عندنا ممارسة كتيرة في أنُّ الناس بيدفعوا في وشهنا بالمعاني من القرآن البيأخدوها من اللغة العربية ومحجوبين هم عن حقائقها.. مثلًا، «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا».. ظاهر النص، وما عليهُ، هسع، علم العلماء والفقهاء، أنُّ الأمر دا منتهي، ما فيهُ شيء يُستأنف من جديد.. لأنُّ «اليوم»، الأشار لِهُ القرآن هنا، دا يوم مضى وانتهى.. هو يوم عرفة في حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة.. «اليوم» كان يوم جمعة نزلت فيه الآية دي.. «أكملت لكم»، «أكملت» فعل ماضي، الأمر بالإكمال انتهى يعني، حسب ما تدي اللغة العربية.. و«أتممت» فعل ماضي، والأمر منتهي، حسب ما تعطي اللغة.. «ورضيت لكم الإسلام دينا»، «رضيت» فعل ماضي.. فالأمر منتهي، مافي شيء مستأنف يجيء من جديد.. ولذلك، نحن أمرنا يُرفض، من علمهم من الآية دي.. أمرنا أن نقول أنُّ في فهم جديد للدين، في فهم جديد للقرآن، يرفضوهُ، لأنُّ يكون شنو بقت بعد «اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا».. هم مع اللغة العربية، ولِهم حق.. لكن لأنُّ اللغة العربية ما بتعطي المعاني، والمعاني تؤخذ من التوحيد، نحن عندنا مجالنا، وهو المجال اليجب أن يقبلوا عليهُ الناس منذ اليوم.. المعنى اليعطيهُ التوحيد، متعاون مع اللغة، هو أنُّ إكمال الإنزال تم.. الدين المشتمل عليه القرآن، الموجود بين دفتي المصحف، هذا الإنزال في الأرض تم.. والسماء كانت تلم بالأرض في كل حين، من لدن آدم تنزِّل أقساط من القرآن على مستويات الأمم ومستويات الأنبياء والرسل.. حتى يمكنك أن تقول أنُّ التوراة مرحلة من القرآن نزلت على موسى، والإنجيل مرحلة من القرآن نزلت على عيسى، والقرآن نزل على محمد.. فبإنزال القرآن على النبي تم الإنزال، وجاءت: «اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا».. أما التبيان فلم يتم، ولم يكمل، وهو لن يتم ولن يكمل.. لأنُّ دا ما قال عنُّه: «ثم إن علينا بيانه».. وقلنا بيان القرآن من عند الله سرمدي لا ينتهي، وأنُّ مجال السير إلي الله كله في مضمار معاني القرآن.. لأنُّ الله بيكلمنا وبيعلمنا من كلامُه كل لحظة، كل حين: «ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء».. علمُه كلُّه في القرآن.. القرآن هو، في الحقيقة، ذات الله.. لكن نحن لا نعلم من القرآن إلا ما يشاء لِنا هو.. وهو في كل لحظة يشاء لِنا أن نعلم علم جديد.. فإذن، التوحيد يقول أنُّ إكمال التبيان لا يتم إطلاقا.. ونحن قلنا أنُّ علم القرآن ماهو إلا عند الله.. «وما يعلم تأويله إلا الله [دي نهاية كدا] والراسخون في العلم يقولون آمنا به».. فالراسخون في العلم الأنبياء والرسل والملائكة – كل المخلوقات من العلماء – هم في مرحلة أن يعلموا جزء من القرآن وأن يؤمنوا بجزء، أما الإحاطة بالقرآن فهي ممتنعة، هي عند الله.. وقلنا أنُّ النبي لا يستطيع أن يبيّن القرآن، لأنه ما أحاط بالقرآن.. علم الله، بالنسبة لِهُ، علم النبي جهل، ثم ما أحاط بِهُ النبي من علم القرآن لا تطيقه الأمة.. فالنبي علم علم كبير جدًا من القرآن هي، بالنسبة لعلم القرآن، لا شيء.. والنبي بيَّن للأمة شيء كبير من ما بيّنُه.. لكن ما بيّنُه للأمة بالنسبة لما عندُه من علم هو لا شيء.. فالمسائل مراحل زي دي.. فإذن، الآية دي لا تُفهم على حقيقتها، إلا بتعاون اللغة مع التوحيد.. التوحيد يعطي المعنى النحن قلناهُ، واللغة يعطي المعنى، اللي بيحاجونا بِهُ أصحابنا من المعارضين.. وهو، في الحقيقة، مش عدم فهم بس، بل حجاب عن حقيقة كبرى جدًا، كانت اللغة فيها حجاب دون معنى القرآن..
من سلسلة محاضرات بمدينة أمدرمان، تحت عنوان «تبسيط الدعوة الإسلامية الجديدة» - أغسطس 1977
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة