لم يحدث في كل تاريخ السودان الحديث والقديم والاقدم حدث ظل في ذاكرة الامة من الاهمية اكثر من نتائج تلك المعركة .ولا احد يقلل من المأساة التي ارتبطت بتلك المعركة بصرف النظر عن الاسباب . ستظل احدي المحطات المؤلمة في ذاكرة الامة الناتجة من الصراعات القرن الماضي. ولكن بالقطع لم تكن هي الوحيدة حتي في تلك الفترة منها مجزرة المهرية التي قام بها عطا ود الاصول الشايقي بامر من الخليفة وعثمان جانو وما عمله من قتل الفور طال حتي حيواناتهم في اعتقاده بانهم ينقلبون الي الحيوانات ومجازر خالد الزغل الدنقلاوي ضد الزغاوة استمر عام كامل من القتل .وبل من كرري الي الضعين .ومن علونا الي مكجر. وعدة الخير وخزان جديد و كبكابية كلها مجازر قتلوا فيها المئات والاف بدم بارد . ومتمة لم اكثر قسوة من وأد استقلال اقليم لحاله ووضعه تحت الاستعمار .وبمساعدة الانجليز وأد الاستقلال بالمرة الثانية .وما هو اكثر قساوة هي تجارة الرق التي استمرت قرونا وتطورت الي جمهوريات بمؤسساتها لصيد البشر قاموا به الجماعة الذين مازالوا في خيمة العزاء في المتمة. ولم يحدث ان تصبح يوما في السودان لم تصل الي مسامعنا الحديث عن المتمة والقدح علي الخليفة الذي قتله قائمقام ميسرة ابن الزبير باشا .ولم يحدث ان نما الي علمنا هناك انتقام تجاوز قتل اكثر من مئات اضعاف ضحايا المتمة ومعهم الخليفة نفسه .وبل ظل الانتقام الي يومنا هذا . والله العظيم نريد ان نعرف ماذا حدث في المتمة.؟ ان كل الذي ورد في الكتب المنهجية ليس امرا غير قابل للنسيان للابد .وقد كان اكبر الاحصاء للقتلي من كتاب ابناء الشمال انفسهم لم تتجاوز (١٨٠)شخص هذا العدد اقل من ضحايا برهان وابن عوف في قرية واحدة من الالاف القري في دارفور فقط .بالرغم من الشك الكبير حتي في هذا الرقم . ان الجعلين لم يستطيعوا استنفار الا اعدادا قليلة من الشايقية للمساهمة في الحرب بجانبهم .وكثير من الاقلام نفت حدوث حالات الاغتصاب لان الاغتصابات في العادة تتم علي يد المنتصر بعد المعركة. ومن المحال في وسط المعركة او لحظة الاستعداد للاستشهاد لمقابلة الرب . نعم ربما هناك حالات لا يمكن تكذيبها حتي ولو لم تتوفر الادلة ولكن معظم حالات الوفيات بالغرق ، كانت نتيجة محاولة العبور النهر من النساء والرجال بخلفية معرفتهم للسباحة وقد يكون حدث الغرق في النهر وليس هروبا بالشرف .بل بسبب العجز في عبور النهر للذين قدراتهم متواضعة في السباحة . وتحاول بعض الاقلام تسويق من باب الفخر . بالطبع كل قبيلة او جماعة حرة في الطريقة التي يصنع بها تاريخها وامجادها طالما لم يكن جزء من تأريخ السودان .بشرط ان لا يتضرر الاخرين من هذه الاجتهادات والتي من نتائجها ما يحدث في دارفور اليوم هو ضرب بسياط الماضي. واعتقد ان رواية بنات المتمة مبنية افتراض ساذج وغير واقعي فيها اساءة لامة الجعلين اكثر من مادة للتفاخر بها ، وهو فهم مسئ ومحتقر للباقيات اللاتي من سيدات وبنات المتمة الاخريات .ما الذي منعهن من الوقوع في النهر .؟ بناء علي هذه الفرضية هو عدم حرصهن علي الشرف . و ان هناك تجريدة تمت ارسالها الي امدرمان من بينهن اثنتان من الاميرات ليس بينهن اية حرة اخري علي المراكب .فكانت الاميرات لديهن متسعا من الوقت اذا اردن الوقوع في النيل ولا احسب ان هناك واحدة اخري اكثر حرصا علي شرفها من الاميرات.لم يدون التاريخ بانهن تعرضن للاذي في طريقهن الي ام درمان. هذه الحكاوي يمكن ان تكون صالحة علي مناهج بخت الرضا التي كتبت التاريخ علي مقاس قبائل محددة ،وما كانوا يعتقدون ان علم التاريخ يأتي يوما يكون مفتوحا للجميع .مع تطور البحث العلمي وان تم تدمير بعض الوثائق . . وما هو مدون في التاريخ .في عادة الانصار وخاصة البقارة يستصحبون نساؤهم في الحملات العسكرية في حالة الهزيمة يقتلون نساؤهم ويصمدون حتي الموت. وحدث ذلك في توشكي وفي غندار غرق عدد كبير من نساء البقارة لان امامهن خيار القتل بكسر الرقبة او الغرق .ولكن لم ترد من اية مصدر جاد بان الجعليات انتحرن بالغرق الا المصادر من ابناء المنطقة وحلفاؤهم . مهما يكن آن الاون فك اسر الدولة من نغمة الخليفة والمتمة والعودة الي قبول الاخر وضرورة التعايش اذا كانت الحرب العالمية الاخيرة قتل من الاوربين نحو تسعة مليون شخصا مع ذلك تصالحوا بل فتحوا الحدود بينهم ليعيشوا في سلام من دون اجترار ذكريات الماضي ليصنعوا منها العداء .والحال كذلك بين الرواندين ما الذي يجعل اهل الشمال ان لا يغادروا محطة المتمة ويتم صياغة الدولة علي ارتدادات المتمة وبناء السلطة من داخل خيمة العزاء حتي ان هلكت الامة وتفتت الوطن علي ايدي السبأ٠ والبعض ينظر الي نفسه في صورة جده ذلك تاجر الرقيق .ويحدد موقعا للاخرين بناء علي ذلك .وهكذا تأتي مرارة القتل في المتمة ليس لمأساة الضحايا فقط .بل الاذلال من السود لان مافعله الشايقية مع الدفترادر ضد الجعلين اكثر من متمة مئات مرات ولكن حمدوا الله لم تكن جريمة السود . اذا كان الجعليون والدناقلة اصحاب مهمنة الرق في السابق لم يستطيعوا مغادرة هذه المحطة الي يومنا هذا .مع ان حتي بداية القرن الماضي فالجعليين لم يكونوا سامين بدلالة سواد مك نمر .ومن كانوا اميرهم اسودا من المحال ان يكونوا غير ذلك .فان امتياز اللون الذي يتفاخرون به ناتج من اختلاطهم بالمماليك السامين ؟ فالتاريخ يؤكد ان اكثر المماليك بقيادة ابراهيم بك منفوخ استقروا في بلاد الجعلين والنيل الابيض مع ذلك لا يوجد من سلالتهم شخصا واحدا هو الدليل بانهم صاروا جعلين فيما بعد. وهي القبيلة التي لمن لا قبيلة له بجانب البديرية . وظلت هاتين قبيلتين مأوي لكل من يبحث عن قبيلة احتوت الصومالين والاحباش والفولانيين واليمنين والقرعان والمماليك وعرب الغرب.. والجانب الاخر انهم صحيح اقل تسلطا علي الامة واكثر ميلا للعدالة بالرغم من عزلتهم وبعدهم عن العمالة و يتوفر لديهم الاحساس بحب الوطن . اما الشايقية لم يحترفوا هذه المهنة ولذلك نظرتهم الي السود اقل تطرفا ولم ينظروا الي السود علاقة العبد والسيد ،واحتقارهم يقتصر الي العبيد الفعلين وليس السود بالاطلاق ولذلك لديهم الاستعداد في الاختلاط والتعايش مع الشعوب الاخري ايا كانت لونهم حتي بالزواج وان كان بمقدار . بالرغم من عمالة بعضهم وحبهم للتسلط والميل الشديد لسفك الدماء والتوحش ولم يتوفر لمعظم قيادات الشايقية روح الوطنية وعمالتهم تجاوزت الحدود وشرهم شمل البلاد.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق October, 26 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة