π ضَعُوا القلمَ.. فالحِصَّةُ وطَنٌ £

[} هذا و من جهة ثالثة نجد معظم إن لم نقل الكثير من الذين
تعرفوا على السودان و أهله للوهلة الأولى قد إتفقوا مع أولئگ الذين
ظلوا يراقبون المسلك السوداني لمدىطال أو قصر مقيمينكانوا أم طلاب
علم دارسين أو حتى عابري سبيل سائحين ؛ حكاماً عزاة فاتحين كانوا أم
تجاراً بائعين شارين ، بأن القاسم المشترك الأعظم بين كافة شرائح هذا
الشعب على امتداد خارطة هذا البلد الأمين و عرضها ، هو تلك الجبلة
الصدوقة المتسامحة الودودة لكل من يلبي نداء الود ، و اللدودة لمن
يبدي عداء الضد ؛ ذلك فضلاً عن روح إباء متصالحة مع الذات.

[} كذلك فإن الزيلان في موجة تغربهم في بلاد الله على مدى
ثلاثة عقود عجاف و تبعثرهم أيدي سبأ في مهاجر الشتات العربية
و الغربية و الشرقية و غيرها امتازوا بخصال لا تخطؤها عين منصف
مقارنة بسواهم. و كما تعرّف أو وجد مضيفوهم في الغالب الأعم في
العديد منهم و على مدى سنين العشرة تلك المآثر و الصفات الحميدة
من تفان و إخلاص في العمل و تقدير للواجب و صون للأمانة.

[} بيد أننا جميعاً قد ظللنا على درجات من الامتعاض من بعض الجيران
الذين ظلوا يصفوننا عياناً بياناً و نهاراً جهاراً بأننا « طيبون و أبناء حلال »
و ذاك تنميط في ظاهره يبدى المدح و في باطنه يضمر القدح بأقبح السباب.
بل بلغ افتراء البعض حد الغباء أن وصمونا بصفة الگسل ، معللين ذلك بالربط
بين هدوئنا (الذي عادة ما يسبق العاصفة) و بين نبتة الفول السوداني المفترى
عليها بأنها على علاقة تعاشرية تلاقحية وطيدة مع ذبابة التسي تسي المسببة
للنوم طوال الوقت و الغطيط في سبات عميقة . و لكنهم يجهلون ، المفارقة ،
بأن المصدر الرئيسي لإنتاج هذا المحصول هي بلاد السامبة و السليساو ، حيث
الأسطورة بيليه و نيمار في البرازيل و ليس في السافنا الفقيرة ب«أرض السمر»
بالطبع كل ذلك في مجمل ما يحمل أو يمكن أن يحمل لن يجعلنا ننسى أو حتى
نتناسى على سبيل المثال لا الحصر كتاب أنتوني مان الشهير "حيث ضحك الله"
و بعض الكتابات المستشرقية الأخري التي كتبت إبان الحروب الباردة و الساخنة
بين السودان و بريطانيا التي لم تألو جهداً في كيل أبشع الأوصاف شعراً و نثراً
للسودانيين منددة بكل ما ألحقوه بها من هزائم و أذى و أذاقوها من مرارات.