الكثيرين حاولوا وضع تصور يحيل الثورة من موضع النظرية الي علم الثورات ومستفيدين من التجارب الأنسانية .وتحليل والثورات خاصة في القرنين التاسع عشر والعشرين لوضع أسس وقواعد لعلم الثورة . وأعتقد أن أهم تلك الثورات الملهمة للعالم كانت الثورة الروسية فهي تجربة غنية إذ مارست كافة اشكال الفعل الثوري وخاضت تجربة العمل المسلح والاغتيالات السياسية التي كانت نتائجها كارثية علي مسيرة الثورة ولكنها لم تكسر عضدها فعادت الي النضال السلمي الوعي الثوري والحراك السلمي وحتي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وهو ما خلق بئية ثورية أمنت انتصار الثورة رغم اختلاف نتائجها الان مع شعارتها واهدافها الاشتراكية حتي اليوم . وأري أن الثورة السودانية التي أمتدت ل ٦٤ عاما حتي اللحظة والتي بدأت ضد أول انقلاب عسكري عام ١٩٥٨ ومرت بعد ذلك بمراحل متعددة احرزت بعض النجاحات وتعلمت من الكثير من الأخطاء التي وقعت فيها . ومازالت أري أنها استفادت الي حد كبير من تجليات الثورة الروسية وصححت بعض الاخطاء التي ارتكبتها وذلك لعدة اسباب أهمها الواقع والزمان المختلف للثورة السودانية . فكل ثورة في العالم محكومة بواقعها وزمانها . ولكن ما ميز الثورة السودانية عن بقية الثورات حتي في محيطنا العربي والافريقي وما سمي بالربيع العربي هو الوعي الثوري المتنامي لدي الشعب السوداني رغم القمع الدكتاتوري الذي مارسه عليه اعتي نظام دكتاتوري شمولي فاشي في العالم اليوم وكان ذلك بسبب الوعي والخبرة التراكمية الطويلة . وهذا ما جعل من الثورة السودانية ملهمة بل اصبحت أهم التجارب في القرن الحادي والعشرين لأنها غيرت الكثير من المفاهيم عن ماهية الثورات ولا أكون مبالغا اذا قلت انها ستكون سببا في تغيير الكثير من النظريات والمفاهيم لعلم الثورات مستقبلا . وعلي سبيل المثال لا الحصر ، ظل هناك جدل قائم حول تعريف الثورة بين انها فعل سياسي ام لا .؟وكذلك هل هي فعل قانوني مشروع أم لا ؟ وماهي مراحلها وهل هي مرحلة واحدة تنتهي باسقاط النظام القائم ووصول المعارضة للحكم ام أنها تتكون من مرحلتين مرحلة ثورية صرفة تنتهي باسقاط النظام لتبتدي بعدها مرحلة الانتقال السياسي . فالثورة السودانية بواقعها الحالي اضافت بعدا ثالثًا لتصبح الثورة ثلاثة مراحل تبدأ باسقاط النظام كليا وهو المرحلة التي نحن فيها الأن وهي المرحلة الثورية البحتة وتجلي ذلك في استمرار المد الثوري رغم كل محاولة السياسين لحرق هذه المرحلة إلا أن الوعي الثوري ظل ومازال أقوي ومشهد الصراع الأن أكبر دليل علي ذلك . اما الجديد الذي تفتقت عنه عبقرية الثورة السودانية بالاستفادة من كل تجاربها السابقة هو إدخال (مرحلة الأنتقال المؤسسي أو الهيكلي ) عبر الشرعية الثورية وخدمة الاجندة الوطنية التي هي اهداف الثورة العليا وهذه هي الفترة الانتقالية الاولي والتي تؤسس للانتقال السياسي السلس الديمقراطي كمخرج نهائي للثورة . ولذلك نجد أن البعض الان من قوي الثورة المضادة وحتي قوي الثورة التي كانت تعتمد النموذج القديم الفاشل والذي أبقي علي هياكل ومؤسسات الدولة كما هي نجدهم في صراع مع مشروع الانتقال المؤسسي ويصفونه بالصفرية والرديكالية كما جاء في الثورة البلشيفية رغم انه أبعد ما يكون عن ذلك و ربما يكون أقرب نوعا ما للأشتراكيين الثوريين ! ولذا الثورة السودانية ستنتصر رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها من الاسلامويين و قوي اليمين الرجعي واليسار الايدولوجي المتطرف . اقول ذلك استنادا علي قوة المد والصمود لأكثر من ثلاثة اعوام يصاحب ذلك تمدد الوعي الثوري ووضوح الرؤية الثورية لتحقيق اهداف وتطلعات الشعب الذي اكتشف الكم الهائل من قدراته المادية وحقوقه المغتصبة والضائعة والكم الهائل لسرقة مقدراته ومصادرة حريتة وكرامته وحتي حقه في الحياة المدنية الديمقراطية وحقوقه السياسية التي حجبت عنه .. قد يتصور بعض الساسة من ذوي الفكر العقيم القديم أن الثورة السودانية اليوم ستكون مثل سابقاتها التي انتهت الي حضن انتهازيتهم وفسادهم فُكتب عليها السقوط مرة تلو الأخري وليتهم يدركوا انفسهم ويكفوا عن محاولة تعطيل قطار الثورة عبر العبث الذي يمارسونه بأسمها من تسويات ومحاصصات لن تجديهم نفعا سوي القذف بهم في مزابل التاريخ مع بقايا النظام الكيزاني العسكري الفاسد المجرم …
ولنا عودةً ..
ثورة يقودها الوعي لن تهزم أبدًا #السودانالتغييرالحذري #لاتفاوضلاشراكةلاشرعية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة