشعري لا اللحن (برغم انه جزء من النظم) ولا الأداء ولا المقامات الموسيقية ذلك شأن آخر.
* الزجلية وفق ما أداها الفنان الكبير التاج مصطفى
"7"
نسمع الزجلية الباهرة مغناة من الفنان الجليل التاج مصطفى:
Post: #3 Title: Re: نظرة في زجلية يا ملهمة (حقيبة) لعبد الرحمن Author: محمد جمال الدين Date: 10-09-2025, 05:18 AM Parent: #2
هل التفاعيل والأوزان هي اللحن في الغناء؟
عارف الوقت متأخر هسا على كلام صعب زي دا .. هل؟🤔.. بس عشان زول بهمني جداً وانا له محب.. وبكرا ما عندي وقت.. دا طلبه وأنا له مجيب🌹.. ومن يهتم يقرأ لقدام (ملاحظة: ح أضع روابط لاحقاً في المداخلات تشرح أفضل)
هل التفاعيل والأوزان هي اللحن في الغناء؟ سؤال تكرر كثيراً أيام نقاشات بحث الحقيبة وما يزال!
محاولة لفك الاشتباك.
الإجابة: نعم ولا!
خليك معاي عشان أشرح ليك بهداوة.
أنا شغلي التفاعيل والأوزان في شعر وغناء الحقيبة، وكل الغناء السوداني الشعبي والعامي.
وكما كررت دائمًا: بحث الحقيبة ما كان في الألحان ولا المقامات الموسيقية، بل في الناحية النظرية والنظمية: البنية الشعرية ومرجعيتها وتاريخانيتها، والقاموس اللغوي، والظروف الاجتماعية والسياسية التي نشأ في كنفها هذا الفن.
أولاً: ما هي التفاعيل التفاعيل هي الوحدات الإيقاعية للشعر العربي كلاسيكي أو عامي على حد سواء، مثل: فَعُولُنْ – مَفَاعِيلُنْ – فَاعِلَاتُنْ – مُسْتَفْعِلُنْ
وهي تمثل الإيقاع الزمني للوزن الشعري، أي طول المقاطع الصوتية (القصيرة والطويلة، المتحركة والساكنة).
بمعنى آخر: التفعيلة = ميزان لغوي صوتي يُقاس به الشعر المنطوق، لا الموسيقى الآلية.
ثانياً: ما هو اللحن في الغناء اللحن هو النغم الذي تُغنّى به الكلمات (أي الخطّ الصوتي المتحرك بين الدرجات "دو، ري، مي..." داخل مقام محدد (رست، بيات، كرد إلخ).
يعتمد اللحن على: النغمات (الدرجات الصوتية).
المقام الموسيقي (المسافات بين النغمات). الإيقاع الموسيقي (الزمن).
التعبير الصوتي (القوة، الخفوت، العاطفة).
العلاقة بين التفعيلة واللحن:
الشعر (التفعيلة).
أما الغناء (اللحن): يحدد الإيقاع اللفظي للكلمات يضيف النغمة والإحساس مبني على طول المقاطع (حركة/سكون) مبني على الزمن والنغمة يمكن إنشاده بلا موسيقى يحتاج مقامًا ونغمة يشبه الـ Rhythm يشبه الـ Melody
التفعيلة ليست اللحن، لكنها الإيقاع الداخلي الذي يُبنى عليه اللحن. الشاعر يضع الميزان، والملحن يخلق النغمة فوقه.
مثال تطبيقي : أحرموني ولا تحرموني سنة الإسلام السلام (ود الرضي)
النص (التفعيلة):
أحرموني ولا تحرموني سنة الإسلام السلام.
التقطيع العروضي الدقيق كما يلي:
أَحْرِموني/ وَ لا تحْ/ رِموني/ سُنْنَتَلْ /إسْلامسْ/ سَلامْ
وزنه:
فَاعِلَاتُنْ / فَعُولْنْ / فَعُولْنْ .. فَاعِلَنْ / فَاعِيلِنْ / فَعُولْ هنا تظهر دقة التفعيلة:
المقطع الأول “أحرموني” يحمل فَاعِلَاتُنْ (إيقاع متموّج ناعم).
الشطر الثاني والثالث “ولا تحرموني” ثم “سنة الإسلام” يوازيان فَعُولْنْ فَعُولْنْ فَاعِلَنْ فَاعِيلِنْ، وهي تركيبة متزنة موسيقيًا تمامًا مع إيقاع رباعي (4/4).
الخاتمة “سلام” تختم على فَعُولْ، أي ضربة إيقاعية طويلة، تعطي استقرارًا لحنيًا يشبه "القرار الموسيقي".
كيف يتحوّل الوزن إلى لحن؟
الملحن يسمع الوزن كما لو أنه ميزان زمني منتظم - كل تفعيلة تقابِل نبضة أو أكثر في الموسيقى. فـ"فَاعِلَاتُنْ" تُغنّى في حركة راقصة (مثل إيقاع 6/8 أو 3/4)،
بينما "فَعُولْنْ" تُغنّى على نبضة طويلة مستقرة.
في أحرموني، اللحن الأصلي كما وضعه كرومة أو الكاشف يتبع بالضبط هذا التوازن بين المقاطع، بحيث لا يُمد الحرف إلا حيث يسمح الوزن (دي حتة خطيرة جداً ناوي أجيها يوم قريب.. عليكم الله الناس الناقشة في الحتة دي يذكروني إذا نسيت)!.. عشان كدا بقولو ليك فلانة أو فلان داك صوتو أو طريقتو أوبرالية والسبب لأنه يمد الحرف حيث لا يسمح الوزن.. ودا شغل صعب جدأ أو شبه مستحيل.
تاني نكرر للأهمية الخطيرة:
في أحرموني، اللحن الأصلي كما وضعه كرومة أو الكاشف يتبع بالضبط هذا التوازن بين المقاطع، بحيث لا يُمد الحرف إلا حيث يسمح الوزن.. وهذه قاعدة عامة ليست خاصة بحالة واحدة مفردة.
أي أن الوزن هو الهيكل الزمني للكلمات، واللحن هو الزخرفة النغمية التي تلبس هذا الهيكل.
فوائد معرفة التفعيلة في التلحين:
1. ضبط الإيقاع اللفظي قبل التلحين
تعرف كم حركة وسكون في كل شطرة، فتتفادى الكسر أو التطويل الممل.
2. تحديد الإيقاع الموسيقي المناسب (Tempo / Rhythm) بعض الأوزان تميل لإيقاعات معينة: التفعيلة الإحساس الموسيقي الإيقاع التقريبي فاعلاتن ناعم، متماوج 6/8 أو 3/4 فعولن ثقيل، متأمل 2/4 بطيء مستفعلن نشط، متوازن 4/4 متفاعلن درامي، متوتر 5/8 أو 7/8
3. تسهيل التلحين على البحور المختلفة معرفة الوزن تساعد الملحن يسمع القصيدة قبل أن يعزفها.
التفعيلة لا تُنتج اللحن، لكنها الأساس الذي يُبنى عليه. الملحن الواعِ بالعَروض يصنع لحنًا متسقًا مع اللغة، والشاعر الموزون يكتب شعرًا صالحًا للغناء بطبيعته. وفي النهاية، هذا المثال من “أحرموني” يوضح بالضبط أحد أهم إنجازات بحث الحقيبة . أنه كشف العلاقة العضوية بين الوزن اللفظي واللحن الموسيقي،
وأثبت أن سرّ الجمال في غناء الحقيبة لا يكمن في الألحان وحدها.
بل في الإيقاع اللغوي نفسه. الإيقاع الذي يجعل اللحن ممكنًا، ويجعل الكلمة تغني قبل أن تُغنّى.