وهذا ليس سؤالاً لذلك ليس فيه علامة استفهام بل تساؤل سنحاول الإجابة عليه. وتتلخص الإجابة في أن الاتحاد الأوروبي وفر منحة تقدر بتسعة وعشرين مليار دولار لدعم رواد الأعمال الشباب في إفريقيا. أغلب من تم دعمهم لم يكن لديهم نشاط سياسي قبل هذا الدعم، ولكن تم اختيارهم اختياراً دقيقاً. في السودان كان الاختيار يتم من خلال اجتماعات داخل النادي النوبي، وتم اختيار شباب هم في الغالب من أبناء الأسر الشمالية المحترمة، بغض النظر عن توجهات تلك الأسر. سيتبنى هذا الشباب التوجهات الليبرالية على نحو مطلق في المستقبل وسيسطرون في المستقبل على الراسمال الوطني، كبدلاء عصريين لأسماء قديمة وبمفاهيم بالية لرأسماليين من الماضي. في المقابل، ولتمهيد الأرض للراسماليين الشباب، كان من الواجب إدماج شباب الشيوعيين في الفكر الليبرالي، وذلك بتوفير فرص لريادة الأعمال، وخاصة في ريادة الأعمال الفنية (التصميم والديكور، والأزياء والإعلام..الخ). وبما أننا في دولة فقيرة، والفرص فيها شحيحة فإن شباب اليسار أصبحوا داعمين للتوجهات الليبرالية (التي تحقق مصالحهم الشخصية). وهكذا سيبقى هناك حزب شيوعي ولكن رأسمالي إمبريالي.. وسيظل صامتاً أمام التمكين الليبرالي الجديد في مفاصل الدولة. لقد أوكلت هذه المهمة لرأسماليين معروفين في السودان ولذلك كان الخطا الوحيد الذي لم تلفت له أوروبا هو أن اختيار هؤلاء الشباب لم يمثل كل الإثنيات في السودان. وبما أن الهامش غير ممثل في هذه الدعومات الاوروبية المليارية، بل وسيؤدي هذا الخطأ إلى تمكين إثنيات الشباب الشمالي في مفاصل الدولة مستقبلاً، لذلك فإن ظهور الحركات المسلحة في المشهد، وتوجهات الشرق والجنوب نحو الاستئثار بثرواته، كل ذلك سيواجه بمقاومة عنيفة مدعومة غربياً، رغم أن هذا لم يكن توجهاً غربياً في الأساس، لكن ممثلي الغرب من الرأسماليين السودانيين هم من لعبوا هذه اللعبة الخطرة والقذرة، وأوقعوا الغرب في حالة الانحياز العنصري هذه. هناك تسعة وعشرون مليار دولار سيتم توفيرها لدعم تمكين الشباب الليبرالي، وكان من المفترض أن تكون موزعة على أساس عادل ومتساوٍ، ولكن خيانة الوكلاء في الداخل، أفضت إلى أن هذه المليارات ستتوجه لا إلى تمكين آيدولوجي (الليبرالية) بل إلى تمكين إثني (الشمال). وهذا انحراف لا يمكن إصلاحه بسهولة في الوقت الراهن، لأنه تم بناء على توقيع اتفاقية دولية بين الأفارقة والاتحاد الاوروبي، وستحتاج أوروبا لاتفاقية فرعية تكميلية أو تصحيحية مع الإثنيات الأخرى في السودان، وهذا صعب، إلا إذا تم عبر محور آخر وهو محور اتفاق سلام جوبا، وغالبا ما سيتم الاتصال بحاكم إقليم دارفور في هذا الشأن عما قريب، إن لم يكن قد تم الإتصال بالفعل.. لكن، هل سيؤدي هذا التصحيح دوره التصحيحي؟ لا، فالمسألة تزداد صعوبة مع الانتفاضات الشعبية في الأقاليم المختلفة، بحيث يصبح من الصعب إرضاء الجميع. لقد تمت عملية اختيار هؤلاء الشباب بعمل دقيق استمر زهاء سبع سنوات، وسيحتاج التصحيح إلى ما لا يقل عن أربع سنوات أخرى، وأوروبا غير مستعدة للانتظار في ظل التحديات العاجلة التي تواجه القوى الليبرالية كالحرب الروسية في اوكرانيا والتصاعد المستمر للنفوذ الصيني في العالم عامة وافريقيا على وجه الخصوص. لذلك ادعوا قيادات دارفور والجنوب والشرق، للانخراط في محادثات مطولة مع الاتحاد الاوروبي لضمان وجود تمثيل راسمالي لهم في مستقبل السودان.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق November, 11 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة