استطاع الترابي قيادة الحركة الإسلامية لتحقيق تنوع إثني هائل داخلها، خلافاً للأحزاب التي ظلت تمثل الإثنية الشمالية على نحو قُح كالحزب الشيوعي وحزب البعث، والأخرى التي تماهت مع المكتسبات التاريخية للشمال كالأمة والإتحادي. تعتبر احد انجازات الترابي هو تلك النظرة العالمية التي تبنى بها مشروع قيادته للحركة الإسلامية، فظهرت قيادات من الهامش، كخليل إبراهيم وغازي وغيرهم ممن لم يكن بإمكانهم لعب اي دور سياسي قيادي في السودان لولا انتمائهم للحركة الإسلامية، وقد رشح الترابي لرئاسة الجمهورية عبد الله دينق قبل سنوات مؤكداً على ذلك النهج التنوعي. غير أن المفاصلة جاءت قاصمة ظهر لذلك التنوع، حينما قاد البشير وعلي عثمان ونافع صراعاً شمالياً شمالياً اجتمع فيه الخصوم على لفظ الهامش. وفي ظل الواقع الراهن شديد البؤس، لا مناص من عودة الحركة الإسلامية وفق تلك الرؤية الخاصة بعرابها الشيخ حسن الترابي، لتعود وتستقطب جميع الإثنيات داخلها، ومن ثم سحب البساط من القوى المضادة العاملة اليوم على إعادة عزل الهامش عزلاً اجتماعياً عبر إعلامها المسيطر. فلا ضامن لحقوق الهامش سوى اندغامهم في الحركة الإسلامية حتى لو كانوا كاثوليك. ولا أحد يسألني كيف يمكن أن يكون ذلك كذلك؟. ففي النمسا قديماً، عندما ظهر الحزب المسيحي الدموقراطي وكان برنامجه الأساسي هو طرد اليهود، اجتمع اليهود واعلنوا تحولهم للمسيحية، وهكذا انهار الحزب المسيحي، فعاد اليهود مرة أخرى لدينهم الاصلي. لذلك لا سبيل امام الهامش سوى الانضواء تحت الحركة الإسلامية، إذا استطاعت هذه الأخيرة بدورها أن تتمتع بالمرونة اللازمة لقيادة المرحلة القادمة بخطاب إيجابي ووسطي.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 05/19/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة