ليس الليل عند هذا الشاعر مدعاة مؤثرة كظاهرة كونية وأية من آيات الله كما اسلفنا فحسب. إن الليل وما يغمره من دجى وما يتخلله من أنسام ناشرة لعبير الزهر ، هي بيئة وحى للشاعر تتنزل فيها عليه فيوض ابداع يرقبها البدر والنجم ، وتلك لحظة وجد وهيام وتدفق. وتبدو عبارات مطلع الروح وساعة التنزل كليلة قدر تأتي ببشائر الوحي الشاعري، وتلك عبارات نراها تعكس التأثير القرآني كمؤثر آخر في شعر هذا الشاعر حيث يقول الحق سبحانه وتعالى " إنا أنزلنه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها. بإذن ربهم من كل أمر سلام .هي حتى مطلع الفجر". ذاك جو معبدي يجلله الصمت ويحف به السكون ويخرج خلاله الشاعر من عالمنا الأرضي تاركا صحابه ومعاشرة الناس إلى حيث يستكين لليلة قدره تأملا وإبداعا يجري فيه تزاوج مبارك بين عناصر الجمال والوحي تنصب كلها الشاعر ملكا في أمارة تأملاته وهيامه وتدفقه كمقومات يبثها الخالق وتلك مقومات يراها الشاعر العظيم وحيا من الخالق.: جـوهـا المـعـبـدي يـعـمـره الصَـمـت بِهَـــمـــس مِـــن الوَســـاوس فـــاتـــر وَيَــفــور السُــكــون فــيــهِ وَيــدوي كَــدَوي الظُــنــون فــي قَـلب حـائر قُـم وَنَـفـض مِـن ظُلمة الأَرض ساقيك وَطَــرفــي الشَـذى عـدتـك المَـخـاطـر خــل أَهــلاً وَجــافَ دُنــيــا صــحــاب وَتَــنــكــب أَخــا وَجــانــب مَــعـاشـر وَاِنــقــطــع ســاعــة أَمَــد وَأَبــقــى عُــمــراً بِـالجَـمـال وَالوَحـي عـامـر لَحــظــة مِــنــهُ بـالزَمـان وَأَهـليـه وَأَعــــمــــاره إِلى غَــــيــــر آخــــر هــا هُــنـا هَـيـأ الهَـوى لَكَ مَـلكـاً قَـــمَـــريــاً عَــلى عُــروش الأَزاهــر دَولة مِــن مَــواكــب النــور حــفــت عــالَمـاً مِـن عَـرائس الشـعـر زاهـر وإذا كان الليل الذي أضوى أبي فراس الحمداني مدعاة لبسط يد الهوى وإذلال الدمع : إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى واذللت دمعا من خلائقه الكبر فهو عند التيجاني يوسف بشير عالم وحى خاص فخم التصاوير ، إلهي المصدر متعدد النواتج . إن للشعراء مذاهب في حالة الليل أو الصبح فينما نرى شاعر كمصطفى سند مؤتلقا كالتيجاني في حالة الليل كمصدر للإبداع والوحى فالصبح عنده حالة مضادة ...سواد متخم العينين ..منتفخ الرقاب ، بعكس مطلع فجر التيجاني كموصل لإشراقات علوية المصدر تتنزل عليه كليلة قدر. وهنا نقتبس من مصطفى سند: والصبح ألمسه سوادا متخم العينين منتفخ الرقاب والليل جوهرة يطير بريقها الوهجي يعكس سكة الحدس المهاب. حينما نامت مزاهر أخرى في الليل ، تفتحت عوامل الحدس والتنزل والتأمل والتصاوير الفخمة لدى نبي المشاعر ..شاعر الروح والوجدان التيجاني يوسف بشير.
العنوان
الكاتب
Date
احياء لكتابات رائعة جاءت في المنبر قبل سنين عن شاعر الوجدان التيجاني يوسف بشير
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د عبد الرحيم عبد الحليم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست