الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
وقائع المؤتمر الصحفي واختطاف طائرة الشهيدين بابكر النور وفاروق عثمان حمدالله
|
وقائع المؤتمر الصحفي واختطاف طائرة الشهيدين بابكر النور وفاروق عثمان حمدالله وشجاعتهم النادرة يرويها الاستاذ الشاعرسيداحمد الحردلو في حلقات لجريدة الوطن.... أرجو أن تجد الاخت أماني فاروق حمدالله بعض ما تبحث عنه
فاروق حمد الله في رسالة شفهية لبثينة خليل: جعفر اخونا وما حيحصل ليه أي شيء بطال! كــل إسـتخبارات الدنيا كانت تراقــب الطــائرة التي أقلّت بابكــر النور وفاروق حمد الله
- 1- توجيهات الرائد فاروق للملحق العسكري: كانت الساعة منتصف نهار الأربعاء وكان المكان مكتب السفير، دخلت المكتب وكان الجالسون في مقدمة المكتب هكذا «المقدّم بابكر، السفير عابدين، الأستاذ محمد ناصر رئيس قسم المشتروات بالسفارة، العميد صلاح محمد سعيد، الدكتور عز الدين والأستاذ توفيق ابو قرون». وكان الرائد فاروق يجلس على مكتب السفير، قلت السلام، وتقدّمت نحو فاروق «سعادتك أنت الآن في السلطة، وأنت تعرف أن لديّ أصدقاء في مجلس الثورة السابق و...» قاطعني الرائد فاروق «عارف.. ابو العوض»؟ - يقصد مامون عوض ابوزيد - قلت: «والزين والشيخ»، قاطعني للمرّة الثانية «مالُن»؟ قلتُ «جئتُ لأطمئن عليهم»، ابتسم «ها أنت تعود لحساسية الشاعر ورقته، إنهم اخواننا - اطمئن، وتعال الخرطوم بسرعة عشان تشوف بنفسك «كان فاروق مُصرًّاً على عودتي للخرطوم في ذات الطائرة لأعمل مديراً لمكتبه، واستطعت اقناعه بعد عناء لأجيئ الخرطوم بعد أسبوع».. ثم نادى فاروق «يا صلاح» وجاء العميد صلاح وقال له «يا صلاح الشاعر ذكرني بحاجة مهمة، ارجوك أنقل للأخت بثينة تحيات بابكر وتحياتي وقول ليها تطمئن، جعفر اخونا وما حيحصل ليه أي شيء بطال، ده خلاف بين أخوان، ويا صلاح أديها أي فلوس تحتاج ليها إذا حبّت تسافر تسافر معززة مكرّمة وإذا حبّت تقعد في لندن تقعد معززة مكرّمة»، كانت السيدة الفضلى حرم الرئيس نميري في زيارة خاصة إلى لندن وكان يرافقها اثنان من حرس الرئيس هما النقيبان وقتها - حسين صالح وكمال خضر.
- 2- والقنصل موسى إسماعيل: كان القنصل موسى شاباً مليئاً بالنشاط يريد أن يتعرّف على بريطانيا والسودانيين فيها وكان مجتهداً في عمله من وجهة نظره، وتعرّف من خلالي على عدد من الصحفيين الإنجليز، لم أره يوم الثلاثاء ربما كان مشغولاً بحرق الأوراق السريّة - جاءني يوم الأربعاء وكان في حالة نفسية سيئة للغاية خاصة وقد جاءت توجيهات بعودته فوراً للخرطوم، وأخذته وذهبت به إلى فاروق حيث طمأنه بأن لن يصيبه أي أذى وعليه فقط أن يعود للخرطوم حسب التوجيهات.
- 3- زحام الكاميرات في مطار هيثرو: كانت صالة كبار الزوار والطرق المؤدية إليها مزدحمة بعشرات الصحفيين وكاميراتهم يريدون مقابلة المقدّم بابكر والرائد فاروق - حاولت جاهداً اقناعهم بصعوبة ذلك، شاهد فاروق محاولاتي وأخبرته بإصرارهم على إجراء حوارات أخيرة قبل الإقلاع، ووافق، وانعقد المؤتمر الصحفي الثاني في غرفة مهيأة لذلك، ودار معظم المؤتمر حول برامجهم وكيف ستكون علاقات السودان بالغرب. وانتهى المؤتمر وبينما كنت اتحدّث مع الرائد فاروق تقدّم منّا صحفي وعرَّف نفسه بأنه يعمل في صحيفة «الديلي تلغراف» وحجز على نفس الطائرة للخرطوم لكن ليست لديه تأشيرة دخول ويريد من الوزير فاروق منحه ورقة لسلطات مطار الخرطوم للسماح له بالدخول، وكتب فاروق على ورقة «أرجو السماح له بالدخول» وذهب الرجل سعيداً، وقلت لفاروق ضاحكاً «على كل حال ستكون الـ C.I.A معكم على الطائرة»، وتساءل مندهشاً: «كيف!» وقلت: «إنهم يقولون هنا إن «الديلي تلغراف» هي صحيفة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية!» ولم أكن أعرف لحظتها ولا كان فاروق يعرف أن كل استخبارات الدنيا كانت تراقب بدقة متناهية تلك الطائرة البريطانية التي ستقلع بعد قليل!
-4- أين الرائد محمد محجوب...!؟ فجأة تذكرتُ.. أين الرائد محمد محجوب؟! انشغلنا طوال اليوم عنه بزحام العمل، لم يهبط لندن قبيل إقلاع الطائرة ولا بعده، وليس صحيحاً ما أُشيع وقتها من أنّه كان بالطائرة وليس صحيحاً كذلك ما أُشيع من أن الـ K.G.B «المخابرات السوفيتية» طلبت إليه عدم السفر بتلك الطائرة «لو كان ذلك صحيحاً لأخطروا - بابكر وفاروق» والحقيقة أنه لم يجد وسيلة متاحة ذلك اليوم للسفر إلى لندن، ذلك كل مافي الأمر. كان المرحوم عثمان بلول قد جاء قبل أيام من موسكو بعد فترة تدريبية في طريقه للخرطوم عبر لندن وكان يقيم معي، وقرر أن يسافر بنفس الطائرة، وكذلك كان بالطائرة المرحوم البروفيسور يوسف بدري وحرمه. وغادرت الطائرة قبل منتصف الليل بساعة واحدة، كنت متعباً ومرهقاً منذ يوم الاثنين وأنا أعمل ليل نهار وأنام ساعة أو ساعتين فقط، كان يقف بجانبي في مطار هيثرو النقيبان حسين صالح وكمال خضر ولاحظا أنني مرهق جداً. قلت لهما إنني سأذهب لبيتي وسأنام ولن أجيئ للسفارة غداً، وانصرفت وانصرف الجميع إلى منازلهم، وصلت بيتي بعد منتصف الليل، تناولت عشاءً خفيفاً واشعلت سيجارة ووقفت أمام النافذة، أنظر للحديقة الكبيرة، النجيل أخضر.. أخضر كأنه يشرب ريق الليمون على حد تعبير السفير الراحل الأمين محمد الأمين.. الأزهار بكل ألوانها ترسل العطر والندى.. الأضواء خافتة في البيوت.. لندن نائمة في طمأنينة وهدوء، كم هي جميلة لندن هذه.. كم هي خضراء! أهو ويردز ويرز الذي قال: هذه الأرض الخضراء هذا الفردوس هذه الإنجلترا نظرت للساعة.. كانت الثالثة صباحاً، دخلت إلى غرفة النوم، رميت نفسي على السرير، كان كل شيء حولي مرهق ومتعب.. اغمضت عينيّ و.... ودقّ التلفون عنيفاً وقاسياً، توكّلتُ على الله ورفعت السماعة، وجاءني صوت السفير عابدين إسماعيل وكان صوته كذلك.. عنيفاً وقاسياً..!
|
|
|
|
|
|
|
|
|