Post: #1
Title: الانتقال يصطدم بعقبة الانقلاب
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 12-07-2021, 07:52 PM
06:52 PM December, 07 2021 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله-الامارات مكتبتى رابط مختصر
البعض لا يفرّق بين الانتقال والانقلاب، والبعض الآخر يعتقد بحسن نية أن الانقلاب هو الممهد للطريق المؤدي للعملية الديمقراطية المدنية، دون ان يرجع للوراء قليلاً بنظرة ماسحة لتاريخ الانقلابات العسكرية الناحرة لانظمة الحكم المدني القصيرة الاجل، ومهما طرحنا من نماذج عالمية وامثلة دولية لفشل الطاقم العسكري في ادارة دفة الحكم، سوف تجد هنالك من البسطاء من يتهيء له ضرورة استمرار المشهد العسكري على مسرح الحياة السياسية، ومن اكثر هؤلاء المستبشرين خيراً بسطوة البزة العسكرية على دواوين الحكم المدني، هم من القدماء الذين عاصروا عهد عبود وعايشوا زمان النميري، ولايوجد من بين صفوفهم من يعبد (البوت) من هذا الشباب المستنير المولود بالعقود الثلاثة الخاتمة للالفية الثانية، فثورة ديسمبر المجيدة قد محّصت النفوس وغربلت الشخوص، وبنت حائطاً وبرزخاً بين القديم والجديد، ونزعت مخاوف السلف القابعة تحت الركام، من قلوب الخلف الناهض نحو سودان جديد، فعندما رفع المعاصرون الرايات المطالبة بالحكم المدني المستدام، فعلوا ذلك معتمدين على ارث عريق يمتد لزمان تأسيس نادي الخريجين. المكايدات السياسية التي اوصلتنا لحد نشوء تيارين يتباريان من اجل الوقوع بين احضان الحكومة الانتقالية – الحرية والتغيير والميثاق – ويتناقسان للحصول على امتياز توجيه قرارات رئيس الوزراء، هي - المكايدات - النقطة المحورية في تعطيل عوامل واسباب الانتقال والتحول الديمقراطي، والمعيق الاكبر للخروج من نفق الدورة الخبيثة – انقلاب عسكري يعقبه حكم مدنية ديمقراطية، لقد شهدنا هذه المكايدات السياسية للمرة الرابعة عند الاختلاف بين قوى اعلان الحرية والتغيير من طرف وقوى الميثاق الوطني من الطرف الآخر، المكايدات التي وصلت ذروتها بحيث جعلت العسكر ينقلبوا على حكومة رئيس الوزراء الانتقالي الشرعي، نفس هذا التآمر قد تم بين عبد الله خليل وعبود، وبين النميري والحزب الشيوعي، وبين البشير والجبهة الاسلامية القومية، ثم اعاد التاريخ نفسه للمرة الرابعة فانقلبت المجموعات المسلحة - اتفاق سلام جوبا - على حاضنة الحكومة الانتقالية (قحت) المسيطر عليها من قبل الاربعة بحسب زعم المجموعات المسلحة، فعميت بصيرتها عمّا سلكه العسكريون في نوفمبر ومايو ويونيو. تجارب الشعوب شاهدة على حكومات الدول الآسيوية والافريقية واللاتينية الفاشلة التي ارتهنت لحكم العسكر، والتجارب الايجابية لهذه الشعوب ايضاً شاخصة وفاحصة للديمقراطيات التي حوّلت هذه البلدان الفقيرة لدول عظيمة يحسب لها الف حساب، اتباعاً للمنهج المدني في التعاطي مع شئون الحكم والادارة، ودونكم الهند والبرازيل وجنوب افريقيا، ويقال والعهدة على راوي الحديث أن من الاستحالة بمكان ان يجتمع قادة الاسلحة الثلاثة - الجوية والبرية والبحرية - في مكان واحد بالهند الفدرالية، حتى لا يتآمروا على السلطة فيحدثوا انقلاباً عليها محمياً باكبر ثلاث قوى، متى ينجز السودان دستوراً دائماً يكبح جماح القادة العسكريين من مجرد التفكير في قلب نظام الحكم؟، لكسر شوكة وشبكة هذه الدورة الخبيثة لابد من هذا الدستور الصارم الذي يضع النقاط والفواصل الواضحة، والبائنة بينونة كبرى بين السلطات الثلاث - التنفيذية والتشريعية والقضائية - دون تبجح ولا تلكؤ ولا تحسس ولا تلصص، فالفصل بين السلطات ليس حديثاً يفترى ولا تنظيراً يشترى من افواه (الخبراء الاستراتيجيين)، وانما هو نص دستوري يحترمه المدني قبل العسكري. لا سمح الله، اذا استمر الجيش في الاستحواذ على مقاليد الامور السلطوية، لن تسلم جرة قحت ولن تأمن مجموعة القصر غدر العسكرتاريا، وسوف تجيء المجموعتان لصالون بيت عزاء تشييع الديمقراطية والحكم المدني لمثواهما الاخير، فالتحول الديمقراطي الانتقالي والحكم الرشيد، لن يتحققا لمجرد ابداء حسن النية واظهار الرغبة الشعبوية الوقتية الطامحة، ورحلة الانتقال من الشمولية لآفاق السلطة الشرعية المنتخبة مباشرة من الشعب، محفوفة بمخاطر جمة تحيط بالذي يصدق النية مع مجتمعه ويخلص الارادة في السير على طريق الاستجابة الفورية لطموحات الشعب المشروعة، وعلى اتربة هذه الارض يجثو الكثيرون امام محراب صاحبة الجلالة بحثاً عن رضاها واستجابة لمطالبها، ولكن هيهات ان تتم تلبية هذه المطالب بينما الشاعر الحكيم يقول: وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا، وما استعصى على قوم منال اذا الاقدام كان لهم ركابا، وكنت اذا سألت القلب يوما تولى الدمع عن قلبي الجوابا، ولي بين الضلوع دم ولحم هما الواهي الذي ثكل الشباب.
اسماعيل عبد الله [email protected] 07.12.2021
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/07/2021
عناوين المواضيع المنبر العامبسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/07/202
عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 12/07/2021
|
|