شعرت بالوحدة، بالشوق يجتاحني، يحملني علي جناحيه الى امي التاية، فنذرت يومي كله للنظافة، الترتيب، رسمت صورتها، وعلقتها علي جدران غرفتها، وفرشت الأسرة بملاءآت جديدة، قطفت الورود، وفرشتها من مدخل الباب حتي باب غرفتها. وذهبت، لأكتب فحرب الأسود مازالت قائمة،"وغابة العالم الغيبي اللامريئ تستأسد فيها القرود، وتستسئذب فيها القطط، فحملت يراعي، وحملت معه فرح المساحة، التي تجعلني أتكئ علي السكون. الفتنة، الروعة، فأشعلت شموعا ملونة كما حبيبات اللؤلؤ والزمرد المزخرفة، ومعقودة بإتقان فنان شفيف على تيجان الملكات لتضفي بريق الأبهة والمهابة فتسدعي حابي إله النيل وآلهة الاغريق جميعها والآلهة الأفريقية التي تحمل وداعة الإنسان الأسمر، وروعته. لتتقاسم القوة والبهجة، العظمة الإلهية. فمنذ نهاية مملكة آليس لم يعد لها من وجود الإ عندالخاصة من اصحاب الطقوس الأفريقية، التي تعتمد إستدعاء الأرواح في مسلكها، ومباركةالأسلاف. فتكللني الفرح بأول حضور تتحفني به إلهة الجمال تلك الأبنوسية الفاتنه، الفارعة القوام، كزرافة برية تتقدم القطيع لتراها الشاردة التائهة من المسافات القصية. فشويدا التي أخذت اللقب من الإله الأم اوبيرا واصبحت إلهة الجمال الصغري او الإبنة. ويحكي أن شويداء كانت اميرة في مملكتها، وجمالها الآخاذ سار به الركبان، وأنشده الشعراء في التاميرا، وتسابقوا في وصفها. والتاميرا أو الزاميرا مجمعا يقصده الشعراء من جميع الممالك ينشدون فيه جميع انواع الشعر. وفي ذات يوم ماتت شويداء بلا مرض ألم بها ولم يستطع طبيب البلاط الملكي تشخيص حالتها. وعند التشييع حلقت إلهة الجمال اوبيرا، وخطفت جثمانها، وطافت به حتي وصلت قصر الملك والجميع يركض للحاق بهم، ومعرفة سر ظهور إلهة الجمال علنا، وسبب غضبها فخرج الملك، والملكة، وحاشيتهم. فحلقت الإلهة وهي تحمل الجثمان حول الملكة فإستدعوا كبير الحكماء وتحدث معها وطلب منها وضع الجثمان في بيت الألهة وسينفذ لها ما تريد. فأجتمع بالملك وأخبره بسبب غضب إلهة الجمال فالملكة دست السم للأميرة عن طريق إحدي وصيفاتهاحينما سمعت بجمالها وخافت أن يتزوجها الملك ويعطيها كل إهتمامه ويهملها هي. فلابد من القصاص فتدخلت إلهة السلام وإلهة الحكمة وطلبتا العفو لأن إتهام الملكة، وعقابها إساءة للملك وهو مقرباً ومطيعاً للآلهة فلتحل القضية إذاً بقبول إلهة الجمال بالأميرة كإلهة صغيرة وأن يسامح أهلها ويعفو عن الملكة. فتم ذلك وتوجت الأميرة شويداء إلهة للجمال وتم عمل مراسيم التنصيب الإلهية ودفنت في معابد الآلهة. فتتابع حضور الآلهة في كرنفال، لم تشهده غرفتي من قبل إبتدأ بسقيفين ملك القوة، أونتانور ملك البحار، ترانتجيم ملك الجبال، أوشرين ملك الرياح، سيانتي إلهة الحكمة والمنطق، وداستونا إلهة الحب والسلام، أرنتوسيه إله المطر ولم يحضر أرجميا إله الحرب والدمار الذي يدق طبول النحاس لإعلان الحروب. وأرسل إعتذاره لانه في مهمة تجتمع فيها آلهة الحرب جميعها. وانا تسلحت بقلمي، ودرعي لفيف من الآلهة بإستثناء أرجميا إله الحرب يدق طبول الحرب في مهمة خارج الحدود. لا أبالي! سأحكي! سأقول كل ما يجري في عقلي، ويلعب به قلمي. بينما الملكات نفرتيتي، حتشبسوت، خنت كاوس الأولى والثانية، يحتلن مواقعهن بجانب إللإله آمون راع، ما أقوله سادتي سريّ للغاية. يدفن مع العارفين به المتلمسين لفواصله. والشمعات يتمايلن طرباً مع أنشودة الجن وكأن روح الشاعر التجاني يوسف بشير حطت رحالها عندنا لتكتب مقاطعها في هذه اللحظة والارواح تتنزل كما طائفاً صاح في الروبى والوهاد وإسترقص البيداء. فشاعر الجمال إلاهاً مصغراً للجمال يتبتل ويتنسك في معبده بوهج الكلمات يسلك طريقاً لله لتمجيد ذاته ومخلوقاته بمسلكه الخاص به فلكل عابد طريق خاص إلى الرب، الله جميلاً يحب الجمال، الهجين، الجنس الثالث الذي يعيش بين عالمين، لا ينتمي لأي منهما كل الإنتماء فهو نوعاً خاص، يحمل جينات بشرية وجِنيّة، يحمل دمين، يختلط بالماء والنار، يوجد جنس رابع يجمع الأثنين ولكن سأذكره في مرات قادمة. فهذه الحقائق التي أسردها يحتكرها اصحاب العلم العرفاني والمسالك الروحية ويستغلها السحرة والمشعوذين. ولا يعترف بها الهجين. فجزء كبير يعرف حقيقته ولا يتداولها ومعظمهم لايدري إما أن يكون تائهاً أو مستغل لا يعرف مقدراته. فالمغاربه هم الوحيدين الذين أشاروا الى هذه الفئة وسموها الزوهريين. ويقال أنهم استقوا معلومتهم من كتب اليهود وحددوا صفاتاً للزوهري منها ما هو واضحاً من علامات يتميز بها وما هو خفي ويرجح في دمه. ولكن ما لم يقله المغاربة ولا اليهود وربما تستر على الحقائق أو الخوف من نتائج تعقب فضحها. إن الزوهري هو مولود نتاج علاقة شرعية أو غير شرعية ما بين الأنس والجن. وإن المولود الذي. يولد في عالم الإنس يصبح إنسياً والأغلبية تتسم بالتميزة والتفرد علي حسب نوع القبيله أو المملكة التي ينحدر منها. فالهجين الذي يولد في عالم الجن يأخذ خصائصه. فالشعوب التي تطورت لأنها طورت ذلك الجنس الثالث وإستفادت منه تماماً بتخصيص أماكن خاصة بهم يستخدمون فيها قدراتهم كل على حسب مهارته. فالهجين أو الجنس الثالث أصبح مرغوباً ومحل صراع من جهات كثيرة تعرف كيف تروضه وتستعين بهم في العمل المخابراتي بشكل مكثف؛ فخاصية التخاطر التي يتميزون بها تجعل الوصول الى الآخر في أقصي مكان والتحدث معه اسرع في إمتلاك المعلومة. ويجب التمييز بين الهجين صاحب القدرات وبين الشيوخ والسحرة والمستبصرين، فليس كل ساحر هجين بل هم يستعينون بالهجين ليكون وسيطاً بينهم وبين الأغراض التي يريدون معرفتها. وقرأت ذات مرة أن علماء يبحثون حول العالم عن أشخاص لم يصيبهم مرض الكورونا ليعملوا تجارب على دمهم ويستخلصوا علي أساس البحث اللقاح المطلوب فهولاء العلماء يدركون أن الجنس الثالث وخصوصاً الهجيني الأكثر بالدم لا يصيبه الفايروس، والأقل هجينية في الدم أو صاحب العلامات الظاهرة تصيبه بنسبة بسيطة ولا تؤثر فيه كثيراً وإن الجنس الرابع لا يمكن أن تصيبه أبداً فإذن العلماء يبحثون عن الجنسين ويعرفون بهم تمام المعرفة وإن نسبة الهجين في العالم بنسبة خمس وستون بالمئة وليس بالضرورة ان يجمع الهجين بين الجنس الثالث والرابع، والأخطر فيهما من يجمع بين الأجناس الاربع فأصبح الصراع في العالم صراع الأجناس الثلاث والرباع، صراع خيارهم وأشرارهم وربما من إبتكر فايروس الكورونا يريد أن يتخلص من الجنس البشري ويصفيه، فيبقي الجنسين فقط أسياداً للعالم وتصبح الصراعات لأصحاب القدرات المكتسية جينياً. فلذلك الفايروس أفلس بدعاة العلم وهزم القوة والمال وحير دعاة الدين. فالكل أصبح باحثاً عن حلقة مفقودة عن تعويذة شاردة من كتب الأساطير أو طلاسم ضلت طريقها من هرم خفرع أو منقرع وظهرت في تلك اللحظة امي مريم ربما إستفزتها شاعرية الأرواح والجوء المشحون بالعتق والشبق الروحي. إندهشت لحضورها المفاجئ من بعد قطيعة طويلة أنا من بادر بها بل طردتها من حياتي فلملمت دفتري لئلا تري ما أكتب وسالتها ببرود: مريم مرحب بك ماذا تريدين؟ ردت: أتركيني أرحب بضيوفك أولاً ولا يجوز أن نناقش المسائل العائلية امام الغرباء. فإستدركت ذكاءها ودبلوماسيتها الفذة. فربما إعتبرت تلك مناسبة لتعيد الود بيننا. فقد كانت مريم ذات جمال طاغي وكاريزماتيتها الأطغى، عيونها خضراء رغم سمرتها الخفيفة. أنيقة تحافظ علي أناقتها حتي في أشد حالات الغضب. أبوها شيخاً كبيراً هجيني له كرامات ويزوره الناس للتبرك، وامها جِنيّة هندية لذلك هي تحافظ علي لباسها الهندي، تنافس به أرقى عروض بوليود وهوليود، تجول بموكب مهيب لم يحظ به كل من ملوك وأباطرة الزمان حتي في الإمبراطريات التي كانت سائدة علي مدى التأريخ، وحاشية لم تذكر إلإ في الاساطير الرومانية. بدأن الملكات والآلهات يفاضلن بينها وبينهن، فكن أقل منها في كل ما فاضلت به أحداهن. فبدأن يفسحن لها المكان لتجلس فإكسسوارتها فقط كانت تنزل النجوم من سمائها وتحل محلها فترصعها نجوماً ولآلي لم تشهدها من قبل حيث لا سيما بأنها هي الأمبراطورة الحقيقية حالياً. قلت لها : لم ادعوك للجلوس خفت أن المكان لا يليق بك. فردت بدبلوماسيتها الفياضة: أي مكان يليق بإبنتي يليق بي. وألحقت بردها قائلة: لا تكثري الضجيج فإن المواعين الفارغه وحدها تحدث الضجيج. وألتفت إلى الحضور ترحب بهم. وفهمت انني عرفت قصدها وسكت وبدأ الجميع يثرثر مع بعض ويضحك. استاذنت وطلبت من الجميع الإنصراف. وخرجت لانني لا أريد أن تستفرد بي مريم ولا أريد الحديث معها فقد ألجمت ما بي من بهجة وشاعرية. فقربت مني مسرعه وقالت: إنما العاجز من لا يستبد. فرديت على مضض أقول لها:ثمة مستبدين عاجزين يقفزون فوق سقف طموحات الآخرين بتسلق سلالمهم والدوس على أقدامهم فردت وهي مودعه: بثينة بتسلم عليك مشتاقة ليك. كانت تعلم أن نقطة ضعفي بثينة، هي أصغرنا وألطفنا ولها معزة في قلبي. شعرت بالجوع فخرجت إشتري طعمية من ست البنات. فمصاريني نشفت من أكل الطعمية ولا أعرف ماذا أطبخ وأمي التاية غائبة. أحياناً جارتنا حواء تناديني للعشاء معهم ولا أحبذ فكرة أن أتخلي عن غرفتي، جدراني ودفتري فأعتذر، فترفع لي بالحائط الذي يفصل بيينا وبينهم بعض الطعام. وجدت الجميع في الشارع، وتترست جميعها، و أم البنات لم تعمل الطعمية في هذا الوضع الصاخب وحالة إحتقان وكر وفر. وبدأ التجمع وإذا بصوت أمي التاية في بيت عمي عوض. وصوتها يتهدج وصفاً وبكاءً في مرثية مرتجلة يتحكم فيها وقع الحدث على قلب الوصافة. ومدى محبة الميت في قلبها ويحدد مدي حزنها وفراقه، فينساب الكلام بسجع ووقع لو قررت أن تكتبه في غير موقع الحدث وأثر الحزن لما إستطاعت إنها مرثيات تبدأ وتنتهي بإنتهاء فعلها. يا حليل أبو ميادة الأيدو جيابة. يا حليل أبو ميادة للضعيف سنادة. يا حليل ابو ميادة سيد الفضل والحوبة. يا حليل أبو ميادة. للجيران فقاد وللحارة سداد اووب أنا الليلة أووب علينا وكر علينا التراب كالنا التراب كالك يا ادأم الحسن التراب كالك يا ميادة. منو الزيو في الفريق منو البصبح علينا ومنو البمسينا...؟ أبكي يا ميادة أبكي يا أم الحسن وينو سيد الرجال الفي التراب إندفن. وتجمعن النساء في بيت عمي عوض وزاد العويل وتفتقت الجروح وسالت الدموع وشرعت أشرعة الصبر تبحث عن تيار أو موجة ترتطم ببحره الهائج فتثبت دفته وأصبح اليوم هو ميلاد موته مع زفرات الأسى وإحتقان الدموع، اليوم ميلاد موتك يا أبي عوض فكل أيامنا أصبحت ميلاداً للموت تبكيك البواكي النائحات فقامت أمه تتكئ على عصاتها وطلبت من أمي التاية أن تستغفر وترجع لربها وأعطتها كأس ماء فغلبها الصبر والجلد وبدات تنتحب وتستغفر والكل يمسك ببعض ويذرف الدمع وعاد صدى الحزن ستاراً أسوداً يظلل حلتنا، يستحلي دموعنا يفترش بساطه ويجلس. طلبت من أمي أن تسكت رأفة بحالها وحال أمه وأم الحسن وبناتها فسكتت على مضض. وشربت كأس الماء وسلمت على الجميع والكل يسأل عن خالتي سكينة، فهن يعرفنها من زياراتها المتكررة لنا فزادت دموعها وقالت: ربنا يرفعها هي ذاتها تعبت تعب الموت، الله يلعنهم الحرامية والهمباته ول البسموهم النيقرز. قطعوا عيش الناس وسمموا بدنهم. وجاؤوا بصينية الغداء وأكلت من الجوع كأني لم أأكل من قبل وتوزعت كوؤس الشاي والقهوة بعدها إعتذرت لأن أمي التاية مرهقة. فصحبتها الى البيت وأول ما دلفت من الباب إبتسمت والدموع لم تفارقها عندما رأت الورود ولم تمش عليها فتخطتها. وخرجت من حزنها عندما رأت الشراشف الجديدة وصرخت: ليه فرشتيها أنا لاماها ليك لعرسك. طبقيها. فرديت عليها: أمي وينو العرس، لم أعرس إشتري لي تاني. وأقسمت لك بالله تنومي فيها. فخلعت ملابسها وإغتسلت فقلت لها نومي إنتي تعبانة.ووذهبت إلى غرفتي وقررت أن أنام ولن أطلق الصرخات المجنونة لأبي في هذا المساء؛ ولن أفكر في زيارة مريم المفاجئة ولا في كلامها فهي تعرف متي تحضر وكيف ترمي بطعمها وإزدادت. الأصوات في الخارج ودوي رصاص وغاز مسيل للدموع. بدأت المطاردات وقفز الشباب بالحائط وجزء منهم دفع باب الشارع ودخل وقام البوليس بتمشيط الشارع وإقتحام البيوت التي دخلها الثوار. فحاولوا دخول بيتنا فقامت أمي التاية من نومها وهي شبه مغمضة وطلبت منهم عدم الدخول وبدأ أحدهم يضرب فيها بكعب بندقيته. وحذا البقيه حذوه تسمرت في مكاني. من شدة الذهول والهول وشللت وأظلمت عيناي والبقيه إقتحموا البيت ودخلوا الغرف فضربني أحدهم على كتفي بعقاب بندقيته وهو متقدماً نحو غرفتي فأخرجني من ذهولي، من شللي وبدأ جسدي يتحرك وعيوني تتفتح فبدأت إستوعب الموقف فإذا بأمي التاية علي الأرض والدماء تسيل من جميع جسدها وتغطي الأرض، وقد فارقت الروح. وخرجت لا أدري إلى أين.؟ ذهبت ولا أعرف شيئا ركضت لا ألوي علي شيئ فأنا لن ارجع للحزن للألم لن أعاقر الليل الطويل بلججه. فأصبحت هنا أمسك بكومار وأقول له: عايزة أنوم فأمسك بيدي وأرقدني على أرضية مصطبة، وسحب ملابساً ووضعها تحت راسي ونمت...
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 02/21/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
اشراقة شاع الدين خلف الله
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست