الإنهيار: الدولار يصل 8200 جنيه

Quote: تداعيات الأزمة الاقتصادية السودانية ما زالت تتصاعد الكساد السائد والتضخم وعدم توافر الموارد المادية سيؤدي إلى عدم الجدوى الاقتصادية للمشروعات، 11-22-2013 06:30 AM محجوب محمد صالح قبل أن تنتهي تداعيات الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي أقرتها الحكومة وأثارت موجة من الاحتجاجات الشعبية التي ما زالت تداعياتها تتواصل، أعدت وزارة المالية العدة لإطلاق المرحلة الثانية من الإجراءات ضمن ميزانيتها الجديدة التي ستطبق بعد بضعة أسابيع، وستسير على نفس النهج السابق بمحاولة تحميل المواطن نتائج أخطائها الاقتصادية المتراكمة. وزارة المالية درجت في إطار تبريرها لحزمة الإجراءات السابقة أن تؤكد أن الإجراءات ليست قاصرة على رفع الدعم وتخفيض قيمة الجنيه وزيادة الرسوم والضرائب، إنما تتضمن عناصر إيجابية تتمثل في تخفيض الإنفاق الحكومي ومحاصرة التضخم وزيادة الإنتاج لتقليل الواردات وزيادة حصيلة الصادرات لمعالجة الخلل في الميزان التجاري وتوفير النقد الأجنبي، ولكن كل المعطيات تفيد أن هذه الحزمة الإيجابية التي تتحدث عنها الحكومة مجرد أسطورة غير قابلة للتحقيق. الحكومة بسياساتها الحالية غير قادرة على ضغط المصروفات أو زيادة الإنتاج، والجزء الوحيد الذي تستطيع أن تنجزه من البرنامج هو تخفيض قيمة العملة ورفع الدعم وزيادة الرسوم والضرائب لزيادة الدخل الحكومي لمواجهة مصروفاتها المتعاظمة، ووضع كل التبعات على كاهل المواطنين، وهو ما سارعت لتنفيذه وتحميل المواطنين تبعاته دون أن يواكبه أي إنجاز في الحزم الأخرى. الحكومة بسياساتها الحالية ليست مؤهلة لتخفيض الإنفاق الحكومي لسببين أساسيين، أولا لأن استراتيجيتها هي معالجة الأزمة السياسية بقوة السلاح وقوة القهر لا عن طريق الحوار والتنازلات المتبادلة والصرف على الحرب وعلى الأمن تحت مثل هذه السياسات غير قابل للتخفيض، بل على العكس من ذلك هو مرشح للزيادة كلما تصاعدت الأزمات السياسية وكلما حدثت انفجارات سياسية أو أمنية غير متوقعة مثل أحداث سبتمبر الماضي أو احتلال أبوكرشولا أو أبوزبد، فكلها مواجهات مكلفة وغير محسوبة في برامج الحكومة، ومن الناحية الأخرى فإن سياسة الترضيات وشراء الولاء بالوظائف السيادية والتشريعية والتنفيذية يعني مزيداً من التوسع في الإنفاق على جهاز الدولة ولا يحقق أي تقليص في الإنفاق الحكومي بل سيزيده. وحالة التضخم السائدة وضعف القوى الشرائية وتصاعد الغلاء والكساد المصاحب له سيؤدي بالضرورة إلى تناقص الإنتاج وزيادة تكلفة الإنتاج وبوار السلع الداخلية وضعف قدرة سلع التصدير على المنافسة في السوق العالمية مما يقلل من حصيلة الصادرات ولا يزيدها. وفوق هذا وذاك فإن حالة الاحتقان الداخلي ستتزايد والانفجارات غير المحسوبة ستتزايد والأزمات ستتصاعد، وأمامنا الآن شواهد على ذلك، فأزمة الخبز الحالية التي احتاجت إلى اجتماعات على مستوى القمة لمعالجتها والخروج منها ستتكرر بالنسبة لسلع وخدمات أخرى لأن جذور المشكلة تنبع من ضعف إمكانات الدولة المالية لمواجهة الالتزامات المطلوبة لتوفير السلع. وستخرج مؤسسات خدمية وإنتاجية من دائرة العمل لأن الكساد السائد والتضخم وعدم توافر الموارد المادية سيؤدي بالضرورة إلى عدم الجدوى الاقتصادية لتلك المشروعات، وقد بدأ هذا المسلسل بتوقف بعض شركات الطيران المحلية عن العمل بسبب الظروف الاقتصادية وإلغاء بعض الشركات العالمية سفرياتها للسودان بسبب عجز الحكومة عن توفير النقد الأجنبي المطلوب لتحويل مستحقاتها، كما أن بعض الفنادق العاملة في السودان مهددة بالتوقف بسبب الكساد وقلة عدد النزلاء، إضافة إلى صعوبات النقد الأجنبي. وستطال هذه الأزمة مرافق إنتاجية وخدمية أخرى فتتوقف مصانع وتتعطل الزراعة بسبب ندرة مدخلات الإنتاج– كما أن نشاط الاستيراد سيقل لعدم القدرة على توفير النقد الأجنبي وارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين. ورغم قتامة هذه الصورة فإن وزير المالية سيقدم ميزانية يهدف من خلالها إلى زيادة الأعباء على المواطنين قبل مراجعة الأزمات التي نتجت عن الإجراءات السابقة ودون حساب التكلفة السياسية لهذا المشروع، وإذا كانت تداعيات وآثار الإجراءات الأولى ما زالت تتفاعل فإن تطبيق الحزم الجديدة بداية العام القادم ستأتي في ظروف أسوأ بالنسبة للمواطن الذي تزداد معاناته كل يوم وسيكون رد فعله بالنسبة للسياسات الجديدة أشد عنفاً. فهل تعي وزارة المالية هذه الحقيقة وهل يجاريها مجلس الوزراء بالسير على هذا الطريق. محجوب محمد صالح [email protected] العرب