يوميات مثقف مشاغب...!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-30-2024, 04:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-24-2020, 02:05 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يوميات مثقف مشاغب...!

    01:05 AM January, 23 2020

    سودانيز اون لاين
    سيف اليزل برعي البدوي-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    حينما قالت العرب: لا في العير ولا في النفير، أصابت كبد الحقيقة، وأن ثمة أناسا لا تعلموا ولا صعِدوا القمر، وشغلهم الثقافي الشاغل، التشويش والتشغيب والتعويق، وصنع مطبات في السكك الثقافية..! مما هو تجسيد للشخصية السلبية اللاهثة...!
    ومشغّبُ الأفكار ليس بسالبٍ ... بل مفلس في عالم الْكتّابِ..!

    • وثمرة ذلك عندهم، سد الأفق، أو الجنوح وتعرض لناهضٍ وإيجابي، وإشاعة مناخ السلبية وتكريس الكسل والهوان..!

    • يقال إن بعض وسائل الإعلام و الصحف تتأكل على التشغيب الصحافي وتصنع مدرسة كبرى للإلهاء والإشغال .

    • وظاهرة التشغيب الثقافي حالة غير نظامية ولا أخلاقية ولا قانونية تهدف للصرف والإشغال والتعكير..! وتحاول فئات أن تشرعنها أو تمنطقها..! وما أطيب قول المتنبي:
    وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظره... إذا استوت عنده الأنوار والظلمُ

    • وقد تأتي في شكل الاستظراف للجذب ومزيد الإلهاء ، وما أكثر المحبين للملهاة، أو عشاق التوافه..! وللطغرائي المبدع:
    قد رشحوك لأمرٍ لو فطنتَ له... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ !

    • ولديها عناصر يومية بمواويلها المزعجة ثقافيا واجتماعيا ، وتحاول جر القرّاء لنقاط محددة، وصرفهم عن قضاياهم الحقيقية .

    • وثمة أقلام بلا أفهام، وأحبار بلا حِجى وأنوار، وتزعم التنوير الثقافي، ولا زالت تلوك مراجيح الطفولة، وترنمات القدم والبِلى..!

    • وهذا المشاغب ليس له وجهة ويمتلك جامعية مدهشة ترميه كل يوم في جهة ، فمن شكل الخدمات إلى الثقافة وترنماتها، فالدين وفتاويه، وانتهاء بالتجارة والاحتباس الحراري .

    • وبعضهم يأخذ قليلا في قضايا الأمة الفكرية والثقافية والاجتماعية ثم المحلية ويحاول أن يظهر بصورة الناقد الغيور،،، ولكنها شكل تهريجي تشغيبي لا انتهاء له..!

    • فئة غير قليلة تُمارس هذا اللون من المسار الثقافي، زاعمة الفهم وبلوغ الوعي، ونشدان الاتزان والإصلاح ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) سورة البقرة .

    • ولها يوميات خاصة لصرف الأنظار، وفتح الآفاق، وشق الآبار والطرق...!حتى يضيع الناس البئر الكبيرة ...!

    • ثمة وكالات ومواقع وشخوص متضخمة تتأكل على هذا اللون من السلوك الثقافي، وتراهن عليه اقتصاديا واجتماعيا وإلهائيا..!

    • ولكنها مع مرور الأيام وطول المواويل والإكثار الإنشائي تنتهي للإفلاس والسراب..! ولم يعد لديها ما تقدمه للقراء.

    • وأحيانا سائق المشاغب أهواء نفسية وأزمات داخلية من الشعور بالنقص، أو الضياع، أو غياب الهوية، أو محاولات الضجيج بلا إثمار ..! ويرى أن قيمته الثقافية تصقل وتبين من خلال هذه اللوحة المرسومة لذاته، وقد قال المتنبي:
    لهوى النفوس سريرةٌ لا تُعلمُ ...عرَضاً نظرتُ وخلتُ أني أسلمُ

    • ودعوى بعضهم أن الصحافة إثارة وإشغال،، ! ولكنها مرتهنة بالمفيد المجدي، وليس الإثقال والإملال والسخف والصفق..!

    • وقد تجد كتاب أعمدة وزوايا ومتوترين أو سنابيين لا طائل منهم إلا التشغيب السطحي، والترقيم الخاوي، فإذا نتاجهم خاوٍ على عروشه، ضائع في مقاصده... حتى إنه ليصح فيهم:
    فدعْ عنك الكتابة لستَ منها ... ولو سودتَ وجهَك بالمدادِ..!

    • ولما قال القصيمي: العرب ظاهرة صوتية،وسار بها الناس نقدا للخطباء والمعبرين والمهرجين، وتقليلا من الكلام المفيد،، صدقه بعضهم! لكن يصلح تنزلها على هؤلاء المشغبين تزييفا، أو المتعنتين تلفيقا، أو النزِقين تخريفا، أو البائسين تجديفا...!

    • وكلما كان المثقف أكثر علما واتزانا، وأحسن عقلا واعتدالا، كان أبلغ لكلمته وانتشار فكره وإنتاجه..!

    • ويؤسفك أن ينتهي بعضهم بثقافته من الموضع الجاد اليانع الى موضع الهزل والهزال، فإن كان ذَا باع فهو جنوح وقروح، وإلا فمتثاقف هارف، لا عقل ولا نقل..!

    • وبعض حمقى المتثاقفين يروم تسجيل موقف كل لحظة، والتعكير على كل منتج، والتعليق ضد أية إيجابية، والتدخل بلا مداخلة، والإفادة بلا قلادة، والإسهام بلا سهام مسددة، فتنكشف للمتابعين سوأته، وتبدو مرتبته..! ومن قلة حياء بعضهم انطماس الحياء، وذهاب الإحساس، فيوغل كيدا ثقافيا، وتعكيرا فكريا وهو عار ٍسافر من كل اتجاه....!

    • وحيث تيسر آلات التثقف وإمكانية البناء الثقافي المعتبر، لا يلقي لها بالا ويكتفي بموروثات قديمة تخلفية، وقد تجاوزها الزمن، وازدراها الناس، والله المستعان .

    • وليس لديه القابلية للتعلم والتصحيح والإصلاح الذاتي والذهني، وتُصاب بالإحباط إذا تسنم هؤلاء مراتب ثقافية معتبرة، وأصدروا ما يعتقدون أنها كتب ذات قيمة، وهي أشبه ما تكون بدردشات المقاهي وسواليف المحطات...!

    • قيمتك الثقافية تكمن في انتاج بارع، أو فكر ثاقب، أو نقد سديد، أو مقالات جاذبة أو تعليقات مثمرة... توحي بعقل رصين، وقلم سيال، يدفع القرّاء للمتعة والانتفاع، وليس الاستهجان والضيقة...!

    • لاضير من العودة للوراء قليلا للمحاسبة والمراجعة ومزيد من التعلم والاستذكار وقد فعلها أكابر قبلك،، والحكمة: تعلم ثم أحسن تتكلم، وإلا فالإحراحات تلفّك لفاً عميقا، وتنزلك واديا سحيقا..!

    • وهذا لمن لديه بقية من حياء ، وإلا فالحكمة النبوية الرائعة ( إن مما أدرك الناس من النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت ).

    • ونقبس منها الحياء العلمي، والذي يحمل صاحبه على عدم الترقيع والتأكيد بلا برهان واطلاع سليم..!

    • والحياء الثقافي، المانع من مشاركات تافهة، أو زوايا مهلهلة، أو نقدات جوفاء، ينبئك عنوانها بالضحالة والجهالة...! وقد صح قوله صلى الله عليه وسلم:( المتشبِّع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور ) ، والله الموفق .
    د. حمزة بن فايع الفتحي...
    ------------------------------------------------
    دولة الإسلام التي في خاطري، التي تسكن قلبي وتَعمُره، دولة تَهتم بالعلم، وتعرف له مكانته اللائقة به؛ كما جاء في نصوص القرآن والسنة، وكما عُهِد حرصُ النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك عمليًّا، فالعلم هو منطلق الدولة للتقدم والريادة والبناء الحضاري، والعلماء هم حصن الدفاع الأول عنها.
    ولقد كان العلم في دولة الإسلام بمكان كريم، والعلماء كذلك، فعزَّت وسادت، وكانت رايتها كالشمس، فلما انحطَّت مكانة العلم وانْصُرِف عنه، وانخفَضت مكانة العلماء في نظر القائمين على دولة الإسلام - ذلَّت ووَهَنت، وتسلَّط عليها القويُّ والضعيف والقريب والبعيد!

    ماذا يحدث لو كانت دولة الإسلام دولة تهتم بالعلم وتقدِّر العلماء ؟
    يحدث الكثير، ومن ذلك الكثير أنه لن يبقى فيها رجل ولا امرأة، كبير ولا صغير، إلا أتقَن القراءة والكتابة، فمحونا أُمية الشعوب، وأطلقنا إسارهم من قيد الجهل هذا؛ كما علَّمنا بفعله نبينا صلى الله عليه وسلم؛ جاء في مسند الإمام أحمد عن ابن عباس : "كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءَهم أن يُعلموا أولاد الأنصار الكتابة".
    وبذلك شرَع الأسرى يُعلِّمون غلمان المدينة القراءة والكتابة، وكلُّ مَن يعلِّم عشَرةً من الغلمان، يَفدي نفسه.
    وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه ممن تعلَّم الكتابة والقراءة من الأسرى.

    وقَبول النبي صلى الله عليه وسلم تعليم القراءة والكتابة بدل الفداء في ذلك الوقت - الذي كانوا فيه في أشد الحاجة إلى المال - يُرينا سُمو الإسلام في نظرته إلى العلم والمعرفة، وإزالة الأمية، وليس هذا بعجيب من دين كان أول ما نزل من كتابه الكريم: [اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ] [العلق: 1 - 4]. واستفاضت فيه نصوص القرآن والسنة في الترغيب في العلم، وبيان منزلة العلماء، وبهذا العمل الجليل يُعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أول مَن وضع حجر الأساس في إزالة الأمية، وإشاعة القراءة والكتابة، وأن السبق في هذا للإسلام.
    ومن ذلك أن ينطلق أولئك الذين خرجوا من إسار الأميَّة باللغة المحلية إلى معرفة اللغات العالمية التي يتكلَّم بها الناس من حولهم، أو ينتشر بها علمٌ، أو تكون سببًا في معرفةٍ؛ فإن زيد بن ثابت لما أتقَن القراءة والكتابة على أيدي أسرى بدر، أتاح له ذلك بعدها أن يتعلم لغتين، هما السريانية والعبرية؛ فعن زيد بن ثابت قال: أمرَني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلَّم له كلمات من كتاب يهود، قال: (إني واللهِ ما آمَن يهود على كتاب)، قال: "فما مر بي نصفُ شهر حتى تعلَّمتُه له"؛ رواه الترمذي.
    وفي رواية: "أمره أن يتعلم السريانية وعلل ذلك بأنه عليه الصلاة والسلام لا يأمن اليهود أن يقرؤوا له كتابًا يأتيه منهم؛ لئلا يزيدوا فيه وينقصوا، أو يُبدلوا ويُغيروا، فتعلَّم زيد ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم في نصف شهر.
    وزيد بن ثابت من الراسخين في العلم، وهو شيخ المقرئين والفرضيين، ومفتي المدينة المنورة، وكاتب الوحي رضي الله عنه.

    والتعرُّف على لغات الدنيا معناه الاطلاع على علومهم ومعارفهم، والتعمُّق في دراسة تجاربهم، فيَحذر الشر والخطأ والزلل، ويستفاد من تجارب الخير والنفع التي فيها، ومن هنا يمكن التفاعل معها والزيادة عليها أو نقدها؛ كما فعَل علماء أمة الإسلام، فقدَّموا بذلك خِدمات جليلة للعالم، كان من أثرها أن بقِيت الحضارة العالمية تستفيد منها عدة قرون، وأُسِّست عليها نهضتُها الحديثة.
    إن دولة الإسلام التي أحلُم بها، دولة تعرف قدر العلم، ولذلك فهي تنشط في تمكينه وتجذيره في أرجائها؛ تُشيِّد المساجد، وتبني المكاتب والمدارس والمعاهد والدُّور والجامعات، وتُنشئ المطابع والمكتبات والنشرات، وتقيم المؤتمرات، وتَدعم المجامع العلمية الكبرى، وتؤسس شراكات علميَّة كبرى بين إداراتها، بل مع الدول الأخرى المجاورة لها، ذلك كلُّه لتخريج أجيال من القادة والعلماء؛ يَبنون على أسس متينة من البداية إلى النهاية، ويُرون الكون كيف ينفع أحفاد محمد الدنيا بالعلم كما نفعوه بالهدى!

    والعلماء في دولة الإسلام التي في خاطري ذَوو شأن وجاه خاص، إنهم بالمحل الذي أنزلهم الله إياه، دعاة وهداة، وأدلة على الخير، ومرشدين للناس جميعًا إلى طريق الصواب، يقولون للمحسن: أحسنت، ويشيرون بإثابته، ويقولون للمسيء: أسأت، ويوجِّهون بمعاقبته، وهم في المشورة والوزارة والقضاء، والفتيا والتدريس، والوظائف العامة - أهلُ إتقانٍ وقدوة لسائر الناس، يخصُّهم الحاكم المسلم بالمشورة - كلٌّ في تخصُّصه - ويشير عليهم أهلُ كلِّ صناعة في صناعتهم.
    ولعلماء الشرع مزيد اختصاص عن غيرهم من أهل الفنون والصناعات بالحكام والأمراء، وعِلية الناس، فهم ينصحونهم فيما يَرون من الخير أهلًا لأن يُفْعَلَ، وينصحون لهم بشأن الشرور التي يجب أن تُقطع ؛ أداءً للأمانة التي أخذ الله عليهم الميثاقَ بشأنها؛ ليُبينوا الحق الذي آتاهم للناس ولا يَكتموه.
    خرَج شيخ الإسلام عز الدين بن عبدالسلام مرة إلى السلطان في يوم عيدٍ - إلى القلعة، فشاهد العساكر مصطفين بين يديه، ومجلس المملكة، وما السلطانُ فيه يومَ العيد من الأُبَّهة، وقد خرج على قومه في زينته على عادة سلاطين الديار المصرية، وأخذت الأمراء تقبِّلُ الأرض بين يدي السلطان، فالتفت الشيخ إلى السلطان وناداه: يا أيوبُ، ما حُجَّتُك عند الله إذا قال لك: ألم أبوء لك بمُلك مصر، ثم تُبيح الخمور؟ فقال: هل جرى هذا؟ فقال: نعم، الحانة الفُلانية تباع فيها الخمور، وغيرها من المنكرات، وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة، يناديه كذلك بأعلى صوته والعساكر واقفون، فقال: يا سيدي، هذا أنا ما عمِلته، هذا من زمان أبي، فقال العز: أنت من الذين يقولون: [إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ] [الزخرف: 22]، فرسم السلطان بإبطال تلك الحانة.
    ليس المقصود أبدًا من قرب العلماء إلى الحكام أن يستخدمهم الحكام لتسويغ أقوالهم وأعمالهم، وتمرير رؤاهم مهما يكن نظر الشرع إليها، فيتجبَّر الحُكام على العلماء بما آتاهم الله من قوة السلطان، وليس المقصود كذلك أن يتجبَّر العلماء على الحكام، أو يعالنوا الناس بمخالفاتهم، ويُجرِّئوهم على جاههم بما آتاهم الله من قوة الحجة وسلطان القرآن، كيف وهم معًا عباد الله المأمورون بإقامة الدين وحفظ الدولة، والتعاون على البر والتقوى؟!

    لكنه الحرص من الأخ على أخيه أن يقع في محارم الله فيَهلك، ومن ثَم يَنصحه ويرشده ويهديه.
    إن دور العالم في دولة الإسلام دورٌ مهم، إنه الميزان الذي تُوزن به الأقوال والأفعال، ولهذا يجب أن يكون نقيًّا وطاهرًا، ويجب أن يكون كُفئًا لمكانته، وأهلًا لما انتصب له، ويجب أن يكون متقيا لربه ،عاملًا بأوامره، منتهيًا عن نواهيه، وقَّافًا على حدوده، وأن يحافظ على نفسه من التفريط في الواجبات، والاقتراب من المنهيَّات، والوقوع في الشبهات، وأن يجعل الشرع الحنيف مرآته فيما يأخذ ويذَر، ويُعطي ويمنع!
    فإن استطاع العالم أن يكون كذلك، كان أهلًا للقيام بالحق والوعظ به، وهداية الناس جميعًا - حكَّامًا ومحكومين - إلى طريق الصواب والهداية، وإقامتهم على الحق والعدالة.
    لقد قرأت تاريخ الأمة الإسلامية في كتب المسلمين وغير المسلمين، فما عرَفتُ أُمة من الأمم حظِيت بهذا الإجماع من قبل الباحثين على أنها اهتمت بالعلم، وزخرت بالعلماء المتخصصين في كل ميدان، حتى بزَّت الأمم وفاقَتْها.

    لقد كان الملوك والوزراء والأمراء والعامة، الأثرياء والفقراء، رجال الحكم والحاشية، وأفراد الشعب والرعيَّة، الرجال والنساء، الكبار والصغار، العرب والعجم، كان الجميعُ يحرصون على طلب العلم وتلقِّيه عن أهله، والعكوف على إتقانه وبلوغ الكمال فيه.
    ولقد رأينا ملوكًا في سُدَّة الحكم يُساوَوْن بالأئمة في العلم والمعرفة بالشرع والاجتهاد في مسائله، وقد ورَد أن الإمام مالك قال في شأن مقابلته للخليفة العباسي أبي جعفر المنصور: ثم فاتَحني - يقصد أبا جعفر - فيمن مضى من السلف والعلماء، فوجدته أعلم الناس، ثم فاتَحني في العلم والفقه، فوجدتُه أعلم الناس بما اجتمعوا عليه، وأعرَفهم بما اختلفوا فيه، حافظًا لما رُوِي، لقد جمع أبو جعفر بين الإمامتين: إمامة العلم وإمامة الحكم.
    وكان لا يَجهل ذلك من نفسه، فقد قال لمالك في مقابلته له بِمِنًى: لم يبق في الناس أفقه مني ومنك، وفي رواية: يا أبا عبدالله، ذهب الناس فلم يبق غيري وغيرك، ويؤكد ذلك مناظرات دارت بينه وبين مالك في المسجد النبوي.

    وأما من نبغوا من رجال ونساء الأمة من العرب والعجم في هذا المضمار - فتُحدثنا عنهم أفواه الأيام والليالي، فهي تُبصرهم كما تبصر الشمس والقمر، لتحدثنا عن أخبارهم في حلقات العلم؛ إقراء وتحديثًا، دراسةً ومناظرة، إملاءً وكتابة، شرحًا وتحشية، عرضًا وتقديمًا، تحليلًا ونقدًا .. إلخ.
    لتحدثنا عن كتبهم؛ تفاسيرَ وصحاحًا، مسانيدَ ومعاجمَ، مطولات وأجزاءً، رسائلَ وأقاصيصَ، كتبَ طبٍّ وجبر وكيمياء، وأحياء وفلك، وكتبَ عروض وفروض .. إلخ.

    لتحدثنا عن علومهم؛ قرآنًا وسنَّةً، نحوًا وصرفًا وأدبًا وبلاغةً، فقهًا وأصولًا، تاريخًا وأخبارًا وأنسابًا، جبرًا وإحصاءً وهندسة، طبًّا وكيمياءَ وفلكًا ... إلخ.
    لتحدثنا عن إبداعهم علومًا وفنونًا واختراعات، لم تسمع الدنيا بها قبلَهم، ولم يَفُضَّ بكارتها غيرُهم.
    لتحدثنا عن شغفهم بمسائل العلم، حتى ليَوَد أحدهم أن تكون أعضاؤه جميعًا آذانًا؛ لتصغي له بألوان مختلفة من السماع، وعن شغفهم بالكتب والمكتبات، حتى يبيع أحدهم أعزَّ ما لديه من أجل شراء كتابٍ.
    لتحدثنا عن ذلك كله، وعن غيره من أمور لا تُحصى، كلهنَّ عجائبُ، فعجائب العلم والعلماء في دولة الإسلام لا تنقضي، وحديثهم يجلو الفؤاد الصادي.
    --------------------------------------------------------------
    "إني حَصَان فما أُكّلم وثَقَاف فما أُعَلَّم" أم حكيم بنت عبد المطلب
    أرجو ألا تظنوا أنه موقف عليائي، وأن أم حكيم -رضي الله عنها- قد استبد بها الغرور فقررت التوقف عن تحصيل المعرفة. بل هي وصفت نفسها بالثقافة لا بالمعرفة، وشتان شتان ما بين الاثنين. المعرفة في المحصلة العامة تجميع للمعلومات مع بعض العمليات التنظيمية التي تضمن للعقل استرجاع المعلومات بالشكل المناسب وفي الوقت المناسب. وقد يكون لأحدهم اطلاع موسوعي، وقد يختزن عقله الكثير من الأرقام والنسب والأحداث والمقولات، لكن إياك أن تظن أنه مثقف بالضرورة، هو عارف وحسب.

    أما المثقف (أو الثقاف كما وصفت أم حكيم نفسها بصيغة المبالغة) فهو شخص لا يحتاج أن يُعلّم، لأنه تعلم كيف يتعلم، وخبر آليات اكتساب المعرفة، وتجاوزها إلى شيء أكبر وأعمق: الثقافة. وهذا لا يعني أن المثقف عارف بكل شيء، بل هو يملك قاعدة معقولة من المعارف، انطلق من كتفيها إلى أفق أرحب وهو التثقف. وعلي أن أشير هنا إلى اللبس الذي كثيرا ما يحدث بين الثقافة التي أتكلم عنها (أو المثقفيّة نسبة إلى كون الشخص مثقفا) وبين الثقافة بمعنى القيم والسلوكيات السائدة في مجتمع ما أو مؤسسة.
    المثقف يتسم بصفات فكرية تميزه عن غيره من دوائر المعارف التي تدب على الأرض و"ديدان الكتب"، فهؤلاء كثيرا ما يكونون" مسقّفين"، يضربهم أفق خفيض على رؤوسهم لأنهم لا يفكرون خارج أقوال فلان وفلان، فيصنعون لأنفسهم سقفا قادرا على حفظ الكثير من إنتاج الآخرين، لكنه سقف خال من المسامات التي تسمح لإبداعهم أن ينفذ من خلاله.

    وبالمناسبة -وبما أن هذا الأمر يزعجني- المثقف ليس شخصا يرتدي نظارة بالضرورة(مثلي أنا!)، ويعيش بين كومة من الأوراق وأعقاب السجائر ويستطيع أن يبقى بينها أسبوعا أو أكثر يتنفس ثاني أكسيد الكربون بطريقة لم يكتشف العلم الحديث لها تفسيرا! وليس بين الصلع وبينه عقد احتكار ، ولا يجب أن يكون من بين المرشحين للحصول على لقب عميد البشرية.
    وحتى لا أكثر من التنظير، وأعلم أن القارئ اليوم نفسه قصير، إليكم قائمة بصفات غالبا ما تجدونها لدى المثقف:
    - المثقف له المقدرة على التفكير المستقل، الذي كثيرا ما يتجاوز حدود الزمان والمكان. فهو لا ينظر إلى زمانه ومجتمعه فقط، بل إلى هم أكبر، أممي أو حتى كوني. المثقف يزعجه أن يحصر نفسه في الهم الآني، وقضية الساعة، بل لديه نزعة ظاهرة إلى القفز على خط الزمن (تقديما أو تأخيرا) للحصول على خُلاصة فيها الخَلاص.

    وهذا لا يعني أنه لا يهتم بمجتمعه، لكن هذه النزعة القلقة نحو ما هو أوسع هي ما تمكنه من الوصول إلى حلول مبتكرة لمشاكل مجتمعه في حين يرزح الآخرون في مستنقع التبرم حول الواقع.

    - المثقف له وعي شمولي، لا يحصر نفسه في حقل علمي معين، بل يجوب بساتين مختلفة يلتقط منها الثمار الملائمة، بل ويزاوج بينها. الخيال العلمي – على سبيل المثال لا الحصر- مزيج من العلم والأدب لا يقدر عليه إلا شخص قادر على امتلاك ناصية الأدب والإمساك بلجام العلم، وتزويجهما بغِراء الخيال.

    - المثقف إنسان لم يفقد القدرة على التساؤل، ونزعة الفضول، والقدرة على تطويع أحلام اليقظة وتساؤلاتها لتكون منصة انطلاق إلى قضايا أكبر.

    - المثقف إنسان لا يشبع من المعرفة، لكنه يعرف كيف لا يكون سليبا لها، يعرف كيف لا تصيبه تخمة معرفية. فهو حين يقرأ، يقرأ قليلا ويفكر كثيرا، فالإفراط في القراءة كعدمها، ينتج لنا عقولا ببغائية لا تستطيع النقد ولا التحليل، ويخرّج لنا أفواجا من "المسقّفين". المثقف يعرف من أين تؤكل الكتف المعرفية، يعرف كيف يتحرك كالفراشة ويلسع كالنحلة! يعرف كيف ينتقي ما يقرأ، ويعلم أن ما بين يديه جهد بشري يستوجب التمحيص والأخذ والرد.
    ولذا فهو إنسان له رأي خاص به، فهو ناقد وليس ناقلا يلوك رأي من قرأ لهم دون أن يمرره على مفرزة الشك. وهو إن نقل ينقل بأمانة من جهة، وبحكمة وحذر من جهة أخرى. - المثقف لا يسكن في بطون الكتب، بل شخص تخرّج منها إلى أفق أرحب وأوسع. شخص يحب أمهات الكتب، لكنه قادر على الانفطام من أحضانها.

    - وختاما، المثقف - من وجهة نظري- شخص عليه الخروج من البرج أو القوقعة ليقدم شيئا يفيد الإنسانية بالمفهوم المجهري المتخصص (مايكرو)، أو المنظاري الواسع (ماكرو). فالمثقف الذي يكتب لنفسه أو لـ"شلته" أو يكتب ليتلذذ بتعذيب الناس بكلمات وتهويمات لا - وربما لن- يفهمها إلا هو، ليس مثقفا حتما بل مهووس فكريا يريد استعراض ذخيرته أو مقدرته على اختراع رموز سرية.
    أما المجتمع والأمة والإنسانية فتحتاج إلى لغة كونية، لغة مسؤولة، لغة لها يد تهز العالم لتوقظه من سباته، وتربت عليه إذا ما أصابه الأرق. هؤلاء هم المثقفون الحقيقيون. هؤلاء فشجعوهم حيث ثقفتموهم!
    -----------------------------------------------------------
    إذا كان الرجل العظيم هو من يجعل من حوله يشعرون أنهم عظماء، فذلك هو ما فعله موسى -عليه السلام- حين جعل من القوم المُستضعَفين بمصر قوة موحدة، تتحدى الطغيان وتفارق الأوطان، وهو ما فعله عمر الفاروق -رضي الله عنه- حين يمم وجهه شطر فارس والروم، وأطلق حركة الفتوح، وحقق نبوءة: (أخَذَ الدَّلو عُمَر فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرْيَهُ حَتَّى رَوِىَ النَّاسُ)، ذاك ابن عمران، وهذا عمر، ذاك موسى الكليم، وهذا عمر الفاروق.

    ومن لطائف التدبير السياسي الإسلامي؛ أنه إذا كان خُلُق الرجل العظيم يميل إلى اللِّين، فينبغي أن يكون خُلُق نائبه يميل إلى الشِّدة؛ وإذا كان خُلُقه يميل إلى الشِّدة، فينبغي أن يكون خُلُق نائبه يميل إلى اللِّين؛ ليعتدل الأمر، كما ذكر العلماء، ولهذا كان هارون الموصوف باللِّين وزيراً لموسى الموصوف بالشِّدة في الحق، وكان عمر الموصوف بالشِّدة في الحق وزيراً لأبي بكر الصديق الموصوف باللِّين، وكان أبو بكر يؤثر استنابة خالد بن الوليد المعروف بالشِّدة، وكان عمر يؤثر عزل خالد، واستنابة أبي عبيدة بن الجراح؛ لأن خالداً كان شديداً، كعمر بن الخطاب، وأبا عبيدة ليِّن كأبي بكر -رضي الله عنهم أجمعين-.
    والحق ركنان: بنّاءٌ وهدّام.

    ذاك عاصر فرعون المتألّه وتربى في ظلّه، ولم ينتقص هذا من ثقته بنفسه، ولا إدراكه لهويته، ولا صدقه مع ذاته.
    وهذا عاصر فرعون هذه الأمة وكان من أخواله، ولم يؤثر هذا على استقلال شخصيته، ولا إقدامه على اعتناق الدين الجديد.
    ذاك نبي معلَّم مكلَّم، وهذا صِدِّيق شهيد ملهَم، وكلاهما له من شفوف النفس وزكاء القلب وتواضع الكبار، ما يستلهم به موارد الحق ومواقع الصواب.
    تشابها في الخَلْق والجسامة والطول، وتشاكلا في الأخلاق والطبائع والعقول.
    الجاذبية والسر الغريب (الكاريزما)، القيادة الفطرية، والقوة الحيوية المؤثرة، قوة باعثة مشفوعة بالرحمة، لا قوة متسلطة طاغية، أولياء لله من هذه الأمة كأنبياء بني إسرائيل.

    لا غرو أن يقارن الاسم الاسم، ويقارب الرسم الرسم.
    نفوسٌ صادقة مع ذاتها ومع ربها، فلا عجب أن تتصل قلوبهم بالسماء، فتكون راسخة في الطمأنينة، حتى عندما ترتجف الأرض من تحت الأقدام، صعد موسى عليه السلام الجبل ومعه سبعون رجلاً من قومه، فرجف بهم الجبل، فقال: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} (155:الأعراف).
    وفي صحيح البخاري: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صعد جبل أحد، وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: « اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِىٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ »، انتهى الموقف بكل هدوء.

    في أسرى بدر رأى أن يُجندل الأسرى على جنوبهم، فكان شبيهاً لموسى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (88:يونس).
    أتى بصحيفة من التوراة، فبادره رسول الله: (لو كان أخي موسى حيَّاً ما وسعه إلا اتباعي).
    يذهل لخبر الرحيل، فيتمعّر حباً، ويرقى المنبر متحدّثاً بالظن أن رسول الله ما مات، ولكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى إلى ربه، كان يستحضر موسى حتى في هذه الليلة الظلماء.
    غضب موسى للإسرائيلي المظلوم وأردى المعتدي، فكانت بداية مفاصلته للقصر وخروجه من مصر.
    وغضب عمر من حصارٍ ظالمٍ فأعلن إسلامه وقاتل دونه، وهاجر علانية.

    نمطٌ من العظماء يتميّز بالقوة والشدة والصلابة والحزم:
    في الخطاب الموسوي: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا} (102:الإسراء).
    وفي الخطاب العمري لأبي سفيان: (أنا أشفع لكم؟ لا والله، والله لو لم أجد إلا الذَّر لقاتلتكم به).
    يأخذ موسى برأس أخيه يجره إليه، في لحظة انفعال وغيرة على التوحيد، ويشتد عمر على أبي هريرة؛ حياطةً للدين وخشية من سوء الفهم للوعد بالجنة لمن شهد شهادة الحق: (لا تبشر الناس أخشى أن تبشرهم فيتكلوا).
    شدة موسى مع فرعون، مع بني إسرائيل، مع أخيه، حتى مع الحجر حين ضربه بعصاه حين ذهب بثوبه على ضفة النهر.
    وشدة عمر على نفسه، وأمرائه، وأبنائه، وخدمه، حتى مع الحجر الأسود: (إِنّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ ، وَلَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ) (متفق عليه).
    جرأة موسى حتى في حواره مع ربه حين سأل بإدلال المحب: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} (143:الأعراف).
    جرأة عمر في صلح الحديبية: (عَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟)، وفي الصلاة على "عَبْدِ اللهِ بن أُبَيّ بن سَلُول": (أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَهُوَ مُنَافِقٌ؟, وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ)، وفي أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَا رَسُولَ اللهِ, لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ) (رواه البخاري ومسلم).

    وجرأة أخرى في مراجعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففي صحيح البخاري: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَسِيرُ فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، كُلُّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ . قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِى ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي -قَالَ- فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ . وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ "، ثُمَّ قَرَأَ (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) .
    حسمٌ مع رؤوس الخيانة بلا تردد، خطاب موسى للسامري كخطاب عمر لابن سلول.
    انكسارٌ لله: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} (16:القصص).
    وقال عمر في خلوته: (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! بَخٍ بَخٍ.. وَاللَّهِ لَتَتَّقِيَنَّ اللَّهَ أَوْ لَيُعَذِّبَنَّكَ).
    غضبٌ لله يثور ثمّ يسكت فيأخذ موسى الألواح.
    يسمع عمر من يسبّه: (وَاللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ)، فيهمّ به فيُذكّره جليسه بـ{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (199:الأعراف)، فوالله ما جاوزها وكان وقَّافاً عند حدود الله.
    شخصيات حاسمة عظيمة تصنع الفرق، بعد موسى عبدوا العجل واستضعفوا هارون وتآمروا لقتله، وكان عمر الباب الذي يكسر فتظهر الفتن.
    التواضع والبساطة لا تمنع الهيبة والخشية من المؤاخذة، فهذا النمط الحازم لا يهادن الخطأ ولا يصبر عليه.

    كان فرعون يخاف من موسى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} (35:القصص).
    وكان عمر مهيباً يَفْرَقُ الشيطان من ظلّه.
    نكل بنو إسرائيل عن دخول القدس، ودخلها عمر بجند الله.
    القيادة تحتاج لأتباع جيدين!
    سقى موسى للفتاتين، وأبصر عمر ناراً تضوي فقال: أرى قوماً قصر بهم البرد والليل، فحمل جراب دقيق وشحم، وطبخ لهم، وسمع المرأة تقول: الله حسيبنا على عمر يتولى أمرنا ويضيعنا!
    رقةٌ أمام حالات الضعف الإنساني ونجدةٌ وشهامة لا تعرف الرياء.

    وعيٌ بالمتغيرات وتكيُّف مع المستجدات، ما بين القصر إلى الاستخفاء إلى الصحراء إلى مَدين، وما بين الإسلام العلني فالهجرة فالوزارة فالإمارة.
    {الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (26:القصص)، توسّم فتاة ذكية خليقة بأن تكون زوج نبي، وهما شرط النجاح القيادي في رؤية عمر: (أشكو إلى الله ضعف الثقة وخيانة القوي).

    العدالة والأمانة وإجراء الحق على القريب والبعيد، ومواجهة التحديات والمصاعب بلا تردد، وتكريس الحياة للمبادئ العظيمة.
    قيادة نادرة استثنائية تتخذ القرار الحازم الحكيم وتمضي إليه بثقةٍ دون التفات، فربما كان بينها وبين الأتباع مسافة غطّاها هارون المحبب في قومه، كما غطّاها عثمان وأصحاب الشورى لدى عمر.

    تمنى موسى القرب من الأرض المقدّسة عند احتضاره، وكان في دعاء عمر: اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك وموتاً في بلد رسولك.
    أيقن موسى ألا فكاك من الموت فقال: ربّ فالآن، وقال عمر: اللهم كثرت رعيتي ورقّ عظمي فاقبضني إليك غير مفتون ولا مضيّع.
    موسى يلطم ملك الموت، وعمر يخاطب شاباً بشأن إسبال ثوبه ويوصي بالمهاجرين والأنصار، وبطنه يَثْعَبُ.

    رباطة جأش حتى اللحظة الأخيرة:
    عاشوا حياةً واحدة، لكنها تشعّبت وأشرقت في أرواحٍ أحبتهم، وارتسمت في عيونٍ لمحتهم، وألهمت من بعدهم معاني الصبر والإحسان والأمل.
    هكذا كانوا ..

    إيَّاك أن تأخذ من موسى: {فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ} (15:القصص)، وتنسى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي..} (16:القصص).
    أو أن تأخذ من عمر: (لو لم أجد إلا الذَّر لقاتلتكم به..)، وتنسى (أرى قوماً قصر بهم البرد والليل..).
    إيَّاك أن تأخذ من موسى قوته وتنسى رقته.. أو من عمر حزمه وتنسى عدله..
    هي معادلة الجناحين..
    قوة اليد في أخذ الحق، وقوة الظهر في تحمّل المسؤولية..
    لا تطل يدك وتضعف ظهرك، ولا تنظر لزاوية دون أخرى.
    --------------------------------------------------------------
    امتشاقي للقلم وممارسة دور الكاتب ،والكتابة الصحفية لم يكن مرتبا ،أو محسوبا لا من قبلي ولا من قبل عائلتي التي كان مبتغاها أن ترمقني مع الأقران حاملا لمحفظة وسائرا في خط غير منكسر صوب الجامعة فحلم العائلة كان ضمن مجال معرف ودقيق أن لا أضيع بين متاهات البطالة مع جحافل البطالين الذين لفظتهم المدرسة فأصبحوا صعاليك ،وبين طيش الطفولة المغرورة بما تملك من قدرة عقلية على الاستيعاب فلا يصدنها صاد عما في بطون الكراسات.

    وكان لي ذلك أن تفوقت على الأقران وتملكت جانبا مهما من سنوات النجاح أو هكذا كانت تبدو لي وعلى طول نجاحاتي لم أكن أدري ماذا أريد سوى أن أنجح وكفى كانت هوايتي أن أقرض الشعر، وكانت هواية من محض الصدفة ربما انطلقت معي لما أردت أن أكون شاعرا غنائيا اقتداء بشعراء الغناء لعبد الحليم حافظ الذي كنت أحفظ جميع اغانيه إلا ما لم تلتقطه أذني وسمعتها كلها لما زرت القاهرة فيما بعد ونزلت ضيفا على شركته صوت الفن.
    لقد كان الشعر هاجسي وأنا لم أتخط عتبة المدرسة الابتدائية وكل معلم يعلم بي إلا ويقترب مني ويربت على كتفي طالبا مني المواصلة حتى لقبت بالشاعر لكل مرحلة أصلها وللمؤسسة التي ألجها.

    وكما تحكمت في ناصية الشعر الفصيح قدرت على التأقلم مع الدارج الغنائي وكنت أنظر إلى هذه الازدواجية من أن أحمد رامي تمكن من ذلك، وذاع صيته.
    وكدت أن أنساق مع شلة من الغنائيين ذكورا وإناثا هم اليوم مطربين لهم مكانتهم في المجتمع الغنائي وأحمد الله على أنني لم أوفق وانقلبت الهواية الشعرية إلى صحوة فكر، ووخز ضمير لما قدم علينا في الجزائر عالم من أعلام الإسلام الشيخ محمد الغزالي - رضي الله عنه- مجدد الإسلام للقرن الماضي وانتشرت كتبه في كل شبر من الجمهورية الجزائرية بسعر رمزي هو تكلفة الطبع فقط لأن الشيخ محمد الغزالي *رحمه الله* تنازل عن حقوقه المادية لصالح القارئ في الجزائر.

    وانطلقت أشتري كتبه الواحد تلو الآخر وكدت أن أحفظ كل صفحة من كل كتاب كما كنت أحفظ أغاني عبد الحليم حافظ عن ظهر قلب ونظرت إلى المرآة فرأيت نفسي حقيرة أمام ما كنت أطمح أن أكونه وعاهدت نفسي أن لا تفوتني الدعوة الثقافية، والحضارية – يمكن أن نتغاضى عن ذكر الدين كمفهومية لأنها تأتي أوتوماتيكيا ضمن سياق ثقافي وحضاري خصوصا في هذا الزمن بالذات- بعد أن كدت أن أكون داعيا لمائدة الشيطان .
    وكما اخترت الرياضيات كاختصاص بحكم تفوقي فيها الكبير حولتني كتب الشيخ محمد الغزالي- رحمه الله- إلى قارئ لكتب الفكر والأدب والسياسة ولم يكن الحظ مسعفا لي أن واجهتنا الأزمة الدموية التي شتت فكرنا فأوقفتنا عن كل استمرارية في التحصيل الأكاديمي لأن الجامعة التي كنت أعرفها وأردت الانطلاق منها في الدراسات العليا هاجر جميعها وفروا بجلودهم وبقيت حسب ظني قاعا بلقعا.

    فما ذا يفعل الواحد منا سوى الانصراف إلى حين وترتيب الوضع المكاني لمجمل أفكاره وما سطره كهدف أسمى بعد الغيبوبة الإيديولوجية.
    قد يتطلب عندما تدلهم الأزمات وتنهال المصائب كالوابل أن ينحصر في خانة حيادية، ولا يفكر إلا في الحياة وقيدها هذا لو كان لا يعرف من الحياة إلا الاسم ونظرته البعدية لا تتعدى ثقب الباب المغلق عليه لكن وهو العارف مكمن الداء والداري لمربط الخنزير فهذا جبن ما بعده جبن لو سكت أو تشبه بالدهماء والجهلة والصعاليك الذين بصقتهم المدرسة في أول سنة ابتدائية من العيب أن نتساوى مع من يريد التكيف مع العفونة ويكون شعاره اتركها فهي مأمورة فالواجب العلمي يوجب على كل من كان قدره الحياة بين طيات الكتب أن يتحسس الواقع ويدعو لمائدة الخير مهما كانت النتيجة .

    ولقد عانى أصحاب الدعوة إلى الحق من حموضة أفكارهم على غيرهم ولربما أصبحوا ذوي تهمة بينة أنهم على باطل ينثرون البلبلة ، والسجون ملأى بالأخيار الذين قالوا في الباطل ما لا يرضي المبطلين وإن كانت المهمة التي أدعي أني متكفل بها هي التعامل مع الكلمة الصادقة في ما أنشره وفي ما أكتبه ورغم الحصار الذي أراه ستارا واقيا لي ينفعني يوم العسر وهذا الحصار وإن كان جماعيا بيد أن شعوري به ككاتب يفوق كل شعور خصوصا وأنه حصار بالدرجة الأولى حضاريا وكنت أعلم أن هناك الأكثرية من كان يتمنى أن أكون ضمن المغنيين لا قدر الله أحتسي معهم الخمر وأسب المسلمين الأصلاء وأبيع ذمتي بدراهم معدودات أو أتملق لوزير و أذكر وزيرا قال لي بالحرف الواحد عليك أن تكتب على قطاعي فأجبته بأني لست للبيع وقطاعك أو ملكك سأكتب من أجله عندما تعرف أن الحقيقة كل لا يتجزأ وما دامت تناصر فلانا على حساب الحقيقة فسأكتب عكس ما تحبه وهذا الوزير شخصيا يعترف أننا طلاب حق ولسنا طلاب مراتب إلا مرتبة الشرف ولو كنا نريد ذلك لأكملت المسيرة مع الشعر الغنائي ولو كان هابطا فسيصعد بي نحو العلاء لكن حقيقة سيضيق صدري حرجا وأكون نادما يوم لا ينفع الندم.

    إن المسار الذي رسمته لنفسي مسار يجعلني غريبا في وطني الأم مادامت الأغلبية تتعشق التماوت لما ترى الحق يهاجمهم وشعوري بوجودي بين ظهراني الأهل على اختلاف الرؤى والأهداف أستشعر الغربة الثقافية ، الغربة التي لا يفهمها سوى من تجرع حلاوة الحق ومرارة الواقع وانتشى من رحيق العلم الذي لا شبع منه وهل أمر من الغربة الثقافية لما تعيش بأوراق تبين هويتك في مجتمع ينحدر مع هوية الآخرين .
    وعلى غربتي فلست نادما على مسلكي . فربما يصيبني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :(فطوبى للغرباء).
    -------------------------------------------------
    وفكرتُ في الغصن الهزيل فهالني جذورٌ له في زهرة التين وَالنَّخْلِ..!
    تتقاعس الجهود، وتتعثر المشاريع، ويتعب القلائل، بسبب غياب كثيرين واعتمادهم على أشخاص محددين،،،،! ثم هؤلاء المحدَّدون منتقَدون من هؤلاء وغيرهم، وأنهم أكلوا المشهد، أو اجتاحوا الفضاء، أو سيطروا على المفاصل...!
    فلا هم من إخوانهم سالمون، ولا من الناس معذولون ...!
    أقِلّوا عليهم لا أبا لأبيكمُ من اللوم أو سدّوا المكانَ الذي سدوا..!

    ومع ذلك فإن الطريق الإصلاحي والدعوي كذا هي طبيعته، وهذا شكله وطعومته...!( ما يقال لك إلا ما قيل للرسل من قبلك )سورة فصلت.
    تخلف وسلبية، وانتقاد ورزية، واتهام بلا روية، ولكن من فقِه الطريق لم يبال بالنقاد، وسار على سواء الصراط.
    ونحن أمام ظاهرة سيئة، ومرض من أفتك الأمراض الاجتماعية، والتي تنخر في حياتنا، وتعوق من هممنا، وتلزمنا مقاعد التراجع والانزواء واللا مبالاة..!
    ولا زلتُ منتقَدا بكل طريقةٍ ويعلم ربي وجهتي ورجائي
    فإما نهوضُ يرفع الروح والمدى وإما مماتٌ دون أي حياءِ

    ومن صور السلبية ما يلي :
    ١- الانعزال الاجتماعي: فلا يكاد يملك خيطا من تواصل مع كثرتها، ويهتم بصلاحه في نفسه، فيضيع أبوابا من الخير نافعة، ومسالك من التأثير قيمة، والسبب إيثاره الانعزال واختياره الصلاح الذاتي والأمان النفسي في ظل احتياج الناس لكل ملمة وفائدة وتصحيح وتربية وتوجيه..!وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم[ المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم ].

    ٢- الصمت المطبق: قد أحكم إغلاق لسانه بقفل، فلا كلام ولا نصح ولا تسديد، يُستشار فلا يُشير، ويستنصح فلا ينصح، وقد يعتقد أن الأمور في تمامها، والأعمال في ريادتها، أو يخشى الانتقاد، ويستهين دور الكلمة المفيدة والمحرضة على الخير والإنتاجية .[ لا تحقرن من المعروف شيئا ].

    ٣- الخجل القاتل : طغى عليه جلباب الخجل، فلا مشاركة ولا حديث، ولا حضور أو طموح، وتوقيعه الدائم: خجلان، وأستحي من الكلام...! وغيرنا كفانا، والبركة فيهم،،!
    وهنا أنت أمام (معضلة اجتماعية) وثقافية، ولابد أن تتظافر الجهود في القضاء عليها...! بالتثقيف والتعليم وإطلاق المبادرات واشعال جذوة التنافس ( وفِي ذلك فليتنافس المتنافسون ) سورة المطففين.

    ٤- تبديد المواهب : فما إن تشع له موهبة، أو تبرز له مزية، إلا ويهملها أو يتشاغل عنها ولا يؤدي زكاتها مجتمعيا وذاتيا،،،! وتطول بها المدة حتى تتلاشى وتنتهي، باكيا عليها كل من عرفها واستحضر روعتها وإتقانها.!
    أعطاكَ ربك أنداءً ومكرمةً/// لمَ الذبول لمَ التقليل والحجلُ

    ٥- تغييب الفضائل : فلا مقام لفضائل كالعمل والتحرك، وخدمة الآخرين، وصنع الإيجابية المجتمعية، وأخذ زمام المبادرة والاهتمام، وإسداء الأفكار، كحال العاجز والكسيح، يحتاج لمساعد،،! وتندهش من جموع غفيرة وتعيش كساحا عمليا وتنتظر مصلحين ومباركين من الخارج،،،!

    ٦- نسيان التواصي الشرعي: والمنصوص عليه شرعيا واجتماعيا ( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )سورة العصر .
    وله أثر عجيب في رفع روح المعنويات وصناعة اليقظة وتنشيط الكسالى والراغبين، ودفع مسالك السلبيين وتهريجاتهم،،!

    ٧-هجران التعاون : إذ تسود الأنانية، وتغلب الذاتية، وبدلا من مكونات مؤسسية متنورة ، تلمح الحضور الفردي، والتخنذق الذاتي، والاستبداد الإداري، ولا تدوم الأعمال وترسخ إلا بفرق العمل التنوعية، وفقه العمل التطوعي المنظم، والذي يشع روح العمل والترابط وحسن التصور والتخطيط .

    ٨- تثبيط المهتمّين: بحيث تطلق عبارات التخذيل وغيرها، على بعض الفضلاء ليعوقوا سيرهم، ويصادروا جهدهم( قد يعلم الله المعوِّقين منكم ) سورة الأحزاب .

    ٩- اتهام النيات : لا يشارك بعضهم إلا بالاتهام وتراه بارعا فصيحا في ذلك، قد زاد على خطيئة الانزواء، خطيئة طعن الناس والتدخل في نواياهم والتفتيش في دواخلهم..![ إن أربى الربا استطالة المسلم في عرض أخيه المسلم ].
    وحينما تكون الوقيعة في أناس عاملين مجدّين، قد ملأوا المشهد ، وأثروا دعويا وإداريا وفكريا، فذلك من الشطط والفعل المسموم..!( لقد قلنا إذاً شططا ) سورة الكهف.
    وفي ظل الفلاشات الإعلامية والتغطية الضرورية للنشر والإفادة، عظمت التهم واستشرت بجلاء، وما شقوا البطون أو خرقوا القلوب ليعرفوا حقيقة المخلص من غيره، فالحذر الحذر، والعاقل تكفيه ذنوبه عن استلحاق ذنوب الآخرين .

    ١٠- التعليق النشاز: ليعالج هوان تحركه وخلوده للفعل السلبي الغائر في الاحباط والتخذيل، كما قال المنافقون في الزمان الاول(لو أطاعونا ما قتلوا هاهنا)والواجب الثناء بالشهادة والاستبسال في سبيل الله، كما قال عز وجل(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ...) سورة آل عمران .

    ومن حين لآخر تسمع :
    • لا تتعب نفسك- الله في غنى عن صدقتك- والعلماء كثيرون ومن أنت- تعلم ثم تكلم- صغار برزوا بلا مقدمات-
    وقد يكون بعضها صحيحا ولكنها تساق للنبذ والتحطيم الاجتماعي والثقافي، وهذا لا يجوز، ودافعه غالبا الجهل أو الحسد وتكريس السلبية والتواكل، والله المستعان.
    وحينما تدرك خطورة فكر أو توجه كهذا تعلم لماذا تفشل بعض الجهات ولا ينتج عاملوها أو منتسبوها...!
    • فالموظف يقول كفاية عملي وراتبي المناسب له.
    • والمتدين يقول صلاحي أولى، ولا علاقة لي بالناس.
    • والخطيب يقول الناس لم تعد تستمع وتحضر متأخرة.
    • والإداري يقول لست أول متخلف ومتسيب.
    • والداعية يقول نصحنا والاستجابة قليلة ومن ثم يقل عمله .
    • والأمهات معولات على الشغالات.
    • والجهات الخيرية تأتسي بالجهات المقصرة والموغلة في الترهل، وتسرح موظفيها..!
    • والفقيه يشكو قلة الطلاب، فيعمد للاعتكاف المكتبي والعبادي.
    • والفارغ يعيش السطوة النقدية، فيوزع أوسمة النجح والظفر والتزكية القلبية الخفية، ولا يكاد يبقي أحدا..!
    فاللهم وفقنا لحسن العمل والتعاضد، وأن نكون لبِنة بناء، لا لبِنة هدم، والله الموفق والمعين ...!

    ومضة السلبيون كالأشجار الموحشة والثمار التالفة، إذا تمادت اتسعت..!
    islamweb








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de